{"فَكَأَيِّن" "مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا" وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ}
[الحج: 45]
{"وَكَأَيِّن" "مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا" وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ}
[الحج: 48]
موضع التشابه الأوّل : ( فَكَأَيِّن - وَكَأَيِّن )
الضابط : كُلُّ كلمةٍ موافقةٌ للآية التي قبلها:
- قبل (فَكَأَيِّن) وَرَدَت جُملة مبدوءة بحرف الفاء (وَأَصۡحَـٰبُ مَدۡیَنَۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰۖ فَأَمۡلَیۡتُ لِلۡكَـٰفِرِینَ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ (44) فَكَأَيِّن..)
- قبل (وَكَأَيِّن) وَرَدَت جُملة مبدوءة بحرف الواو (وَیَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَن یُخۡلِفَ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥۚ وَإِنَّ یَوۡمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلۡفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (47) وَكَأَيِّن..).
* القاعدة : قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة.
موضع التشابه الثّاني : ( مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا - مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا )
الضابط : بين موضعي التشابه علاقة تدرُّج (بشكلٍ تنازلي):
(حيث الترتيب التّصاعدي أنّ القُرى المكذّبة يُمهلون أولًا؛ ثُمَّ تحل العقوبة عليهم بإهلاكهم إن أصرُّوا)
- في الموضع الأوّل ذُكِرَ إهلاكهم (مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا)
- في الموضع الثّاني ذُكِرَ إمهالهُم (مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا)
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتّدرُّج.
ضابط آخر/
- قال قبل الأولى: (فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ (٤٤)) ثم أغنى ذكر الإملاء فيما بعد؛ فلم يقل (أَمْلَيْتُ) كما في الآية الثّانية، ولأن [الإهلاك] إنما كان بعد الإملاء المذكور فقال (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ [أَهْلَكْنَاهَا] وَهِيَ ظَالِمَةٌ (٤٥))
- وأمّا الآية الثانية: فوقع قبلها ذكر استعجالهم العذاب تكذيبًا واستبعادًا ([وَيَسْتَعْجِلُونَكَ] بِالْعَذَابِ (٤٧))؛ فناسب: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ [أَمْلَيْتُ] لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ(48))؛ فوضح ما بين الآيتين، وأنه لا يمكن على ما تمهّد وقوع واحدة منهما في موضع الأخرى، والله أعلم.
(الارتياق فـي توجيـه المتشابه اللفظي بالسياق - أ.محمد بيغام - بتصرف)
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتأمل.
====القواعد====
* قاعدة الضبط بالتأمل للمعنى في الموضع المتشابه ..
وهذه من أمهات القواعد ومهمّات الضوابط، ولذا اعتنى بها السابقون أيّما عناية، وأُلّف فيها كثير من المؤلّفات النافعة، بل هي لُبّ المتشابه، والكثير الحاصل من التشابه إنما جاء [لمعنى عظيم وحكمة بالغة]، قد تخفى على من قرأ القرآن هَذًّا، ويدركها اللبيب الفطن، ولذا من [تدبر] كثيرًا من الآيات المتشابهة وجد أنّ الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، والإبدال، إلى غير ذلك إنّما هو لمعنى مراد ينبغي الوقوف عنده، والتأمل له ..
* قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة ..
نقصد بهذه القاعدة أنّه إذا ورد عندنا موضع مشكل، فإننا ننظر [قبل وبعد] في [الآية] أو [الكلمة] أو [السّورة] المجاورة، فنربط بينهما، إمّا بحرف مشترك أو كلمة متشابهة أو غير ذلك ..
* قاعدة التدرّج ..
يقصد بهذه القاعدة أن يأتي المذكور في الآية أو الآيات [بصورة تدريجية]، من الأسفل للأعلى أو العكس -أي بشكل تصاعدي- وهذه القاعدة وإن كان لها صلة بقاعدة "الرّبط بالصّورة الذّهنية" إلّا أنّها لأهميتها تمّ إفرادها
{"وَ" "يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ" "وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ" وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}
[الحـــــــجّ: 47]
{"وَ" "يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ" قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ..}
[الرعـــــــــد: 6]
{"وَ" "يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ" "وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى" لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
[العنكـبوت: 53]
{"يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ" "وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ" بِالْكَافِرِينَ}
[العنكـبوت: 54]
موضع التشابه الأوّل : موضع العنكبوت الثّاني هُوَ الوحيد الذي لم يبدأ بالواو بين آيات هذا البند.
