هل في القرآن فاضل ومفضول؟
في القرآن فاضل ومفضول، وإن كان المتكلم بالجميع هو الله –عز وجل-، لكن نظرًا لموضوع الكلام فإنه يتفاوت، فالآيات أو السور التي تتحدث عن الله -جل وعلا- أفضل من الآيات التي تتحدث عن الأحكام، والآيات التي تتحدث عن العقائد أفضل من الآيات التي تتحدث في الأحكام وهكذا، وفضلًا عن كون السورة تتحدث في قصة رجل كافر كـ{تَبَّتْ} [المسد: 1].
وقد جاء في فضل {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1]، أنها تعدِل ثلث القرآن، وجاء فضلٌ في آية الكرسي، وفضل في سورة الفاتحة، وغير ذلك من السور والآيات التي جاءت في فضلها نصوص، ولا يعني هذا تنقص بعض السور أو قلة الأجر في قراءتها، فسورة {تَبَّتْ} في كل حرف منها عشر حسنات كغيرها من السور، لكن لا تعدل ثلث القرآن مثل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
ويقال مثل هذا في التفضيل بين الأنبياء، يقول الله -جل وعلا-: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تخيروني على موسى» [البخاري: 2411]، ويقول –صلى الله عليه وسلم-: «لا تخيروا بين الأنبياء» [البخاري: 2412]، ويقول –صلى الله عليه وسلم-:«لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى» [البخاري: 3395].
فمتى يُمنع التفضيل سواء كان في الآيات أو بين الرسل؟ نقول: إذا أدّى هذا التفضيل إلى تنقص المفضول فيُمنع، فلا يُفضَّل بين الآيات ولا تتنقص ولا يترك بعضها؛ لأن بعض الناس -لا سيما من بعض الفرق المبتدعة- لا يقرأ سورة {تَبَّتْ}؛ لأنها تتحدث في أبي لهب، وهو عم النبي –صلى الله عليه وسلم- ومن آل بيته، و«عم الرجل صنو أبيه» [مسلم: 983]، وهذا على زعمهم إهانة للنبي –صلى الله عليه وسلم-، نسأل الله السلامة والعافية، فإذا أدى هذا إلى التنقص فيُمنع التفضيل.
هل يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر في المصائبِ لا في المعائبِ؟
يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر في المصائبِ لا في المعائبِ، كما في حديثِ مُحاجَّةِ آدمَ وموسى -عليهما السلام- لما انتهى أثرُ المعصيةِ بالتوبة وبَقِيَ أثرُ المصيبةِ وهو الخروج من الجنة، احتجَّ آدمُ بالقَدَرِ فحجَّ آدمُ موسى –عليهما السلام- [البخاري: 3409]. لكن لا يجوزُ للمُسلمِ أن يَحتَجَّ على معصيته ويستمرَّ عليها، بما احتج به المشركون في قولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148] فهذا ضلالٌ، نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ.
ما أنواع القياس وما يجوز منه لله سبحانه وتعالى؟
القياس أنواع:
- منه قياسُ تمثيلٍ، وهو إلحاقُ الفرعِ بالأصلِ لوجودِ العلَّةِ. وهذا النَّوعُ من القياسِ لا يمكنُ أن يُستعمَلَ في حقِّ اللهِ؛ لأن اللهَ- جلَّ وعلا يقولُ عن نفسه: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
- ومنه قياسُ الشمولِ وهو المعروفُ عندَ المناطِقَةِ بالاستدلال بالكليِّ على الجزئيِّ بواسطةِ اندراجِ ذلك الجزئيِّ مع غيرِه تحتَ هذا الكُليِّ، وهذا مبنيٌّ على استواءِ الأفرادِ المندرجةِ تحتَ الكليِّ بحيثُ تشملُها قاعدةٌ كليَّةٌ تتساوَى فيها أفرادُها، ولا يمكِنُ استعمالُ هذا القياسِ بالنسبةِ للهِ؛ لأنه لا يَنْدَرِجُ مع غيرِه تحتَ قاعدةٍ أو تحتَ عمومٍ، تعالى اللهُ عما يقولون علوًّا كبيرًا، فلا مساواةَ بينَ اللهِ وبينَ خلقِه.
