عرض وقفات التساؤلات

  • ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٤٠﴾    [الأحزاب   آية:٤٠]
س: عندنا مسألة نريد تفسيرها لنا على أحسن التفاسير؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ، وتلك المسألة يقول الله: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ إلى آخر الآية ؟ ج: يقول ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: وقو تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ نهى أن يقال بعد هذا: زيد بن محمد ، أي: لم يكن أباه ، وإن كان قد تبناه فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يعش له ولد ذكر حتى بلغ الحلم ، فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولد له القاسم والطيب والطاهر من خديجة رضي الله عنها ، فماتوا صغارًا ، وولد له صلى الله عليه وعلى آله وسلم إبراهيم من مارية القبطية ، فمات أيضًا رضيعًا ، وكان له - صلى الله عليه وسلم - من خديجة أربع بنات: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن أجمعين ، فمات في حياته - صلى الله عليه وسلم - ثلاث ، وتأخرت فاطمة رضي الله عنها حتى أصيبت به - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ماتت بعده بستة أشهر ، وقوله تعالى: وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا، كقوله عز وجل: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ فهذه الآية نـص في أنه لا نبي بعده ، وإذا كـان لا نبي بعده فلا رسول بطريق الأولى والأحرى ؛ لأن مقام الرسالة أخـص من مقام النبوة ، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس ، وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم . قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر الأزدي حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أُبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارًا فأحسنها وأكملها ، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها ، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ، ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة رواه الترمذي عن بندار عن أبي عامر العقدي به ، وقال: حسن صحيح ، وذكر بعد ذلك عدة أحاديث في الموضوع ، وبإمكانك أيضًا مراجعة تفسير ابن جرير والقرطبي ونحوهما إذا رغبت في التوسع . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  • وقفات سورة يس

    وقفات السورة: ١٥٣٢ وقفات اسم السورة: ٣٠ وقفات الآيات: ١٥٠٢
س: بعد دفن الميت ، يقرأ بعض الناس من المصحف سورة ( يس ) عند القبر ، ويضعون غرساً على القبر مثل الصبار ، ويزرع سطح القبر بالشعير أو القمح ، بحجة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وضع ذلك على قبرين من أصحابه ، ما حكم ذلك ؟ ج: لا تشرع قراءة سورة ( يس ) ولا غيرها من القرآن على القبر بعد الدفن ولا عند الدفن ، ولا تشرع القراءة في القبور ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك ، ولا خلفاؤه الراشدون ، كما لا يشرع الأذان والإقامة في القبر ، بل كل ذلك بدعة ، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ، خرجه الإمام مسلم في صحيحه . وهكذا لا يشرع غرس الشجر على القبور ، لا الصبار ولا غيره ، ولا زرعها بشعير أو حنطة أو غير ذلك ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك في القبور ، ولا خلفاؤه الراشدون - رضي الله عنهم - . أما ما فعله مع القبرين اللذين أطلعه الله على عذابهما من غرس الجريدة ، فهذا خاص به - صلى الله عليه وسلم - وبالقبرين ؛ لأنه لم يفعل ذلك مع غيرهما ، وليس للمسلمين أن يحدثوا شيئاً من القربات لم يشرعه الله ، للحديث المذكور ، ولقول الله سبحانه : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الآية . وبالله التوفيق .
