سورة سبأ مكيّة :
- ولا يعرف لها سوى هذا الاسم ، وسميت بهذا ؛ لأنها تكلمت عن مملكة سبأ وما حلَّ بها من دمار بعد كفرهم بنعمة الله ، فأهلكهم الله ومزّقهم شر ممزق وجعلهم أحاديث عظة وعبرة لغيرهم .
- وهذا درس وجهته السورة لكفار مكة ألا يسلكوا طريقهم .
( الحمدُ للهِ الذي له ما في السماوات وما في الأرض )
( ما في السموات والأرض ) ، ( من في السموات ومن في الأرض ) ، ( من في السموات والارض )
هذه مسألة إعادة اسم الموصول ( ما ، من ) في القرآن الكريم ، وذلك في ثلاثة مواطن هي :
- أن ينص السياق على كل من في السموات ومن في الأرض ، عندها يعاد اسم الموصول ، كقوله تعالى :
( .. ففزع من في السموات ومن في الأرض... )
(..فصعق من في السموات ومن في الأرض...)
( ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض...)
الجميع فزع وصعق وسجد ، فأعيد اسم الموصول .
- إذا كان السياق يبين إحاطة علم الله بكل شيء ، وأنه لا يغيب ولا يندّ عن علمه غائبة ، كقوله تعالى :
( قل إن تخفوا ما في صدوركم يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض .. )
( لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم ..)
- إذا كان الخطاب بعد الآية موجهًا لأهل الأرض مباشرة :
( سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم * هو الذي أخرج الذين كفروا.. )
( سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم * يا أيها الذين آمنوا لم تقولون.. )
( ولا أصغرُ من ذلك ولا أكبرُ ) سبأ
( ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ ) يونس
- النفي مختلف بين الآيتين :
- ( لا ) في سبأ، هي لا النافية .
- ( لا ) في يونس ، هي لا النافية للجنس .
و نفيها أقوى ؛ لأنه نفي استغراق
ذلك أن السياق فيها يتحدث عن إحاطة علم الله
- بخلاف ما في سبأ فالنفي نفي وقوع من عدمه .
( أو نسقط عليهم كِسَفًا ) سبأ :
- الكسف : التغطية ، ومنه كسوف الشمس .
- كِسَفًا : بكسر الكاف وفتح السين هي جمع قطعة ، قال ابن جرير رحمه الله تعالى : قطعًا .
( وإن يروا كِسْفا من السماء ) الطور :
- كِسْفًا : بكسر الكاف وسكون السين مفرد ، قال السمعاني : قطعة من السماء .
والمراد به العذاب في الآيتين .
( بما تعملون بصير ) ( بصير بما تعملون )
- التقديم والتأخير ظاهرة قرآنية ماثلة للمتدبر، القرآن الكريم يقدم ما له العناية والأهمية .
- في الأولى قُدم ( تعملون ) في الثانية قدم ( بصير )
السياق القرآني هو الحاكم في هذه الأساليب
- إذا كان السياق يتحدث عن العمل قدم ( يعملون ) مثلا قوله تعالى ( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله ... ) هذا عمل ، قال بعدها ( والله بما تعملون بصير )
- ومثله ( لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض ... ) هذا عمل ، قال بعدها ( والله بما تعملون بصير)
- وإذا كان السياق يتحدث عن الله جلّ شأنه قدم ( بصير )
- كقوله تعالى ( إن الله يعلم غيب السموات والأرض ) وجاء قبل الآية ( قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الأرض ) فلما كان الحديث عن الله تعالى قال بعدها ( والله بصير بما تعملون )
وهي آية وحيدة بهذا اللفظ .
( ولكن أكثرهم لا يعلمون )
( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
- ( أكثر الناس ) إضافة للاسم الظاهر ، ( أكثرهم ) إضافة للضمير المضمر
- والقاعدة اللغوية :
الإضافة للظاهر أوسع وأعم من الإضافة للمضمر وهذه قاعدة قرآنية مطّردة عامّة .
- فقوله ( أكثر الناس ) في سياق سنن الله التي يجريها في الكون فأكثر الناس لا يعلمها ولا يدركها ولا يؤمن بها أصلا .
- وقوله ( أكثرهم ) في مسألة يتحدث عنها السياق تخص عدداً قليلاً وهذه الآية مثلا في مسألة رضاعة موسى عليه السلام ورجوعه لأمه وتحقيق وعد الله تعالى .
( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) (سبأ : 36 )
- هذا عام غير مخصص لأحد
( الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر ) القصص
- في سياق قارون وسع الله عليه بالمال .
( الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ) العنكبوت
- جاء بعد استغرق كامل لكل من في السماوات والأرض ( وكأين من دابة )
( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ) ( سبأ : 39)
- في سياق مملكة سبأ التي وسع الله عليهم ولما كفروا أهلكهم .
( فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعًا ولا ضرًا )
- جاء تقديم الضّر تسع مرات .
- وجاء تقديم النفع ثماني مرات في القرآن الكريم .
- فحيث قدم الضر فإن السياق يتحدث عن مضارّ تعود على الإنسان في الدنيا والآخرة .
وحيث قدم النفع فإن السياق يتحدث عن منافع تعود على الإنسان في الدنيا والآخرة
( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ) في جميع القرآن
( وإذا تتلى عليهم آياتنا ) الأنفال
- آية الأنفال الوحيدة في القرآن التي خلت من ( بينات )
جاءت في سياق عجلة من الكفار ألا ترى قولهم ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق ... )
فلم يتركوا مجالا للآيات تبيّن بخلاف غيرها .
( إن هو إلا نذير لكم )
- قدم ( نذير ) لأن رسالة النبي عليه الصلاة عامّة للثقلين فليست خاصة بأحد.
- في الحج : ( إنما أنا لكم نذير ) عناية بقومه عليه الصلاة والسلام .
- في حين في سورة نوح وهود ( لكم نذير ) قدم ( لكم ) للاختصاص لأن رسالة الرسل خاصة بأقوامهم دون غيرهم .