- ومنه قياسُ الأَوْلَى، وهذا النوع من الأقيسة يُستَعْمَلُ في حقِّ اللهِ، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60]، فإذا أثبَتْنَا أيَّ كمالٍ للمخلوقِ وأمَكَنَ أن يتَّصِفَ به الخالقُ، فالخالقُ أَوْلَى به من المخلوقِ، فالمخلوقُ يُمْدَحُ ويُثْنَى عليه، واللهُ له الحمدُ المطلقُ والكمالُ المطلقُ من جميعِ الوجُوهِ. لكن هناك من الكمالاتِ بالنسبةِ للمخلوقين ما لا يُمْكِنُ أن يتَّصِفَ به الخالقُ؛ فالولدُ كمالٌ بالنسبةِ للمخلوق، لكنه ليس كمالًا بالنسبةِ للـهِ؛ لأن هذا نقصٌ، وقد جاءَ النصُّ بنفيِه عن اللهِ ـ كما في قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3].
ما الفرق بين الحمد والثناء وبيان الشكر؟
أَوْلَى ما يقال في معنى الحمدِ ما ذكَرَه ابنُ القَيِّمِ –رحمه الله- في (الوابلِ الصيبِ): أنه الإخبارُ عن اللهِ -جل وعلا- بصفاتِ كمالِه سبحانه مع محبتِه والرضا به. وأكثرُ العلماءِ يفسِّرونَ الحمدَ بأنه الثناءُ على المحمودِ بالصفاتِ الاختياريةِ لا بالصفاتِ الذاتية، وعلى هذا يشترِكُ الحمدُ مع المدحِ، وتعريف الحمد بالثناء فيه نظر، إذ الصحيحُ في الثناء أنه من التثنيةِ وهو تكريرُ المَحامِدِ شيئًا بعدَ شيءٍ، وجاء في الحديثِ الصحيحِ «قَسَمْتُ الصلاةَ بيني وبينَ عبدي نصفَيْنِ، ولعبدي ما سأَلَ، فإذا قال العبدُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين. قال اللهُ: حَمِدَني عبدي. وإذا قال: الرحمنُ الرحيمُ. قال: أثنى عليَّ عبدي» [مسلم: 395]. فدلَّ على أن الحمدَ غيرُ الثناءِ.
وهناك شيء ثالث يذكره العلماء عند كلامهم على الحمد وهو الشكرُ، فإن الشكر من أجلِّ العباداتِ، وحقيقته استعمالُ النِّعمِ فيما يُرْضِي اللهَ -جل وعلا-. والنعمُ عمومًا إذا لم تُسْتَعْمَلْ فيما خُلِقَتْ له مما يُرْضِي اللهَ -جل وعلا- انقلَبَتْ نِقمًا، فعلى الإنسانِ أن يَسْتَمرَّ شاكرًا للهِ، ويلاحظ في الشكر التسلسل، والتسلسل الذي لا ينتهي ممنوعٌ إلا الشكرَ؛ لأنه يكونُ في مقابلةِ نعمةٍ، فإذا أنعَمَ اللهُ عليك وشكَرْتَه، فتوفيقُك لهذا الشكرِ نعمةٌ تحتاجُ إلى شكرٍ، وشكرُ النعمةِ الثانيةِ توفيقٌ من اللهِ -جل وعلا- وهو نعمةٌ تحتاجُ إلى شكرٍ، وهكذا. فلا مانعَ من التسلسلِ في هذا الأمر.
