عرض وقفات التساؤلات

  • ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٢٥﴾    [الأنعام   آية:١٢٥]
ما أَسْبَابُ السَّعادة؟ الذي يجعل الإنسان سعيداً وأسبابُ السعادة هي؛ بل من أعظمها، أسبابُ السعادة بالنسبة لهذه الحياة الدنيا في الإيمان بالله -جل وعلا-، وبتحقيق توحيده، ونفي الشرك بجميع صوره وأشكاله الظاهر منه والخفي هذه هي أسباب السعادة مع العمل الصالح، وهذه الحياة الطيبة إنما تكون بذلك، والضيق والحسرة التي تمر بالإنسان إنما هي من وساوس الشيطان؛ ليُزيِّن له الأعمال القبيحة، ويذكر واحد من الإخوان أنَّهُ سافر إلى بلد لا يعرفه فيها أحد ولا يعرف أحداً، فقال: إنه فِي هذهِ الوحدة ولا يوجد من يُؤنسهُ ويقول: إنِّ بعض الناس قال له إنَّ الدخان يوسِّع الصدر، يقولُ: فاشتريتهُ فوضعتهُ في فمي ما أدري إيش يسمُونَهُ المُهم أنَّهُ زاولهُ يقول من أول شفطه أُصبتُ بكحةٍ دائمة وشرق بذلك وسجّرهُ في دورة المياه، فالشيطان لا شك أنه يُوسوس للناس ويُلَبِّس عليهم، وتسمعون كلام بعض الشباب يقولون: نبي نستأنس، والأُنس كله في طاعة الله، ولا أعظم من لذَّة المناجاة إذا حصلت للإنسان، فالأنس كله في طاعة الله -جل وعلا- وأما من لم يرد الله له الهداية فكأنما ترك كما قال الله -جل وعلا-: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام/125] وهذه الآية فيها العجب حيث أثبتت التجربة أن كلما ارتفع الإنسان عن مستوى سطح الأرض يضيق معه الصدر؛ ولذلك يُوصي الأطباء من كان في قلبه شيء من المرض الحسِّي أنْ لا يقصد الأماكن المُرتفعة، أن لا يقصد الأماكن المرتفعة، على كل حال ضيق الصدر سببه وسواس من الشيطان، والبُعد عن الله -جل وعلا- وعن ذكر الله، وعن تلاوة كتابه على الوجه المأمور به، فإذا حصل لك مثل هذا الضيق قم وتوضأ وأحسن الوضوء وصلِّ ركعتين واقرأ في كتاب الله ما تيسر لك ويزول إن شاء الله تعالى.
  • ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾    [الشعراء   آية:٨٨]
ما هو القلب السَّليم؟ وكيف يصلُ المُؤمن إلى أن يكون قلبُهُ سليماً؛ كي يكون مِمَّن نجا يوم القيامة؟ يعني: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88-89) سورة الشعراء] يعني قلب سليم خالص من الغل والحقد والحسد وشوائب البدع والشهوات والشُّبهات، فضلاً عن الشرك بأقسامه، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
  • ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٣﴾    [النور   آية:٣٣]
