• ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء :٩١] مع ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم :١٢]
• ما وجه التعبير بالتأنيث، بقوله : ( فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا ) بموضع الأنبياء، وبالتذكير، بقوله : ( فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ) بموضع التحريم ؟
• قال الكرماني : " لأن المقصود في هذه السورة : ذكرها وما آل إليه أمرها حتى ظهر فيها ابنها، وصارت هي وابنها آية؛ وذلك لا يكون إلا بالنفخ في حملها، وتحملها والاستمرار على ذلك إلى ولادتها؛ فلهذا اختصت بالتأنيث، وما في التحريم : مقصور على ذكر إحصانها، وتصديقها بكلمات ربها، وكأن النفخ أصاب فرجها وهو مذكر، والمراد به: فرج الجيب أو غيره؛ فخصت بالتذكير ".
• ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء :٩١] مع ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم :١٢]
• ما وجه التعبير، بقوله : ( وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ) بموضع الأنبياء، وبقوله : ( وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) بموضع التحريم ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن آية الأنبياء : وردت منسوقة على آيات تضمنت ذكر جملة من الرسل، موصوفين بخصائص علية، وآيات نبوية، أولهم إبراهيم (عليه السلام)، ثم ابنه إسحاق، ثم ابنه يعقوب، ثم نوح ولوط وداود وسليمان وأيوب وإسماعيل وإدريس وذو الكفل وذو النون وزكرياء، فلما ذكر هؤلاء العلية (عليهم السلام) بخصائص ومِنَح؛ ناسب ذلك ذكر مريم وابنها بما مُنحا (عليهما السلام)، وأما آية التحريم : فمقصود فيها ذكر عظيمتين جليلتين، يُبيِّن بهما حكم سبقية القدر بالإيمان والكفر، وهما قضية امرأتي نوح ولوط، وإن انضواءهما إلى هذين النبيين الكريمين (عليهما السلام) انضواء الزوجية التي لا أقرب منها، ومع ذلك لم يغنيا عنهما من الله شيئاً، وقصة امرأة فرعون، وقد انضوت إلى أكفر كافر، فلم يضرها كفره، ثم ذكرت مريم (عليها السلام) للالتقاء في الاختصاص، وسبقية السعادة، ولم يدِّع داعٍ إلى ذكر ابنها، فلا وجه لذكره هنا، وأما آية الأنبياء : فلذكره هناك أوضح حامل، فجاء كل على ما يجب، ولا يمكن فيه عكس الوارد، والله أعلم ".
• ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنبياء :٩٣] مع ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ﴾ [المؤمنون :٥٣]
• ما وجه التعبير بالواو، بقوله : ( وَتَقَطَّعُوا ) بموضع الأنبياء، وبالفاء، بقوله : ( فَتَقَطَّعُوا ) بموضع المؤمنون ؟
• قال الغرناطي : " وأما (الواو)، و(الفاء)؛ فلأن ما قبل (الواو) لا يتعلق بما بعدها، وما قبل (الفاء) متعلق بما بعدها؛ لأن ذكر الرسل يقتضي التبليغ، ولم يسمعوا، فكأنه قيل : بلغهم الرسل دين الحق، فتقطعوا أمرهم، ولذلك قيل هنا : ( كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ )، وفي المؤمنين : ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) أي : من الخلاف بينهم فرحون".
• ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنبياء :٩٣] مع ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ﴾ [المؤمنون :٥٣]
• ما وجه زيادة، قوله : ( زُبُرًا ) بموضع المؤمنون ؟
• قال الغرناطي : لـ " أن قوله في آية المؤمنون : ( زُبُرًا )؛تأكيد لافتراقهم، وانتصابه على الحال الواردة بياناً وتأكيداً لقبح تفرقهم، وشنيع مرتكبيهم؛ فناسب ذلك مقصود هذه الآية هنا من التخويف والإنذار، ولم يكن ليناسب آية الأنبياء؛ لبنائها على غير ما قصد هنا، لما تقدمها من تأنيس نبينا (ﷺ)، وتعريفه بما منح سبحانه متقدمي الرسل، وما أعقبهم صبرهم على أممهم ".
• ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا ﴾ [الحج :٢٢] مع ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا ﴾ [السجدة :٢٠]
• ما وجه زيادة، قوله : ﴿ مِنْ غَمٍّ ﴾ بموضع الحج ؟
• قال ابن جماعة : " لما تقدم تفاصيل أنواع العذاب؛ ناسب قوله : ﴿ مِنْ غَمٍّ ﴾ أي : من الغموم المذكورة، وهي ثبات أهل النار، وصبّ الحميم في رؤوسهم إلى آخره، ولم يذكر في السجدة سوى ﴿ فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾ ؛ فناسب سقوط ﴿ مِنْ غَمٍّ ﴾ واقتصر على ﴿ مِنْهَا ﴾؛ ولذلك وصف أنواع نعيم الجنة؛ لمقابلة ذكر أنواع عذاب النار، واقتصر في السجدة فيه كما يقتصر فيها على مقابله ".
• ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ﴾ [الحج :٤٥] مع ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [الحج :٤٨]
• ما الفرق الموجب للاختلاف في تعبير الآيتين ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن الآية الأولى : تنزلت على ما ذكر قبلها ممن أهلك من القرون والأمم السالفة؛ بتكذيبهم للرسل،وأما الآية الثانية : فوقع قبلها ذكر استعجالهم العذاب تكذيباً واستبعاداً؛ فناسب : ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾؛ فوضح ما بين الآيتين، وأنه لا يمكن على ما تمهد وقوع واحدة منهما في موضع الأخرى، والله أعلم ".
• وقال ابن جماعة : " ولما قال قبل الأولى : ﴿ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [الحج :٤٤] ثم أغنى ذكر الإملاء فيما بعد؛ ولأن الإهلاك إنما هو كان بعد الإملاء المذكور، ولما تقدم في الثانية : ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ﴾ [الحج :٤٧]؛ ﴿ أَمْلَيْتُ لَهَا ﴾ أي : لم أعجل عليهم عند استعجالهم العذاب ".
• ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحج :٥٠] مع ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الحج :٥٦]
• ما وجه تعقيب كل موضع بما يختص به ؟
• قال الإسكافي : لــ " أن الأول : خبر عن حال القوم في الدنيا : ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [الحج :٤٩]، ثم قال : ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ وُعدوا بالغفران والرزق الكريم، ولم يجز هنا أن يقال : هم في جنات النعيم، إلا على ضرب من المجاز أنهم مستحقون لها، فكأنهم فيها، وليس كذلك الآية الأخيرة؛ لأنها خبر عن الحال في الآخرة؛ لقوله : ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ أي : يوم القيامة يكونون في دار الثواب، فلما اختلف المقتضِيان؛ اختلف المقتضَيان، فذكر كل واحد في المكان الذي لاق به ".