ما فَضْل يَوم عَرَفَة؟
قالت عائشة -رضي الله عنها-: إنَّ الرَّسُول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- قال: ((ما من يومٍ)) ما: نافية هذهِ، ومن زائدة لتأكيد النَّفي، ويوم نكرة في سياق النَّفي فَتَعُمّ جميع الأيَّام، ((ما من يومٍ أكثر منْ أنْ يُعتِقَ اللهُ فيهِ عبداً من النَّار من يومِ عَرَفة)) ((يومٍ)) نكرة في سياق النَّفي فَتَشْمَل جميع الأيَّام عامَّة، وعلى هذا يكُونُ يوم عرفة أفضل الأيَّام على الإطْلاق؛ لِما فيهِ من هذا الثَّواب العظيم وهو العِتْق من النَّار، فهو أفضل الأيَّام على الإطْلاق، وقالَ بهذا جمعٌ غفير من أهلِ العِلم، وَرَجَّحَ بعضُهُم يوم الجُمعة عليهِ لِحديث: ((ما طلعت الشَّمسُ على أفضلِ من يوم الجُمعة)) وحُملَ هذا الحديث عند أكثر العُلماء على أنَّهُ أفضل يومٍ في الأُسبُوع، وأمَّا يومُ عرفة فهو أفضلُ يومٍ في العام، وجاء في الحديث الصَّحيح أنَّهُ يُكفِّرُ سنتين السنةً الماضية والباقية، فيومُ عرفة شأنُهُ عظيم كثيرٌ من النَّاس يَمُرُّ عليهِ كغيرِهِ من الأيَّام لا يَسْتَشْعِر أنَّهُ في هذا اليوم العَظِيم، إذا وُجِدْ في صَعِيدِ عَرَفة في يوم عَرَفة وبينَ الحُجَّاج من ينام من صلاةِ الجَمْع إلى غُرُوب الشَّمس! يُوجد! يعني ليسَ المسألة كلام افْتِراضي ولاّ تَوَقُّع – لا – واقِع!!! وعلى كُلِّ حال هذا أفضل بكثير مِمَّنْ اسْتَغَلَّ هذا الوقت فيما حرَّم الله عليهِ، يعني كُونُهُ ينام أفضل من كَونِه يَتَتَبَّع عورات المُسلمين، ويَدُور بين مُخيَّمات النَّاس وبَصَرُهُ يمين وشِمال، وكَلامُهُ في القِيلِ والقال، وقد يخرُجُ منهُ إلى الكلام المُحَرَّم من الغِيبَة والنَّمِيمة والسُّخْرِيَة والاسْتِهْزَاء وغيرِهِ، إضافَةً إلى فِعْلِهِ المُحَرَّم، وكما قال الله -جلَّ وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [اللَّيل/4]، وكُلٌّ على ما اعْتَاد! تَعَرَّف على الله في الرَّخاء يَعْرِفْكَ في الشِّدَّة، ورَأَيْنا من هذا النَّوْع، وذَاكَ النَّوع، ورَأَيْنا مَنْ اسْتَغَلَّ وَقْتَهُ كُلَّهُ بالذِّكْرِ وتِلاوَةِ القُرآن والدُّعاء، لا يَفْتُرُ عنْ ذلك! ورَأَيْنا في هذا الصَّعِيد المُبارك مَنْ لمْ يَثْنِ رُكْبَتَهُ أمْر ونهي في كُلِّ الوقت! على ما تَعوَّد طُول العام! فَاحْتَطْ لِنَفْسِك؛ واعْمَلْ وقَدِّم فِي أيَّامِ السَّعة؛ لِتُحْفَظْ في أيَّامِ الشِّدَّة، أمَّا تقول والله هذهِ ساعات أحْفَظُها، لو أنَّ الإنْسَان خَاطَ فَمَهُ ليسَ بكثير! ويَجْزِم أنَّهُ خلاص ثلاثة أيَّام الحج لا يَرْفُث ولا يَفْسُق، ثُمَّ بعد ذلك لا يَصْبِر ولا لَحْظَة إنْ جَاءَهُ أحد ولاَّ ذهب يَبْحَث عن أحد!!! على ما تَعوَّد طُول العام! تَعَرَّف على الله في الرَّخاء يَعْرِفْكَ في الشِّدَّة، ولاَّ هذهِ الأُجُور وهذا الفَضْل العَظِيم المُرَتَّب على هذِهِ الأيَّام الأربعة، الحج الآن لا يزيد على أربعة أيَّام، يعني