قال الله تعالى:
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
من تدبر تلك الآية الكريمة وجدا أمرا يثير الانتباه - لمن انفتحت بصيرته - وهو:
أن الله تبارك وتعالى أمضى بحكمته القدر الكوني من الخيار الثالث من مكر مشركي قريش بإخراج النبي - بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام - من مكة وأعقبها بقوله عز شأنه :
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"
فجعل إمضاء ذلك المكرلهم مكرا بهم فكانت الهجرة وما نتج عنها من بداية تأسيس دولة الإسلام بالمدينة بمال هذا الإخراج ثم هزيمتهم في بدر التي كانت بداية شوكة المسلمين وانقياد المنافقين ظاهرا خوفا من البطش والتنكيل والانتفاع بحقوق المسلمين من عصمة الدم والمال
ثم ما كان من تبعات ذلك من فتوحات مبينة وانتصارات عزيزة خلا ما حدث في أحد تربية وتمحيصا لعباده المؤمنين بلزوم طاعة سيد المرسلين
ولو علم هؤلاء المجرمون هذه المآلات العظيمة لرسوله الكريم لما أقدموا على ذلك البتة، لكنه الله القاهر فوق عباده، القدير، اللطيف، الرحمن، الرحيم
وهكذا قد يأذن الله إمضاء مكرد برلك بليل من بعض الأعداء ؛ لتكون عاقبة ذلك لك إلى خير عظيم وفيض عميم من عطاءات الرب الكريم.
قال الله تعالى﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾
• فيه لطيفة وهي : أن الكلام إذا قرئ وتردد كثيرا يهون في الأعين والآذان ؛ ولهذا ترى من قال شيئًا في مجلس الملوك لا يذكره ثانيا ولا يكرره،
فقوله تعالى: ( كريم ) أي: لا يهون بكثرة التلاوة، بل يبقى أبد الدهر كالكلام الغض والحديث الطري.
﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾
الذي يقرأ القرآن ولا يفهمه، ففيه شبه من اليهود الذين لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَبَ أي: التوراة
(إِلَّا أَمَانِي) أي: إلا قولا يقولونه بأفواههم.
قال الله تعالى:
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾
• عطف (الشياطين) على ضمير المشركين لقصد تحقيرهم بأنهم يحشرون مع أحقر جنس وأفسده ، وللإشارة إلى أن الشياطين هم سبب ضلالهم الموجب لهم هذه الحالة.
قال الله تعالى:
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾
قال بعض الصلحاء :
الاستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين،
وقيل: إنما قدم ذكر الاستغفار؛ لأن المغفرةهي الغرض المطلوب ،
والتوبة هي السبب إليها.
قال الله تعالى:
﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾
• يتمتع بها ويتنعم قليلاً، ثم تنقطع وتضمحل فلا تغرنكم وتخدعنكم عما خلقتم له.
﴿قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾
• كل وقت يخليه العبد من طاعة مولاه فقد خسره، وكل ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة ترة فواأسفاه على زمان ضاع في غير طاعته! واحسرتاه على وقت فات في غير خدمته.
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾
• وهذان الأصلان هما جماع الدين كما يقال : التعظيم لأمر الله والرحمة لعباد الله فالتعظيم لأمر الله يكون بالخشوع والتواضع وذلك أصل التقوى والرحمة لعباد الله بالإحسان إليهم.