الضابط : بالتّركيز على هذا الموضع الفريد تتضح المواضع الأُخرى.
* القاعدة : قاعدة العناية بالآية الوحيدة.
موضع التشابه الثّاني : ( يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ - يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ )
الضابط : آية الرَّعد الوحيدة التي وَرَدَت فيها (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ) وفي بقيّة المواضع وَرَدَت (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ)؛ ولضبط ذلك نُلاحظ أنّ قبل آية الرَّعد وَرَدَ وصْفٌ للعذاب في قوله (..أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5))؛ فتذكّر أَيُّهَا الحافظ أنّ قبل آية الرَّعد وَرَدَ وصْفٌ للعذاب وفي آيتها لم يرِد لفظ العذاب وإنّما وَرَدَ لفظ السّيئة، وفي بقيّة المواضع لم يرد وصْفٌ للعذاب في الآية التي تسبق كُلٌّ منها وَ وَرَدَ لفظ العذاب فيها.
* القاعدة : قاعدة العناية بالآية الوحيدة.
* القاعدة : قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة.
موضع التشابه الثّالث : ما بعد (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ)
الضابط :
- في آية الحجّ ذَكَرَ الله سُبحانه أنّه لا يُخلف وعده في إنزال العذاب بمن استعجلوا العذاب من المكذّبين (وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ)
- في آية العنكبوت الأُولى ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أنّ للعذاب أجلٌ مسمّى (وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ)
- في آية العنكبوت الثّانية وَصَفَ سُبْحَانَهُ العذاب الذي حلّ وَهُوَ إحاطة جهنّم بهم (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ)
- فبيْن مواضع التشابه علاقة تدرّج (وعدٌ - أجلٌ - عذابٌ).
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتّدرُّج.
====القواعد====
* قاعدة العناية بالآية الوحيدة ..
كثير من الآيات المتشابهة يكون بينها [تماثل تامّ عدا آية واحدة تنفرد] عنها في جزء من الآية ، فعناية الحافظ بهذه الآية الوحيدة ومعرفته لها يريحه فيما عداها، مع التنبيه على أنّه في الغالب تكون الآية الوحيدة هي الآية الأولى في المواضع المتشابهة ..
* قاعدة التدرّج ..
يقصد بهذه القاعدة أن يأتي المذكور في الآية أو الآيات [بصورة تدريجية]، من الأسفل للأعلى أو العكس -أي بشكل تصاعدي- وهذه القاعدة وإن كان لها صلة بقاعدة "الرّبط بالصّورة الذّهنية" إلّا أنّها لأهميتها تمّ إفرادها..
* قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة ..
نقصد بهذه القاعدة أنّه إذا ورد عندنا موضع مشكل، فإننا ننظر [قبل وبعد] في [الآية] أو [الكلمة] أو [السّورة] المجاورة، فنربط بينهما، إمّا بحرف مشترك أو كلمة متشابهة أو غير ذلك ..
{فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ "لَهُم مَّغْفِرَةٌ" وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ "أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"}
[الحـــــــجّ: 50 - 51]
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ "فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا "فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ"}
[الحـــــــجّ: 56 - 57]
موضع التشابه : خواتيم الآيات.
الضابط : قد يحدث لبسٌ لدى الحافظ في خواتيم هذه الآيات لتشابهها؛ حيث وَرَدَ في آيتين وَصْف جزاء المؤمنين، وفي آيتين وَرَدَ وَصْف جزاء ٱلۡكُفَّـار؛
- فنضبط خواتيم الآيات التي وَصَفت جزاء المؤمنين كالتّالي:
في الموضع الأوّل قال: (لَهُم مَّغْفِرَةٌ (50))
في الموضع الثّاني قال: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56))
فنُلاحظ أنّ بينهُما علاقة تدرُّج:
أولًا تُغفر الذُّنوب (لَهُم مَّغْفِرَةٌ)،
ثُمَّ يُدخلون الجنّة (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
- ونضبط خواتيم الآيات التي وَصَفت جزاء ٱلۡكُفَّـار كالتّالي:
في الموضع الأوّل قال: (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51))
في الموضع الثّاني قال: (فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (57))
فنُلاحظ أنّ بينهُما علاقة تدرُّج:
أولًا يكونون من أصحاب الجحيم بدخولهم النّار (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)،
ثُمَّ يُعذّبون في جهنّم (فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتّدرُّج.
====القواعد====
* قاعدة التدرّج ..