إنْ زَاد خامِسْ فهو مُتأخِّر ما هُو مُتَعَجِّل، ولا يستطيع الإنسان أنْ يحفظ نفسهُ في هذهِ الأيَّام اليَسِيرة! في هذهِ السَّاعات القليلة! لا شكَّ أنَّ مثل هذا ليسَ بعلامة قَبُول! ولا علامة تَوفِيق! والحِرْمَانْ ظاهِر بالنِّسبَةِ لكثيرٍ من النَّاس! حتَّى مع الأسَف مِمَّنْ يَنْتَسِب إلى طَلَبِ العلم، على ما تَعَوَّد! تَجِدُهُ طُول العَام رُوحَات وجَيَّات ومع الإخوان، ومع الزُّمَلاء، واسْتِراحات، وسَهْرَات، ولا يَعرِف القُرآن إلاَّ إنْ تَقَدَّم قبل الإقامة بخمس دقائق أو عشر دقائق ولاَّ رَاح وِرْدُهُ من القُرآن، وغير القُرآن من الأذكار التِّي جاءَ الحَثُّ عليها ، يقول: ((ما من يومٍ أكثر من أنْ يُعتق الله فيهِ عبْداً من النَّار من يوم عَرَفة، وما رُئِيَ الشَّيطان أَحْقَر، ولا أَغْيَظ مِنهُ في هذا اليوم))، مِمَّا يرى من تَنَزُّل الرَّحمات على عِبَادِ الله، ((وإنَّهُ لَيَدْنُو)) والضَّمير يَعُودُ إلى الله -جلَّ وعلا-، ((لَيَدْنُو)) دُنُوًّا يَلِيقُ بِجَلالِهِ وعَظَمَتِهِ كما أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، ((ثُمَّ يُباهِي بهم ملائِكَتَهُ، فيقول: ماذا أرَادَ هؤُلاء؟)) هَؤُلاء الذِّين أتوا شُعْثاً غُبْراً ضَاحِينْ، مَكْشُوفِي الرُّؤُوس للشَّمس، وللبرد والحرّ، جَاؤُوا من أصْقَاعِ الدُّنيا، لَبَّوا النِّداء، ثُمَّ جاؤُوا يَبْحَثُون عنْ أيِّ شيء؟! يَبْحَثُون عن هذا العِتْق؛ لكنْ لا شكَّ أنَّ هذا نصّ من نُصُوص الوعد إذا لم يحصُل مانع، فالوُقُوف في هذا الصَّعيد، والحجّ، والتَّعرُّض للنَّفحات، وأيضاً صِيام رمضان وقِيامُهُ، وقِيام ليلة القَدْر، كُلُّها أسباب، إذا لَمْ تُعَارَضْ بِمانع، قد يكُون السَّبب موجُود؛ لكنَّهُ مُعارضٌ بِمانع، فلا يَتَرَتَّب عليهِ أثَرُهُ؛ لأنَّ الذِّي يرجِع من ذُنُوبِهِ كيوم ولَدَتْهُ أُمُّهُ من هُو؟! من حجَّ فلمْ يَفْسُق ولم يَرْفُث، الذِّي يَفْسُقْ ويَرْفُث أنَّى لهُ ذلك؟! وإنْ كانت رَحْمَة أَرْحَم الرَّاحِمين وَاسِعَة؛ لكنْ يبقَى أنَّ هذهِ أُمُور رُتِّبت على مُقدِّمات لا بُدّ من تَوَافُرِها.
ما حكم لبس البنطال أمام المحارم؟ وما هي عورة المرأة أمام المحارم يعني وأمام النساء؟
أولاً: عورة المرأة عند المرأة هي كعورتها عند محارمها؛ لأن النساء في الآيتين في آية النور والأحزاب عطفن على المحارم، فعورة المرأة عند المرأة كعورتها عند أبيها وأخيها، وعورتها عند محارمها ما يظهر غالباً كطرف الساعد وطرف القدم والشعر، وما أشبه ذلك، وما عدا ذلك فلا يجوز إخراجه، ولا إبرازه، وهذا مشروط بأمن الفتنة، فإذا كان خروج مثل هذه الأمور التي تظهر غالباً عند الأب وعند الأخ والعم والخال يثير فتنة وجب ستره، ولو كان من المحارم.
طالب:.......
لا، هذا ليس بمبرر، الأصل أن تخيط المرأة مع ما يتمشى مع تعاليم دينها، فإذا كان ما يباع فيه إثارة، وفيه فتنة لا يجوز لبسه.
طالب:.......
