س: تقول السائلة: ما تفسير قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وضحوا لنا ذلك توضيحًا كاملاً ؟
ج: معناه أن الصائم يمسك عن المفطرات إلى غروب الشمس ، هذا معنى أتموا الصيام إلى الليل، يعني أمسكوا عن المفطرات: من طعام أو شراب وغيرهما، إلى غروب الشمس وإذا كان غيمًا فإذا غلبه الظن، إذا غلب على الظن غروب الشمس، بسبب الساعات أو غيرها كفى ذلك والحمد لله .
س: تقول السائلة: من هم المحسنون الذين ورد ذكرهم في كثير من الآيات القرآنية وهل المعنى واحد؟
ج: يقول الله سبحانه وتعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ويقول جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فالإحسان هو أداء الواجبات وترك المحرمات ، والاجتهاد في أنواع الخير زيادة على ذلك من الصدقة على الفقير ومواساة المحتاج والإعانة على الخير، وعيادة المريض والشفاعة في حق المظلوم ونصره وردع الظالم، وتشميت العاطس، ورد السلام ، والبداءة بالسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير، وهكذا أهل الإحسان هم الذين يؤدون الواجبات وينتهون عن المحرمات ومع ذلك يجتهدون في وجوه الخير وأعمال الخير التي لا تجب عليهم، ويجتهدون فيها حتى يستقوا منها الخير الكثير، كما في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الإحسان قال: أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإنِْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإنَِّهُ يَرَاكَ فالمحسن يعبد الله كأنه يراه، كأنه يشاهده ، فإن لم يستحضر هذه الدرجة عمل على أن الله يراقبه وأن الله سبحانه وتعالى يطّلع على أعماله وهو يستحضر هذه المشاهدة، حتى يكون ذلك أشجع له على فعل الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والكفّ عن المحرمات والعناية بالواجبات، هكذا المحسن يحرص على كل خير من واجب ومستحب ويتباعد عن كل شر وعن كل ما ينبغي تركه ولو كان غير محرم.
س: ما تفسير قول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ الآية؟
ج: الآية على ظاهرها، من دخل في الحج أو العمرة يلزمه الإتمام وإن كانت نافلة، فإذا أحرم الرجل أو المرأة في الحج أو في العمرة فإنه يلزمهما الإتمام؛ لقوله سبحانه: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ، بخلاف النوافل الأخرى لا يلزمه، لو شرع في صلاة نافلة فله أن يقطعها أو في صوم نافلة، فله أن يقطعه، لكن الحج خاصة والعمرة، من شرع فيهما فعليه الإتمام من الرجل والمرأة ولو الحج نافلة أو العمرة نافلة، متى شرع فيهما أو في أحدهما وجب الإتمام.
أما بقية تفسير الآية فظاهر: يعني إذا لم يستطع الإتمام: أحصر بأن ذهبت نفقته، أو مرض لا يستطيع، يذبح، ينحر هدياً، شاة أو بدنة أو
يشترك بسبع بقرة ثم يحلق رأسه أو يقصر ويحل، مثل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لمّا وصل الحديبية ومنعه الكفار، أمر بالنحر والحلق، نحر هديه ثم حلق وتحلل هذا معنى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فإن أحصرتم عن الحج أو منعتم من العمرة فانحروا ما تيسر من الهدي، يذبح شاة أو سبع بدنَة أو بقرة ثم يحلق رأسه ويقصر ويحل، وإن كان حج الفريضة يقضي بعد حين، فإن كان قد حج فالحمد لله، وإن كان هذا حج الفريضة، أو عمرة الفريضة يأتي بها إذا تيسر بعد ذلك.
وإذا كانت نافلة وحصر انتهت وما عليه قضاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر من أحصر أن يقضوا كما في عمرة الحديبية ، ما أمرهم أن يقضوا .
