عرض وقفات التساؤلات

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٨﴾    [النور   آية:٥٨]
س: يقول السائل: ما تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ؟ ج: الآية واضحة في معناها وأن المماليك وهكذا الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم، يعني ما بلغوا خمسة عشر سنة ولا احتلموا، ولا بشيء آخر من إنبات أو احتلام، هؤلاء عليهم أن يستأذنوا على أهليهم في هذه الأوقات الثلاثة؛ لأنها أوقات عورة قبل صلاة الفجر، الناس إذا خلا بعضهم إلى بعض، قد يظهر منهم بعض الشيء فيستأذن عليهم وهكذا وقت الظهيرة قبيل الظهر وإذا كانت عادتهم بعد الظهر كذلك، لأن عادة الناس سابقاً الراحة قبل الظهر –القائلة- وهكذا بعد صلاة العشاء في هذه الأوقات الثلاثة يستأذنون، أمَّا ما سواه فلا يحتاج؛ لأنهم طوافون عليهم، من أهل البيت فلا حرج بعد ذلك، المقصود أنه في هذه الأوقات الثلاثة يستأذنون ولو كان مملوكاً ولو كان صغيراً لم يبلغ؛ لئلا يرى عورة وما سواها فالأمر فيه واسع. وتراعى عادات الناس من وقت لآخر؛ لأن العلة موجودة؛ لأن العورة تبدو في وقت آخر، بعد الظهر بدل القائلة أو بعد صلاة الفجر بدل قبل صلاة الفجر كذلك يستأذن، ويلحق الخدم في هذا الموضوع؛ لأنهم كالمماليك؛ لأنهم يدخلون ويخرجون في حاجات المنزل، فعليهم أن يؤدبوا بذلك كما أمر الله.
  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٨﴾    [النور   آية:٥٨]
س: يقول السائل: ما هي السنة في استئذان أهل المنزل على بعضهم لو تكرمتم؟ ج: السنة أن يستأذن بعضهم على بعض، هذا مشروع، حتى الزوج يستأذن على أهل بيته؛ لأنه قد يراها على حالة لا تناسب فينبغي له أن يستأذن على أهله حتى يعلموا وصوله وإن كان هناك شيء يحتاج إلى ستر ستروه حتى لا يتكدر بشيء. المقصود أن الاستئذان مطلوب من الزوج والأب والأخ والعم ونحو ذلك، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ هذا واجب، فالواجب على المؤمن مثل ما بيّن الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن يستأذن في هذه الأوقات الثلاثة؛ لأنه قد يرى أهله على حالة غير مناسبة فينبغي له أن يستأذن في هذه الحالة وما بعدها ليس عليه بأس في ذلك؛ لأن الأحوال ظاهرة بارزة بخلاف الأوقات الثلاثة .
  • ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣١﴾    [النور   آية:٣١]
س: تقول السائلة: قال الله في كتابه العزيز: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا أرجو توضيح معنى الآية وخاصة في قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ؟ ج: الآية تكلم عنها أهل العلم، بينوا أنه لا يجوز لها مد النظر إلى الرجال فعليها أن تغض بصرها كما على الرجل أن يغض بصره عن النساء؛ لأن هذا قد يعرض الجميع للفتنة وغض النظر الذي يقصد منه أن يكون عن شهوة ، أمَّا النظر العابر الذي تنظر به إلى الطريق وإلى الناس في الطريق من غير قصد معين، هذا لا يضر وهكذا الرجل ينظر إلى الطريق وينظر إلى المرأة من غير قصد أن ينظر إليهن وإلى زينتهن، ولكن بغير قصد؛ للعبور في الطريق، أو في المسجد أو فيما أشبه ذلك وما سواه وبالأخص إذا كان لشهوة، فإنه يحرم جدّاً، أن ينظر إليها بشهوة، أو نظرها إليه بشهوة، لأن هذا وسيلة الفتنة، وإذا كان بغير شهوة فلا يقصد ولا يلام، أما النظر العابر فلا يضر وأما النظر الدائم الذي يحصل تعمده وقصده، فهذا يخشى منه أن يجر إلى الشهوة فيمنع بخلاف النظر العابر الذي لا يقصد، فلا يضر أو الفجأة الذي يفجأ الإنسان، ينظر إليه فجأة، وهي كاشفة فيصرف بصره ولا يضره ذلك، كذلك هي تصرف بصرها، ولا تمد نظرها إلى الرجال، بل تغض بصرها، وإن كانت للشهوة حرم بكل حال. أمَّا قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فالزينة هي ما يُظهر منها الفتنة، من إظهار الشعر، أو القلادة أو الوجه ، أو الصدر أو العضد، أو الذراع أو اليد أو الكف أو القدمين، أو الخلخال أو ما أشبه هذا، مما يفتن الناس، هذه هي الزينة، ومن زينتها ما خلق الله فيها من الجمال، من الوجه واليد والرأس ونحو ذلك، وهكذا ما تلبسه من الزينة من قلادة ومن أقراط في الأذنين، ومن خلاخل في الساقين، وما أشبه ذلك، فإن هذه كلها تسمى زينة، زينة متصلة وهي الجمال، وزينة منفصلة وهي ما تلبسه المرأة، من الحلي في العنق والأيدي وأشباه ذلك، فهذه الأشياء لا تبديها للرجال؛ لأنها تفتن الرجل، وهو قوله: إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا . الشيء المعتاد، الملابس المعتادة، التي لا تقصد للفتنة فلا بأس بالنظر إليها، الملابس المعتادة لابد من إبدائها كالعباءة والجلال الذي عليها تمشي فيه فينبغي ألاّ يكون ذلك فاتناً، يكون عاديّاً وملابس عادية، ليس فيها فتنة .
  • ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣١﴾    [النور   آية:٣١]
س: الأخت: ف.ع. من عفيف ، تقول: أرجو من سماحة الشيخ حفظه الله أن يفسر هذه الآية الكريمة من سورة النور: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ..إلى آخر الآية ؟ ج: هذه واضحة، على المؤمنة أن تغض بصرها عند الرجال ، إلاَّ عند الحاجة في الطريق، لا تمد بصرها للشهوة، أمَّا عند النظر للحاجة للطريق، هذا لا بأس به، ومع حفظ الفروج: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ البعولة الأزواج: أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ إلى آخر الآية، لا تبدي وجهها وقدميها ويديها، إلاَّ للزوج أو من ذكر في الآية الكريمة، والآية واضحة والحمد لله .
  • ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٢﴾    [النور   آية:٣٢]
