عرض وقفات أسرار بلاغية

  • ﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ﴿٨٩﴾    [هود   آية:٨٩]
{وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: 89] أي لا يحملكم خلافي وعداوتي على أن يصيبكم مثل ما أصاب الأقوام الأخرين من الدمار والهلاك. {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} "يعني أنهم أهلكوا في عهد قريب من عهدكم، وفهم أقرب الهالكين منكم. أولا يعبدون منكم الكفر والمساوئ وما يستحق به الهلاك" (1). وقال: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} ولم يقل: (ببعدين) لأنه أراد "ما إهلاكهم ببعيد أو ما بشيء بعيد أو بزمان أو مكان بعيد" (2). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 324 إلى ص 324. (1) الكشاف 2/112. (2) الكشاف 2/112، وانظر البحر المحيط 5/255.
  • ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴿٩٠﴾    [هود   آية:٩٠]
{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90] مر بيان نحو هذا أول السورة. وقال أولًأ: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} بإضافة الرب إلى ضميرهم، وقال فيما بعد: {إِنَّ رَبِّي} بإَضافته إلى ضميره ليبين أن ربه وربهم واحد، وأن عليهم أن لا يعبدوا إلا ربهم ويتوبون إليه فليس لهم رب غيره. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 324 إلى ص 325.
  • ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴿٩١﴾    [هود   آية:٩١]
{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91] {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} قدم الجار و المجرور ليبين انتفاء عزته عليهم بصورة خاصة، وقد يكون عزيزًا على غيرهم ممن أمن به وعزيزًا عند رهطه. فدل ذلك على نفي العزة عليهم وإثباتها على غيرهم وهم رهطه ومن آمن به. وأوضح ذلك قولهم: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} ومعنى ذلك أنه عزيز عند رهطه. ولو قال: ( وما أنت بعزيز علينا) لنفى عزته عندهم ولم يثبتها عند غيرهم.
  • ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴿٩٢﴾    [هود   آية:٩٢]
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ} ولم يقل: (أعز عليكم مني) لأن الله هو الذي أرسله فعزته من عزة مرسله. فإن الرسول عزته إنما هي من عزة من أرسله، فكلما كان المرسل عزيزًا كان رسوله كذلك. {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} قال: (إن ربي) بإضافة الرب إليه لأنه سيده والقيم عليه. ولم يقل: ( ربكم) وإنما أضاف الرب إليه ليدل على عزته. وقدم الجار و المجرور (بما تعملون) على خبر إن (محيط)؛ وذلك لأن الكلام على عملهم وقد مر ذكر الكثير من أعمالهم. فإنه سبق هذه الآية ذكر العمل، وجاء بعدها ذكر العمل فقال: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ } {إِنِّي عَامِلٌ} فناسب تقديم قوله: (بما تعملون). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 325 إلى ص 326.
  • ﴿وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ﴿٩٣﴾    [هود   آية:٩٣]
{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} [هود: 93] معني قوله: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أي داوموا على ما أنتم عليه من الكفر فسوف تعملون عاقبتكم وترون جزاء إصراركم. ومعنى قوله: {إِنِّي عَامِلٌ} أي أنا مداوم على عملي مستمر على ذلك من الدعوة إلى الله وتبليغ رسالته. {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} قال هنا: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} وقال في قصة نوح في هذه السورة: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} بإدخال الفاء على (سوف). والذي يظهر أن إدخال الفاء هنا أكد من عدم ذكرها، فقد يفيد إدخال الفاء التوكيد في مواضع" (1). والذي يؤيد ذلك ما جاء في الآيتين: 1- فقد قال في قصة نوح: { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [هود: 39]. وقال في قصة شعيب هذه: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} فزاد في قصة نوح {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} ولم يقل مثل ذلك في قصة شعيب. 2- إن ربنا قال لسيدنا نوح: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ولم يقل مثل ذلك في قصة شعيب. 3- إن ربنا أخبر نوحًا بتعجيل عقوبة قومه وطلب منه أن يصنع الفلك. {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود: 37]. ولم يخبر شعيبًا بنهاية قومه. 4- إن هذا القول قاله سيدنا نوح وهو يصنع الفلك، وذلك يدل على قرب نهاية القوم وعقوبتهم. كل ذلك يدل على توكيد نهاية القوم في قصة نوح ودنو ساعة النجاة. ولست أدري فلعل إدخال الفاء على (سوف) يدل على أن مجيء العذاب لقوم نوح أقرب من مجيئه لقوم شعيب وإن كانا جميعًا في المستقبل، فإن الفاء قد تفيد التعقيب. إن (سوف) في كلا الموضعين تفيد الاستقبال، غير أن دنو العذاب من قوم نوح أقرب. ولعل إدخال الفاء إشارة إلى ذلك، علاوة على ما ذكرنا من التوكيد والله أعلم. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 326 إلى ص 327. (1) انظر معاني النحو 4/127 وما بعدها (باب الشرط)، وانظر حاشية الدسوقي 1/177.
  • ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٩٤﴾    [هود   آية:٩٤]
  • ﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ﴿٩٥﴾    [هود   آية:٩٥]
{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94] قال ههنا: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا} بإدخال الواو على (لما). وقال في قصة صالح: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} بالفاء. وذلك أن مجيء العذاب في قصة صالح أقرب، ذلك توعدهم أن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، فقد قال لهم: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65] فكان العذاب لقوم صالح أقرب من قوم شعيب، فجاء بالفاء للدلالة على التعقيب. وأما بقية الآية وما بعدها وهو قوله: { وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [هود: 94 - 95] فقد مر بيان ذلك في قصة صالح. وقوله: { أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }شبه فيه هلاكهم بهلاك ثمود " وإنما شبه هلاكهم بهلاكهم لأن عذاب كل كان بالصيحة" (1). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 327 إلى ص 328. (1) روح المعاني 12/129.
  • ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿٩٦﴾    [هود   آية:٩٦]
  • ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ﴿٩٧﴾    [هود   آية:٩٧]
  • ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ﴿٩٨﴾    [هود   آية:٩٨]
  • ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ﴿٩٩﴾    [هود   آية:٩٩]
قصة موسى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} [هود: 96 – 99] ذكر في سورة هود من قصة موسى وفرعون العاقبة التي تلي العاقبة الأولى وهي غرق فرعون وجنوده. وهو ما ورد في سورة البقرة والأعراف ويونس. فقد ورد في البقرة والأعراف ويونس غرق فرعون وجنوده في اليم. وأما في سورة هود فقد ذكر أمر مهم في الأخرة. قال في البقرة: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50] وقال في الأعراف: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 136] وقال في يونس: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90]. لقد ذكر ربنا أنه أرسل موسى بآياته وسلطان مبين. والآيات هي الآيات الدالة على نبوته من قلب العصا حية ونحوها من المعجزات، ومما قيل في السلطان المبين أنه الحجج التي حاج بها فرعون وملأه (1)، وهي سلطان قاهر. وكل من الآيات والسلطان ملزم لمن أراد الحق والحقيقة. وقد وصف السلطان بأنه مبين، أي ظاهر الدلالة ليس فيه غموض ولا شك. غير أن الملأ اتبعوا أمر فرعون ولم ينصاعوا للحق مع أن أمر فرعون كله غي وضلال. وكما اتبعوا أمر فرعون في الدنيا فأغرقهم قادهم في الآخرة إلى النار فأحرقهم. 1- لقد قال: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} ولم يقل: (فتبعوا أمر فرعون) وذلك للمبالغة في اتباعهم لأمر فرعون. ومن المعلوم أن (اتبع) يفيد المبالغة في الاتباع، بخلاف (تبع)، ذلك أن (افتعل) يفيد المبالغة والاجتهاد والتكثير. 2- وقال: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} فنفى بـ (ما)، وأدخلها على الجملة الإسمية، وأكد الخبر بالباء، وكل ذلك يفيد المبالغة والتأكيد في نفي الرشد عن فرعون وأمره. فهو لم يقل: (وليس أمر فرعون رشيدًا أو برشيد) فتكون الجملة فعلية دالة على الحدوث. ولم يقل: (وما أمر فرعون رشيدًا) من غير توكيد للخبر. وإنما قال: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} فنفى الرشد عن أمر فرعون على وجه الثبوت والدوام، وأكد ذلك بالباء الزائدة. 3- ومعنى قوله: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ} أي يتقدمهم إلى النار وهم يتبعونه" (2). فكما اتبعوا أمره في الدنيا اتبعوه في الآخرة فقادهم إلى النار، "وكما كان قدوة في الضلال متبعًا كذلك يتقدمهم إلى النار وهم يتبعونه" (3). 