{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ "الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"}
[الحــجّ: 62]
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ "عَلِيًّا كَبِيرًا"}
[النساء: 34]
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ "الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"}
[لقمــان: 30]
{وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ "الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"}
[سبـــــأ: 23]
{ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ "الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ"}
[غافـــر: 12]
موضع التشابه : (عليّ) + (كبير)
الضابط : خمسُ آياتٍ في كتاب الله خُتِمت بهذين الاسمين الجليلين (عليّ) + (كبير)؛ وناسب ختمها بذلك للآتي:
- الحجّ ولُقمان وغافر: المولى لَمَّا ذَكَرَ الباطل الذي يدعونه من دون الله ناسب أن يختم بــ (الْعَلِيِّ) إشارةً إلى أنّ [الباطل حقيرٌ وضيعٌ، فكونه الحقّ فهو إذن عليٌّ]، وفي الآيات كما هو واضح موقف الكافرين، الذين يدعون باطلًا من دون الله، ويدَّعون له العلوّ، فالختم إذن يهدم في أذهانهم هذا الإدّعاء الباطل، وذلك بسلب صفة العلوّ منهم وقصرها على الله من خلال ضمير الشأن هُوَ.
- النّساء: الجُملة هنا استئنافية للتّحذير من التّعالي والكبرياء على النّساء؛ لأنّ الرجل إذا شعر بأنّه قائمٌ على المرأة، وذو سلطةٍ عليها إلى حد أنّ الشّرع مكّنه من ضربها في المرحلة الثالثة ربما يتعالى عليها ويتكبر، فقال عزّوجل: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) يعني: فاعلموا أنَّ علوَّكم على النّساء فوقه ما هُوَ أعلى منهُ وهو علوّ الله عزّوجل وكبرياء الله عزّوجل، [فلا تتعالوا عليهنّ ولا تتكبروا عليهنّ؛ لأنّ فوقكم من هو أعلى وأكبر] وهو الله عز وجل.
- سبأ: جملة (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) تتمة جواب المجيبين [عطفوا تعظيم الله بذكر صفتين من صفات جلاله، وهما صفة (الْعَلِيُّ) وصفة (الْكَبِيرُ)]، والعلوّ: علوّ الّشأن الشامل لمنتهى الكمال في العلم، والكبْر: العظمة المعنوية، وهي منتهى القدرة والعدل والحكمة، وتخصيص هاتين الصفتين لمناسبة مقام الجواب، أي قد قضى بالحقّ لكل أحد بما يستحقه فإنه لا يخفى عليه حال أحد ولا يعوقه عن إيصاله إلى حقه عائق ولا يجوز دونه حائل.
(لوامع البيّنات لِمَا في ختْم الآيات بأسماء الله الحُسنَى من دلالات - أ/ دلال عبد الجليل صفحة [١٥٦ - ١٥٧ - ١٥٨])
* القاعدة : قاعدة الضبط بالحصر.
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتأمل.
====القواعد====
* قاعدة الضبط بالتأمل للمعنى في الموضع المتشابه ..
وهذه من أمهات القواعد ومهمّات الضوابط، ولذا اعتنى بها السابقون أيّما عناية، وأُلّف فيها كثير من المؤلّفات النافعة، بل هي لُبّ المتشابه، والكثير الحاصل من التشابه إنما جاء [لمعنى عظيم وحكمة بالغة]، قد تخفى على من قرأ القرآن هَذًّا، ويدركها اللبيب الفطن، ولذا من [تدبر] كثيرًا من الآيات المتشابهة وجد أنّ الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، والإبدال، إلى غير ذلك إنّما هو لمعنى مراد ينبغي الوقوف عنده، والتأمل له ..
* قاعدة الضبط بالحصر ..
المقصود من القاعدة [جمع] الآيات المتشابهة ومعرفة [مواضعها] ..
{لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ "وَمَا فِي الْأَرْضِ" "وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"}
[الحـجّ: 64]
{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ "وَالْأَرْضِ" "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"}
[لُقمـان: 26]
موضع التشابه الأوّل : ( وَمَا فِي الْأَرْضِ - وَالْأَرْضِ )
موضع التشابه الثّاني : ( وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )
الضابط : سُّورَة الحجّ أطول من سُّورَة لقمان، والزّيادات وَرَدَت في آية السُّورة الأطول.