س: قال الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ما معنى اللغو في الأيمان جزاكم الله خيراً؟
ج: الآية واضحة، يقول سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وفي الآية الأخرى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ كسب القلوب نيّتها وقصدها، من كسب القلوب الإيمان بالله والمحبة لله والخوف من الله والرجاء منه سبحانه وتعالى، كل هذا من كسب القلوب، وهكذا نية الحالف يعني قصده باليمين، إقباله عليها، هذا من كسب القلوب، أما اللغو، كونه يتكلم باليمين من غير قصد، جرت على لسانه من غير قصد، والله ما أقوم، والله ما أتكلم والله ما أذهب إلى كذا، بمعنى واحد ما تعمدها، جرت على لسانه، لكن من غير قصد، يعني من غير قصد عقد اليمين على هذا الشيء، كل ذلك
عدم قصد القلب، أنه يفعل هذا الشيء، هذا هو لغو اليمين، قول الرجل لا والله وبلى والله كما جاء عن أم أنس وغيرها رضي الله عنهم جميعاً، أما إذا نوى بقلبه وقصدها، لا والله ما أكلم فلاناً، قاصداً بقلبه أنه ما يكلمه، والله ما أزوره أو والله ما أفعل كذا أو أشرب الدخان والله ما أشرب الخمر، هذا عليه كفارة يمين، إذا نقض يمينه عليه كفارة يمين وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز عن الثلاث صام ثلاثة أيام في قوله عز وجل: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ الآية في سورة المائدة والمقصود أن الأيمان اللاغية هي التي لا تُقْصَد، تجري على اللسان بغير قصد، هذا يسمَّى لغو اليمين وليست بيمين منعقدة، وليست من كسب القلوب، أما إذا عقدها قاصداً لها بقلبه، هذا من كسب القلوب وهذا من تعقيد الأيمان، فعلى صاحب هذه اليمين إذا خالفها أن يكفر كفارة اليمين، كما تقدم فإذا قال: والله لا أكلم فلاناً، قاصداً ثم كلمه
عليه كفارة يمين، والله لا أزوره ثم زاره عليه كفارة يمين، والله لا أسافر إلى كذا ثم سافر عليه كفارة اليمين، بخلاف إذا مر على لسانه اليمين، من غير قصد، ما تعمده ولا قصده .
س: ما تفسير قول الحق تبارك وتعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ج: الآية في الإيلاء والإيلاء: اليمين، يؤلون يعني يحلفون لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ يحلفون من نسائهم ألاّ يطؤوهن فوق أربعة أشهر فإذا قال والله لا أطؤكِ خمسة أشهر أو ستة، فإنه يوقف بعد مرور أربعة أشهر، له التربص أربعة أشهر فقط، فإن فاء: رجع ووطئها فالحمد لله وعليه كفارة اليمين، وإن لم يرجع وطلبت إيقافه فالحاكم الشرعي يوقفه، ويقول له: إما أن تفيئ وإما أن تطلق حسب طلبها وإن سمحت وتركته إلى أن يتمم يمينه فلا بأس، فإذا قال: والله لا أطؤك خمسة أشهر أو ستة أشهر، أكثر من أربعة أشهر، في يدها الخيار إن صبرت فلا بأس
ولا كفارة عليه، وإن لم تصبر فلها أن تطالب بأن يفيء بعد أربعة أشهر، يعني بأن يطأها فإذا وطئها كفر عن يمينه؛ لأنه وطئها قبل أن تتم المدة وعليه كفارة يمين .
س: تقول السائلة أ. ح. من مصر : أستفسر عن الآية الكريمة: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ كيف ذلك في حالة من أراد أن يتم الرضاعة بدون أن يحدث الحمل، أرجو الإفادة بذلك؛ لأن هذه المسألة مهمة جدّاً في حياتي؛ لظروفي الصعبة جدّاً في حالة الإنجاب المستمر، جزاكم الله خيراً؟
ج: على المرأة والرجل التعاون في هذا الأمر فهي ترضع حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، أما إذا اتفقت مع الزوج في عدم الإتمام وأن يقطعاه ويفصلاه ويعطياه اللبن الخارجي ويعطياه ما يقوم مقام الرضاع فلا بأس إذا اتفقا لقوله سبحانه وتعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا إذا اتفقا على فصله وعدم إرضاعه بعد سنة أو بعد أشهر، فلا حرج في ذلك ويغذيانه بأشياء أُخرى، أما إذا توافقا وتراجعا على الاستمرار فإنها ترضع حولين كاملين وللزوج أن يعزل عنها حتى لا تحمل أو تأخذ الحبوب حتى لا تحمل وقت الرضاع، لا حرج إذا كانت لا يضرها الحبوب، وإن فطماه واتفقا على فطامه لسنة أو أقل من سنة وغذياه بغير ذلك فلا بأس ، الحمد لله، الأمر واسع، الحمد لله .
