﴿إِذۡ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ عِمۡرَ ٰنَ رَبِّ إِنِّی نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِی بَطۡنِی مُحَرَّرࣰا)
حملت على كِبر، ومات زوجها وهي حامل، وهي أمرأة مسنة، وليس لها من الولد غير ما في بطنها
ومع ذلك نذرته لله وأسقطت حقها فيه مع شدة فاقتها للخدمة والرعاية والبر.
فرزقها الله مريم..
وأبقى ذكرها حيا في الحياة...
البيع مع الله أربح البيوع
﴿أَیَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةࣱ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَابࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ لَهُۥ فِیهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّیَّةࣱ ضُعَفَاۤءُ فَأَصَابَهَاۤ إِعۡصَارࣱ فِیهِ نَارࣱ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ﴾
في هذا المثل الذي ضربه الله تعالى لضياع أجر المرائي في لحظة هو أحوج ما يكون إليه :
بيان لشدة شفقة الوالد على الذرية الصغار وأنه عند الكبر يكون أشد إشفاقا وحبا، ورحمة لهم كلما كبر.
وربما هم يزهدون فيه .
(قال رب إني وهن العظم مني)
وهن والوهن شدة الضعف، فلم يقل (ضعف العظم مني)
وذلك ليبلغ أقصى الشكوى وغاية الانطراح.
استوف شكواك واذهب عميقا حتى تصل إلى عروق ألمك وأقاصي وجعك.
لا تقدم شكوى باردة!
وقال: (العظم )
وال هنا الاستغراقية التي استجمع الداعي كل عظامه فيها.
شكى الوهن الساري في كل عظم التي هي بناء البدن وأقوى ما فيه
فكأنه يقول:
يارب وهنت أنا وبلغت غاية الضعف ولم يعد لي قوة أتقوى بها... حتى العظام التي هي آخر ما يستند عليه البدن.. يارب ....غشيها الضعف كلها.
"ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا"
لنتعلم من زكريا عليه السلام، أدب الدعاء
لا أعلم قصة دعاء في القرآن العظيم أوسع بسطا ولا أطول سياقا من دعوة زكريا عليه السلام بالولد...
وقد افتتح الله بها سورة مريم
وفيها جمع الله لنبيه من أدب الدعاء ما تقصر عنه الألسن والعقول
وفي مطلع السورة يقول سبحانه
(ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه)
أي هذا خبر رحمة الله لعبده حين ناداه
أي أن زكريا استرحم به ربه تعالى حتى رحمه سبحانه..
فمعقد الدعاء المستجاب القيام بثياب الاسترحام والضعف والمسكنة والانكسار والانقطاع واستجماع القلب لأحزانه وهمومه وضعفه وفاقته حتى يغشاه الأسى على نفسه والحزن لها من كل مكان. فيرحمه ربه
تفكر في فقرك واضطرارك وهمومك وبلاياك ومرضك وخوفك وشجون حياتك ووالديك وأولادك ودنياك وآخرتك.
ثم صغ كل هذا الأسى في الدعاء كما فعل زكريا عليه السلام
منازل الناس بين الإقبال على الطاعة والكف عن المعصية:
قال ابن القيم في قوله تعالى
(فأما من أعطىٰ وٱتقىٰ وصدق بٱلحسنىٰ فسنیسرهۥ للیسرىٰ وأما من بخل وٱستغنىٰ وكذب بٱلحسنىٰ فسنیسرهۥ للعسرىٰ):
(وأكمل الناس من كملت له هذه القوى الثلاث، ودخول النقص بحسب نقصانها أو بعضها فمن الناس من تكون قوة إعطائه وبذله أتم من قوة انكفافه وتركه، فقوة الترك فيه أضعف من قوة الإعطاء، ومن الناس من تكون قوة الترك والانكفاف فيه أتم من قوة الإعطاء، ومن الناس من تكون قوة التصديق فيه أتم من قوة الإعطاء والمنع، فقوته العلمية الشعورية أتم من قوته الإرادية، وبالعكس، فيدخل النقص بحسب ما نقص من قوة هذه القوى الثلاث، ويفوته من التيسير لليسرى بحسب ما فاته منها، ومن كملت له هذه القوى يسر لكل يسرى).
(هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين)
• جعل الله ضيفة الخليل حديثا للعالمين
وخلد ذكرها قرآنا يتلى في المحاريب
مع أنه لم يحضرها سوى الضيوف الكرام
ولم يدع إليها شاعر
ولا مشهور
ولا وجيه
ولا مصور
الذكر الحسن مسطور في السماء
الباحثون عن سمعة الأرض
ذاهبون إلى السراب والمقت والتجاهل والنسيان.
"وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ "
عندما يكون إثم الدال على الشر أعظم من فاعله..
في صحيح مسلم: ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عليه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا.
في بعض الأحوال يفعل أحدهم المنكر في مجلس أو محضر مجموعة محدودة من الناس فهؤلاء وزره ووزرهم علي الفاعل الداعي لهذا المنكر والضلالة
لكنه هذا الداعي لم يقصد ولم يرد نشر هذا المنكر
فينشره أحدهم عبر مواقع التواصل فيكون إثمه أضعاف أضعاف الفاعل نفسه! إذ تولى هذا الأخير نشر هذا المنكر في مواقع التواصل فشاهدها الآلاف أو الملايين.
نعوذ بالله من الخذلان.
"وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا "
في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه قَالَ: النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:
....وليَسْلُتْ أَحدُكم الصحفةَ فإنَّكم لا تدرون فى أىِّ طعامِكم البركةَ )
وغالب الناس اليوم يفرطون في مظان البركة إذ يضعون في أطباقهم أكثر مما يحتاجون ولا يمكن الوصول لسلت (أي مسح ) الطبق لكثرة ما فيه.
وبركة كل شيء بحسبه
وبركة الطعام هنا كثرة الخير فيه من انتفاع الجسد به وحصول الصحة واندفاع الجوع ونحو ذلك.
"وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا"
نشر المجريات واللهو ولو كان مباحا عبر الحسابات الشخصية ومشاركته المكثفة مع الأقارب والمعارف نوع من إشغال الناس عن طاعة ربهم واستنزاف من أوقاتهم وتشتيت لتركيزهم
وكل هذا يبعدهم عن طاعة الله والتزود من الحسنات
فكم من حالة وسنابة ومقطع اقتحمت من عزم على التلاوة أو الذكر فأنسته ما عزم عليه.
وكل هذا -ومن دون قصد- هو في حقيقته صد خفي عن سبيل الله وقطع لطريق السائرين إلى ربهم.
هب أنه أعجبك هذا القصيد أو النشيد أو النكات أو الغرائب..
ما الداعي لاختلاس أوقات الطاعة الممكنة بمشاركتها مع الآخرين.