4- قال: {فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} بالماضي، ولم يقل: (فيوردهم) مع أن الحدث مستقبل، وذلك للدلالة على أن الأمر كائن لا محالة، وهو بمنزلة الماضي الذي حصل. جاء في (الكشاف) : "فإن قلت: هلا قيل: يقدم قومه فيوردهم، ولم جيء بلفظ الماضي؟ قلت: لأن الماضي يدل على أمر موجود مقطوع به، فكأنه قيل: يقدمهم فيوردهم النار لا محالة" (4). 5- قال: {فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} ولم يقل: (فوردوا النار) أي أن فرعون هو الذي أوردهم إياها. كما لم يقل: (فأوردهم النار) بإسناد الفعل إلى نفسه سبحانه، بل إن فرعون هو الذي تقدمهم حتي أوردهم النار. ولم يقل أيضًا: (أوصلهم إلى النار) إذ ربما دل ذلك على الوصول دون الدخول، وإنما قال: {فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} أي أدخلهم إياها. 6- قال: {وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} والمورود في النار، و(الورد): المورد، أي بئس ما وردوه هو النار. واختار الورد "لأن الورد إنما يراد لتسكين العطش وتبريد الأكباد" (5). واختار لفظ (الورد) على (المكان) أو نحوه ليدل على أنهم عطاش، وإنما يذهب إلى الورد العطشان. فأوصلهم فارطهم ومقدمهم إلى النار ليسكنوا عطشهم ويبعدوا عنهم الظمأ فيا بئس ما وردوا. 7- قال هنا: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} وقال في السورة نفسها في قصة عاد: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود: 60] فذكر (الدنيا) بعد هذه. وقد ذكرنا سبب ذلك في قصة عاد. 8- قال هنا: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} ببناء الفعل (أتبعوا) للمجهول. وقال في سورة القصص: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً} [القصص: 42] بالبناء للفاعل، بإسناد الفعل إلى نفسه سبحانه، وذلك لأكثر من سبب منها: أ- أن القصة في سورة القصص أطول مما في هود، فإنها في هود أربع آيات من (96 إلى 99). وأما في القصص فإنها إحدى وأربعون آية (من 3 إلى 43). وأن ( أتبعناهم) أطول من (أتبعوا) فناسب طول البناء طول القصة. ب- ذكر من تكذيب فرعون وأتباعه ومعاندتهم في القصص ما لم يذكره في هود، وذكر استكباره واستكبار جنوده في الأرض بغير الحق، فناسب أن يتولى ربنا إهلاك هؤلاء الظلمة المستكبرين. ج- ذكر في القصص أن فرعون أدعى أنه هو الإله الوحيد وليس من يذكره موسى فقال: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: 38]. فناسب أن يعاقب الإله الحق هذا الإله المدعي، فأظهر نفسه ليذله ويتبين من منهما الإله الحق؟ د- جرى إسناد العقوبات في سورة القصص إلى الله ليبين أنها من الإله الحق فقال: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ} [القصص: 40] {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41]. فناسب أن يقول: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} بالإسناد إليه سبحانه. وليس السياق كذلك في هود. فناسب كل تعبير موضعه. 9- قال: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} والرفد هو العطاء و العون. والمرفود: المعطى. أي بئس العطاء الذي أعطوه، وبئس العون الذي أعينوا به. وقد اختار الرفد على العطاء لأن الرفد له معنيان: العطاء والعون. وملأ فرعون إنما اتبعوه ليعطيهم ويعينهم فكان لهم الإغراق في الدنيا، والنار في الأخرة، واللعنة في الدنيا والأخرة. جاء في ( الكشاف): "{بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} رفدهم، أي بئس العون المعان، وذلك أن اللعنة في الدنيا رفد للعذاب ومدد له، وقد رفدت باللعنة في الأخرة. وقيل: بئس العطاء المعطى" (6). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 329 إلى ص 334. (1) انظر روح المعاني 12/135. (2) انظر الكشاف 2/114. (3) البحر المحيط 5/259. (4) الكشاف 2/114. (5) الكشاف 2/114. (6) الكشاف 2/114.
  • ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴿١٠٠﴾    [هود   آية:١٠٠]
{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هود: 100 - 101] شبه ما بقي من القرى "بالزرع القائم على ساقه، وما عفا وبطل بالحصيد" (1). و(الحصيد) فعيل بمعنى (مفعول) أي محصود، وهو أبلغ من (مفعول)، فالجريح أبلغ من مجروح وأعم. فصيغة (فعيل) بمعنى (مفعول) لا تقال إلا لمن اتصف بالوصف ووقع عليه الفعل، ولا يقال لمن لم يقع عليه الفعل (2)، فلا يقال لمن لم يقتل: (قتيل) ولا لمن لم يجرح: (جريح)، بخلاف (مفعول) فإنها تقال لمن وقع عليه الفعل ولمن لم يقع عليه الفعل، وإنما هو متوقع وقوعه، فقد تقول لشخص: (أراك مقتولًا في هذه الرحلة) أي ستقتل. قال تعالى: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود: 103] وهو يوم القيامة ولم يقع بعد، فاستعمل (مجموع) و(مشهود) بمعنى أنه سيجمع فيه الناس ويشهدونه. وقال: {مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} ولم يقل: (ومنها هالك أو عاف) أو نحو ذلك، وإنما قال: (حصيد) أي حصده حاصد، بمعنى أن هناك ذاتًا حصدت هذه القرى كما يحصد الزرع، وهو ربنا سبحانه الذي أهلكها لأنها عصت أمر ربها وكذبت رسله. وقال: {مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} والمعنى (منها قائم ومنها حصيد) أي بعضها قائم وبعضها حصيد. وحذف (منها) الثانية لأنها معلومة ظاهرة المعنى. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 334 إلى ص 335. (1) روح المعاني 12/138. (2) انظر (معاني الأبنية في العربية) ص 58 وما بعدها.
  • ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴿١٠١﴾    [هود   آية:١٠١]
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هود: 101] في هذه الآية أمور بيانية دقيقة نذكر منها: 1- أنه قال: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ} ولم يقل: (فلم تغن) ذلك أن النفي بـ (ما) أكد؛ لأنه جواب لـ (لقد)" (1). و(لقد) جواب قسم مقدر، ويدل على ذلك الاستعمال القرآني في نحو هذا الاستعمال، فقد قال أصحاب الأعراف في الآخرة لأهل النار: {مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأعراف: 48] فنفى بـ (ما) وذلك لشدة الأمر وفظاعته.وقال في هلاك أصحاب الحجر: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الحجر: 83 - 84] وقال الذي أوتي كتابه بشماله: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة: 28] فنفى كل ذلك بـ (ما). في حين قال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25]. فنفى عدم الإغناء بـ (لم)؛ ذلك لأنه عدم إغناء موقوت بالمعركة،، ثم إن هؤلاء مسلمون وقد انتصر فيما بعد. فنفى عدم الإغناء الشديد البالغ بـ (ما)، والذي هو دونه نفاه بـ (لم). 2- قال: {آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ} ولم يقل: (اللاتي) وذلك للدلالة على الكثرة، فإن الوصف لغير العاقل بالمفرد يدل على الكثرة، فقولك: (أنها جارية) يدل على كثرة الأنهار، وهي أكثر من (أنهار جاريات). ونحوه (أشجار مثمرات) و(أشجار مثمرة). جاء في (روح المعاني): "قيل... إن (التي) في جمع غير عالم أكثر من (اللاتي)" (2). فهذه الآلهة على كثرتها لم تغن عنهم شيئًا. ثم إن هذه قيلت في أمم متعددة ولكل منها آلهة، فاختار (التي) لتدل على الكثرة في نحو هذا. 3- وقال: (يدعون) بالفعل المضارع وذلك "لحكاية الحال الماضية أو للدلالة على استمرار عبادتهم لها" (3). 4- وقال: {مِنْ شَيْءٍ} فجاء بـ (من) المؤكدة الدالة على الاستغراق، أي لم تغن أي شيء، على سبيل الاستغراق. وقوله: {مِنْ شَيْءٍ} يحتمل أن يكون المعنى نفي أي شيء من الإغناء أو أي شيء من الأشياء" (4). 