الضيق الذي يبيّن الجسم ممنوع، يذكر في محافل المسلمين -مع الأسف الشديد- واجتماعاتهم كالأعراس والأعياد وشبهها من تعري النساء أمام النساء بحجة أنها أمام امرأة لا تثير شهوة، وذُكر من شهوة النساء بعضهن لبعض شيء لا يخطر على البال، وهناك حوادث ووقائع حصلت ينبغي أن يحتاط المسلم لدينه ولمحارمه، إذا أضفنا إلى ذلك هذه الآلات التي تصور النساء، وكم من امرأةٍ عفيفة متحجبة وحضرت بعض المحافل وصُور الوجه فقط، ثم ركب هذا الوجه على جسدٍ عارٍ، ثم حصلت فيه المساومة، الوضع خطير جداً يا الإخوان، وكم من امرأة وقعت في حبائل الشيطان وهي في الأصل عفيفة بسبب هذا التساهل.
فإذا غلب على الظن أنه يحضر في هذه المحافل من يرتكب منكراً لا يمكن الإنكار عليه لا يجوز الحضور، وإذا غلب على الظن وجود كاميرات تصوير أو جوالات فيها تصوير أو شيء من هذا لا يجوز الحضور بحال.
ما الطريقة المثلى لصلاة التراويح؟ وهل يلزم أن يدخل فيها صلاة الشفع والوتر؟ وماذا عن كيفية دعاء القنوت؟
الطريقة المثلى تطبيق ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعاً، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث.
هذه الطريقة المثلى بالنسبة للكم، وأما بالنسبة للكيف فكما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه يطيل الصلاة، الناس لما كانوا يصلون ثلاث وعشرين ركعة وكانوا يخففونها جداً، ثم بعد ذلك تشبث بعضهم بمثل هذا الحديث في الكم وغفل عن الكيف، فبدلاً من أن يصلي التراويح في ساعة صار يصليها في نصف ساعة، ويرى أن هذا أقرب إلى تطبيق السنة.
الأقرب إلى تطبيق السنة امتثال الكم والكيف، وأما إذا عجز عن الكيف فليكثر من الصلاة وهي أفضل ما يتقرب به إلى الله -عز وجل-، ولذا جاء في الحديث لما سئل عن صلاة الليل قال: ((مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فصل واحدة توتر لك ما قد صليت)) فالذي لا يستطيع أن يأتي بكيفية الصلاة النبوية فليكثر ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) سمعنا ما يتذرع به بعض الناس أن بدلاً من أن الناس يصلون التراويح في ساعة ثلاث وعشرين ركعة صار يصلي في نصف ساعة، إحدى عشرة ركعة، ويقول: إنه امتثل ما كان يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه كان يصلي ثلاثة عشرة، وثبت عنه أنه صلى خمسة عشرة، ومع ذلك قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) بلا تحديد، والمنظور إليه في قيام الليل عموماً في رمضان وفي غيره إلى الزمن كما جاء في سورة المزمل، الزمن، ساعة، ساعتان، ثلاث ساعات، نصف الليل، أو ثلثه، أو ما يطيقه الإنسان ويستطيعه من غير تحديد، لكن مع ذلك هذه الساعة إذا أراد أن يصلي، هذه الساعة أو الساعتين له أن يصلي فيها إحدى عشرة في الساعتين وهذا أقرب لامتثال الكم مع الكيف، وإذا أراد أن يصلي في هاتين الساعتين ثلاثة وعشرين ركعة أكثر أقل، يعني يصلي مثنى مثنى إلى أن يخشى فوات وقت الوتر ثم يوتر بواحدة.
المقصود أنه يستوعب هذا الزمان، مع أن أهل العلم يختلفون في الأفضل كثرة الركوع والسجود أو طول القيام مع كثرة القراءة، مع طول القراءة، هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، يرجح بعضهم طول القراءة وهي القنوت، وأن هذا يسمى قيام، من الوقوف، قيام الليل أظهر في طول القيام، وجاء فيه أنه هو القنوت {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] ومنهم من يرجح كثرة السجود وإطالة السجود؛ لأن العبد أقرب ما يكون إلى ربه وهو ساجد، وعلى هذا فالمنظور إليه الوقت، من قام ساعتين أفضل ممن قام ساعة بلا نزاع، ولو صلى هذا أربعين ركعة وذا صلى إحدى عشرة ركعة إلا عند من يقول: إنه لا تجوز الزيادة، وأن الزيادة بدعة، لكن لا قائل به من الأئمة المعروفين، لا قائل به من الأئمة المتبوعين.
