عرض وقفات التساؤلات

  • ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٨٤﴾    [البقرة   آية:٢٨٤]
س: يقول السائل: قال الله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ عن أُمَّتيِ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتكَلَّمْ آمل بيان المعنى المراد من الآية والحديث؟ ج: عندما نزلت هذه الآية شقّتْ على الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: "سمعنا وأطعنا" لما أنزل الله قوله: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ شق عليهم وجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: (إن هذا شيء لا نطيقه فقال: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَين من قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فقالوا: سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلّت بها ألسنتهم أنزل الله قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ثم أنزل الله بعدها لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا فنسخت قوله: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فنسخ قوله أَوْ تُخْفُوهُ وسامحهم عما وقع في النفوس بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إنَّ اللَّهَ عََّز وَجََّل تَجَاوَزَ عن أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتكَلَّمْ فما كان الوساوس في الصدور، فهو معفو عنه ما لم يعمل به العبد، أو يتكلّم كما دلَّ عليه الحديث الصحيح، ودل عليه قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لكن إذا استقر في القلب وصار عملاً يؤاخذ به الإنسان، إذا استقر به في قلبه المنكر من الكبر والخيلاء أو النفاق، أو غير هذا من أعمال القلوب الخبيثة، يؤاخذ به الإنسان، أمّا إذا كان عوارض تخطر بالبال، ولا تستقر فالله سبحانه وتعالى لا يحاسب عليها، بل يتجاوز عنها جل وعلا، فقوله سبحانه: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ هذا بالنسبة إلى المستقرّ المقيم في القلوب من أعمال القلوب، يؤاخذ به الإنسان من نفاق ورياء وكِبر وغير هذا من أعمال القلوب واعتقادات باطلة، سواء أظهرها أو أخفاها فهو مؤاخذ بها، أمَّا ما يعرض للإنسان فالله قد سامحه فيه، وعفا عنه سبحانه وتعالى، ودَلَّت السنة على أن قوله يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ، فيما يستقر وفيما يبقى في القلوب، أمّا ما يعرض بها ويزول فالله يسامح به سبحانه وتعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ عن أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتكَلَّمْ فالعمل يكون بالقلب ويكون بالجوارح، فإذا عمل بقلبه، أبغض في الله وأحب في الله، أخذ بهذا أجراً على المحبة وبهذا إثماً على البغضاء إذا أبغض من لا يستحق البغضاء، فالمقصود أن أعمال القلب إذا استقرت يؤاخذ بها، فالمحبة في الله والبغضاء في الله يؤجر بها المؤمن، وإذا فعل بقلبه خلاف ذلك من بغض المؤمنين أو التكبر على أحد أو النفاق أو الرياء، أخذ بذلك لأنها أعمال قلبية كالأعمال الإيمانية، سواء بسواء .
  • ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾    [آل عمران   آية:٧]
س: يقول السائل: م.م. من اليمن محافظة حجة : ما هو تفسير قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ؟ ج: هذه الآيات الكريمة، من أعظم الآيات ومن أوضحها، يبين سبحانه جل وعلا : أنه أنزل كتابه الكريم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ببيان ما ينفع الأمة في دينها ودنياها، وأنه سبحانه جعل منه آيات محكمات هن أمُّ الكتاب وأخر متشابهات، قد وضح أهل العلم رحمة الله عليهم أن الآيات المحكمات هي الواضحة المعنى، التي ليس فيها شبهة ، وهي أم الكتاب وأصل الكتاب، وعليها المدار، وجميع الآيات الأخرى ترجع إليها، تُفَسّر بها فالمحكمات مثل قوله جل وعلا: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وقوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وأشباه ذلك كقوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ . وقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وقوله سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا وقوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقوله سبحانه: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وقوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا إلى غير هذا من الآيات الواضحات، هذه أم الكتاب فهي واضحة المعنى، أما المتشابهات