  • ﴿لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٧٠﴾    [يس   آية:٧٠]
س: قال تعالى: لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ أرجو تفسير هذه الآية تفسيرًا واضحًا؟ ج: قال الله تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ومعنى الآيتين أن الكفار لما اتهموا النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه شاعر وقالوا: إن القرآن شعر رد الله مقالتهم بأنه ما علم نبيه الشعر ولا أوحاه إليه ، وبين سبحانه أنه لا ينبغي له أن يكون شاعرًا ، ولا يليق به ذلك؛ لأنه الصادق الأمين وإمام المهتدين ، جاء أمته بالحق والهدى والنور ، أما الشعراء فهم في كل واد يهيمون ، وأتباعهم هم الغاوون ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فشتان بينه وبين الشعراء في الأخلاق والطباع ، ثم بيَّن تعالى أن ما أوحاه إليه ليس شعرًا ، بل لا نسب بينه وبين الشعر في أسلوبه ونظمه ولا في معناه ، صدقًا وهداية وموعظة ، وذكرى لمن ألقى إليه سمعه وفتح له قلبه ، فكان له نورًا ورشادًا وفوزًا وسعادة ، فقال سبحانه: إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا الآية ، أي: لينذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن كل من كان حيًّا من الإنس والجن ، ويخوفه عواقب الإعراض عن الإيمان به ، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ أي: كلمة العذاب على من كفر بالله وبرسوله ، وما جاء في القرآن الكريم ، وفي هاتين الآيتين رد على الكفار في اتهامهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه شاعر ، وزعمهم أن القرآن شعر ، وبيان لعلو قدره - صلى الله عليه وسلم - وقدر القرآن ، وبيان لعموم رسالته - صلى الله عليه وسلم - إلى الثقلين . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  • ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿٤﴾    [الدخان   آية:٤]
س : سؤالي عن ليلة النصف من شعبان هل هذه الآية التي في سورة الدخان فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ هل المقصود بها ليلة النصف من شعبان أم المراد بها ليلة القدر سبع وعشرين من رمضان المبارك ، وهل يستحب في ليلة النصف من شعبان العبادة والذكر والقيام وقراءة القرآن وصيام يوم أربعة عشر من شعبان ؟ جـ : أولا : الصحيح أن الليلة المذكورة في هذه الآية هي ليلة القدر وليست ليلة النصف من شعبان . ثانيا : لا يستحب تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادة مما ذكرت أو غيره ، بل هي كغيرها من الليالي الأخرى وتخصيصها بشيء من العبادات بدعة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  • ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ﴿٤٣﴾    [الدخان   آية:٤٣]
س: أرجو إخباري عن شجرة الزقوم؟ ج: ذكر الله شجرة الزقوم في سورة الدخان بقوله تعالى: إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ ، وفي سورة الإسراء بقوله تعالى: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ، وفي سورة الصافات يقول سبحانه: أَذَلِكَ خَيْرٌ نُـزُلا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره على آية الإسراء: ( وأما الشجرة الملعونة ، فهي شجرة الزقوم كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار ورأى شجرة الزقوم ، فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله: هاتوا لنا تمرا وزبدا وجعل يأكل من هذا ويقول: تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا ، حكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد ) . ا هـ وأما العلم بعين الشجرة فلا يترتب عليه أمر عملي بل الواجب التصديق والتسليم بما أخبر الله به عنها في القرآن وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  • ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴿٣﴾    [الدخان   آية:٣]