س: ما تفسير قوله تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ؟ ج: على ظاهرها، الرب جل وعلا يأمر عباده أن ينكحوا الآيامى وهن اللاتي لا أزواج لهن، وكذلك الصالحون من إمائهم وعبادهم، يزوجونهم حتى لا يتعطل المؤمن والمؤمنة، لأن العزوبة فيها خطر عظيم، فينبغي إنكاح الرجال والنساء، فينكح الأيامى وينكح الصالحين، من العباد والإماء، فيُنكِح الأيامى يزوجهن على الأكفاء، إذا خطبن ولا يترك الإماء والعباد، عبده يزوجه، أمته يزوجها حتى لا تقع الفاحشة، ولا تقع الكارثة وإذا تسرَّى في أمته، جعلها سريّة له وأحصنها، فلا بأس إذا كانت مملوكة له، أو يزوجها حتى لا تتعطل، وهكذا عبده يزوجه، ولا يعطله؛ لأنه مثل الحر يحتاج إلى ما يعفه: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ والمتزوج إذا كان عنده قدرة يغنيه الله، من جهة النفقة لا يتعطل، بل إذا كان عنده قدرة على الزواج يتزوج، ثم يتعاطى الأسباب التي تعينه على النفقة في المستقبل، أمَّا إذا كان عاجزاً ما عنده قدرة، مثلما قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ . فالذي لا يجد المهر، ليستعفف حتى يغنيه الله من فضله، وهذا معنى قوله سبحانه: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الذين لا يجدون الطول يعني المهور للنساء، فإنه يتعفف ويصبر حتى يغنيه الله ، فيجد الطول الذي يقدمه للمرأة، ومن قدر فإنه يتزوج، ثم يفعل الأسباب التي تعينه على النفقة، كما في الآية السابقة إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ . يعني إذا استطاعوا الزواج يتزوجون، والله يغنيهم بعد ذلك، فيما يعينهم على النفقة، ويحتمل أيضاً من عبادكم وإمائكم: المراد جنس بني آدم، لأنهم كلهم عباد وكلهم إماء الله، ولهذا قال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يقتضي أن المراد به الأحرار، سموا عباداً وإماء؛ لأنهم عباد لله وإماء الله، وسموا عبادكم وإماءكم يعني الموجودين لديكم، بينكم من أولاد إخوة وأشباه ذلك، فإن الآية تشمل هذا وهذا، فالسيد يزوج أمته التي لا يتسراها، ويزوج عبده الذي هو مملوك، لا يهملهما ويزوج أيضاً بنيه وبناته، فهم عباد الله فالإضافة عبادكم وإمائكم، أي الذين هم من جنسكم، وإمائكم الذين بينكم؛ لأنهم كلهم إماء لله، وعباد لله وأضيفوا للمسلمين المخاطبين؛ لأنهم بعضهم وجزء منهم، فهم عبادهم وإماؤهم: يعني الذين موجودون بينكم، من ذكور وإناث، فهم عبيد الله وإماء الله، فينبغي أن تسعوا في تزويجهم، سواء كانوا أبناء أو إخوة أو أصدقاء أو غيرهم، فالمسلم أخو المسلم يعينه على الزواج ، يعينه بإعفاف فرجه، ويعين أخته في الله على إعفاف فرجها، يكون من باب التعاون على البر والتقوى، فأمروا بتزويج عباد الله وإماء الله؛ لأنهم إخوة في الله أو بنوهم أو إخوتهم من النسب أو أعمامهم أو بنو إخوتهم، فأرشدوا أن يزوجوهم ويعينوهم؛ لأنهم فيما بينهم إخوة، وإن كانوا ليسوا أولادًا له، ولا إخوة له، فالإسلام يجمعهم والدين يجمعهم، فهم إخوة في الله سبحانه وتعالى، ولهذا أمروا بأن يتعاونوا على البر والتقوى، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَ لا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ، وَ لا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إلِى صَدْرِه ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ . وقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ متفق عليه وقال عليه الصلاة والسلام : وَاللَّهُ فيِ عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . فمساعدة الرجال والنساء في الزواج من إخوانهم في الله، هذا شيء طيب ومن التعاون على الخير، وكل مسلم مأمور بهذا، مأمور بأن يعين على الخير، ويعين أخاه على الزواج، ويعين أخته في الله على الزواج، حتى لا يبقى أعزب من الرجال والنساء، وبهذا يحصل الخير العظيم للمسلمين، والتناسل وكثرة الأمة وإعفاف الفروج، وغض الأبصار، كل هذا يحصل بهذا التعاون، هذا إذا حملنا الآية على جنس العباد وجنس الإماء، ولو لم يكونوا مماليك؛ لأنهم عبيد الله وهم إخواننا، فالواجب على المسلمين التعاون فيما بينهم، في تزويج الرجال والنساء ، الأيامى اللاتي لا أزواج لهن، سواء كن ثيبات أو أبكارًا، وجنس العباد وجنس النساء من حيث الإطلاق في تزويجهم، والعناية بإعفاف فروجهم، وغض أبصارهم بالتعاون فيما بين المسلمين، هذا يسلم ربع المهر وهذا نصف المهر، حتى يتزوج الناس ولا يتعطلوا.
  • ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٦٠﴾    [النور   آية:٦٠]
س: يقول السائل: ما تفسير قوله تعالى في سورة النور وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ؟ ج: هذه الآية الكريمة يراد منها العجائز التي انتهت رغبتهن في النكاح، فلا بأس أن يضعن ثيابهن ولا يتحجبن تحجب الشابات ، إذا كُنَّ بهذه الصفة، كما قال الله عز وجل: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ . فهما شرطان: كونها من القواعد وكونها غير متبرجة بالزينة، التي تدعو الرجال إلى الميل إليها، والرغبة فيها ثم بيّن سبحانه وتعالى، أن استعفافهن وإن كن قواعد، خير لهن وأبعد من الفتنة، وهذا يبين لنا أمورًا منها أن الشّابة ليس لها أن تضع ثوبها، بل عليها أن تستتر وأن تحتجب ،كما قال الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ . تستر بدنها وشعرها ووجهها، وأطرافها وهكذا قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ . والجلباب ما يطرح على المرأة من فوق رأسها، تستر به بدنها علاوة على القميص الذي عليها، وهكذا قول الله جل وعلا : وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ الآية. فعليها أن تستر زينتها، ولا تبدي زينتها إلاَّ للمحارم كما بينه الله عز وجل، والوجه من أعظم الزينة، والشعر من أعظم الزينة ، تستر بدنها وشعرها ووجهها، وأطرافها إلاَّ عن محرمها، وهو أخوها وعمها ونحوهما، أمَّا العجوز التي لا تريد النكاح ولا تتبرج بالزينة، فلا حرج أن تطرح الثوب والجلباب الذي عليها، ويبدو وجهها مثلاً، تبدو أطراف يديها فلا بأس بذلك، وقال بعض أهل العلم حتى الشعر الذي هو شعر الرأس، إذا كانت لا تشتهى؛ ليست بمتزينة، ولا تريد النكاح ولكن مثل ما قال الله عز وجل، الاستعفاف خير لها، ولو كانت كبيرة في السن، ولو كانت غير متزينة وغير متبرجة، ولو كانت لا تريد النكاح، فإن كل ساقطة لها لاقطة، فينبغي للعجوز التعفف، ولو كانت كبيرة في السن، ولو كانت غير متبرجة، ولو كانت لا تريد النكاح ، كما قال ربنا عز وجل: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لكن لو كشفت وجهها أو طرحت الجلباب الذي عليها، وهي غير متبرجة ولا تريد النكاح، وليس فيها فتنة، بل كبيرة السن وظاهرعليها ذلك، بحيث لا يميل إليها الرجال،جاز لها أن تفعل ذلك، بأن تكون مكشوفة الوجه، ليس عليها جلباب الذي تلبسه الشابات، ولكن كونها تلبس الجلباب، وكونها تستر وجهها، وتستر نفسها هذا خير لها، وأكبر وأعظم في حقها وأبعد عن الفتنة .
  • ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٦٠﴾    [النور   آية:٦٠]
س: يقول السائل ما هو تفسير قول الحق سبحانه وتعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ؟ ج: أوضح العلماء رحمة الله عليهم، أنهن العجائز اللاتي لا يُلْتَفَتُ إليهن، ولا يرغب فيهن لكبر سنهن وضعفهن، وعدم تبرجهن بالزينة،هؤلاء لهن الكشف، تكشف عن وجهها وعن يديها لا بأس بذلك،واستعفافها وتسترها خير لها وأفضل؛ لأنه كما قيل كل ساقطة لها لاقطة، فقد تبتلى بمن يفتتن بها، ولكن الأصل الجواز، إذا كانت بهذه الصفة،عجوز كبيرة في السن لا تشتهى ولا يُمال إليها، ولا ترجو النكاح، ومع ذلك ملابسها وحالتها ليس فيها زينة، وليس فيها تبرج لا من جهة الملابس، ولا من جهة الكحل ولا من جهة الأصباغ، ولا من جهة ما يفتن، بعيدة عن هذه الأشياء ، فإذا كانت في حالة لا يرغب فيها لكبر سنها وعجزها، وعدم تبرجها بالزينة، فإنه لا حرج عليها في الكشف، يعني وضع الثياب التي على وجهها، لا تستر وجهها ولا رأسها أيضًا؛ لأنها لا تُشتهى، لكن تعففها، مثل ما قال ربنا سبحانه: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ تعفّفها بالتستر والحجاب أولى لها، وأبعد لها عن الخطر.
