س/ «وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ»
هل ترتيب الكتاب والحكم والنبوة في الآية الكريمة ترتيب رتبي أمّاذا هو؟
ج/ بحسب الترتيب في سورة آل عمران المعنى يتضح أكثر من الجاثية
قال تعالى: "مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)".
الكتاب: هو نص الوحي الإلهي.
الحكم: المحكم من ذاك الكتاب = فهم ذاك الكتاب.
النبوة: السنة النبوية.
فكأن الترتيب تاريخي رتبي:
ينزل الوحي على النبي (الوحي لفظاً)
يفهم النبي الوحي وينشره
تنزل السنة على النبي (الوحي معنىً)
يطبق النبي السنة عملياً وينشرها.
س/ ما فائدة تكرار حرف الجر (على) في قوله: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) مع إنه هنا الواو عاطفة تفيد مطلق الجمع؛ أي إن كان بمقدورنا أن نقول في غير القرآن (ختم الله على قلوبهم وسمعهم)، ولو تلاحظ أنه كرر (على) بعد ذلك في قوله (وعلى أبصارهم..) لأن هنا الواو استئنافية وليست عاطفة؟
ج/ الذين يتحدثون في "معاني النحو" يذكرون قاعدة مختصرها: إعادة الجار تقتضي ملاحظة معنى الفعل المُعدّى به، فيصبح وكأنه يُذكر مرتين متغايرتين.
وفي المثال الذي تفضلت بذكره تطبيق عملي للقاعدة: فإن معنى ختم الله على قلوبهم قد انقطع بنهاية الجملة، ثم استأنف جملة أخرى تناولت السمع والبصر؛ لذا كرّر حرف الجر (على) لكي يشعر القارئ بتغاير الختم فيها شكلاً ومضمونا، فالمنطق يقول بأن شكل وأثر الختم على القلب غير شكل وأثر الختم على كل من السمع والبصر.
ألا تلتمس فرقاً في قولك: "مررت بخالدٍ وأحمد" مع قولك: "مررت بخالد وبأحمد"؟
ما أظنك إلا توافقني بأن الجملة الأول تقتضي مروراً واحداً بكليهما في وقت واحد ووسيلة مواصلات واحدة، بينما الثانية قد تقتضي المرور في وقتين/ هيأتين منفصلتين لكل واحد منهما (الشكل والمضمون مختلف).
* ملاحظة: في مباحث الوقف والابتداء يفرقون في حكم الوقف على لفظ: "قلوبهم" على حسب اختلاف القراءات فتنبه لهذا.
س/ ما فائدة تكرار حرف الجر (على) في قوله: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) مع إنه هنا الواو عاطفة تفيد مطلق الجمع؛ أي أن كان بالمقدور أن نقول في غير القرآن (ختم الله على قلوبهم وسمعهم)، ولو تلاحظ أنه كرر (على) بعد ذلك في قوله (وعلى أبصارهم..) لأنها هنا الواو استئنافية وليست عاطفة؟
ج/ التكرار لتأكيد شمول العقوبة لجميع الأعضاء والبلاغة في التفصيل أكثر من المعطوفات مع اختلاف جنس الأعضاء ووظائفها.
جس/ «وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ *وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ*وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ *وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ...»
لم هنا لم يذكر لا النافية قبل لفظة (البصير) وذكرت في غيرها كلهن؟
ج/ يقول ابن عاشور في ذلك:
واعلم أن تركيب الآية عجيب فقد احتوت على واوات عطف وأدوات نفي، فكل من الواوين اللذين في قوله ﴿ولا الظلمات﴾ الخ، وقوله ﴿ولا الظل﴾ الخ عاطف جملة على جملة وعاطف تشبيهات ثلاثة بل تشبيه منها يجمع الفريقين.
والتقدير: ولا تستوي الظلمات والنور ولا يستوي الظل والحرور، وقد صرح بالمقدر أخيرا في قوله وما يستوي الأحياء ولا الأموات.
وأما الواوات الثلاثة في قوله ”والبصير“ ”ولا النور“ ”ولا الحرور“ فكل واو عاطف مفردا على مفرد، فهي ستة تشبيهات موزعة على كل فريق، فـ ”البصير“ عطف على ”الأعمى“، و”النور“ عطف على الظلمات، و”الحرور“ عطف على الظل، ولذلك أعيد حرف النفي.
وأما أدوات النفي فاثنان منها مؤكدان للتغلب الموجه إلى الجملتين المعطوفتين المحذوف فعلاهما ”ولا الظلمات“، ”ولا الظل“، واثنان مؤكدان لتوجه النفي إلى المفردين المعطوفين على مفردين في سياق نفي التسوية بينهما وبين ما عطفا عليهما وهما واو ”ولا النور“، وواو ”ولا الحرور“، والتوكيد بعضه بالمثل وهو حرف ”لا“ وبعضه بالمرادف وهو حرف ”ما“
ولم يؤت بأداة نفي في نفي الاستواء الأول لأنه الذي ابتدئ به نفي الاستواء المؤكد من بعد فهو كله تأييس. وهو استعمال قرآني بديع في عطف المنفيات من المفردات والجمل، ومنه قوله تعالى ﴿ولا تستوي الحسنة ولا السيئة﴾ [فصلت: ٣٤] في سورة فصلت.
س/ في قوله تعالى: «آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا...»
«قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ...»
في سورة النساء أبهم أيهما أنفع الآباء أم الأبناء، وفي سورة التوبة قدم الآباء على الأبناء؟!
ج/ في سورة النساء جاء ذلك في سياق تقسيم الميراث والأموال فناسب قوله (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً) حتى لا يقع الميل لأي منهما في قسمة التركة.
وأما في سورة التوبة فقدم الآباء على الأبناء لأن هذا هو الأصل في الحقوق والترتيب فالآباء يقدمون على الأبناء.
س/ في سورة غافر في قوله سبحانه {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار}
هل لتقديم "كل" معنى معين؟
لماذا لم تأت: على قلب كل متكبر جبار.
وكذلك قوله سبحانه {فانظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلكم}
تكرار كانوا على خلاف سائر آيات القرآن هل له معنى وحكمة؟
ج/ التقديم والتأخير له معان كثيرة، ولا تخلو اللغة العربية وأساليبها من معان كثيرة.
وهذه المسألة تحتاج مراجعة للكتب التي اعتنت بجانب اللغة كالزمخشري وغيره..
س/ في سورة الأنفال في أواخر الجزء التاسع وردت مفردة العذاب بالفعل في كلمة (ليعذبهم) حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبصيغة الاسم (معذبهم) حال استغفارهم، هل لذلك دلالة بلاغية؟
ج/ الاسم يدل على الثبوت، فلعل المراد تأكيد نفي العذاب مع الاستغفار، ولو لم يكن فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك ترغيب للإيمان بالله، والله أعلم.
س/ لماذا قال الله (سبع سنابل) في سورة البقرة وقال (سبع سنبلات) في يوسف وهي كلها سبع؟
هل ذُكرت سنبلات كما وردت على لسان الملك أو قيل سنابل في البقرة دليل على أن الإنفاق كثرة للمال؟
ج/ جمع الأسماء يكون على قسمين:
أحدهما: جمع تصحيح، وهو ما جمع بواو ونون، نحو (مسلمون)، أو ألف وتاء، نحو (مسلمات).
ثانيهما: جمع تكسير، وهو كل جمع تغيرت فيه صورة مفرده، نحو (جبل) يجمع على (جبال)، و(رجل) يجمع على (رجال) ونحو ذلك.
وجمع التكسير يكون جمع قلة لما دل على دون العشرة من العدد. ويكون جمع كثرة، لما دل على فوق العشرة من ذلك.
ويلحق بجمع التكسير للكثرة جمع الجمع (منتهى الجموع)، وهو كل جمع بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن، كمدارس، ومفاتيح.
وفي القرآن الكريم جاء لفظ {سنابل}، في موضعين:
أحدهما: قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء} (البقرة:261)،
فلفظ {سنابل}، جمع جمع منتهى الجموع، الذي يفيد الكثرة، وحقه أن يجمع جمع قلة؛ لأن ما دون العشرة يجمع جمع قلة، لا جمع كثرة.
وقد قيل في سر مجيئه {سبع سنابل} لأن ما جاء في آية البقرة مبني على ما أعد الله للمنفق في سبيله، وما يضاعف له من الأجر، جراء إنفاقه، وأن ذلك ينتهي إلى سبعمائة ضعف، وقوله تعالى في الآية نفسها: {والله يضاعف لمن يشاء}، قد يفهم الزيادة على ما نص عليه من العدد، فبناء هذه الآية على التكثير، فناسب ذلك ورود لفظ (السنابل) على ما هو من أبنية صيغ منتهى الجموع؛ لحظا للغاية المقصودة، ولو وضع صيغة جموع القلة، لم تلحظ فيه الغاية من التكثير.
وقيل أيضا: إن {سنبلة} فيها مئة حبة، مع ست مثيلات لها، لتبدو للناظر كثيرة، فناسب معه التعبير عنها بجمع الكثرة، وهو {سنابل}
ثانيهما: قوله تعالى: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر} (يوسف:43)، فلفظ {سنبلات} جمع جمع المؤنث السالم بالألف والتاء، وحقه أيضا أن يجمع جمع قلة، لا جمع تصحيح.
وقيل في توجيهه: إن قوله سبحانه: {سبع سنبلات}، لما سبق بجمع صحيح، وهو قوله تعالى: {سبع بقرات}، جاز جمعه جمعا صحيحا؛ لأجل المجاورة والمشاكلة، وهو مسلك متجه في كلام العرب.
وقيل بغير هذا الوجه.
س/ ما الفرق بين قوله (مما رزقناكم)
وقوله مما (رزقكم الله)؟
ج/ في الأول الفاعل ضمير متصل وفي الثاني اسم ظاهر.
والثاني أوكد في المعنى من الأول.
والله أعلم.