• ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر :٨٨] مع ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء :٢١٥]
• ما وجه زيادة قوله : ﴿ لِمَنِ اتَّبَعَكَ ﴾ بموضع الشعراء ؟
• قال الغرناطي : " إنه لما لم يتقدم آية الحجر تخصيص بمدعو، بل تقدمها خطابه (ﷺ) بالتأنيس والتسلية عمن أعرض، والرفق بمن آمن، فقال تعالى : ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ لم يحتج هنا إلى زيادة.
ولما تقدم آية الشعراء، قوله تعالى : ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء :٢١٤]، والإنذار : يستصحب التخويف والاستعلاء على من يخاطب به؛ أتبع ذلك تعالى تلطفاً وإنعاماً على من آمن من عشيرته (ﷺ) وغيره، بقوله : ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ".
• ﴿ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿١١﴾ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿١٢﴾ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [النحل : ١١ - ١٣]
• ما وجه تعقيب الموضع الأول، بقوله : ﴿ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، والثاني بقوله : ﴿ يَعْقِلُونَ ﴾، والثالث بقوله : ﴿ يَذَّكَّرُونَ ﴾ ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن إنبات الزرع والزيتون والنخيل والأعناب، ومختلف الثمرات بالماء المنزل من السماء مع كونه واحداً، والمنبت مختلف الأنواع والطعوم والمنافع؛ أمر يوصل إلى تعرفه، وارتباطه باستعمال الفكر في ذلك وإن لم يطل، بشرط السلامة من الغفلة، فيحصل بمجرد الفكر على عظيم المعتبر.
وأما تسخير الليل والنهار إلى ما ذكر معهما، فلا يكتفي في معرفة ذلك والحصول على الاعتبار به بمجرد الفكر، فإن العلم بتسخير هذه مما يغمض ويخفى إلا على ذوي البصائر، والفطن السليمة، والعقول الراجحة؛ فلم يقنع التفكر هنا، بل وصف المعتبر بها بما هو فوق الفكر.
وأما الآية الثالثة وهي قوله : ﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ﴾ ببدأة الفكر السالم؛ فقصْد التذكير كافٍ في حصول الاعتبار بذلك ".
• ﴿ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [النحل :٢٩] مع ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر :٧٢] ، [غافر :٧٦]
• ما وجه زيادة اللام، في قوله : ﴿ فَلَبِئْسَ ﴾ بموضع النحل، دون غيره ؟
• قال الإسكافي : " إن الآية من هذه السورة، في ذكر قوم قد ضلوا في أنفسهم، وأضلوا غيرهم، وهؤلاء أكثر الناس، وأشدهم آثاماً، وأشدهم عقاباً، ومَن هذه صفته؛ احتيج عند تغليظ العقاب له إلى المبالغة في تأكيد لفظه، فاختيرت اللام هنا لذلك؛ ولأن بعدها في ذكر أهل الجنة، قوله : ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل :٣٠] فاللام في ﴿ وَلَنِعْمَ ﴾ بإزاء اللام في ﴿ فَلَبِئْسَ ﴾، وليس كذلك الآيتان في سورتي الزمر وغافر؛ لأنهما في ذكر جملة الكفار ".
• ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [النحل :٦٠] مع ﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الروم :٢٧]
• ما وجه زيادة قوله : ﴿ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ بموضع الروم ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن ذلك إنما جرى بحسب مقتضى المقصود في كل من الآيتين، أما آية النحل : فقد تقدمها قوله تعالى : ﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ﴾، فقوبل بحسب التفصيل، ومقتضى التقابل، بقوله تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾؛ فتطابق الكلام وتناسب، موازنة لفظ، وجليل تقابل، ولم يقع قبلها ذكر السماوات والأرض، فلم يكن ليناسب ذلك ذكرهما بعده، وأما آية الروم : فتقدمها قوله عز وجل : ﴿ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الروم :٢٦]، ثم قال بعد : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾، ووضوح التناسب في هذا غير محتاج إلى زيادة بيان ".
• ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ ﴾ [النحل :٦١] مع ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ ﴾ [فاطر :٤٥]
• ما وجه التعبير، بقوله : ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا ﴾ بموضع النحل، وبقوله : ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا ﴾ بموضع فاطر ؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن آية النحل : جاءت بعد أوصاف الكفار بأنواع كفرهم في اتخاذهم إلهين اثنين، وكفرهم وشركهم في عبادة الله سبحانه، وجعلهم للأصنام نصيباً من مالهم، ووأد البنات، وغير ذلك، وكل ظلم منهم؛ ناسب قوله تعالى : ﴿ بِظُلْمِهِم ﴾ ولم يتقدم مثل ذلك في فاطر.
وأما ﴿ عَلَيْهَا ﴾ والمراد : الأرض، فإنه شائع مستعمل كثير في لسان العرب؛ لظهور العلم به بينهم؛ ولكراهية أن يجتمع ظاءان في جملتين مع ثقلها في لسانهم؛ لأن الفصاحة تأباه، ولم يتقدم في فاطر ذلك، فقال ﴿ عَلَى ظَهْرِهَا ﴾ مع ما فيه من تفتن ".