  • ﴿لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴿٢٩﴾    [النور   آية:٢٩]
س: يقول السائل: ما تفسير قول الحق تبارك وتعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وهل المقصود الدخول فقط، أم الدخول والإقامة؟ ج: هذا نص الآية، ليس عليهم بأس بالدخول لأخذ متاعهم، إذا كان فيها متاع لهم، سيارة يأخذها، أثاث يأخذه لا بأس؛ لأن هذا يريد أن يفرغه لأهله، أمَّا أن يقيم فيه فهذا فيه تفصيل، إن كانت الدار مسموحًا بها للناس يسكنون فيها فلا بأس أن يسكن بها، يكون صاحبها طالبًا للأجر، كالمساكن التي توقف على عابر السبيل، أمَّا إذا كان صاحب السكن لم يجعله سبيلاً للناس، بل ترك سكنه لعارض من العوارض فلا يسكن إلاَّ بإذنه، لكن إذا كان فيه متاع لك فإنك تأخذه، لا بأس أن تأخذ متاعك من سيارة أو فراش أو غير ذلك، وأما السكن فيه فلا بد من الاستئذان إلاَّ أن يكون قد أعد لحاجة الناس وتبرع به صاحبه؛ لحاجة الناس وقفًا فلا بأس .
  • ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴿٥٩﴾    [الفرقان   آية:٥٩]
س: رسالة من سوريا ، حماة ، من الأخ: أ. ح. يقول: أرجو أن تتفضلوا بتفسير قول الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا جزاكم الله خيرًا ؟ ج: هذه الآية من آيات الصفات، الله جل وعلا بيّن فيها وفي غيرها أنه خالق السموات والأرض وما بينهما، هو الخلاق العليم لكل شيء، لا خالق سواه ولا رب سواه سبحانه وتعالى . قال تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . وقال سبحانه: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا . وقوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ . هذا وصف لنفسه، بأنه استوى على العرش وهذا في سبعة مواضع من القرآن، قال جل وعلا في سورة طه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى . وفي سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فهذه الآية العظيمة وما جاء في معناها في المواضع السبعة، كلها دالة على إثبات الاستواء، وأن الله جل وعلا استوى على العرش ، استواءً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في شيء من صفاته، بل له سبحانه صفات خاصة تليق به على أكمل وجه، وخير وجه كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . وقال سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ . وقال عز وجل: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا . وقال سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فالاستواء هو العلو والارتفاع، يعني ارتفع فوق العرش وعلا فوق العرش ارتفاعًا يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في استوائهم على سطوحهم أو على سفنهم، أو على سياراتهم استواء يليق به وارتفاعاً يليق به، لا يشبه خلقه بشيء من صفاته، مثل العلو، ولهذا يقال: استوى على السفينة أي صار فوقها، استوى على السطح صار فوقه، استوى على الدابة صار فوقها، فالاستواء على الشيء العلو فوقه، والارتفاع فوقه، لكن استواء الرب يليق به لا يشابه المخلوقات في استوائها، وهكذا بقية الصفات، الرحمة رحمة تليق بالله، والرحمن الرحيم، رحمة خاصة وعامة، تعم المخلوقات كلهم ورحمة خاصة بالمؤمنين تخصهم، وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ، المقصود أن الرحمة وصف خاص غير الإرادة وبعض أهل العلم يؤول يقول: الرحمن