يقصد بهذه القاعدة أن يأتي المذكور في الآية أو الآيات [بصورة تدريجية]، من الأسفل للأعلى أو العكس -أي بشكل تصاعدي- وهذه القاعدة وإن كان لها صلة بقاعدة "الرّبط بالصّورة الذّهنية" إلّا أنّها لأهميتها تمّ إفرادها..
{"وَالَّذِينَ سَعَوْا" فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ "أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"}
[الحـــــــجّ: 51]
{"وَالَّذِينَ سَعَوْا" فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ "لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ"}
[سبــــــــــــأ: 5]
{"وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ" فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ "فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ"}
[سبـــــــــأ: 38]
موضع التشابه الأوّل : ( وَالَّذِينَ سَعَوْا - وَالَّذِينَ سَعَوْا - وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ )
الضابط :
- موضع سبأ الثّاني وحيدٌ بــ كلمة (يَسْعَوْنَ) المختومة بالنُّون ولضبط ذلك نُلاحظ أنّ الآية التي تسبق هذه الآية مختومةٌ بالنُّون أيضًا (..وَهُمۡ فِی ٱلۡغُرُفَـٰتِ ءَامِنُونَ (37))؛ فنربط (ءَامِنُونَ) بــ (يَسْعَوْنَ) لضبط هذا الموضع فكلتا الكلمتين مختومتان بالنُّون.
- وفي الموضعين الآخرَيْن وَرَدَت كلمة (سَعَوْا) بصيغة الماضي؛ ولضبطهما نُلاحظ أنّ الآية التي تسبق كُلّ موضع ذُكِرَت فيه المغفرة (لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ)، والمغفرة غالبًا تكون للذُّنوب التي وقعت في الماضي؛ فاستأنس بذلك لضبط هذين الموضعين.
* القاعدة : قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة.
موضع التشابه الثّاني : ما بعد (مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ)
( أَصْحَابُ الْجَحِيمِ - لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ - فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ )
الضابط : وَرَدَت بعد (مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ)
- في آية الحجّ كلمة (أَصْحَابُ)
- وفي موضع سبأ الأوّل كلمة (لَهُمْ)
- وفي موضع سبأ الثّاني كلمة (فِي)
فنجمع الحرف الأوّل من كُلِّ كلمةٍ لتسهيل تذكُّر الكلمة الواردة في كُلّ موضع؛ فنخرج بعد الجمع بكلمة [أَلِفَ].
- دلالة الكلمة:
«أ» للدّلالة على آية الحجّ (أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)
«لِــ» للدّلالة على موضع سبأ الأوّل (لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ)
«فَ» للدّلالة على موضع سبأ الثّاني (فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ)
* القاعدة : قاعدة جمع الحرف الأوّل من أوائل الكلمات المُتشابهة.
====القواعد====
* قاعدة الضبط بجمع الحرف الأوّل من أوائل الكلمات المتشابهة ..
عند التشابه بين آيتين أو أكثر، اجمع الحرف الأوّل من [كلّ بداية موضع متشابه]، ليخرج لك في الغالب [كلمة مفيدة]، وقد تكون أحيانًا [غير مفيدة] مما يكون لك عونًا -بإذن الله- على الضبط، وهذه من الضوابط الحسنة المفيدة ..
* قاعدة الضبط بالمجاورة والموافقة ..
نقصد بهذه القاعدة أنّه إذا ورد عندنا موضع مشكل، فإننا ننظر [قبل وبعد] في [الآية] أو [الكلمة] أو [السّورة] المجاورة، فنربط بينهما، إمّا بحرف مشترك أو كلمة متشابهة أو غير ذلك ..
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ "لِّلَّهِ" يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}
[الحـــجّ: 56]
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ "الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ" وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}
[الفرقان: 26]
موضع التشابه : ما بعد (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ)
( لِّلَّهِ - الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ )
الضابط : آيتان في كتاب الله بُدِأتا بــ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ)؛ وَرَدَ بعدها في الحج (لِّلَّهِ) وفي الفرقان (الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ)؛ ولتسهيل تذكُّر لفظ كُل موضع نضبطهُما بجُملة [اللهُ الحقُّ].
- دلالة الجُملة:
«اللهُ» للدّلالة على آية الحج (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ)
«الحقُّ» للدّلالة على آية الفرقان (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ)
* القاعدة : قاعدة الضبط بالحصر.
* القاعدة : قاعدة الضبط بالجُملة الإنشائية.