* القاعدة : قاعدة الزّيادة للموضع المتأخّر.
ضابط آخر لموضع التشـابه الأوّل والثّاني/
في الحجّ: أكّد الغنى بزيادة اللام فقال (لَهُوَ) لأنّه [ذَكَرَ قبلها من نعمه على خلقه وألطافه بهم ما لم يذكره في لُقمان] لذلك أيضًا قال (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) بتكرار الاسم الموصول [للتوكيد]، وكذلك لأنّ سُّورَة الحجّ يكثر فيها استعمال التوكيد بأساليبه المختلفة.
(ربط المتشابهات بمعاني الآيات - د/ دُعاء الزّبيدي)
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتأمل.
===القواعد===
* قاعدة الضبط بالتأمل للمعنى في الموضع المتشابه ..
وهذه من أمهات القواعد ومهمّات الضوابط، ولذا اعتنى بها السابقون أيّما عناية، وأُلّف فيها كثير من المؤلّفات النافعة، بل هي لُبّ المتشابه، والكثير الحاصل من التشابه إنما جاء [لمعنى عظيم وحكمة بالغة]، قد تخفى على من قرأ القرآن هَذًّا، ويدركها اللبيب الفطن، ولذا من [تدبر] كثيرًا من الآيات المتشابهة وجد أنّ الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، والإبدال، إلى غير ذلك إنّما هو لمعنى مراد ينبغي الوقوف عنده، والتأمل له .
* قاعدة الضبط بالزّيادة للموضع المتأخر ..
كثير من الآيات المتشابهة يكون [الموضع المتأخّر منها فيه زيادة] على المتقدّم وقد يأتي خلاف ذلك، ولكننا كما أشرنا سابقًا نضبط الأكثر ونترك المستثنى الأقلّ على ماسبق بيانه (ولا نعني بالزّيادة والنّقصان في الآيات ظاهر مايتبادر من الألفاظ الزّائدة والنّاقصة، وإلّا فإنّ القرآن في الحقيقة محروس من الزّيادة والنّقصان، ولولا أنّ هذا الاصطلاح (الزّيادة والنّقصان) استعمله الأوائل المصنفون في هذا الفنّ مثل: الكرماني، وابن الجوزي، لما استعملناه تحاشيًا لما فيه من الإيهام غير المقصود..
{"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم" "مَّا فِي الْأَرْضِ" وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
[الحجّ: 65]
{"أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم" "مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ" وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}
[لقمان: 20]
موضع التشابه الأوّل : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم - أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم )
الضابط : اسم سُّورَة الحجّ بدون أل التّعريف مكوّنٌ من حرفين (حجّ) وَوَرَدَت في آيتها كلمة (تَرَ) المكوّنة من حرفين أيضًا، واسم سُّورَة لُقمان مكوّنٌ من أكثر من حرفين وَ وَرَدَت في آيتها كلمة (تَرَوْا) المكوّنة من أكثر من حرفين أيضًا.
* القاعدة : قاعدة ربط الموضع المتشابه باسم السُّورة.
موضع التشابه الثّاني : ( مَّا فِي الْأَرْضِ - مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ )
الضابط : الآية التي وَرَدَت فيها الكلمة ذو البناء القصير (تَرَ) ذُكِرَت فيها الأرض فقط، والآية التي وَرَدَت فيها الكلمة ذو البناء الطّويل (تَرَوْا) ذُكرت فيها السّماوات والأرض.
* القاعدة : قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة.
====القواعد====
* قاعدة الرّبط بين الموضع المتشابه واسم السّورة ..
مضمون القاعدة: أنّ هناك [علاقة] في الغالب بين الموضع المتشابه واسم السّورة، إمّا [بحرف مشترك أو معنى ظاهر] أو غير ذلك، فالعناية بهذه العلاقة يعين -بإذن الله- على الضبط ..
* قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة ..
نقصد بهذه القاعدة أنّه إذا ورد عندنا موضع مشكل، فإننا ننظر [قبل وبعد] في [الآية] أو [الكلمة] أو [السّورة] المجاورة، فنربط بينهما، إمّا بحرف مشترك أو كلمة متشابهة أو غير ذلك ..