س: قال الله تعالى: حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ قرأت في تفسير الجلالين لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي تفسير قوله تعالى: إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ إنها هي ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان نزل فيها من أم الكتاب من السماء السابعة إلى السماء الدنيا ، وسألت كثيرا من المشائخ وأفادوني بأنها ليلة القدر في رمضان ، فأرجو توضيح تفسير هذه الآية ، حفظكم الله؟ ج: أقسم الله جل شأنه بكتابه العزيز الذي هو آيته التي آتاها محمدا صلى الله عليه وسلم؛ لتكون معجزة وحجة له على رسالته أنه أنزل عليه القرآن الكريم في ليلة مباركة كثيرة الخير ، وهي ليلة القدر كما قال تعالى: إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ إلى آخر السورة ، وهي في شهر رمضان لقوله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ومن قال: (إنها ليلة النصف من شعبان) فقد أخطأ ، وأبعد النجعة؛ لمخالفته لنصوص القرآن والأحاديث النبوية الثابتة التي بينتها وعينت شهرها وسمتها باسمها ، وليس مع من قال: (إنها ليلة النصف من شعبان) دليل من الكتاب أو السنة الثابتة يعتمد عليه في تفسير الليلة المباركة بذلك ، وليست المسألة عقلية حتى يقال فيها بالرأي أو يعتمد فيها على الأدلة العقلية ، وإنما هي سمعية يعتمد فيها على النقول من الكتاب والسنة الثابتة ، ثم بين سبحانه سنته العادلة ورحمته الشاملة في عباده بقوله: إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ أي مرسلين رسلا يبلغون عن الله شريعته وهدايته لهم ، ويخوفونهم عاقبة مخالفة أوامره ونواهيه؛ إقامة لعدله ، وإسقاطا لمعاذير خلقه ورحمة منه بعباده كما قال تعالى: رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ، وكما قال: ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ، وقال: مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  • ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴿١٧﴾    [الرحمن   آية:١٧]
س: ما تفسير قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ، وقوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وقوله تعالى: بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ؟ ج: المراد بالمشرقين والمغربين في الآية الأولى مطلع الشمس جنوب خط الاستواء وشماله ، ومغربها جنوبه وشماله ، والمراد بالمشرق والمغرب في الآية الثانية جهة الشرق وجهة الغرب اللتان تنتقل الشمس فيهما طلوعا وغروبا على مدى الفصول ، والمراد بالمشارق والمغارب في الآية الثالثة مطالع الشمس ومغاربها كل يوم شرقا وغربا ، وبذلك تجتمع النصوص . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  • ﴿قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢٨﴾    [الشعراء   آية:٢٨]
س: ما تفسير قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ، وقوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وقوله تعالى: بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ؟ ج: المراد بالمشرقين والمغربين في الآية الأولى مطلع الشمس جنوب خط الاستواء وشماله ، ومغربها جنوبه وشماله ، والمراد بالمشرق والمغرب في الآية الثانية جهة الشرق وجهة الغرب اللتان تنتقل الشمس فيهما طلوعا وغروبا على مدى الفصول ، والمراد بالمشارق والمغارب في الآية الثالثة مطالع الشمس ومغاربها كل يوم شرقا وغربا ، وبذلك تجتمع النصوص . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ..
  • ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴿٤٠﴾    [المعارج   آية:٤٠]
س: ما تفسير قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ، وقوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وقوله تعالى: بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ؟ ج: المراد بالمشرقين والمغربين في الآية الأولى مطلع الشمس جنوب خط الاستواء وشماله ، ومغربها جنوبه وشماله ، والمراد بالمشرق والمغرب في الآية الثانية جهة الشرق وجهة الغرب اللتان تنتقل الشمس فيهما طلوعا وغروبا على مدى الفصول ، والمراد بالمشارق والمغارب في الآية الثالثة مطالع الشمس ومغاربها كل يوم شرقا وغربا ، وبذلك تجتمع النصوص . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . .
  • ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٢٢﴾    [المجادلة   آية:٢٢]
