نشأ في مدينة دمشق،وعندما شبَّ واتصل بشيخه ابن تيمية حصل تحول بحياته العلمية، فأصبح لا يلتزم في آرائه وفتاويه بما جاء في المذهب الحنبلي إلا عن اقتناع وموافقة الدليل من الكتابوالسنة ثم على آراء الصحابة وآثار السلف، ولهذا يعتبره العلماء أحد المجتهدين.
(وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّه) إذا كانت القلوبُ مجبولةً على حُبِّ من أحسن إليها، وكلُّ إحسانٍ وصل إلى العبد فمن الله، فلا ألأمَ ممَّن شغل قلبَه بحُبِّ غيرِه دونَه!
من رجا شيئًا استلزم رجاؤه ثلاثة أمور: محبة ما يرجوه، وخوفه من فواته، وسعيه في تحصيله بحسب الإمكان. وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني، والرجاء شيء والأماني شيء آخر، فكل راج خائف، والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات.
فهذا وعد الله، وذاك وعد الشيطان؛ فلينظر البخيل والمنفق: أي الوعدين هو أوثق، وإلى أيهما يطمئن قلبه، وتسكن نفسه، والله يوفق من يشاء ويخذل من يشاء، وهو الواسع العليم.
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ) (البقرة:276) تأمل حكمته تعالى في محق أموال المرابين وتسليط المتلفات عليها، كما فعلوا بأموال الناس ومحقوها عليهم وأتلفوها بالربا؛ فجُوزوا إتلافًا بإتلاف! فقلَّ أن ترى مرابيًا إلا وآخرته إلى محق وقلَّة وحاجة.
(فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) ففي ضمن هذا الوعيد أن المرابي محارب لله ورسوله، قد آذنه الله بحربه، ولم يجئ هذا الوعيد في كبيرة سوى: الربا وقطع الطريق والسعي في الأرض بالفساد؛ فاحذر هذه الصفات.
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا) من أعظم الحسرات على العبد يوم القيامة؛ أن يرى سعيَه كلَّه ضائعًا؛ لم ينتفع منه بشيء، وهو أحوج ما كان العامل إلى عمله، وقد سعد أهل السعي النافع بسعيهم!
هذه الآية في سورة الفرقان، وهي مكيَّة، ولم يشرع الجهاد بالسيف وقتها، فدلَّ أنَّ طلب العلم من سبيل الله؛ لأنَّ به قوام الإسلام كما أنَّ قوامه بالجهاد، فقوام الدين بالعلم والجهاد.
(وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا) هذا من ألطف -أي: أدق- خطاب القرآن وأشرف معانيه، فالمؤمن دائمًا مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه، وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه، والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه على ربه، وعبارات السلف على هذا تدور.