وماذا عن كيفية دعاء القنوت؟
دعاء القنوت جاء فيه حديث الحسن بن علي: "اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت"... إلى آخره، ثم إذا دعاء بما يحتاج إليه من أمور دينه ودنياه شريطة أن لا يغلب على الصلاة فيكون أطول منها أو له قدر وله وقع في الوقت المحدد لهذه الصلاة، يدعو ويتخير جوامع الكلم، ويحرص على ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام
ما علامات ليلة القدر؟
هناك علامات يستدل بها على ليلة القدر، منها ما يثبت، ومنها ما لا يثبت، منها أنها ليلة قارة، ومنها أنها ليلة مضيئة، ليلة بلجة، وذُكِر فيها أشياء يستدل بها عليها، البحر لا يهيج، والكلاب لا تنبح، وأمور كثيرة ذكرها أهل العلم منها ما يثبت، ومنها ما لا يثبت، ((والشمس في صبيحتها تطلع ليس لها شعاع))، على كل حال هي ليلة بلجة طلقة، يحس الإنسان فيها بارتياح، ليس فيها حر شديد، ولا برد شديد، ولا حر ولا قر مريحة جداً، هذه من علاماتها ولا يدرك مثل هذه الأمور كل أحد، الذي لا يوفق للاجتهاد فيها قد لا يدرك هذه الأمور، الذي يقضي أيامه ليله ونهاره في الغفلات قد لا يدرك، ولا يتحقق هذه الأمور، وقد يقول قائل: أنا أدركت ليلة القدر أو ما أدركت أنا بصلي، أنا بأقوم مع الإمام حتى ينصرف كل ليلة من ليالي العشر، نقول: أنت على خيرٍ عظيم، وتدرك ليلة القدر -إن شاء الله تعالى- لكن ليس معنى أنك تدركها مع حضور القلب مثلما تدركها وأنت غافل لاهي؛ فالإنسان يحرص على حضور قلبه، يعني هناك أمور هذا يفتح أبواب ويجرنا إلى الكلام في أحاديث يعني على اختلاف المطالع ليلة القدر عند من؟ وهذا يؤكد أن ليلة القدر كما تكون في أوتاره تكون في أشفاعه، يعني عند هؤلاء ليلة ثلاث وعشرين، وعند أولئك سابعة تبقى ليلة أربع وعشرين وش المانع؟ تجتمع هنا وهناك، مع اختلاف المطالع، وهؤلاء عندهم ليل وهؤلاء عندهم نهار، الثلث الأخير من الليل عند هؤلاء وهؤلاء عندهم نهار، وش تبي تسوي؟ حديث النزول مع كونه -جل وعلا- مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، يعني أمور حقيقةً الإيغال فيها مع طلاب علم يستوعبون ما يخالف لا بأس؛ لكن بحث مثل هذه المسائل عند عوام لا يدركونها لا شك أنه يوقف في الحرج، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقرر أن الله ينزل آخر كل ليلة، وآخر كل ليلة متفاوت، هؤلاء عندهم أول الليل، وهؤلاء عندهم آخره، وهؤلاء عندهم.. ويجتمعون، كيف يجتمعون في آخر الليل؟ النزول الإلهي بالنسبة لأهل المشرق يختلف عنه عند أهل المغرب، إذاً كل وقته نازل، هذا إيش؟ إلزام من يريد إنكار هذا الحديث من بعض المبتدعة، وشيخ الإسلام يقول: أبداً، الله -جل وعلا- ينزل كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق على ما يليق بجلاله وعظمته، وكل إنسان يتعرض لهذا النزول ولا عليه أكثر من ذلك، ليس عليه أكثر من ذلك، حتى لو تصور أنه كيف ينزل وهو مستوٍ على عرشه بائن من خلقه؟ شيخ الإسلام يقرر أنه ينزل آخر كل ليلة مع أنه مستوٍ على عرشه، هذه أمور قد لا يدركها العقل؛ لكن مثل هذا لا بد فيه من التسليم، قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، ما لك إلا تقول: سمعنا وأطعنا، أحاديث صحيحة استوعبتها أو ما تستوعب هذا ليس إليك، يقول: ينزل آخر كل ليلة ولا يخلو منه العرش، العامي ما يستوعب؛ لكن طالب العلم يرضى ويسلم وخلاص انتهى الإشكال، بل على العامي أن يؤمن بهذا، ويعتقد هذا؛ لكن مثل هذه الأمور لا تلقى على العامة، ولذا من أعظم المشكلات أن تذكر مثل هذه الأمور وتبحث في القنوات التي دخلت كل بيت، ولم يسلم منها إلا من عافاه الله -جل وعلا-، يشككون الناس في أديانهم، يعني شبه المبتدعة الآن كلها تلقى في البيوت، في بيوت عوام المسلمين، وهذه من أعظم المعضلات، طيب في الحديث الصحيح: ((أن الشمس تسجد تحت العرش في آخر كل ليلة، وتستأذن)) هل تطلع أو ما تطلع؟ أحد ينكر هذا، هذا في الصحيح، والشمس لا يفقدها الناس، في فلكها أربع وعشرين ساعة، نقول: سمعنا وأطعنا ورضينا وسلمنا، ولا لأحدٍ كلام، ويبقى أن في النصوص من المتشابه ما لا يدركه أحد {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [(7) سورة آل عمران] ويبقى أن المؤمن الراسخ في العلم يقول، ماذا يقول؟ آمنا، صدقنا، وسلمنا، ولا لنا كلام، وأما الذين في قلوبهم زيغ يريدون أن يضربوا النصوص بعضها ببعض، فيتتبعون المتشابه، وهؤلاء الذين أُمِرنا بالحذر منهم، ((أولئك الذين سمّ الله فاحذروهم))، أنت ما عليك أنت في بلد في قرية بعيد قريب في المشرق في المغرب انظر إلى الثلث الأخير، وافعل ما وجهت به، وقم وامثُل بين يديك، وناجي ربك، ولا عليك أكثر من هذا، أنت عليك أن تفعل ما عليك، وأبشر وأمل خير -إن شاء الله-.
ما حكم الحج؟
الحج أحدُ أركان الإسلام، وأحدُ مَبانِيهِ العِظام، جاءت النُّصُوص التِّي تَدُلُّ على أنَّهُ رُكْن من أركانِ الإسلام، ومن أشْهَرِها حديث ابن عُمر المُتَّفق عليهِ: ((بُنِيَ الإسلامُ على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ مُحمَّداً رسُولُ الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، والحج، وصومُ رمضان)) هذا في المُتَّفق عليه – أعني تقديم الحج على الصِّيام، وهو المُرَجَّح عند الإمام البُخاري؛ ولِذا بَنَى كِتَابَهُ على ذلك، فَقَدَّم المناسك على الصِّيام. جاء في صحيح مُسلم من حديث ابن عُمر أيضاً الحديث نفسِهِ أنَّهُ قال: (( بُنِيَ الإسلامُ على خمس شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ مُحمَّداً رسُولُ الله و إقام الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، وصومُ رمضان، والحج ، قال لهُ رجل: الحج وصومُ رمضان؟ قال: لا، صومُ رمضان والحج)) والرِّواية التِّي فيها تقديم الحج على الصِّيام في الصَّحيحين، وهذا الاسْتِدْرَاك من ابن عُمر على هذا القائل في مُسلم، كَأنَّ ابنُ عُمر -رضي الله عنهما- أرَادَ أنْ يُؤَدِّب هذا القائل، وأنَّ الحديث مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- على الوَجْهَيْن، فَلَمَّا اسْتَدْرَكَ عليهِ وقال: ((الحج وصوم رمضان، قال: لا، وصومُ رمضان والحج)) وهو مُتأكد من رِوايَتِهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- على هذا الوَجْه؛ وإنْ كان لا يَنْفِي الرِّوايات الأُخْرَى، ومنهُم من يقول أنَّ ابنُ عُمر نَسِي الرِّواية التِّي فيها تقديم الحج على الصِّيام، وعلى كُلِّ حال جُمهُورُ أهل العلم على تقديمِ الصِّيام على الحج، وبَنَوْا على ذلك مُؤَلَّفاتِهِم؛ لكنَّ الإمام البُخاري كأنَّهُ رَجَّح رواية تقديم الحج على الصِّيام، وبنى على ذلك تَرْتِيبَ الكِتاب.