{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ "إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ"}
[الحـــــــجّ: 66]
{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ "ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"}
[البقــــــرة: 28]
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ "هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
[الــــــروم: 40]
موضع التشابه : ما بعد ( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ )
الضابط :
- في الحجّ: سَبَقَ ذِكْر العديد من النّعم فناسب أن يذكُر [كفران الإنسان لتلك النعم سالفة الذِّكر] فقال (إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ).
- في البقرة: الآية كالمقدّمة لقصّة خَلْق آدم عليه السّلام، فلما [أراد أن يذكُر مبدأ خَلْق الإنسان وأصله لَفَتَ النّظر إلى منتهاه] وهو الرُّجوع إليه سبحانه فقال (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
- في الرُّوم: [السِّياق قبلها في ذِكْر شركهم] فقد قال (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)) وقال (أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)) لذلك ناسب بعد أن ذَكَرَ أفعال الله المنفرِد بها من الخلق و الرزق و الإماتة و الإحياء ناسب أن يرِدَ التساؤل ([هَلْ مِن شُرَكَائِكُم] مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ)؟
(ربط المتشابهات بمعاني الآيات - د/ دُعاء الزّبيدي)
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتأمل.
====القواعد====
* قاعدة الضبط بالتأمل للمعنى في الموضع المتشابه ..
وهذه من أمهات القواعد ومهمّات الضوابط، ولذا اعتنى بها السابقون أيّما عناية، وأُلّف فيها كثير من المؤلّفات النافعة، بل هي لُبّ المتشابه، والكثير الحاصل من التشابه إنما جاء [لمعنى عظيم وحكمة بالغة]، قد تخفى على من قرأ القرآن هَذًّا، ويدركها اللبيب الفطن، ولذا من [تدبر] كثيرًا من الآيات المتشابهة وجد أنّ الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، والإبدال، إلى غير ذلك إنّما هو لمعنى مراد ينبغي الوقوف عنده، والتأمل له ..
{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ "إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ"}
[الحــــــجّ: 66]
{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا "إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ"}
[الزخرف: 15]
موضع التشابه : ( إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ - إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ )
الضابط : وَرَدَ في الحجّ لفظ (لَكَفُورٌ) فقط، أمّا في الزخرف وَرَدَ (لَكَفُورٌ) + (مُّبِينٌ).
* القاعدة : قاعدة الزّيادة للموضع المتأخّر.
ضابط آخر/
زادت آية الزُّخرف عن آية الحجّ بــ لفظ [(مُّبِينٌ)] وهذا اللفظ موافقٌ لبداية السُّورة، حيث وَرَدَ في بداية السُّورة قول الله تعالى (وَالْكِتَابِ [الْمُبِينِ] (2))، وبضبط موضع الزُّخرف يتّضح موضع الحجّ.
* القاعدة : قاعدة ربط الموضع المتشابه بأوّل السُّورة.
====القواعد====
* قاعدة الضبط بالزّيادة للموضع المتأخر ..
كثير من الآيات المتشابهة يكون [الموضع المتأخّر منها فيه زيادة] على المتقدّم وقد يأتي خلاف ذلك، ولكننا كما أشرنا سابقًا نضبط الأكثر ونترك المستثنى الأقلّ على ماسبق بيانه (ولا نعني بالزّيادة والنّقصان في الآيات ظاهر مايتبادر من الألفاظ الزّائدة والنّاقصة، وإلّا فإنّ القرآن في الحقيقة محروس من الزّيادة والنّقصان، ولولا أنّ هذا الاصطلاح (الزّيادة والنّقصان) استعمله الأوائل المصنفون في هذا الفنّ مثل: الكرماني، وابن الجوزي، لما استعملناه تحاشيًا لما فيه من الإيهام غير المقصود..
* قاعدة الرّبط بين الموضع المتشابه واسم السّورة ..
مضمون القاعدة: أنّ هناك [علاقة] في الغالب بين الموضع المتشابه واسم السّورة، إمّا [بحرف مشترك أو معنى ظاهر] أو غير ذلك، فالعناية بهذه العلاقة يعين -بإذن الله- على الضبط ..