س: فسروا لنا هذه الآية: لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . إلى آخر السورة ، بعض الناس يكفر بعضهم بعضا حتى آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم ولو كانوا يصلون ، ويكفرون غيرهم ، فبينوا لنا معنى هذه الآية؟ ج: يخبر الله جل شأنه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجد ممن آمن بالله واليوم الآخر ، وأخلصوا قلوبهم لله ، وأسلموا وجوههم له فأطاعوه فيما أمر واجتنبوا ما نهى عنه وزجر قوما يحبون من شاق الله ورسوله ، وعدلوا عما جاء به صلى الله عليه وسلم من عند الله من الهدى والنور ، مهما طال الزمن ، وقلبت فيهم البصر ، وأمعنت النظر فسوف لا تجد من المخلصين الصادقين في إيمانهم من يحب قلبه هؤلاء الكفار ، ولو كانوا من أقرب الناس إليهم نسبة من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وعشيرتهم الأقربين ، وفي هذا ثناء جميل من الله سبحانه على أولئك الأخيار الذين صدقوا الله ورسوله ، واتبعوا ما جاءهم من الهدى والنور ، وفيه ترغيب لهم في الثبات على ذلك والازدياد منه ، وأمر للناس أن يسيروا سيرتهم ، وينهجوا نهجهم في الإخلاص وصدق الإيمان وتحذيرهم من صنيع المنافقين الذين تولوا قوما غضب الله عليهم من اليهود ويحلفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيمانا كاذبة ليرضوه ويقولون: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ . فتضمنت هذه الجملة الثناء على المؤمنين الصادقين بالبراءة من الكافرين ، والتحذير من حبهم ومودتهم ، والنهي عن ذلك كما في قوله تعالى: لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ، وكما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ، وكما في قوله تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ . إلى غير هذه الآيات من نصوص الكتاب والسنة التي نهت عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وغيرهم من الكفار ، وحذرت من تولي من غضب الله عليهم ، ومن اتخذوا دين الله هزوا من الذين أوتوا الكتاب وسائر الكفار . وهذا بيان من الله تعالى لحكم أعمال القلوب من محبة ووداد وبراء من الكافرين وبغضهم وبغض ما ارتكبوه من غي وضلال ، أما المعاملات الدنيوية من بيع وشراء وسائر تبادل المنافع فتابع للسياسة الشرعية والنواحي الاقتصادية ، فمن كان بيننا وبينهم موادعة جاز أن نتبادل معهم المنافع من بيع وإجارة وكراء وقبول الهدايا والهبات والمكافأة عليها بالمعروف والإحسان إقامة للعدل ومراعاة لمكارم الأخلاق على أن لا يخالف ذلك أصلا شرعيا ، ولا يخرج عن سنن المعاملات التي أحلها الإسلام ، قال الله تعالى: لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ومن كان بيننا وبينهم حرب أو اعتدوا علينا فلا يجوز أن نتولاهم في المعاملات الدنيوية ، بل يحرم ذلك كما حرم توليهم بالمحبة والإخاء ، قالت الله تعالى: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بيانا عمليا في السلم والحرب مع اليهود بالمدينة وخيبر ومع النصارى وغيرهم من الكفار ، ثم بين الله تعالى السبب الذي كان منه بغضهم للكافرين فقال : أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ إن هؤلاء الذين صدقوا الله ورسوله هم الذين قرر الله في قلوبهم الإيمان وثبته في نفوسهم وأيدهم ببرهان منه ونور وهدى فوالوا أولياءه وعادوا أعداءه وساروا على الشريعة التي رضيها الله تعالى لهم دينا ، ثم بين جزاءهم بقوله : وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أي أنه يتفضل الله عليهم بمنه وكرمه فيدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار فيها من النعيم المقيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فينعم بذلك النعيم أولئك المخلصون الأطهار مقيمين فيها أبد الآباد لا يفنى نعيمها ولا يزول ما هم منها بمخرجين رضي الله عنهم بما حققوه من إيمان صادق وعمل صالح ورضوا عن قضائه وتشريعه وجزائه وأثنوا عليه بما هو أهله ، ثم ختم السورة بقوله سبحانه : أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فأخبر تعالى بأنهم جنده الذين تولوه بالطاعة فتولاهم بنصره وفضله وإحسانه في الدنيا والآخرة وكانوا هم الفائزين دون من خادع الله ورسوله وتولى الكافرين ، ومن ذلك يتبين ما يأتي : أولا : أن من أحب الكفار ووادهم دينا فهو كافر كفرا يخرج من ملة الإسلام . ثانيا : من أبغضهم بقلبه وتبادل معهم المنافع من بيع وشراء وإجارة وكراء في حدود ما شرع الله فلا حرج عليه . ثالثا : من أبغضهم في الله ولكن عاشرهم وعاش بين أظهرهم لمصلحة دنيوية وآثر ذلك على الحياة مع المسلمين في ديارهم فهو آثم ؛ لما في ذلك من تكثير سوادهم والتعاون معجم دون المسلمين ولأنه عرض نفسه للفتن وحرمها من التعاون مع المسلمين على أداء شعائر الإسلام وحضور مشاهده والتناصح والتشاور مع المسلمين فيما يعود على الأمة الإسلامية بالقوة والنهوض إلى ما تسعد به في الدنيا والآخرة ، إلا إذا كان عالما يأمن على نفسه الفتنة ويرجو من إقامته بينهم أن ينفع الله به في الدعوة إلى الإسلام ونشره بينهم . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
إظهار النتائج من 231 إلى 240 من إجمالي 8502 نتيجة.