الأركان الخَمْسَة، بالنِّسبة للرُّكْنِ الأوَّل من لَمْ يَأْتِ بِهِ لمْ يَدخُل في الإسْلامِ أصْلاً ((أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاس حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إله إلاَّ الله – أو حتَّى يقُولُوا لا إلهَ إلاَّ الله)). الصَّلاة المنقُول عن الصَّحابة تَكْفِير تارِك الصَّلاة، كان هذا اتِّفَاق منهم على كُفْرِ تارِكِ الصَّلاة، بَقِيَّة الأرْكَان من الزَّكاة والصِّيام والحج، القولُ بِكُفْرِ تارك كل واحدٍ منها قولٌ معرُوف عند أهل العلم، قالَ بِهِ جَمْعٌ من أهلِ العِلْم ولو اعْتَرَفَ بالوُجُوب، أمَّا إذا أَنْكَرَ الوُجُوب فهو كافرٌ إجماعاً، فَتَاركُ الزَّكاة المُمْتَنِع من دَفْعِ الزَّكاة كافِر عند بعض أهلِ العلم ولو أقَرَّ بالوُجُوب، الذِّي لا يَصُوم كافر عند جَمْع من أهلِ العِلْم وإنْ كانَ مُقِرًّا بالوُجُوب، الذِّي لمْ يَحُجّ أو لا يَحُجّ أو لا يَنْوِي الحج كافرٌ عندَ بعض أهلِ العلم وإنْ اعْتَرَفَ بالوُجُوب، والقولُ بِكُفْرِهِ رِواية عن الإمام أحمد نقلها شيخ الإسلام ابن تيميَّة وغيرُهُ في كتاب الإيمان، وعلى كُلِّ حال جُمْهُورُ أهل العلم على أنَّهُ لا يَكْفُر إذا اعْتَرَفَ بالوُجُوب؛ لكنَّ الأمر جِدُّ خطير؛ ولِذا جاء في آية الوُجُوب: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [سورة آل عمران/97]، بعدَ ذلك قال: {وَمَن كَفَرَ} [سورة آل عمران/97] وفي هذا إشارة إلى القول الثَّاني وإنْ لَمْ تَكُنْ نَصّ؛ لَكِنَّها مُؤْذِنة بِأنَّ لهُ أصْل. عُمر بن الخطَّاب -رضي اللهُ عنهُ- كَتَبَ إلى الأمْصَار أنْ يَنْظُر من كانت لهُ جِدَة يَسْتَطِيعُ بها أنْ يَحُجّ، ولم يَحُجّ أن تُضْرَب عليهِ الجِزْيَة "اضربُوا عليهم الجِزْيَة ما هُم بمُسْلِمين، ما هُم بمُسْلِمين"، فالأمر خطير، والتَّساهُل من كثيرٍ من النَّاس يَسْتَطِيع أنْ يَحُجّ، قَادِر على الحجّ بِنَفْسِهِ ومالِهِ ومع ذلكم يَتَأخَّر! الشَّاب يقُول إذا تَخَرَّجْت، والشَّابَّة تقُول إذا تَزَوَّجْت، ويَتَعَلَّلُون ويَتَعَذَّرُونْ بِأَعْذَار لا قِيمَة لها، وأسْمَاء بنت عُمَيْس في الطَّلْق تُطْلَق، جَاءَها المخَاض وتَخْرُج إلى الحج، وتَلِد في المَحْرَم، عَشْرَة كِيلُو عن المدينة، اهتِمام الصَّحابة وعينات تختلف عن تَسَاهُلنا وتَراخِينا، فالله يعفُو ويسامح، هذا رُكْن من أركان الإسلام، ما تدري ما تَحْمِلُهُ الأيَّام بالنِّسبة لك، ما تَدْرِي ماذا يُقدّر لك، هل تَتَمَكَّنْ في غير هذا العام منْ أنْ تَحُج أو لا تَتَمَكَّنْ؟! ولِذا المُرَجَّح عند أهلِ العلم أنَّ الحج واجبٌ على الفَور لا على التَّرَاخِي.