فهي التي لا يتضح معناها ، في معناها خفاء، فإنها ترد إلى المُحْكم، ترد المتشابهات إلى المحكم من الآيات مثل قوله جل وعلا: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فسرها العلماء بأن المحصنات يعني المتزوجات السبايا؛ لأن غير السبية إذا كانت متزوجة لا تنكح، حتى يطلقها الزوج، وحتى تخرج من العدة، فهذه فُسِّرَتْ بالمحصنات من النساء، فسّرتها النصوص الدالة على أن السبيّة تطلق من زوجها الذي كان في الحرب، في بلاد الكفر، تكون حلاًّ للمسلمين ولهذا قال: إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فالمحصنات المزوجات، ممنوعات محرمات إلا المملوكة السبية فالمحصنات المزوجات، لا يحل نكاحهن إلا بعد الطلاق والعدة، أو بعد الفسخ والعدة، إلا ما ملكت اليمين فالمحصنة المزوجة إذا كانت ملك اليمين مسبيّة، فإنها تحل ويكون سبيها طلاقاً لها، وتستبرأ بالحيضة وتحل لمن سباها، إذا قسمها ولي الأمر على الغانمين، تكون حلاًّ لمن جاءت سبيّة له من هذه السبايا، وإن كان لها زوج في الشرك؛ لأنها سبية له، فرق بينها وبين زوجها، وصارت السبيّة حلاًّ للمسلمين، وحرمت على زوجها بذلك، وهكذا ما أشبهها من كل آيات تشتبه على المسلم تفسّر بالآيات المحكمات الواضحات المعنى في جميع القرآن، مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ليس معناه أن الربا المضاعف هو الحرام، والذي غير المضاعف ليس بحرام، لا؛ لأنه بيّن في الآية الأخرى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا هذه محكمة، المراد أن الربا المضاعف يكون أشد تحريماً ، أشد إثماً، وليس المراد تقييده بالربا المضاعف، فلو باعه بيعاً ربويّاً، حرم عليه ذلك، وإذا كرر ذلك صار التحريم أشد مضاعفة فإذا حلّ عليه الدين مثلاً، وهو مائة فجعله مائة وعشرة، وأجَّل عليه المائة بالعشرة، هذا ربا، فإذا حلَّ الثاني، وقال يصير مائة وعشرين هذا ربا، أشد وأشد تحريماً، هذا المضاعف، وإذا حل ثالثة قال: مائة وثلاثين صار أشد وأشد، لكن ليس معناه أن الربا الأول ليس بحرام، الربا الأول حرام، لكن هذا المضاعف يكون أشد تحريماً، والنصوص يفسر بعضها بعضاً، هذا مشتبه على بعض الناس، تفسره الآيات المحكمات، لقوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وما أشبهه والمقصود أن المحكمات ما اتضح معناها، والمتشابه ما خفي معناه، فإنه يردّ إلى المحكم، مثل قوله جل وعلا: نَحْنُ و إِنَّا ليس المراد بذلك أن الرب ثلاثة، جماعة، كما تقول النصارى ، لا، الرب واحد وإذا قال: نَحْنُ فهي للتعظيم، يعني أنزلنا عليك القرآن وما أشبه ذلك، وما يأتي في النصوص الأخرى، فعلنا كذا، أمرنا كذا وكل هذا من باب التعظيم؛ لأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه فإذا تكلم سبحانه يريد العظمة، فالمراد بذلك أنه هو العظيم الشأن، وليس المراد التثليث وهكذا إذا قال: إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وما أشبه ذلك وقوله سبحانه وتعالى في آيات كثيرات يعدد ما فيه العظمة إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وأشباه ذلك من الآيات التي فيها تعدِيدٌ لهذه النعم لما فيها من التعظيم لموجدها، والمراد التعظيم لله، وأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه وليس المراد بالتثليث كما تقول النصارى قاتلهم الله .
  • ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ﴿١٣﴾    [آل عمران   آية:١٣]
س: ما هو تفسير الآية الكريمة: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ في سورة آل عمران، علماً بأن الآية ذكرت في سورة التوبة؟ ج: هذا يوم بدر ، والله جل وعلا قضى بحكمه العدل سبحانه وتعالى أنه يقللهم في أعينهم، هؤلاء وهؤلاء: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ فلما تقاربوا صار كل واحد يرى صاحبه قليلاً، لما تقاربوا، الصحابة يرونهم قليلين والكفار يرون الصحابة قليلين حتى يتمكّن بعضهم من بعض، حتى يندفع بعضهم إلى البعض، حتى حكم الله بينهم، وقتل الله صناديدهم، ونصر المسلمين عليهم، وكانوا أولاً، يرونهم مثليهم، قيل إن المسلمين يرون الكفار مثليهم، وقيل إن الكفار يرون المسلمين مثليهم، فلمّا دنا بعضهم من بعض واتصل بعضهم على بعض، صار كل واحد يرى خصمه أقل منه، حتى يقدم هذا على هذا، وهذا على هذا، وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ سبحانه وتعالى فالله جل وعلا جعل تقليل هؤلاء في وجه هؤلاء وهؤلاء في وجه هؤلاء، من أسباب الإقدام حتى التحم الجميع، ونصر الله المسلمين وأذلّ الله الكافرين .
  • ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١٨﴾    [آل عمران   آية:١٨]
س: يقول السائل: ما هو تفسير هذه الآية الكريمة: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ؟ ج: هذه الآية الكريمة من أعظم الآيات الواردة في إثبات توحيد الله عز وجل والشهادة بأنه سبحانه هو المعبود بالحق ، يبين فيها جل وعلا : أنه شهد بنفسه وهو أعظم شاهد سبحانه وتعالى أنه لا إله إلا هو كما قال جل وعلا: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وقال سبحانه وتعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وقال سبحانه وتعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ فشهد في هذه الآية- آية آل عمران- أنه سبحانه لا إله إلاهو، فالمعنى لا إله حق سواه، الآلهة كثيرة، يعبدها المشركون: من أصنام وجن وملائكة وأشجار وأحجار وغير ذلك، لكن كلها باطلة، كلها آلهة باطلة، والإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال جل وعلا : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وشهد بذلك أيضاً الملائكة الكرام وهم من أعدل الشهود وشهد بذلك أيضاً أولو العلم الذين عرفوا الحق ودانوا به وهم أولو العلم من القرآن والسنة، يشهدون أيضاً لله بالوحدانية، وهذه الآية فيها منقبة عظيمة للملائكة ولأولي العلم وأن الله استشهدهم على وحدانيته؛ لأنهم يعلمون ذلك، وهم عدول، فالملائكة من خير عباد الله، كما قال الله عز وجل: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ يشهدون لربهم بأنه الإله الحق سبحانه وتعالى، منهم جبرائيل وميكائيل ، وإسرافيل وغيرهم، وهكذا أولو العلم من سابق الزمان وآجل الزمان، من عهد آدم عليه الصلاة والسلام، ومن بعده من الرسل والعلماء، إلى يومنا هذا وإلى أن يقبض الله أرواح المؤمنين في آخر الزمان، كل العلماء الذين عرفوا الحق ودرسوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلهم يشهدون بأنه سبحانه وتعالى هو الإله الحق، وهم خلفاء الرسل فالرسل هم أئمة العلماء، والأنبياء هم أئمة العلماء، وأتباعهم من أهل العلم يشهدون بهذا، يعني علماء السنة، علماء الحق الذين تفقهوا في دين الله وعرفوا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يشهدون أن الله سبحانه هو الإله الحق وأنه هو المستحق للعبادة، وأنه لا إله إلا هو ولا رب سواه، جل وعلا .
  • ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٦٤﴾    [آل عمران   آية:٦٤]
تصفح موضوعي > التفسير وعلوم القرآن > التفسير > تفسير القرآن > تفسير سورة آل عمران > تفسير قوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ 31- بيان تفسير قوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ س: يقول السائل: ما هو تفسير قول الحق تبارك وتعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ? ج: هذه الآية عظيمة أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم: أن يدعو أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إلى كلمة وهي كلمة التوحيد لا إله إلا الله، مع شهادة أن محمداً رسول الله، سواء يعني فصلاً بيننا وبينكم، نستوي بحق وأنتم فيها، لكنا سواء فيها، علينا جميعاً أن نعبد الله وحده دون ما سواه سبحانه وتعالى ، وعلينا ألاّ نشرك به شيئاً، لا نشرك به لا صنماً ولا نبيّاً ولا جنيّاً، ولا بشراً ولا حجراً ولا غير ذلك، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، ليس لنا أن يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فليس للإنس أن يتخذ بعضهم بعضاً ولا الجن ولا الملائكة ، ولاغيرهم، كلهم يجب عليهم أن يعبد الله وحده كما قال الله تعالى في الآية الأخرى في سورة آل عمران: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فلا يجوز لأحدٍ أن يتخذ ربّاً مع الله، يعبده ويستغيث به أو يصلي له أو يسجد له أو نحو ذلك، بل الجميع عباد الله يجب عليهم أن يخلصوا الله بالعبادة، أينما كانوا من دعاء وخوف ورجاء وصلاة وصوم وذبح ونذر وغير ذلك، فإن تولوا أي إن تولى هؤلاء من اليهود والنصارى وأعرضوا عن قبول الحق فقولوا اشهدوا، قولوا لهم مشافهة وصريحاً إنا مسلمون يعني اشهدوا أنا مسلمون وأنتم كفار يعني اشهدوا علينا أنا مسلمون أي منقادون لله موحدون له، معظمون له، خاضعون له، نعبده وحده دون كل ما سواه، خلافًا لكم .
  • ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٩٧﴾    [آل عمران   آية:٩٧]
س: قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ما المقصود بالناس في الآية الكريمة، هل هم المسلمون فقط أم سائر الناس؟ وإن كان الخطاب للمسلمين فقط فلماذا لم يخاطبوا بلفظ المسلمين، نرجو من فضيلتكم الجواب؟ ج: المراد هنا جميع الناس كلهم، قد فرض عليهم الحج، لكن يشترط الإسلام ، شرط أن يسلموا فلو حجوا قبل الإسلام لا يصح، فالناس كلهم عليهم الحج، لكن المسلم عليه مع الاستطاعة؛ لأنه قد دخل في الإسلام ويطالب بأعمال الإسلام المفروضة، من صلاة وزكاة وصوم وحج، أما الكفار فعليهم أن يسلموا وعليهم أن يقوموا بهذا الواجب فهم مخاطبون بهذه الشريعة، مخاطبون بالصلاة والصوم والحج وغير ذلك، لكن لا تصح منهم حتى يأتوا بشرطها وهو الإسلام ، فالناس بغير الإسلام أعمالهم باطلة، يقول سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فهم كلهم مخاطبون بأعمال الشريعة، فروضها وفروعها، لكن لا تصح منهم هذه الفروع حتى يأتوا بالأصل وهو الشهادتان وتوحيد الله والإخلاص له وأنه مستحق العبادة والشهادة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة وسائر النبيين والمرسلين والإيمان بأنه خاتم النبيين وبأن كل ما أخبر، الله ورسوله حق، فلابد من هاتين الشهادتين، الشهادة بأنه لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله هو الذي يعبد بالحق سبحانه وتعالى وما يعبد الناس من أصنام أو أموات أو أشجار أو أحجار كله باطل، كما قال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الآية من سورة الحج، وكذلك لابد من الشهادة بأن محمّدا رسول الله- محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي - ثم لابد من الشهادة بأنه رسول الله حق وبأنه خاتم الأنبياء، فالذي لم يأت بهاتين الشهادتين عن صدق وإيمان ما تصلح صلاته ولا صومه ولا زكاته ولا حجه ولا سائر عباداته حتى يسلم، حتى يدخل في دين الله بالشهادتين وبالإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله فإذا أسلم وجب عليه أداء هذه الحقوق من صلاة وصوم وحج وغير ذلك مع الاستطاعة .
  • ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿١٠٣﴾    [آل عمران   آية:١٠٣]
س: يقول السائل: ما هو تفسير قول الحق تبارك وتعالى: وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ؟ ج: كل إنسان وكل من كان على كفر بالله ثم تاب فهو على شفا حفرة من النار فإذا كان كافراً بأي نوع من أنواع الكفر، من عبادة الأوثان والأصنام، من عبادة الأولياء، والأنبياء، يسب الدين، بأي ذنب من الذنوب هو على شفا حفرة من النار متى مات صار إليها نسأل الله العافية، لكن إذا من الله عليه بالتوبة فقد أنقذه الله، وكان الصحابة الذين هداهم الله إلى الإسلام على هذه الصفة، على شفا حفرة من النار بكفرهم، فلما هداهم الله إلى الإسلام وتابعوا النبي صلى الله عليه وسلم أنقذهم الله من النار .
  • ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٥﴾    [آل عمران   آية:١٧٥]
س: تسأل أختنا أم عبد الله عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وهل تنطبق هذه الآية على الذي يخاف، وهو في منزله ؟ ج: هذه الآية نزلت في قصة المسلمين يوم أحد ، لما كان الشيطان يخوف المسلمين من رجوع الكفار إليهم وقتالهم، قال الله جل وعلا : إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ المعنى يخوفكم بأوليائه يعني يعظمهم في صدوركم، ويجعلهم عظماء في صدور المسلمين، حتى يخافوهم وحتى يحذروهم فلا يجاهدوا، فبين سبحانه وتعالى أن هذا غلط، وأنه من الشيطان ونهاهم عن خوفهم منهم، فقال: فَلا تَخَافُوهُمْ يعني لا تخافوا أعداء الله، الخوف الذي يجعلكم تجبنون عن قتالهم، أما الخوف الذي يوجب الإعداد لجهادهم، والأهبة والحذر ، هذا مطلوب، قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ والذي لا يخاف عدوه لا يعدُّ له العدة فالواجب يُعدُّ العدة لعدوه، من السلاح والزاد والقوة في الجهاد، وجمع الصفوف والتشجيع على القتال، والإقدام ونحو ذلك، لكن لا يخافهم خوفاً يجعله يجبن منهم ويتأخر عن قتالهم، هذا هو المنهي عنه، فإن الشيطان يعظّم الكفار في صدور المسلمين حتى يخافوهم وحتى يجبنوا عن قتالهم، فهذا هو المعنى في قوله فَلا تَخَافُوهُمْ : يعني لا تخافوهم الخوف الذي يمنعكم من قتالهم وجهادهم أو يجعلكم تجبنون عن قتالهم، هذا هو المنهي عنه، أما الخوف الذي يوجب الإعداد لهم وأخذ الحذر فهذا مطلوب، على المسلم أن يخاف شرَّهم وأن يحذر مكائدهم، فَيُعِدُّ العدة، عليه أن يعد العدة اللازمة من السلاح ومن الحرس ونشر العيون التي تعرف أحوالهم حتى لا يهجموا على المسلمين، ولهذا قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ وقال سبحانه: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً فدل ذلك على أنهم مأمورون بأن يأخذوا حذرهم وأن يخافوا شر عدوهم ويخافوا مكائدهم فيكونون على حذر وعلى أهبة وعلى استعداد حتى لا يهجم عليهم العدو على غفلة وعلى غرة، فالمقصود أن الخوف المنهي عنه غير الخوف المأمور به، الخوف المنهي عنه هو الذي يدعو إلى الجبن والتأخر وتعظيم الكفار ونشر الذُّعْر بين الناس هذا منكر، أما الخوف الذي معناه الإعداد لهم والجد في حفظ أماكن المسلمين وثغورهم حتى لا يهجم عليهم العدو فهذا هو المطلوب .
  • ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٥﴾    [آل عمران   آية:١٧٥]
س: إذاً الآية الكريمة هي نص على باب الجهاد في سبيل الله وليست على الخوف الذي ذكرته أختنا، خوف الإنسان وهو في بيته؟ ج: لا، هذا شيء آخر، خوف البيت هذا لا وجه له، إذا كان البيت مأموناً ومغلقاً فالحمد لله، وإذا كان هناك شيء يخشى منه، فالواجب على أهل البيت أن يسدّوه، إن كان فيه مداخل، عليهم أن يسدوها، وإن كان هناك ما يخشى منه، يكون عندها من يؤنسها إلى غير ذلك من الأسباب، المؤمن يأخذ بالأسباب .
  • ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴿٣﴾    [النساء   آية:٣]
س: يقول السائل: أرجو تفسير قول الحق تبارك وتعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا الآية؟ ج: معناها أن الرجل يشرع له نكاح اليتيمة التي عنده، إذا كانت مناسبة له ويعطيها مهرها الواجب، وينكحها بالوجه الشرعي، كبنت عمه ويتيمة عنده أو بنت خاله ويتيمة، يشرع له أن يتزوجها إذا رغبت هي، إذا وافقت على ذلك، وعليه أن يعطيها المهر المعتاد، وألاّ يظلمها، فإن خاف ألاّ يقوم بالواجب، وأن يقسط في حقها لأنها تحت يده، فليزوجها غيره، وليتزوج من سواها حتى لا يظلمها، إما أن يعطيها حقها كاملاً إذا رضيت به، وإما أن يزوجها غيره ولا يتساهل، يقول: هذه يتيمتي ويكفيها نصف المهر، لا، هذا ما يصلح، قد تستحي ولا تطلب، لكن ينصفها ويعطيها حقها كاملاً، وإلا فليزوجها غيره، فإذا لم يتزوجها يلتمس لها الكفء الذي ترضى به، وله السعة إن شاء تزوج ثنتين إذا تزوج عليها وإن شاء تزوج أربعاً، وهذه الآية تدل على أن نكاح الثنتين والثلاث والأربع أفضل ؛ لأنه قال: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ما قال فانكحوا واحدة، قال فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى وثلاث ورباع، فدل على أنه يختار، يتأمل وله أن يتزوج ثنتين أو يتزوج ثلاثاً، أو يتزوج أربعاً؛ لأن في ذلك إعفافاً له. وإعفافاً لهن أيضاً، وفي ذلك أيضاً طلب الولد فإن وجود زوجتين أو ثلاث أو أربع في الغالب يكون أكثر للأولاد، وأكثر للأمة، مع إعفافه نفسه، ومع إعفافه هؤلاء النسوة، ثنتين أو ثلاث أو أربع، فيه مصالح كثيرة، تزوّج الاثنتين أو الثلاث أو الأربع فيه مصالح كثيرة فلا ينبغي للمرأة العاقلة ولا ينبغي للمؤمنة أن تأبى ذلك ولا أن تكره ذلك والحمد لله، إذا عدل بينهن وأدَّى الواجب فالحمد لله، أما إذا جار وظلم فلها الحق أن تأباه، وأن تطلب العدل، ولهذا قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً إذا خاف ألاّ يقوم بالواجب، يكتفي بواحدة والحمد لله، أما إذا كان عنده قدرة في بدنه وفي ماله، يستطيع أن يقوم بالثنتين أو بالثلاث أو بالأربع، فالسنة له أن يعدد وأن يصبر، وأن يقوم بالواجب كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه عدّد عليه الصلاة والسلام ، تزوّج في المدينة تسعاً، جمع بين تسع، لأنه في مكة أخذ خديجة وحدها ثم تزوج بعدها سودة وعائشة ثم في المدينة تزوج بقية نسائه، حتى صرن تسعاً، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، لكن الأمة تقتصر على أربع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قصر الأمة على أربع ، وأمر من كانت عنده خامسة أو أكثر أن يفارق الزائدة لما أسلموا، أمرهم أن يمسكوا أربعاً، وأن يفارقوا ما زاد عن أربع، فاستقرت الشريعة على أن الرجل من الأمة، له أن يجمع أربعاً فأقل، أما التسع فهذا خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام وليس للأمة بل هذا من خاصيته عليه الصلاة والسلام ، وإذا خاف الرجل ألا يعدل اكتفى بواحدة وإذا تزوج ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، فالواجب عليه العدل في القسمة والنفقة ، وما يستطيع من العشرة الطيبة، والكلام الطيب، وحسن المعاملة وطيب الكلام ، وأن يعدل في ذلك، أما المحبة فهذا إلى الله ليس في قدرته أن تكون المحبة سواء، هكذا الجماع ليس بقدرته ذلك، فإن الجماع يتبع المحبة، ويتبع الشهوة، فليس بقدرته العدل مهما أمكن ويعفو الله عما عجز عنه، وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه ويعدل، ويقول: اللَّهُمَّ هَذِا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ، وَلا أَمْلِكُ فالمؤمن يقسم ويعدل حسب الطاقة، يسوِّي بينهن في قسمته، بوجهه وكلامه ونفقته، ويصغي لهن وفي معاشرتهن الطيبة، أما المحبة فهي بيد الله ليس بيده هو، فقد تكون هذه أحب من هذه، ولكن لا يحمله على الجور وهكذا وقد يشتهي هذه بالجماع أكثر فلا يضره هذا، لأن هذا ليس باختياره وليس بقدرته، بل هذا يتبع المحبة والشهوة، إنما الواجب العدل في القسمة ، هذه ليلة وهذه ليلة، هذه لها يوم وهذه لها يوم، ينفق على هذه ما يليق بها، وهذه ما يليق بها، وأولاده كل على حسب حاله، هذه عندها ولدان، هذه عندها ثلاثة، أو عندها أربعة، هذه ثوبها طويل لأنها طويلة وهذه قصيرة، كل واحدة لها كفايتها وأولادها.
إظهار النتائج من 141 إلى 150 من إجمالي 8502 نتيجة.