﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾
لم يقل فأصابكم بل قال: (فأثابكم) هل تخيلت يومًا أن الغم مثوبة؟ يومًا ما، ستكتشف أن حزنك قد حماك من النار، وأن صبرك أدخلك الجنة.
﴿وَلَا تَيْئَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾
قالوا : أفضلُ العبادةِ انتظارُ الفرج أن يكون كل ما حولك يُوحِي أن ليس هناك حلّ، ولكنّك مؤمن أنّ الأمر بيد الله !، وأنّ كلّ ما حولك مجّرد أسباب تجري على النّاس لا على الله!، لا تيأسوا، لم يقلها يعقوب عليه السلام في رخــــــاء، قالها حين فقد بنيامين، بعد فقدِه ليوسف عليه السلام فما هي إلا أيّام حتى كان يشمُّ ريح يــوســف، وما هي إلا أيام بعدها، حتى كان يضمّه إلى صدره، ثِقْ باللهِ دوماً!
﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾
كلما أذنبت ذنبًا قٌـــل في نفسك: خسرت معركة، ولم أخسر الحـــــرب! لا تبتئس، ورمّم نفسك بوضوء وركعتين استغفرْ على الأصابع التي أذنبتْ، واقرأ القرآن بنفس العين التي نظرت إلى حرام، أنين التائبين عند الله كمناجاة الطائعين، وما سمى نفسه الغفور إلا لأنه يريدك أن ترجع!
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾
إنَّ امتناع إبليس عن سجدةٍ أمره الله بها، كان سبباً في طرده من رحمة الله!، ولكن لو تأمّلنا في حال إبليس، وفي حال تارك الصلاة من المسلمين لظهرَ لنا العجب!، إنّ إبليس رفض السجود لآدم، وتارك الصلاة يرفضُ السجود لرب آدم، فسبحان الله ما أرحمه، وما أحلمه على هذه الأمة!، إنّه ينادي عباده للعودة إليه صباح مساء، مهما عظم الجُرم، وكبرت الخطيئة، وطال الهجران!
﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾
يبتليكَ بالفقد لتعرف أن ليس غيره يبقى لكَ، ويبتليكَ بالخذلان لتعرف أنه أمانكَ الوحيد، ويبتليك بالتّعثّر لتعرف أنه لا يُقيمك غيره!، المصائب ليست دوماً للانتقام كثيرٌ منها للتَأديب، وتصحيح الطَريق!
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ﴾
ليس المهم أين تكون، وإنما كيف تكون! المعدن الأصيل لا تغيـره الأيام، فلا يزيده الغنى والمنصب والشهادات إلا تواضعاً!، والخبيث خبيث، سواء أكان ماسح أحذية أو وزيراً!، في السجن قالوا ليوسف عليه السلام: "إنا نراك من المحسنين" وهو على كرسي الملك قالوا له: "إنا نراك من المحسنين" النبيل يبقى نبيلاً حيثما كان!