• ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ﴾ [النساء :١٣٥] مع ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾ [المائدة :٨]
• ما وجه التعبير بـقوله : ﴿ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ﴾ في موضع النساء، وبـــ ﴿ كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾ في موضع المائدة ؟
• قال الغرناطي : لـ " أن الآيات المتصلة بآية سورة النساء؛ مبنية على الأمر بالعدل والقسط، وأما آية المائدة : فثبت قبلها الأمر بالطهارة، ثم تذكيره سبحانه بتذكر نعمه، والوقوف مع ما عهد به إلى عباده، والأمر بتقواه؛ فناسبه قوله : ﴿ كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ ﴾ ثم أتبع بما بنى على ذلك من الشهادة بالقسط ".
• وقال ابن جماعة : لـ " أن الآية هنا : تقدمها نشوز الرجال، وإعراضهم عن النساء، والصلح على مال، وإصلاح حال الزوجين، والإحسان إليهن، وقوله تعالى : ﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء :١٢٩]، وقوله تعالى :﴿ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ﴾ [النساء :١٢٧]، وشبه ذلك؛ فناسب تقديم القسط، وهو العدل، أي : كونوا قوامين بالعدل بين الأزواج وغيرهن، واشهدوا لله، لا لمراعاة نفس أو قرابة، وآية المائدة : جاءت بعد أحكام تتعلق بالدين، والوفاء بالعهود والمواثيق، ولما تضمنته الآيات قبلها من أمر ونهي؛ فناسب تقديم : ﴿ لله ﴾ أي : كونوا قوامين بما أمرتم أو نهيتم لله، وإذا شهدتم فاشهدوا بالعدل لا بالهوى ".
• ﴿ إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ ﴾ [النساء :١٤٩] مع ﴿ إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ ﴾ [الأحزاب :٥٤]
• ما وجه التعبير بـــ ﴿ خَيْرًا ﴾ في موضع النساء، وبـــ ﴿ شَيْئًا ﴾ في موضع الأحزاب ؟
• قال ابن جماعة : لـ " أن ذكر الخير هنا؛ لمقابلة ذكر السوء في قوله تعالى : ﴿ لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ ﴾ [النساء :١٤٨] عند الجهر به، إلا من المظلوم بدعاء أو استنصار، ثم نبّه على ترك الجهر من المظلوم، إما بعدم المؤاخذة، أو العفو، وآية الأحزاب : في سياق علم الله تعالى بما في القلوب؛ لتقدم قوله تعالى : ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الأحزاب :٥١]، ولذلك قال : ﴿ شَيْئًا ﴾؛ لأنه أعم من الخاصة، والمراد : إن تبدو في أمر نساء النبي (ﷺ) شيئاً، أو تخفوه؛ تخويفاً لهم ".
• ﴿ إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء :١٤٩] مع ﴿ إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب :٥٤]
• ما الموجب لخلاف جواب الشرط في الآيتين، ففي الأولى : ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾، وفي الثانية : ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾؟
• قال الغرناطي : لـ " أن اختلاف جواب الشرط في الآيتين؛ إنما هو بحسب ما يستدعيه، فقوله تعالى في الأحزاب : ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ يبين الجوابية، لقوله تعالى : ﴿ إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ ﴾، وأما قوله في آية النساء : ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾؛ فمنزل على قوله : ﴿ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ ﴾ فندب سبحانه العباد إلى العفو بمفهوم هذا الكلام، بإعلامهم أن تلك سنة في خلقه، من عفوه عن المسيء مع القدرة على أخذه، والانتقام منه ".
• ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة :١١٩] ، ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة :١٠٠] ، ﴿ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة :٨]
• ما وجه اجتماع الرضا والتأبيد في آية المائدة، وآية براءة، وآية البينة ؟
• قال الغرناطي : " أما آية المائدة : فقد قال تعالى فيها : ﴿قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ﴾، وورد التصديق لعيسى (عليه السلام) فوسمهم فيها بالصدق، وهو أسنى حالات الإيمان، وقد قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة :١١٩]، فالصدق حال الأنبياء والرسل وأولي السوابق، وأما آية براءة ففيها : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ ﴾ سبقية هؤلاء رضوان الله عليهم وما عرف من حالهم، وأنهم صفوة المحسنين من هؤلاء الأمة، معلوم ملحق لهم بنمط الأعلين من الصادقين من أتباع الرسل، فلما كان المشار إليهم في الآيتين هم الأسوة والقدوة لمن سواهم؛ ناسب حالهم الإطناب، فذكر الرضا والتأبيد، ولم يقع في الآيات البواقي وصف يلحق أصحابه بهؤلاء، وإن شملهم الرضا والخلود في الجنة، وأما آية البريئة : فإنها على حكم مقتضى الترتيب الثابت آخر آية ذكر فيها حال المؤمنين في الجزاء الأخروي معقباً به ذكر جزاء من كان في طرف من حالهم من مستوجبي النار على التأييد؛ فكانت هذه الآية مظنة استيفاء للحال؛ فوردت ورود الآيتين قبلها ".
• ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة :١١٩] ، ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة :١٠٠] ، ﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطلاق :١١] ، ﴿ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة :٨]
• ما وجه تخصيص الآيات الأربع : آية المائدة ، وآية براءة، وآية الطلاق، وآية البريئة؛ بذكر التأبيد مع الخلود، فقيل : ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾، ولم يقع ذلك في غيرها ؟
• قال الغرناطي : " استدعاء هذه المواضع الأربعة ذكر ذلك، أما آية المائدة، و آية براءة؛ فلِما بُنيتا عليه من الإطناب، ولما حمل فيهما على جمع التأبيد والرضا، وأما آية الطلاق : فوجه ذكر التأبيد فيها ما تكرر في هذه السورة من ذكر غايات، بيّنها قوله تعالى : ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق :٣] فلما أشارت آي السور إلى غايات ونهايات؛ ناسب ذلك التعريف بأن خلود الجنة متأبد لا انتهاء له، ولم يجمع بينه وبين ذكر الرضا؛ إذ لم يجتمع لمن ذكر هنا ما اجتمع لأولئك الموصوفين في آية المائدة، وآية براءة، ولم يبلغوا مبلغهم، وأما آية البريئة: فإنها - كما تقدم - ختام حال الفريقين؛ فاقتضت الاستيفاء ".
{ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم } - القدر ٤
لماذا جاءت في هذا الموضع " تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ" بتاء واحدة،
وجاءت في مواضع أخرى " تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ " بتائين ؟
وفق قانون التعبير القرآني أنه يقتطع من الفعل إذا كان الحدث نادراً
فجاءت " تَنَزَّلُ "
والتشديد دلالة على استمرار نزول الملائكة ليلتها، إذ تتنزل أكثر من تنزل، وكثرتهم فيها ..
" بِإِذْنِ رَبِّهِم " :
عادة الملوك إذا أذنوا " أكرموا " ، والله أجل وأعلى وأكرم وأجود .