عرض وقفات تذكر واعتبار

  • ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴿٥٣﴾    [النحل   آية:٥٣]
"وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه" عندما يلقاك أحدهم بالتبجيل والتوقير والمحبة والاحتفاء، ليس لأنك بالضرورة أسديت له معروفا؛ فربما لم يقرأ لك حرفا، ولم يفد منك علما ولم يسمع منك درسا لكن الله تعالى بفضله، عاملك بجُوده، حين أثنيت على ربك يوما في محاضرة أو خطبة أو درس، فبث محبتك في قلب بعيد وجمّلك عند خلق لا يعرفونك، ونشر لك الذكر الحسن فلا تعجب من نفسك وتأمل لعظيم كرم الله عليك.
  • ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴿١٥٢﴾    [البقرة   آية:١٥٢]
"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ" تُرى لو بلغك أن صديقا لك أثنى عليك في مجلس أو مجلسين تأمل! هذه. في كل يوم تطلع فيه الشمس، يقول الله تعالى عنك يزكيك: يقول تعالى: حمدني عبدي أثنى علي عبدي مجدني عبدي ليس مرة ولا مرتين سبع عشرة مرة مع كل فاتحة؛ لو اقتصرت على الفرائض. فلو صليت معها الرواتب والضحى وأدنى الوتر لذكرك بالثناء ٣٤ مرة في اليوم. فما ظنك برب يذكرك بالجميل ٣٤ مرة في كل يوم بل في كل مرة ينوه بك ثلاث مرات حمدني عبدي مجدني عبدي أثنى على عبدي. تأملها بقلبك هل من أصفيائك وأحبابك وأخص أوليائك من يجري اسمك جرياتا فضلا عن الثتاء مائة مرة في اليوم. فكيف لو أنك من الذاكرين فذكرت الله في مجلس مرة أو مرتين لذكرك الله في الملأ الأعلى ولو ذكرته في نفسك ذكرك الله في نفسه تعالى فما حالك وأنت تذكر الله بعد الصلوات وطرفي النهار، وعند خروجك ودخولك وطعامك ولباسك، وحزنك وفرحك ثم ماذا لو كنت من أهل القرآن.
  • ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿٤٨﴾    [إبراهيم   آية:٤٨]
"يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ" تخيل أنك عشت في قرية عامرة بالناس مكتظة بالحياة حافلة بأصوات القادمين والذاهبين حيث تمتزج أصوات الرعاة بأهل الحرث وأهل السوق ينادون على سلعهم وبضائعهم ومجالس القرية تسمع منها أحاديث وضحكات حياة في كل بيت وشارع وزاوية الأرض تتجاوب أصواتها مع أصوات الطيور وحفيف الشجر وصرير السواني وفأس الحطاب وصياح الصغار وثغاء الشياه. وبعد سنين من الفراق مررت على القرية وقد أخرست فيها الحياة وسكتت الأصوات ورحلت كل الوجوه حيث لاشيء إلا الأطلال والحجارة والبلى وصوت أنفاسك ماتت الحياة في كل الزوايا ودرست.... إنه البلى والاندراس والذبول هل مررت بصاحب لك كان مكتظا بالحياة مشتغلا بالخير مغمورا بالنفع شكارا ذكارا تاليا داعيا نفاعا ناصحا ثم مررت به وقد انطفأت شموعه وأفَلت شمسه في حياة خاوية على عروشها، لم يبقى منها إلا الرسوم قال صلى الله عليه وسلم إن الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالى: أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ.
  • ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٧﴾    [النحل   آية:١٢٧]
"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ" قال صلى الله عليه وسلم... (ومن يتصبر يصبره الله) والتصبر تكلف الصبر وإرغام النفس عليه بالتشاغل والسلوة ودفع الذكريات والتجلد وتكلف السرور والدعاء للأحبة بدلا من رثائهم ومداومة الحديث عن محاسنهم وفضائلهم وبدلا من التوسع في ذكر عظم المصيبة بفراقهم فإن هذا التوسع يطيل أمد الأحزان ويضعف الصبر ولا ينفع الراحلين بل ينفعهم الدعاء وصلاح ذرياتهم ومن أعظم الصلاح الصبر. وبعضهم يظن أن مداومة الأحزان من الوفاء للراحلين وليس كذلك فإن هذا ظن جاهلي ولذا كانت النياحة فيهم. وبعضهم يظن أن التجلد دليل على بلادة القلب وعدم الاكتراث وعدم الرحمة وليس كذلك. ثم من أعظم ثمرات التصبر وعد الله لمن تصبر أن يصبره الله وهذا عام في كل الآلام والأوجاع والفقد والضيق. ولا يزيد العبد تحزنه إلا حزنا
  • ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿١٢٨﴾    [التوبة   آية:١٢٨]
"بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ" قال ﷺ: (إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به) من دلائل النبوة التي تبصرها عيون المؤمنين هذه الرحمة الفريدة التي اختص بها إمام الرحماء. بينما هو يؤم الناس، مستعدا ومتشوفا للقراءة والإطالة والترتيل، مقبلا على قرة عينه الصلاة؛ بينما هو كذلك؛ ينبعث من آخر الصفوف؛ من خلف كل صفوف الرجال؛ صوت طفل يبكي؛ أمثلنا طريقة سيكظم انزعاجه، ويجاهد ضجره من هذه الأم وطفلها، ويمضي في قراءته متشاغلا عن هذا الصوت. وربما لو سما أحدنا في خلُقِه لقال في نفسه: إنه طفل لا يميز ولا يعقل. أما أن تعبر الرحمة كل هذه الجموع، لا لترحم الطفل فحسب، فإن الأطفال يبكون لأدنى الأسباب. لكن لتغشى امرأة جاءت بهذا الطفل، امرأة لا يدري من هي؛ فيرحمها ويقول ﷺ مقالته الشجية: (من شدة وجد أمه به) ليس من وجدها بل شدة وجدها. إنها شدة الوجد التي دعت النبيﷺ ليخفف صلاة كان يحب أن يطيلها، بل قد عزم في نفسه على إطالتها، فيركع بكل المأمومين. كيف هذا القلب الذي لم تشغله الإمامه وعظم الصلاة وأعباء الحياة وزحام الخلق عن موجدة أُم بعيدة هناك.
  • ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴿١٧٧﴾    [البقرة   آية:١٧٧]
(لیس ٱلبر أن تولوا وجوهكم قبل ٱلمشرق وٱلمغرب ولـٰكن ٱلبر من ءامن بٱلله وٱلیوم ٱلـٔاخر..) (من أعظم مهمات العالم: إعادة المراتب إلى وضعها الصحيح، وتصحيح الخلط فيها، وقطع الطريق على شهوة السلطان وهوى النفس. وكثير من الناس يجعلون مراتب الشرائع حسب أهوائهم؛ فما أحبته النفس وسهل عليها تحقيقه، رفعوه، وما شق عليها، بحثوا عن أسباب تجاهله ووضعه عن مرتبته؛ قال تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله} قريش تحب سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام؛ لأن لها به جاها، ولأنه يحفظ مكانتها بين الناس، فقدمته وبالغت فيه، وفرطت في توحيد الله وعبادته! التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٦٦/١).
  • ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾    [آل عمران   آية:١٣٤]
"وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ" قال النبي ﷺ : «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». متفق عليه. ‏• الصُّرَعة -بفتح الراء-: الذي يصرع الناسَ. ‏• أما الصُّرْعة بسكون الراء: فهو الذي يصرعه الناسُ كثيرا. ‏• فهذا الحديث فيه أن الشدة الحقيقية، هي القدرة على ضبط النفس عند الغضب. تذكر هذا كلما غضبت! ‏• وتذكر قول النبي ﷺ للرجل الذي قال أوصني. قال: «لا تغضب»، فردد مرارا قال: «لا تغضب». رواه البخاري. ‏• وقول النبي ﷺ: «ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر». متفق عليه.
  • ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٩٩﴾    [الأنعام   آية:٩٩]
  • ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿١٤١﴾    [الأنعام   آية:١٤١]
{ٱنظُرُوۤا۟ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦۤ إِذَاۤ أَثۡمَرَ وَیَنۡعِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكُمۡ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ • قدم الأمر بالنظر ( نظر الاعتبار) إلى الثمر عند ينعه ( أي نضوجه) في سورة الأنعام على الأمر بالأكل كما قال تعالى: {كُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦۤ إِذَاۤ أَثۡمَرَ وَءَاتُوا۟ حَقَّهُۥ یَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ}... وأخبر أن في النظر آيات للمؤمنين فمن ظن أن هذه الثمرة دليل على وجود الرب سبحانه فقط، فقد أجحف والله ببديع الخلق في هذه الثمرة.... بل هي دالة على أسمائه وصفاته تعالى وعلى وحدانيته وأنه المعبود بحق وحده هذه الثمرة بلا مصانع ولا أصباغ ولا مواد خام ولا خط انتاج ولا تصميم ولا عاملين تبارك الله أحسن الخالقين.
روابط ذات صلة:
  • ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴿٩٦﴾    [مريم   آية:٩٦]
يمكن أن تكون موهوبا في شيء ما يعجب بك كثيرون ممن يحبون هذه الموهبة يمكن أن تكون ذا بسطة في الخلق والجسم فتنال إعجاب آخرين يمكن أن تكون جميلا او بليغا أو أديبا أو شاعرا أو راوية أو ظريفا أو مليحا أو ذكيا أو ثريا وجيها.... أو مشهورا فتلفت إليك الأنظار وترمقك العيون كل ذلك ممكن. لكن القلوب بيد الله لن يحبك قلب مؤمن إلا أن تكون صالحا.... "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا" فإن قلت: هناك مؤمنون يحبونني قلت: يحبونك لما معك من الإيمان والعمل الصالح وليس من أجل هذا الوهج الزائف حولك.
  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴿١٢﴾    [الحجرات   آية:١٢]
"اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ " من توفيق الله للعبد ألا يراقب أقوال وأفعال الأشخاص الذين لا يرتاح لهم أو يجد من نفثة الحسد منهم ولا يلاحقها بالفحص والنقد، فإن الأرواح أجناد مجندة وحكمه عليهم وعلى أقوالهم وعلى أفعالهم يتأثر بعدم الارتياح هذا حتى ولو كانت أقوالهم وأفعالهم في نفسها فيها خلل فإن نظرته المسبقة تضخم أخطاءهم وتزيدها تشويها وقد يعجز عن حماية نفسه من نزغ الشيطان بالحسد فيقع في الظلم. والأصل العام في الشريعة اجتناب مظان الإثم.
إظهار النتائج من 6091 إلى 6100 من إجمالي 6233 نتيجة.