5- قال: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} أي تخسير، فنفى بـ (ما) ولم ينف بـ (لم)، فلم يقل: (ولم يزيديهم) وذلك للتأكيد كما ذكرنا في نقطة سابقة. ألا ترى أنه قال في آية أخرى على لسان سيدنا نوح: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 5 - 6]. فنفى بـ (لم) فقال: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ} دون (ما)؛ وذلك لأن هذه الزيادة دون ما ذكره في سورة هود. فقد قال في سورة نوح إن دعاءه زادهم فرارًا. وما ذكره في سورة هود أن آلهتهم زادتهم هلاكًا وتخسيرًا. ولا شك أن الزيادة في هود كانت أشد وأفظع فنفى بـ (ما). 6- قال تعالى: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} والتتبيب هو التخسير، غير أنه لم يقل: (وما زادهم غير تخسير) كما قال في قصة سيدنا صالح، فقد قال على لسان سيدنا صالح: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود: 63]. وقال ههنا: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} ذلك أن التتبيب أشد من التخسير، فإنه تخسير وزيادة، ذلك أن معنى التتبيب: الهلاك والقطع والتخسير.فقد قيل: "إن مادة التباب تدور على التقطع وهو مؤد إلى الهلاك" (5). وذلك لأن المعصية التي ذكرت ههنا أكبر مما ورد على لسان نبي الله صالح، فإنها هنا في الكلام على الأمم التي كانت تعبد الآلهة من دون الله، وأما في قصة صالح فقد قال: {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ}، فذكر عموم المعصية، وهي ولا شك دون ما ذكره في الأمم الهالكة من عبادة غير الله، فإن المعصية قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة.فما ذكره في الأمم السابقة في من أكبر المعاصي وأعظمها. ولا شك أن العقوبة على قدر المعصية.فناسب ذكر التتبيب معها دون ذكر التخسير، فكان كل تعبير في موضعه أنسب. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 335 إلى ص 338. (1) انظر (معاني النحو) 4/128 وما بعدها. (2) روح المعاني 12/138. (3) روح المعاني 12/139. (4) انظر روح المعاني 12/139. (5) روح المعاني 30/260، وانظر القاموس المحيط (تب).
  • ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴿١٠٢﴾    [هود   آية:١٠٢]
{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ} [هود: 102 - 104] {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ} جاء بالواو فقال: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ} ليدل على أنه يفعل مثل ذلك أيضًا مع القرى إذا اتصفت بالظلم. ولم يقل: (كذلك أخذ ربك) من دون واو لئلا ينصرف الذهن إلى ما مضى من الأحداث دون ما يقع فيما بعد. وأضاف الأخذ إلى ربه ليدل على أن ربه هو الذي أخذ القرى الهالكة الظالمة، وهو الذي يفعل مثل ذلك إذا ظلم أهل القرى. وفي ذلك تهديد ووعيد عظيمان للظالمين، وأنه يستأصلهم مع قراهم التي يسكنوها، ولا تنفع الظالمين كثرتهم ومؤازرة بعضهم بعضًا، فإن ربك يأخذهم كلهم ولا يبقى منهم أحدًا. لقد قال: {إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} ولم يقل: (إن أخذ القرى) ليدل على أن ذلك واقع إذا وجد الظلم، فحيث وجد الظلم وعم القرى أخذهم ربنا. فإن (إذا) يؤتى بها في الأمور الكثيرة الوقوع أو المقطوع بحصولها، بخلاف (إن) فإنه قد يؤتى بها في المشكوك بوقوعه أو النادر أو المستحيل (1). وقال: {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} ليدل على أن ذلك واقع إذا كانت صفة الظلم ثابته فيها. {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} ذكر لأخذه صفتين: الألم والشدة. واجتماع هاتين الصفتين يبين هول أخذه سبحانه وعظمته، فإن كل صفة من هاتين الصفتين لها عظمها ورهبتها فكيف إذا اجتمعتا؟! وربنا قد يفرد كل صفة من هاتين بأمر فيقول: (عذاب أليم)، ويقول: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}، واجتماعهما يدل على عظم أخذه. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 338 إلى ص 339. (1) معاني النحو 4/80 وما بعدها.
إظهار النتائج من 10701 إلى 10710 من إجمالي 12316 نتيجة.