• ﴿ مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الشعراء :١٥٤] مع ﴿ وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الشعراء :١٨٦]
• ما وجه زيادة الواو، بقوله : ﴿ وَمَا أَنتَ ﴾ بالموضع الثاني، بقصة شعيب ؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن قولهم لصالح ﴿ مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ هو بدل من قولهم : ﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ﴾ [الشعراء :١٨٥]؛فلم يغلظوا له، ولا اقترحوا عليه آية، وقوم شعيب : في خطابهم؛ غِلَظٌ عليه وشَطَط، واقتراح ما اشتهوه من الآيات، فقولهم : ﴿ وَمَا ﴾ جملة ثانية معطوفة على ما قبلها، فعابوه بأنه من المسحَّرِين، وبأنه بشر مثلهم، وأنه من الكاذبين، واقترحوا الآية عليه؛ فناسب كلام صالح أوله، وأول كلام قوم شعيب وآخره ".
• ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [النمل : ٥٩ - ٦٤]
• ما وجه تعقيب كل موضع بما يختص به ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن الآية الأولى : لما نبهوا فيها، ذكّروا بما تشهد العقول بديهياً وتعترف بدلالته - إذ لا إشكال فيه - من أن السماوات والأرض تشهد بإحكام منعتها، وإتقان خلقها، وما أودع سبحانه فيها من العجائب، والآيات المشاهدة للعيان؛ فلبيان الأمر ما أعقبت هذه الآية الأولى، بقوله : ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ أي : أن الأمر غير خافٍ، ولكنهم يعدلون عنه.
ثم لما ذكروا بما هو أخفى، في قوله تعالى: ﴿أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا﴾؛ فإن تمهيد الأرض للسكنى، وتفجير الأنهار خلالها، وحجز ما بين العذْب والمالح من مياهها، ليس مما ظهور الاعتبار به، وليس بيانه في الجلاء والوضوح كخلق السماوات، والأرض، وإنزال الماء إلى ما في الآية، فلما كان التذكير بما في الآية الثانية أخفى؛ أُعقب هذا، بقوله : ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
ثم تدرج الاعتبار إلى ما هو أخفى، فقيل : ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ﴾ وخفاء الاعتبار بهذا واضح، ولا يحصل عليه إلا من أمعن النظر فيما تقدم قبله، فأُعقب هذا؛ لخفائه، بقوله : ﴿ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾.
ثم أعقب بما لا يمكن أن يتعاطاه أحد، مع وضوح الأمر عند تدبره، وهو قوله تعالى : ﴿ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾ ذلك مما لا يتصور فيه من العاقل التسليم؛ فأعقب بحسب ذلك، والتفات ما قبله، بقوله : ﴿ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
ثم ختم ما قدم من هذه المعتبرات الجليلة، بما لا يحصل الاعتبار إلا بعد إحكام النظر فيما قبله، والاعتراف بما يجب لله سبحانه من الاتّصاف بالعلم والقدرة؛ فلما كمل ذكر ما به يحصل الاعتراف والإيمان، ويستوضح منه أنه سبحانه المنفرد بالخلق والأمر، والمالك للدارين؛ أعقب بطلب المعاند بالبرهان على ما يدعيه، فقيل : ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ".
• ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص :٢٠] مع ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس :٢٠]
• ما وجه تقديم، قوله : ﴿ رَجُلٌ ﴾ بموضع القصص، وتأخيره بموضع يس ؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن الرجل هنا : قصد نصح موسى (عليه السلام) وحده لما وجده، والرجل في يس : قصد من أقصى القرية، نصح الرسل، ونصح قومه، فكان أشد وأسرع داعية؛ فلذلك قدم قاصداً ﴿ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾؛ لأنه ظاهر صريح في قصده ذلك من أقصى المدينة ".
• ﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [العنكبوت :٢٢] مع ﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [الشورى :٣١]
• ما وجه زيادة، قوله : ( وَلَا فِي السَّمَاءِ ) بموضع العنكبوت ؟
• قال ابن جماعة : لــ "أن الخطاب هنا : لقوم إبراهيم (عليه السلام)، ومن في زمانهم من الكفار، ومنهم نمرود الذي كان يعتقد أنه يصعد إلى السماء، فقال تعالى : ( وَلَا فِي السَّمَاءِ ) للذين يعتقدون القدرة على صعودها، وفي (حم عسق) : الخطاب للمؤمنين، والمؤمنون لا يعتقدون القدرة على ذلك؛ فناسب ترك ذكره ".