﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ﴾
لا تنتظِرْ الثناء على كل خيرٍ تفعله، ولا تبحثْ عن التّصفيق على كلّ عملٍ بطوليّ، عِشْ بقلبٍ أبيض، ساعِدْ من يحتاج المساعدة، وواسِ من يحتاج المواساة، أقمْ متعثراً، وانصُر ضعيفاً، اجعل فعل الخير عادةً فيك كالتنفس، إذا تصدقتَ، فأشِحْ بنظركَ سريعاً، كي لا ترى انكسار الفقير أمام عينيك!، وما أنبل موسى عليه السّلام حين قَّدم يد المساعدة ثم مضى، فأثابه الله بما هو أجمل من كلمة شكر، تذكّر دوماً أنّك تتعامل مع الكريم!.
﴿عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا﴾
أطفِىْ بهذه الآية نار حسرتكَ على كل فرصةٍ ضاعتْ، وعلى كل وظيفة خسرتها، وعلى كل حبيبٍ أفلتَ يدكَ في منتصف الطريق، وعلى كل صديقٍ حسبت أنَّ له وجهاً جميلاً، فلم يكن هذا إلا قناعاً لذئب جارح! ما أخذه الله منكَ فلحكمةٍ، وما تركه لكَ فلرحمةٍ، فإنْ علمتَ الحكمة، فاشْكُرْ! وإن جهلتها، فاصْبِر! أقدار اللهِ كلها خير وإن أوجعتكَ!.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾
يا الله: إني لا أُصلّي لك كما يليق بك، ولا أصوم كما كان يفعلُ داود، ولا أصبر إذا مرضتُ كما صبر أيوب، ولا أُسبّح بحمدك تسبيح يونس في بطن الحوت، ولا آخذ ديني بقوة كيحيى، ولا أغضُ بصري كما غضّ يوسف كل جوارحه، ولستُ متسامحاً لحد القول: اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولكني مثلهم يا الله أحبك!
﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾
ألطاف الله تجري ونحن لا ندري، وفي كل شر يقع بنا، خير سنكتشفه لاحقاً!، السفينة في سورة الكهف لو لم تُثقب لأخذها الملكُ غصباً، وخسر الفقراء مصدر رزقهم!، والغلام لو لم يُقتل، لشقيَ وأشقى والديه!، حتى الجدار؛ لو لم يُقَم لضاع حق اليتيمين!، ثقوا بالله، فربُّ الخير لا يأتي إلا بخير!.
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً﴾
بالأمس بلد سياحي، واليوم ساحة حرب. تخيفني آية (فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة) فلا أمان من مكر الله، ولا سبيل لبقاء الديار إلا بالإصلاح، والبعد عن غضب الجبار.
﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ﴾
وهنَ عظمه، واشتعلَ رأسه شيباً، وكانت امرأته عاقراً، لكنه كان يعرفُ أن الأسباب تحكمُ الناس، ولا تحكم الله جلّ في علاه، فرفع يديه ودعــا: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا﴾ فجاءته الاستجابة: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ﴾ من علَّقَ قلبه بالأسباب، تركه الله إليها! ومن علَّقَ قلبه بالله، هيأ له الأسباب!
﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ﴾
من عقوق الصداقة أن ترى صديقك يفعل الذنب مرارًا، ولا ينطق لسانك بنصيحة تُبقيه صديقًا لك يوم القيامة، مؤلم أن تجمعنا الدنيا فقط!
﴿وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا﴾
تعلم حالنا وضعفنا وعجزنا وافتقارنا إليك في كل الأمور، وأنت أبصر بنا من أنفسنا وأرحم، فمن علينا بما سألناك، وأجب لنا فيما دعوناك.