﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ﴾
وترى المتجبَّر العــاصي يغترُّ بقوّته ويســأل:
لماذا لم يعاقبني الله ؟!
أيّها الجاهل:وأيُّ عقوبة أقسى مما أنتَ فيه؟!
تمرُّ بكَ الجنازة فلا تعتبرّ،
وتسمعُ بالآية تتحدثُ عن الموت فــلا تتعظ،
وترى المسكين فلا يرقَّ لكَ قلبه،
ثم ما زلتَ تسأل:أين العقــاب؟!
عقاب أقسى من أن يكون قلب المرء مقبرة؟!
كان ابن القيّم يقول:
ماضُربَ عبدٌ بعقوبةٍ أكبر من قسوة القلب!
﴿ وَلَاتَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ لَآإِلَٰهَ إِلَّاهُوَۚ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾
كل القصص تنتهي..
الكل يرحلون، ولا يبقى إلا هو عز وجل.
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا﴾
كل الأسباب كانت تقفُ في وجه زكريا عليه السَّلام،
هــو يريــدُ ابناً. وكل الطُــرق مغلقـــة،
وهن عظمه، واشتعل رأسه شيباً، وامرأته عــاقر!
فمن أين يأتي الولدُ وقد اجتمعت كل هذه السدود؟!
ولكن زكريا عليه السلام كان يعلمُ أنَّ الله قــادر،
فلما أفرغَ قلبه من التعلق بالأسبــاب،
ولما رآها لا شيء أمام قدرة الله سبحانه، وعلَّقَ قلبه
بربه وحده جاءه النداء الجميل:
﴿يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ﴾
من عامل الله باليقين، سخَّر الله له المعجزات!
﴿يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي﴾
هذه أُمنيـة أهل القبور:
"يا ليتنـي قدمتُ لحياتي"
وليس يا ليتنـي قدمتُ في حياتي!
لأنّ حياتنا الحقيقـة لم تبـدأ بعـد،
فإمّا روضة من رياض الجنة وإمّا حفرة من حفر النار!
فإذا كان العملُ الصّالح أمنية أهل القبور،
فــأنتَ في الأمنيـــة الآن، فــاعمل!
وقف الحسن البصري يوماً على قبر يُدفن فيه ميت،
فقال لمن حوله: ما تراه يتمنى الآن؟
فقالوا أن يرجــعَ، فيعـمل صالحـاً.
فقال لهم: أنتم الآن في الأمنية، فاعملوا!
﴿ مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾
الملائكة لا يكتبون فقط ما تقوله شفاهاً للناس،
وإنما يكتبون ما تقوله في مواقع التواصل أيضاً،
الكلمة الطيبة في صحيفة الحسنـات،
والكلمة الخبيثة في صحيفة السيئـات،
وكل ما تكتبه هناك سيبقـى بعد موتكَ،
فإن لم يكن لكَ في منشوراتك صدقة جارية،
فعلى الأقـل لا تتـرك خلفكَ سيئة جـارية!
﴿ وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ ﴾
القلوب تزيغ، والمثبَت الله!
فمهما بلغ الإيمان في قلبك، لا تتوقّف عن سؤال الثبات.
وكان أكثرُ دعاء النبي ﷺ:
اللّهم يا مقلّبَ القلوب ثبّت قلبي على دينك!
هــذا، وهو نبـيّ الأمّـة، وأفضـل الخلــق!
لولا تثبيت الله لقلوب عباده، لَلعبَت بهم الشياطين، ولما قام أحدٌ منهم بأمر الله.
﴿ قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ﴾
قالها يعقوب عليه السّلام بعدما
فقَــدَ ابنَــه…
وفقَدَ بصرَه…
فأعاد الله إليه ابنَه وبصرَه!
فمـن أراد أن يشكــو،
فليكن الله وجهَـتَـه!
﴿ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌ ﴾
اصبر يـا صـاحبي ،
الزم مصحفك ، وحافض على صلاتك ،
احتسب وجعــك ،
فما هو إلا قدر الله ،
ومــا الدنيـا إلا امتحـــان سينتهي،
ومحطه عبور سنجتازها نهاية المطاف ،
وكُن على يقين ،
أننا سنجلسُ يوماً في ضلّ شجرة في الجنة ،
نضحــــك على كــلّ هـــراًء الدّنيـــا!
﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾
سارعوا،لأن الموت لا ينتظر !
غداً أتوب، غداً أضع برنامجاً للقراءة ، وغداً أتبعُ حمية غذائية..
يأتي الغـــد ، ولا ننفّــذ شيـئاً ممـا نوينــاه !
أما عن طول الأمل، فكلنا نعتقد أن الموت بعيد!
بالمناسبة، هذا ما كان يعتقده الذين ماتوا منذ دقيقة!
سارعوا لأن تأخر لحظات قد يكلفــك عمراً كاملاً،
والشيء بالشيء يُذكر.