• ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف :٧٩] مع ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ [الكهف :٨٠ - ٨١] و ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف :٨٢]
• ما وجه التعبير، بقوله: ( فَأَرَدتُّ ) بالموضع الأول، وبقوله : ( فَأَرَدْنَا ) بالموضع الثاني، وبقوله : ( فَأَرَادَ رَبُّكَ ) بالموضع الثالث؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن هذا حسن أدب من الخضر، مع الله تعالى.
أما في الأول : فإنه لما كان عيباً؛ نسبه إلى نفسه.
وأما الثاني : فلما كان يتضمن العيب ظاهراً، وسلامة الأبوين من الكفر، ودوام إيمانهما باطناً؛ قال : ( فَأَرَدْنَا )، كأنه قال : أردت أنا القتل، وأراد الله سلامتهما من الكفر، وإبدالهما خيراً منه.
وأما الثالث : فكان خيراً محضاً ليس فيه ما ينكر لا عقلاً ولا شرعاً؛ نسبه إلى الله وحده، فقال : ( فَأَرَادَ رَبُّكَ ) ".
• ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف :١١٠] مع ﴿ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الأنبياء :١٠٨]
• ما وجه زيادة، قوله : ( بَشَرٌ ) بموضع الكهف؟
• قال الغرناطي : لــ " أنه لما تقدم في أول سورة الأنبياء، إثبات كون الرسل - عليهم السلام - من البشر؛ لم يحتج هنا أن يذكر كونه (ﷺ) من البشر، إذ قد توالى ذكر ذلك جملة وتفصيلا، أما سورة الكهف : فلم يتقدم فيها مثل هذا، فكان مظِنَّة الإعلام بكونه (ﷺ) من البشر إرغاماً لأعدائه، ولِمَا في ذلك من تلطفه تعالى بالخلق ورحمته إياهم، فكون الرسل من البشر، من أعظم إنعامه سبحانه على الخلق، وخُصّت آية الكهف؛ بذكر بشريته (ﷺ) لما بيناه ".
• ﴿ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم :١٤] مع ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم :٣٢]
• ما وجه التعبير، بقوله : ( عَصِيًّا ) بقصة يحيى (عليه السلام)، وبقوله : ( شَقِيًّا ) بقصة عيسى (عليه السلام) ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن الله سبحانه وصف يحيى (عليه السلام) بعِظَم التقوى، في قوله تعالى : ﴿ وَكَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم :١٣]؛ فناسب قوله : ﴿ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾، وأما قوله في قصة عيسى (عليه السلام) : ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾، فملحوظ في ذلك ما جرى لأتباعه (عليه السلام)، وما وقعوا فيه من العظيمة، حين قالوا : هو ابن الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً؛ فاستحقوا الوصف بالشقاء بمقالهم ".
• ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [مريم :٣٧] مع ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾ [الزخرف :٦٥]
• ما وجه التعبير، بقوله : ( كَفَرُوا ) بموضع مريم، وبقوله : ( ظَلَمُوا ) بموضع الزخرف ؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن آية مريم : تقدمها وصف الكفار باتخاذ الولد، وهو كفر صريح؛ فناسب وصفهم بالكفر، ولم يرد مثل ذلك في الزخرف، بل قال تعالى : ( فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ )؛ فوصفهم بالظلم؛ لاختلافهم ".
• ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا ﴾ [طه :١١] مع ﴿ فَلَمَّا جَاءَهَا ﴾ [النمل :٨]
• ما وجه التعبير، بقوله : ( أَتَاهَا ) بموضع طه، وبقوله : ( جَاءَهَا ) بموضع النمل، مع اتحاد القصة ؟
• قال الكرماني : لـ " لأن أتى وجاء بمعنى واحد، لكن كثر دور الإتيان في طه، نحو : ﴿ فَأْتِيَاهُ فَقُولَا ﴾ [طه :٤٧]، ﴿ فَلَنَأْتِيَنَّكَ ﴾ [طه :٥٨]، ﴿ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه :٦٩]، ولفظ (جاء) في النمل أكثر، نحو ﴿ جَاءَتْهُمْ ﴾ [النمل :١٣]، ﴿ وَجِئْتُكَ ﴾ [النمل :٢٢]، وألحق القصص بـ طه؛ لقرب ما بينهما ".
• ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾ [طه :١٥] مع ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا ﴾ [غافر :٥٩]
• ما وجه التأكيد باللام، بقوله : ( لَآتِيَةٌ ) بموضع غافر؟
• قال الغرناطي : لــ " أن آية طه : وردت أثناء خطاب رسول الله (ﷺ) بالتأنيس والتسلية عما يلقاه من مكابدة قريش، وسائر كفار العرب، وتعريفه بما جرى لموسى (عليه السلام)، وظهوره على فرعون؛ فلم يكن ليناسب ذلك تأكيد الخبر عن أمر الساعة؛ إذ هو (عليه السلام) من أمرها على أوضح الجادة، أما آية غافر : فإن قبلها تعنيفاً لكفار من قريش وغيرها؛ فناسب ذلك من حالهم تأكيد الإخبار عن إتيان الساعة بدخول اللام، وصيرورة الآية بذلك في قوة المقيس عليه؛ تحقيقاً للأمر، وتأكيداً لما في طيِّ ذلك من وعيدهم بسوء مآلهم، فورد كل من الآيتين على ما يناسب، والله أعلم ".
• ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه :١١٢] مع ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ [الأنبياء :٩٤]
• ما وجه التعبير بالواو بموضع طه، بقوله : ﴿ وَمَن ﴾، وبالفاء بموضع الأنبياء ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن قوله : ﴿ وَمَن يَعْمَلْ ﴾ بواو النسق؛ ورد في مقابلة ما تقدمه من المعنى الحاصل، من قوله : ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه :١١١]، وقد خاب من حمل ظلماً؛ لأن عَنَت الوجوه؛ ذلتها في القيامة، فمن حمل ظلماً؛ خاب وخسر، ومن قدم خيراً، وعمل صالحاً؛ فلا يخاف ظلماً، أي : زيادة في سيئاته، ولا هضماً، أي : نقصاً في حسناته، وهذا معنى الكلام، والله أعلم.
أما قوله، في الأنبياء : ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ﴾ فافتتح تفصيل أحوال الفريقين لما قال تعالى : ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾ [الأنبياء :٩٣]، والمراد : اختلافهم وافتراقهم في المذاهب والأديان؛أتبع ذلك تعالى ببيان حال المحسن والمسيء في افتراقهم، فاستؤنف تفصيل جزائهم فقال : ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ ".