عرض وقفات أسرار بلاغية

  • ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣﴾    [المائدة   آية:١٣]
قوله تعالى: (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ. .) الآية. وقال بعده (يُحرِّفون الكَلِمَ مِنْ بعدِ مواضعِهِ) لأن الأول في أوائل اليهود، والثاني فيمن كانوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي حرَّفوها بعد أن وضعها الله مواضعها، وعرفوها وعملوا بها زماناً.
  • ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١٤﴾    [المائدة   آية:١٤]
قوله تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ. .) الآية. إن قلتَ: لمَ قال ذلك ولم يقل: ومن النَّصَارى. قلتُ: إنما قاله توبيخاً لهم، لأنهم كانوا كاذبين في دعواهم أنهم نصارى، ادِّعاءً منهم لنصرة اللَّهِ بعدما اختلفوا " نسطورية " و " يعقوبيّة " و " ملكانيَّة " أنصار الشياطين.
  • ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴿١٥﴾    [المائدة   آية:١٥]
قوله تعالى: (يَا أهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لكُمْ كثِيراً ممَّا كنْتُمْ تُخْفونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كثِيرٍ. .) الآية. إن قلتَ: لمَ عَفَا، أي تَرَك كثيراً ممَّا أخفَوْه من كتابهم، مع أنه مأمورٌ ببيانه؟ قلتُ: إنما لم يبيِّنْه لأنه لم يُؤمر ببيانه، أولأن المأمور ببيانه ما يكون فيه إظهارُ حكمٍ شرعيّ، كصفته، وبعثته، والبشارة به، وآية الرجم، دون ما لم يكن فيه ذلك ممَّا فيه افتضاحُهم، وهتكُ أستارهم فيعفو عنه.
  • ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴿١٥﴾    [المائدة   آية:١٥]
قوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمِْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانهُ) . إن قلتَ: كيف قال ذلكَ، مع أن العبد ما لم يهده الله لا يتَّبع رضوانه فيلزم الدَّورُ؟ قلتُ: فيه إِضْمارٌ تقديرُه: يهدي به اللَّهُ منْ علِم أنه يريد أن يتَّبع رضوانه، كما قال: " والَّذينَ جاهَدُوا فينَا لَنَهْدِينَّهمْ سُبُلَنَا) أي والّذين أرادوا سبيل المجاهدة لنهدينهم سبيل مجاهدتنا.
  • ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٧﴾    [المائدة   آية:١٧]
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالَأرْض وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ) . فإن قلتَ: لمَ كرَّرها وختم الأولى بقوله (واللَّه على كلِّ شيءٍ قديرٌ) والثانية بقوله (وإليهِ المَصِيرُ) ؟ قلتُ: لأنَّ الأولى نزلت في النَّصارى، حين قالوا " إن اللَّهَ هو المسيحُ ابنُ مريم " فردَّ الله عليهم بقوله " وللَّهِ مُلْكُ السَّمواتِ والأرضِ " تنبيهاً على أنه مالكٌ لعيسى وغيره، وأنه قادرٌ على إهلاكه وإهلاك غيره. والثانيةُ: في اليهود والنَّصارى، حين قالوا " نحنُ أبناءُ اللَّهِ وأحبَّاؤُه " فردَّ الله تعالى بقوله " وللَّهِ مُلْكُ السَّمواتِ والأرضِ " تنبيهاً على أن الجميع مملوكون له ومصيرهم إليه، يُعذِّب من يشاء ويغفر لمن يشاء، ولو كان " عيسى " ابنه لم يملكه ولم يعذبه، إذِ الأب لا يملك ابنه ولا يعذّبه.
  • ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٨﴾    [المائدة   آية:١٨]
قوله تعالى: (وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أبْنَاءُ اللَّهِ وَأحِبَّاؤُهُ. .) الآية. فإن قلتَ: كيف أخبر الله عنهم أنَّهم قالوا: نحنُ أبناءُ اللَّهِ، مع أنه لم يُعرفْ أنَّهم قالوه؟! قلتُ: المرادُ بـ " أبناءُ اللَّهِ " خاصَّتُه كما يُقال: أبناءُ الدنيا، وأبناءُ الآخرة. وقيل: فيه إضمارٌ تقديره: نحنُ أبناءُ أنبياءِ اللَّهِ.
  • ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٨﴾    [المائدة   آية:١٨]
قوله تعالى: (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ. .) الآية. إن قلتَ: كيف يصحُّ الاحتجاج عليهم به، مع أنهم ينكرون تعذيبَهم بذنوبهم، مدَّعين أن ما يُذنبون بالنَّهار يُغفرُ بالليل وبالعكس؟ قلتُ: هم مقرُّون بأنهم يُعذَّبون أربعين يوماً، مدة عبادتهم العجل في غيبة " موسى " عليه الصلاة والسلامٍ لميقات ربه كما قال تعالى " وَقَالُوا لَنْ تمسَّنَا النَّارُ إِلّاَ أَيَّاما معدودة ".
  • ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴿٢٠﴾    [المائدة   آية:٢٠]
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. .) .قال ذلك هنا، وقال في إبراهيم " وإذْ قَالَ موسَى لقَوْمِهِ اذكُرُوا " لموافقة ما قبله وما بعده من النِّداء، أو لأن التصريح باسم المخاطب مع حرف الخطاب يدلُّ على تعظيم المخاطَبِ به، وقد ذُكِرَ هنا نِعَمٌ جِسامٌ، وهو قوله " جَعَلَ فيكمْ أَنْبياءَ " فناسب ذكر " يا قومِ " بخلاف ذلك في إبراهيم.
  • ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٣﴾    [المائدة   آية:٢٣]
قوله تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِكُّمْ غَالِبُونَ) . هو من مقول الداخلين. فإن قلتَ: من أين عَلِما أنَّهم غالبون حتَّى قالا ذلك؟! قلتُ: من جهةِ وُثوقِهم بإخبار موسى عليه السلام بقوله " ادخلُوا الأرْضَ المقدَّسَةَ التي كَتَبَ اللَّهُ لكُمْ ". وقيل: عَلِمَا ذلكَ بغلبة الظنِّ، وما عهداه من صُنْعِ الله تعالى بموسى عليه السلام من قهر أعدائِهِ.
  • ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾    [المائدة   آية:٢٦]
قوله تعالى: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ في الأرْضِ. .) . إن قلتَ: هذا يُنافي قوله قبْلُ " ادخلُوا الأرضَ المقدَّسةَ التي كَتَبَ اللَّهُ لكمْ "؟ قلتُ: لا منافاةَ لأنَّ المعنى: كتبَها لكم بشرط أن تُجاهدوا أهلها، فلمَّا أبَوْا حُرِّمتْ عليهم. أو كلٌّ منهما " عَامٌّ " أُريد بهِ " خاصٌّ " فالكتابة للبعض، وهم المطيعون، والتحريمُ على البعضِ، وهم العاصون.
إظهار النتائج من 9261 إلى 9270 من إجمالي 11693 نتيجة.