برنامج لمسات بيانية
* في سورة المجادلة (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)) وفي الآية التالية (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)) في الأولى قال فينبئهم وفي الثانية قال ثم ينبئهم فما اللمسة البيانية في هذا الفرق؟
في آيتين متتابعتين. النظر في القرآءة يعطيك الجواب في الآيتين: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا) متى هذا؟ يوم القيامة إذن صار قريباً، يوم القيامة حساب. الفاء للترتيب والتعقيب ليس فيها مجال للتأخير.
الآية الأخرى في الدنيا (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)) فيها ترتيب وتراخي. هذه في الدنيا وتلك في الآخرة يوم القيامة، لا شك أنه لا بد أن تكون إحداهما بالفاء والأخرى بـ(ثم).
* (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة) بدأ تعالى من ثلاثة وترك البداية من اثنين وذكر الأعداد الفردية وترك الأعداد الزوجية فهل من لمسة بيانية في هذا؟(د.فاضل السامرائى)
أولاً المسألة ليست أعداد فردية وأعداد زوجية. أصل المسألة قيل أن قوماً من المنافقين تخلفوا على هذا العدد نوعين: ثلاثة وخمسة، هذا هو العدد تحديداً، قوم من المنافقين، هم ثلاثة في مكان وخمسة بدأوا يتناجون فيما بينهم مغايظة للمؤمنين. ربنا حكى الواقعة كما هي اشار إليها تعريف بالواقع (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) يعني انتبهوا ربنا ليس غافلاً عنكم أيها الثلاثة وأنتم أيها الخمسة ربنا ليس غافلاً عنكم، فهو أولاً تعريض لهم. هذه مسألة والمسألة الأخرى التناجي لا يكون أقل من اثنين إذن لا يمكن أن يقول ولا أدنى من ذلك لو قال اثنين، فلما قال الثلاثة دخل الاثنان فيها ولما قال أربعة دخل الثلاثة إذن دخل الاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة أيضاً (وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ). إذن هذا استوفى لو بدأ بالاثنين ما يقول أدنى من ذلك، لو بدأ بأربعة الاثنين لا يدخلون لأن الذي أدنى لا يدخل فيه اثنين، فلا يكون اثنين. إذن هذه دخل فيها الجميع، كل التناجي دخل لو بدأ بالأربعة لا يدخل فيها الإثنين. أصل المسألة على الحقيقة أولاً ثلاثة وخمسة ثم إن التعبير هكذا.
* العرب كانت تعرف الأرقام؟
نعم تعرفها لكن كتابة الأرقام ورسم الأرقام تأخر للقرن الرابع، هي دخلت لنا عن الهندية، دخلت عدة صور وعدة مجامع أدخلها الخوارزمي، عدة مجامع، عدة صور لكن العرب إختار هذه وحسّنها، اللاتينية لم تدخل، إرجع إلى جميع المخطوطات لا تجد صورة للأحرف اللاتينية. تسمى أرقام عربية لأنها نُقلت عن العرب. هذه الصور كلها نقلِت إلى العرب لكن هذه الصورة نقلت من الأندلس إلى أوروبا فسميت عربية لأنها نُقِلت عن العرب وليس لأن العرب استعملوها إنما لأنها نُقِلت عنهم وهذه كُتب عنها كثيراً.
سؤال : هل كان إبليس من الملائكة , وإذا لم يكن من الملائكة , فلماذا عاقبه الله علي عدم السجود لآدم , ومع أن الملائكة هم الذين امروا بالسجود له ؟
الجواب : إن إبليس ليس ملكا ولم يكن من الملائكة , وإنما هو من الجن , قال تعالي : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } [ الكهف : 50 ] .
والجن ليسوا من الملائكة , بدليل قوله تعالي : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ [40] قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [ سبأ : 40 – 41 ] .
أما سبب عقوبته له , فإن الله أمره هو حين أمر الملائكة , فقد أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم , وأمره هو علي الخصوص أن يسجد معهم , بدليل قوله تعالي : { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } [ الاعراف : 12 ] فقد أمره هو . فد كان إبليس مأمورا بالسجود مع الملائكة , فكانت معصيته واستكباره عن أمر ربه سبب لعنته , والله أعلم .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 117)
سؤال : ما الفرق بين الأجر والرزق ؟
الجواب : الأجر قد يكون هو الجزاء علي العمل , ويقال فيما كان عقد , وما يجري مجري العقد .
أما الرزق فقد يستعمل للنصيب , ويستعمل للقوت الذي يتغذي به البدن , وذلك نحو قوله تعالي : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] .
وقال : { وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } [ العنكبوت : 60 ] . ولا يصح أن يقال في هذا : أجر .
وقد يستعمل الرزق للمطر , قال تعالي : { وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً } [ غافر : 13 ] , وله استعمالات أخري .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 130)
سؤال : ما الفرق بين البعل والزوج ؟
الجواب: البعل : هو لذكر من الزوجين , وهو من الاستعلاء ؛ لأنه المستعلي علي المرأة والقائم عليها .
والبعل : هو المالك والرئيس , وسمي زوج المرأة بعلا , وسميت الأرض المرتفعة بعلا , وقيل لفحل النخل بعلا .
وسمي به كل مستعل علي غيره , فسمي العرب معبودهم بعلا , وهو الذي يتقربون به إلي الله .
وأما الزوج : فيقال لكل من القرينين من الذكر والأنثي , فالرجل زوج المرأة , والمرأة زوج الرجل , ويقال لكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا كالخف والنعل .
والازواج هم القرناء والنظراء والامثال , قال تعالي : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 22 ] أي : أمثالهم ونظراءهم في العمل : أصحاب الربا مع أصحاب الربا , وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر .
وقال : { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } [ ص : 58 ] أي أجناس .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 131)