ضابط آخر/
نُلاحظ ورود لفظ الجلالة في آية الحجّ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ) و ورود لفظ الرحمة في آية الفُرقان (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ)؛
وتَذَكَّر أنّ سُّورَة الفُرقان تكرر فيها اسم (الرّحمن) وَ ورود اسم (الرّحمن) في آيتها مناسبٌ لسياق السّورة:
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ "لِلرَّحْمَٰنِ" ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26))
(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ "الرَّحْمَٰنُ" فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59))
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا "لِلرَّحْمَٰنِ" قَالُوا وَمَا "الرَّحْمَٰنُ" أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ۩ (60))
(وَعِبَادُ "الرَّحْمَٰنِ" الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63))
وبضبط موضع الفرقان يتّضح موضع الحجّ.
* القاعدة : قاعدة العناية بما تمتاز به السورة (كثرة الدّوران)
====القواعد====
* قاعدة الضبط بالحصر ..
المقصود من القاعدة [جمع] الآيات المتشابهة ومعرفة [مواضعها] ..
* قاعدة الضبط بالجملة الإنشائية ..
من القواعد النيّرة والضوابط النافعة [وضع جملة مفيدة] تجمع شتاتك
-بإذن الله- للآيات المتشابهة أو لأسماء السّور التي فيها هذه الآيات..
* قاعدة العناية بما تمتاز به السّورة ..
هذه القاعدة تأتي من التمكّن وكثرة التأمّل لكتاب الله،
فإنّ كثير من الآيات المتشابهة عادة ما تمتاز بشيء من [الطّول والقِصَر]، أو [كثرة التشابه]، أو [كثرة الدّوران للكلمة] في السّورة كما هي عبارة بعض المؤلفين، أو غير ذلك .
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ "فِي" جَنَّاتِ النَّعِيمِ}
[الحـــــــجّ: 56]
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ "لَهُمْ" جَنَّاتُ النَّعِيمِ}
[لقمــــــــــان: 8]
موضع التشابه : ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [فِي] جَنَّاتِ النَّعِيمِ - وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [لَهُمْ] جَنَّاتُ النَّعِيمِ )
الضابط : في آية لُقمان وَردت (لَهُمْ) ولضبط ذلك نُلاحظ أنّ اسم سُّورَة لُقمان مبدوءٌ باللام وكذلك (لَهُمْ) مبدوءة باللام، وبضبط موضع لُقمان يتّضح موضع الحجّ الذي وَرَدَت فيه كلمة (فِي).
* القاعدة : قاعدة ربط الموضع المتشابه باسم السُّورة.
====القواعد====
* قاعدة الرّبط بين الموضع المتشابه واسم السّورة ..
مضمون القاعدة: أنّ هناك [علاقة] في الغالب بين الموضع المتشابه واسم السّورة، إمّا [بحرف مشترك أو معنى ظاهر] أو غير ذلك، فالعناية بهذه العلاقة يعين -بإذن الله- على الضبط ..
{لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ "وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ"}
[الحـــــــجّ: 59]
{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ
"إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ"}
[الحـــــــجّ: 60]
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ "وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"}
[الحـــــــجّ: 61]
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ "وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"}
[الحـــــــجّ: 62]
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً "إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ"}
[الحـــــــجّ: 63]
{لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ "وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"}
[الحـــــــجّ: 64]
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ "لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ"}
[الحـــــــجّ: 65]
موضع التشابه : خواتيم الآيات.
الضابط :
--•-- الآية (٥٩) (لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) هذان الإسمان يناسبان الآية (لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ) إذن ينبغي أن يعلم ما [يرضيهم فهو إذن عليم]، ثم هؤلاء الذين هاجروا في سبيل الله ينبغي أن يعلم بأحوالهم وأحوال أعدائهم، ثم أنت تتمنى أن يعجل لأعدائهم بالعقوبة لكن الله تعالى [(حَلِيمٌ) فلا يعجّل] بالعقوبة ويُمهِل.
--•-- الآية (٦٠) (إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) هو عاقب بما عُوقب به، ثُمَّ [بُغي عليه لكنّه لم يأخذ حقه، معناه أنه عفا وغفر]، فقال (إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) إشارة إلى أنّه إذا عفا وغفر نصره الله لأنّ الله تعالى يقول (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) تخلّقوا بأخلاق الله تعالى فالله عفوٌّ غفورٌ فأنت اعف واغفر.