س: قال الله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ الآية، هل هذا خاص بالمطلقة أم هو عام وما حكم من أرضعت طفلها أكثر من عامين؟
ج: هذا عام الآية عامة للطفل الذي طُلِّقتْ أُمه والطفل الذي لم تطلق أمه، الآية عامة، المدة حولان، قال تعالى: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا الفصال، مدة الرضاع أربعة وعشرون شهراً، ومدة الحمل ستة أشهر، هذا أقل مدة للحمل ، وقال تعالى: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا فدل ذلك على أن الرضاع سنتان، للمطلقة وغير المطلقة، وهذا إذا أحب الوالدان، أما إذا تراضيا أن يفطما قبل الحولين فلا بأس بذلك، ليسقى من لبن الحيوانات لقوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا الفصال، الفطام فإن أرادا فصالاً يعني فطاماً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما، إذا اتفق الأبوان وهما الزوجان أن يفطما على سنة، أو سنة وأشهر أو أقل أو أكثر؛ لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس، فإن لم يتفقا فإنه يرضع سنتين، ولا يزاد على سنتين إلا في حاجة، إذا كان هناك حاجة للزيادة فلا بأس ، مثل كونه ما يشتهي الطعام فلا بأس أن تزيده على الحولين حتى يشتهي الطعام، وحتى يتغذى على الطعام ولا حرج في ذلك.
س: ما هو تفصيل كلمة بالمعروف؟
ج: يقول سبحانه وتعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ يعني المتعارف بين الناس؛ لأنه يختلف عرف الناس في المغرب عن عرف الناس في المشرق، عرف الناس مثلاً في الجزائر غير عُرْفهم في الرياض ، عرفهم في الرياض غير عرفهم في دمشق ، وهكذا يرجع فيه إلى المتعارف فيه بين الناس في بلادهم ، والحاكم يقدرها عند التنازع، وإن اصطلحوا ولم يحتاجوا إلى القاضي فالحمد لله .
قال ابن جرير في [تفسيره] :
يعني جل ثناؤه بذلك : إن تبتم فتركتم أكل الربا وأنبتم إلى الله عز وجل فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ من الديون التي لكم على الناس دون الزيادة التي أحدثتموها على ذلك ربا منكم ، كما حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ والمال الذي لهم على ظهور الرجال جعل لهم رؤوس أموالهم حين نزلت هذه الآية ، فأما الربح والفضل فليس لهم ، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئا .
حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك قال : وضع الله الربا وجعل لهم رؤوس أموالهم .
حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله : وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ قال : ما كان لهم من دين فجعل لهم أن يأخذوا رؤوس أموالهم ولا يزدادوا عليه شيئا .
حدثني موسى بن هارون : قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ الذي أسلفتم وسقط الربا .
حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة ذكر لنا : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم الفتح : ألا إن ربا الجاهلية موضوع كله ، وأول ربا أبتدئ به ربا العباس بن عبد المطلب .
حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته : إن كل ربا موضوع ، وأول ربا يوضع ربا العباس .
القول في تأويل قوله : لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ يعني بقوله : لاَ تَظْلِمُونَ بأخذكم رؤوس أموالكم التي كانت لكـم قبل الإرباء على غرمائكم منهم دون أرباحها التي زدتموها ربا على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم ، فتأخـذوا منهم ما ليس لكم أخـذه ، أو لم يكـن لكـم قبل وَلاَ تُظْلَمُونَ يقول : ولا الغريم الذي يعطيكم ذلك دون الربا الذي كنتم ألزمتموه من أجل الزيادة في الأجل يبخسكم حقا لكم عليه فيمنعكموه ؛ لأن ما زاد على رؤوس أموالكم لم يكن حقا لكم عليه ، فيكون بمنعه إياكم ذلك ظالما لكم ، وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن عباس يقول وغيره من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ فتنقصون .
وحدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله تعالى : فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ قال : لا تنقصون من أموالكم ، ولا تأخذون باطلا لا يحل لكم .
وقال القرطبي في [تفسيره] :
روى أبو داود عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع ، لكم رؤوس أموالكم ، لا تظلمون ولا تظلمون وذكر الحديث ، فردهم تعالى مع التوبة إلى رؤوس أموالهم ، وقال لهم : لاَ تَظْلِمُونَ في أخذ الربا ، وَلاَ تُظْلَمُونَ في أن يتمسك بشيء من رؤوس أموالكم فتذهب أموالكم .
ويحتمل أن يكون وَلاَ تُظْلَمُونَ في مطل ؛ لأن مطل الغني ظلم ، فالمعنى : أنه يكون القضاء مع وضع الربا ، وهكذا سنة الصلح ، وهذا أشبه شيء بالصلح ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشار إلى كعب بن مالك في دين ابن أبي حدرد بوضع الشطر ، فقال كعب : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للآخر : قم فاقضه فتلقى العلماء أمره بالقضاء سنة في المصالحات .