لما دعا زكرياء: ﴿ربّ لا تذرني فردا﴾
قال بعدها ﴿وأنت خير الوارثين﴾
كأنه قالَ: إنْ لَم تَرْزُقني ولَدا يَرثُني فأنت خير وارثٍ؛ فَحَسبي أنتَ
وهو معنى لطيف في أدب الدعاء.
﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾
يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
أوصيكم بتقوى الله
وأن تُثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبةَ بالرهبة، وتجمعوا الإلحافَ بالمسألة؛ فإن الله عزَّ وجلَّ أثنى على زكريا وأهل بيته.
من خلى من الذّكر لازمه الشيطان ملازمة الظل، والله يقول :
﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
ولا يستطيع العبد أن يحرز نفسه من الشيطان إلاّ بذكر الله تعالى.
﴿وَمَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض لَهُ شيطانا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾
إن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها، ووكله إلى نفسه فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم
فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره.
{وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ}
المجتمع المسلم مجتمعٌ متراحم يحضُ بعضه بعضاً، ويتواصون فيما يقربهم إلى الله :
من سد حاجات الفقراء والمساكين، وتفريج كربات إخوانهم، ومن لم يستطع ذلك حَرَّض وشجَّع غيره.
{كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}
تلبية حاجة اليتيم للإكرام والتقدير عبادةٌ عظيمة، لذلك استنكر الله عدم تحقيقها، وأوردها في معرض الذم لتارك فعلها.