--•-- الآية (٦١) (وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) الليل آلَتهُ السّمع والنّهار السّمع والإبصار، والله سبحانه وتعالى [في الليل والنهار سميع بصير]، كما أنها مرتبطة بما قبلها (وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) يسمع ويرى من عاقب ومن عوقب ثم (لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ) الناصر ينبغي أن يسمع ويرى وإلا كيف ينصر؟
--•-- الآية (٦٢) (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) الناصِر لمن بُغيَ عليه والذي يولج الليل والنهار والسميع البصير [أليس هو] العلي الكبير؟ بلى.
--•-- الآية (٦٣) (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) لطيفٌ أي متفضِّلٌ على العباد [يلطف بهم بإيصال منافعهم، وأن تصبح الأرض مخضرّة] هذا من لطفه سبحانه بالخلق، [خبيرٌ أي عليمٌ بدقائق الأمور وبمصالحهم] وبالمقادير التي يفعلها وعن حكمة.
--•-- الآية (٦٤) (وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) الذي [له ما في السموات والأرض من أغنى منه؟! لا أحد]، وقطعًا هو سبحانه الغني الحميد.
--•-- الآية (٦٥) (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) لو لم يرأف بهم [ما أمسك السماء]، إذن هذا كله رأفة ورحمة.
(مختصر اللمسات البيانية - د/ فاضل السامرائي)
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتأمل.
====القواعد====
* قاعدة الضبط بالتأمل للمعنى في الموضع المتشابه ..
وهذه من أمهات القواعد ومهمّات الضوابط، ولذا اعتنى بها السابقون أيّما عناية، وأُلّف فيها كثير من المؤلّفات النافعة، بل هي لُبّ المتشابه، والكثير الحاصل من التشابه إنما جاء [لمعنى عظيم وحكمة بالغة]، قد تخفى على من قرأ القرآن هَذًّا، ويدركها اللبيب الفطن، ولذا من [تدبر] كثيرًا من الآيات المتشابهة وجد أنّ الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، والإبدال، إلى غير ذلك إنّما هو لمعنى مراد ينبغي الوقوف عنده، والتأمل له ..
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ "يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" "وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"}
[الحـجّ: 61]
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ "يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" "وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ" كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
[لقمان: 29]
{"يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" "وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ" كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ}
[فاطـر: 13]
{"يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" "وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"}
[الحـديد: 6]
موضع التشابه الأوّل : ( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ )
الضابط : أربعُ مواضعٍ فقط وَرَدَت فيها (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ).
* القاعدة : قاعدة الضبط بالحصر.
ملاحظة/ آية آل عمران الوحيدة التي وَرَدَ فيها اللفظ بالتّاء (تُولِجُ) وباقي المواضع كما حصرناها في هذا البند وَرَدَ فيها اللفظ بالياء (يُولِجُ)
("تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
[آل عمران: 27]
* القاعدة : قاعدة العناية بالآية الوحيدة.
موضع التشابه الثّاني : ما بعد (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ)
- في آية الحــجّ قال: (وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
- في آية لُقمــان قال: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)
- في آية فاطـــر قال: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)
- في آية الحديد قال: (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)
الضابط :
- نُلاحظ أنّ اسم السُّورة إذا كان مبدوءًا بأل التعريف والحاء يرد في آيتها بعد (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) اسم من أسماء الله الحُسنى، وهذا لم يرد إلّا في موضعي الحجّ والحديد، فنربط بين أل التعريف والحاء في اسم سُّورَة الحجّ والحديد وكلمة الحُسنى.
- وإذا كان اسم السُّورة يبدأ بغير أل التعريف والحاء يرد في آيتها (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ).
* القاعدة : قاعدة ربط الموضع المتشابه باسم السُّورة.
====القواعد====
* قاعدة العناية بالآية الوحيدة ..
كثير من الآيات المتشابهة يكون بينها [تماثل تامّ عدا آية واحدة تنفرد] عنها في جزء من الآية ، فعناية الحافظ بهذه الآية الوحيدة ومعرفته لها يريحه فيما عداها، مع التنبيه على أنّه في الغالب تكون الآية الوحيدة هي الآية الأولى في المواضع المتشابهة ..
* قاعدة الضبط بالحصر ..
المقصود من القاعدة [جمع] الآيات المتشابهة ومعرفة [مواضعها] ..
* قاعدة الرّبط بين الموضع المتشابه واسم السّورة ..
مضمون القاعدة: أنّ هناك [علاقة] في الغالب بين الموضع المتشابه واسم السّورة، إمّا [بحرف مشترك أو معنى ظاهر] أو غير ذلك، فالعناية بهذه العلاقة يعين -بإذن الله- على الضبط ..