س/ ما توجيه من يقول بالنسخ في قوله تعالى:
(يا أيها الذين ءامنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم…) الآية.
وقول من قال إنها خاصة بزمن التشريع، أما بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فالمرء مأمور بالسؤال عن دينه؟
ج/ هذه الآية ليست منسوخه وليست خاصة بزمن معين بل هي عامة والنهي فيها يتعلق بنوع معين من الاسئلة المعيبة التي لا فائدة منها مثل السؤال على أشياء غيبية لا ينفع العلم بها أو لا يمكن الوصول إلى جوابها وكذلك الأسئلة التي تؤدي إلى التشدد أو الحرج أو التي يكون فيها التكلف أو البحث عن دقائق الأمور دون حاجة.
س/ إن كانت درجة المصلحين أعلى من درجة الصالحين كما هو مشهور فلم جعل الله سبحانه رتبة الصالحين الرابعة كما في قوله سبحانه:(وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧن وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَ)؟
ج/ على رأس المصلحين وفي مقدمتهم: الأنبياء والصديقون والشهداء، ثم يليهم الصالحون، والله أعلم.
س/ (فيها يفرق كل أمر حكيم)
"يُفرق" هنا تعني "يُفصل" أي أن الله يفصل نسخة مما سيحدث هذه السنة من اللوح المحفوظ ويعطيها للملائكة فإن كان الأمر كذلك فكيف يقال إن هذا التقدير (التقدير الحولي) قابل للتغيير مع أنه نسخ لما في اللوح، بل سمعت أن كل التقديرات هي نسخ منه وتفصيل له؟!
ج/ تكلم المفسرون عن هذه المسألة عند تفسير قوله تعالى: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ "، فمن الأقدار ما يمحوه الله، ومنها ما يثبته كما في الآية، قال السعدي رحمه الله: وهذا المحو والتغيير في غير ما سبق به علمه وكتبه قلمه فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير لأن ذلك محال على الله أن يقع في علمه نقص أو خلل ولهذا قال: {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} أي: اللوح المحفوظ الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها، وهي فروع له وشعب.
فالتغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب، كأعمال اليوم والليلة التي تكتبها الملائكة، ويجعل الله لثبوتها أسبابا ولمحوها أسبابا، لا تتعدى تلك الأسباب، ما رسم في اللوح المحفوظ، كما جعل الله البر والصلة والإحسان من أسباب طول العمر وسعة الرزق، وكما جعل المعاصي سببا لمحق بركة الرزق والعمر.
س/ ﴿يَسأله مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ﴾ من هذه الآية أورد العلماء "التقدير اليومي" فهل المقصود به كتابة ما سيحصل في اليوم في أوله أم المقصود هو وقوع الأحداث التي تم تقديرها مسبقا (في ليلة القدر أو قبل الولادة أو في اللوح المحفوظ)؟
ج/ المراد أن هذه المقادير التي قدرها في الأزل وقضاها، وكتبها في اللوح المحفوظ لا يزال تعالى يمضيها وينفذها في أوقاتها كل يوم حسب ما اقتضت حكمته، ومن هذه المقادير ما يمحوه الله من كتب الملائكة، ومنها ما يثبته كما في قوله: " يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَاب"، والذي في اللوح المحفوظ، وهو أم الكتاب لا يبدل ولا يغير، والله أعلم.
س/ في سُورة الحج:
(ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم)
هل فيها لمسه بيانية بأمره - بإذنه؟
ج/ في قوله: بأمره تأكيد لجريان الفلك بأمر الله تعالى من حيث إنه سخر الماء والرياح لجريها، فلولا صفتهما على ما هما عليه لما جرت بل كانت تغوص أو تقف أو تعطب، فنبه تعالى على نعمه بذلك، وبأن خلق ما تعمل منه السفن، وبأن بيّن كيف تعمل هذه السفن، ذكره الرازي في تفسيره،
والله أعلم.
س/ في قوله تعالى (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين)
هل ذكر أحد المفسرين أن معنى الافتتان هنا الاختيار؟
هل مفهوم العدد معتبر في قوله تعالى (مرة أو مرتين) وإن لم يكن معتبرا فلماذا جاء التعبير بالمرة و المرتين تحديدا؟
ج/ المراد بالفتنة في الآية: الاختبار بالباء وليس الياء، والمراد أن الله يبتلي المنافقين بأنواعٍ من البلايا والمصائب، كالمرض والجوع والحروب والغزو ونحوها، والمراد تنويع البلاء عليهم وتعدده، لا مجرد العدد المذكور.
