﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾:
ما يفسده العالم تصلحه سجدة مليئة بالحديث مع الله تعالى .. اقترب ساجداً مناجياً لا تذهبْ بعيدًا، فطريقُ القَبول والمحبّة قصير، إخلاصٌ ومتابعة، وتطهيرُ ضمير .. وتذكر أن الطريق ليس لمن سبق، إنما الطريق لمن صدق! هو الله جلَّ جلاله منجزٌ لما وعدك، وافٍ بما عاهدك، صادقٌ فيما أخبرك، برٌّ فيما حدَّثك، محقَّقٌ ما أمَّلَك، صانعٌ ما نبَّأك، فاعلٌ ما علَّمك، عاملٌ ما ضمن لك، متمَّمٌ لما رزقك، محسنٌ فيما وهبك، معينٌ لك فيما خلق .. سبحانه من إله!
﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾:
أصدقُ الدموع هي تلك التي تخرج من عينيْك وأنتَ تُناجي الله عز وجل، وتسأله وتدعوه، ابتهل إلي الله بكل ما في قلبك، وأبشر بالخير؛ فالله كريمٌ رحيمٌ لطيفٌ يستجيب من دعاه بقلب حاضرٍ وعين دامعة .. خاطبوا الله في الخفَاء فلن يرد قلبًا أتاه يستظل بِرحمته من متاعب الحياة.
﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾:
في الحَسنات يعاملك الله تعالى بفضله وكرمه. وفي السيئات يعاملك الله تعالى برحمته وعدله.
﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾:
العشر الأواخر من النفحات الربانية والأزمنة الفاضلة والليالي المباركة التي ينبغي الجد والاجتهاد فيها، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره وكان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها. ويستحب فيها قيام الليل والإكثار من التهجد وقراءة القرآن الكريم والدعاء والذكر والاستغفار وتحري ليلة القدر ومضاعفة الأعمال الصالحة، والحرص على تزكية النفس وتهذيبها.
﴿هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾:
العشر الأواخر محطة هداية يعاد فيها ترميم القلب، وإعمار الروح، وتفتيت رواسب النفس المتغولة، فإن غادرتك العشر بلا ترميم ولا إعمار فربما لن تدرك محطة أخرى في خط العام الطويل.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾:
ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشرف وأوفى الأجر، وصفها الله عز وجل بأنها مباركة وأنها سلام، لكثرة خيرها وبركتها وفضلها والغفران والعتق من النيران، يقدّر فيها الأرزاق والآجال والحوادث، وكل ما أراده الله تعالي في تلك السنة: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) فمن قامها إيماناً واحتساباً وتُقبَّل فيها، صارت عبادته تلك تفضل عبادة ألف شهر، فهى ثواب كبير وأجر عظيم على عمل يسير قليل.
﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾:
رمضان ضيف خفيف، عطاياه عظيمة وهداياه ثمينة. فيا فائز (زد) ويا خاسر (شد). قال الحسن البصري رحمه الله: "إن الله تبارك وتعالى جعل رمضان مضمارًا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلّف آخرون فخابوا..".
﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾:
ليلة (السلام)، فسلّم لدين الله تسليما، وتحسس طرق السلامة. وانشر مسارب السلام كما علمتك: (سَلامٌ هِيَ). من أسماء الله السلام، والجنة دار السلام و ديننا دين الإسلام وتحيتنا السلام، فالسلام يحيط بنا من كل جانب في سائر الأيام، فما بالك في ليلة: (سَلامٌ هِيَ). وديننا دين السلام، ومنهجه قائم على مبدأ السلم والرحمة والتسامح والتصافح والتصالح، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السَّلْمِ كَافَّةً).