معناه من له إرادة الإعانة والرحمة، هذا غلط وتأويل، والصواب عند أهل السنة أن الرحمة غير الإرادة، الإرادة صفة مستقلة وله سبحانه إرادتان: قدرية وشرعية ، فالقدرية مثل قوله جل وعلا: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . سبحانه وتعالى، ومثل قوله جل وعلا: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ، وهناك إرادة شرعية مثل قوله جل وعلا : يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا هذه إرادة شرعية، يعني أراد الله شرعاً أن يطهر أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأراد شرعاً أن يبين للناس أحكام دينهم ويفهمهم إياها، لكن من الناس من يفهم ويتعلم ومن الناس من لا يفقه، فليس كلهم مهتدين، أما الإرادة القدرية فهي نافذة لا يمنعها شيء كما قال عز وجل: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، هذه إرادة قدرية نافذة، وهكذا قوله جل وعلا: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ، هذه إرادة كونية إذا أراد هداية العبد إرادة كونية شرح صدره للإسلام، ومنَّ عليه بالقبول حتى يهتدي، وهكذا الغضب صفة خاصة تليق بالله، وبعض العلماء يقول إرادة الانتقام وهذا غلط؛ لأن الغضب غير الانتقام، الإرادة شيء والغضب شيء آخر، الغضب يوصف الله به كما قال جل وعلا: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ في قاتل نفسه، المقصود أن الغضب وصف، الله يغضب على أعدائه، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ . اليهود والنصارى والكفرة، مغضوب عليهم، غضب من الله وسوء عقاب؛ الله لا يشابه الخلق فيه، كالرضا والرحمة، وكالإرادة وغير ذلك، صفة مستقلة، هو رحيم بالمؤمنين، رحيم بالناس ويغضب على من عصاه وخالف أمره، وغضبه يليق به، لا يشابه غضب المخلوقين، كما أن رضاه لا يشابه رضا المخلوقين، وهكذا استواؤه وهكذا محبته، وهكذا رحمته، كلها صفات حق لا تشابه صفات المخلوقين عند أهل السنة والجماعة؛ لأن الله سبحانه يقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ هو سبحانه الرحمن الرحيم، موصوف بالرحمة، صفة تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه جل وعلا، يغضب على من عصاه غضباً يليق بالله، لا يشابه خلقه في غضبه، وهكذا إرادته وهكذا يده، وهكذا سمعه وبصره، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا .
  • ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴿٥٩﴾    [الفرقان   آية:٥٩]
س: هل الأيام المذكورة في هذه الآية الكريمة، هي كأيامنا أم أن اليوم بألف سنة كما في بعض الآيات الكريمة ؟ ج: الله أعلم، لكن ظاهر إطلاق الرب جل وعلا، أنها كأيامنا، لأنه أطلق بستة أيام، ويحتمل أنها كل يوم بألف، كما قال جل وعلا : وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ لكن إطلاق الآيات في هذا يدل على أنها كأيامنا، وهو سبحانه قادر أن يخلق كل شيء في لحظة، يقول للشيء كن فيكون؛ لكنه جل وعلا خلقها في أيام، ليعلّم عباده تنظيم أمورهم، وتنظيم أعمالهم حتى لا يعجلوا، فهو سبحانه وتعالى قادر على أن يخلقها في لحظة، ومع هذا خلقها في ستة أيام، وهو قادر على أن يخلقها في أقل من ذلك، لتعليم عباده وتوجيههم إلى العناية بالأمور، وعدم العجلة في الأمور حتى يوقعوا الأشياء ويوجدوها على الوجه الذي يليق .
إظهار النتائج من 341 إلى 350 من إجمالي 8502 نتيجة.