س/ النهي الوارد في قوله تعالى في سورة المائدة: "وأن تستقسموا بالأزلام"
هل يدخل فيه قيامنا بوضع خيارات عبارة عن أرقام، والطلب من شخص ما اختيار رقم، ثم تنفيذ الخيار الذي يحمله هذا الرقم؟
ج/ إذا كانت هذه الخيارات على سبيل القرعة فلا يظهر أنها تدخل في الاستقسام بالأزلام؛ لأن الاستقسام بالأزلام عبارة عن استخارة جاهلية يطلب فيها كشف الغيب وتعيين الخير من الشر بوساطة الأزلام وهو مما استأثر به الله تعالى ولذلك كان أهل الجاهلية يكتبون في القداح التي يُستقسم بها: في القدح الأول: "أمرني ربي"، وعلى الآخر: "نهاني ربي"، والثالث: غُفْل ليس عليه شيء، فإذا استقسموا بها فطلع السهم الآمر فعله، أو الناهي تركه، وإن طلع الفارغ أعاد الاستقسام، بينما القرعة أو الاختيار لتعيين الحقوق أو تمييز نصيب موجود فهي أمارة على إثبات حكم ما قطعًا للخصومة, أو لإزالة الإبهام، وعلى ذلك فالقرعة التي تكون لتمييز الحقوق مشروعة، أما القرعة التي يؤخذ منها الفأل, أو التي يطلب بها معرفة الغيب والمستقبل فهي في معنى الاستقسام الذي حرمه الله سبحانه وتعالى.
والله تعالى أعلم.
س/ لم أعرف الفرق بين {الخنس} و{الكنس}
لو تبسطها لي.
ج/ بسم الله وبه أستعين
حياكم الله، وبارك فيكم.
الخُنَّس و الكُنَّس وردتا في قوله تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّس * الْجَوَارِ الْكُنَّس﴾ [التكوير: 15–16].
والمعنيان متلازمان لكن بينهما فرق لطيف:
???? الخُنَّس: جمع خانِس، وهو الذي يتأخر ويتوارى بعد ظهور.
فالخُنوس هو الرجوع والاختفاء بعد أن يكون الشيء ظاهرًا.
???? الكُنَّس: جمع كانِس، وهو الذي يدخل في كِناسٍ أو موضع يستتر فيه.
والكُنوس أخص من الخُنوس؛ لأنه ليس مجرد التواري، بل الدخول إلى مكان يختفي فيه.
فكأن المعنى: أشياء تظهر ثم تتأخر وتتبطن حتى تختفي في مخابئها.
وقد فسّر كثير من السلف ذلك بـ النجوم:
تظهر في السماء ليلاً (فتبدو)، ثم تتراجع عند الفجر (فتخنس)، ثم تغيب في مطالعها ومغاربها كأنها تدخل في مواضع تستتر فيها (فتكنس).
وخلاصة الكلام في الفرق بينهما:
الخُنوس: الاختفاء بعد ظهور.
الكُنوس: الاختفاء بالدخول في مكان تستتر فيه.
فكل كُنوس خُنوس، وليس كل خُنوس كُنوسا.
أسأل الله أن يزيدني وإياكم علما وفهما.
س/ {قم الليل إلا قليلا} إذا كانت المزمل أول ما نزل، والصلاة فرضت في المدينة فكيف كان القيام؟
ج/ سورة المزمل كانت من أوائل ما نزل في مكة، وليست كما قلتم أول ما نزل، ولم يقل ذلك أحد.
كما أن الصلاة فرضت بمكة وليس فرضها كما قلتم بالمدينة، ولم يقل ذلك أحد.
روى البخاري (349) ومسلم (162) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه حديث الإسراء المشهور، وفيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ... قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً.
وقد أجمع العلماء على أن الصلوات الخمس لم فرضت في هذه الليلة، والإسراء والمعراج كان في المرحلة المكية قبل الهجرة بسنة ونصف او اكثر وبالإجماع انه بمكة.
وأصل وجوب الصلاة كان في مكة في أول الإسلام؛ لوجود الآيات المكية التي نزلت في بداية الرسالة تأمر بها كهذه الآية.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة كانت مفروضة أول الأمر ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي.
وان كنت تريد ذكر الزكاة في السورة فعنه اجوبة كثيرة منها أن أصل الزكاة فرض بمكة وتفاصيلها كانت في المدينة، فكان يجب في مكة أن يخرج قدراً غير محدد،
ومنها أن من القرآن ما ينزل قبل شرع الحكم.