ما عَوَائِق الزَّواج؟ ((فقال رجل: يا رسول الله زوِّجنيها إن لم يكن لكَ بها حاجة، فقال: هل عندكَ من شيء تُصدِقُها)) الصَّداق لا بُدَّ منهُ، عندك شيء؛ ولِذا صار قَيد، القُدرَة على مُؤَن النِّكاح قَيد ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم))، {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [(33) سورة النــور]، هنا هل عندك من شيءٍ تُصدِقُها؟!، ((قال: ما عندي إِلَّا إِزَارِي هذا)) أمور ميسُورة جدًّا، والتَّكاليف التِّي صارت عائق عن النِّكاح، وصارت حواجز للشَّباب والشَّابَّات على حدٍّ سواء، للذُّكُور والإناث على حدٍّ سواء، يعني ما هو المُتَضَرِّر الشَّباب فقط! بل لو يُقال المُتضرِّر الشَّابَّات أكثر؛ لما بَعُد من وُجُود هذهِ العَوائِق! والمُشكلة أنَّ الأعرَاف هي الحَكَم! والعَادَات هِيَ المَرجِع! وبعضِ النَّاقِصِين من الرِّجال والنِّساء هم الذِّينَ يَتَصَرَّفُون ويَتَحَكَّمُون! طَيِّب مَالُهُ داعي قصر عشرين ثلاثين ألف، وش يكون الرَّد! يقول: بنتي مطلقة تتزوج بالبيت أو باستراحة؟! يعني هل مثل هذا يَعقِل ما يقول! بعض القَاعَات مائة ألف، مائتين ألف لليلة الواحِدة؛ يعني بل هُناك أرقام يعني خشية أن يُكذَّب الإنسان ما يَنطِق بها! مثل هذهِ في الغالب المآل الطَّلاق! وهذا هو الحَاصِل! يُبالغ، ويَخسَر، ويَكِدّ، ويَكدَح، الأُسرة كُلّها تُبالغ؛ وفي النِّهاية أَقَلّ من المُتوَقَّع تصير المرأة! فيكُون المآل إلى هذا! هُناك قَصَص يعني يندَى لها الجَبِين! إضافةً إلى استِعمال المُنكَرات التِّي تُدفع الأموال الطَّائِلة بِسَبَبِها! وهي في الأصل مُحرَّمات! فِرَق تُستَقدَم مِنَ الخَارِج مِن أَجلِ الغِناء بالأموال الطَّائلة! ونَشكُو من كَثرَةِ الشَّباب بِدُونِ زَوجَات! ونَشكُو من كَثرَةِ العَوَانِس! ونُرِيد حَلّ ونضعُ الحَوَاجِز! الحل لا بُدَّ أن يكون جادّ وعَاجِل أيضاً؛ وإلاَّ فالوضع مِن خِلَال الأرقَام التِّي نَسمَعُها مُخِيفٌ جدًّا! يعني تَضَع حَوَاجِز وعَرَاقِيل! وهي جامِعِيَّة والخاطب ما عنده إلاَّ ثانوي كيف تتمّ الحياة بين هذين! يعني كأنه... هذا تَصَوُّر النِّساء! كيف يتم التَّفاهم مع امرأة جامِعيَّة مع شَابٍّ! وفي النِّهاية تجلس عند أهلها، ثُمَّ تُرمَى في أحضان سبعين ثمانين سنة! شخص لا يُحسِن شيء! ما عنده ولا ابتدائي! ومُتعطِّلة منه أكثر المنافِع! هَذِهِ العَوَاقِب ((إذا جَاءَكُم مَن تَرضَونَ دِينَهُ وخُلُقُهُ؛ فَزَوِّجُوهُ)) وإلاَّ النَّتيجة إيش؟!! ((وإن لن تفعلوا تَكُن فِتنَةٌ في الأرضِ وفَسَادٌ عَرِيض)) وهذا هُو الحَاصِل! ((التَمِس شَيئاً)) ابحث ((قال: ما أجد)) ما عندي! يعني مثل هذا يُفكِّر بالزَّواج؟! يعني لو المسألة مُعاوضة بالنِّسبة للشَّابّ الخرِّيج أو اللي ما تَخَرَّج مُعاوضة يعني يمكن عُمره كله ما يستطيع أن يجمع مهر! وإذا جَمَعَ المهر، هل هذا الذِّي جَمَعَه مهما بَلَغ في الكَثرَة، هل هُو عِوَض لِفَلذة كبد هذا الرَّجُل؟! الذِّي كَدَّ عليها، خمسة عشر، عشرين، خمس وعشرين سنة! وفي النِّهاية يأخُذُها بهذا المهر الذِّي تعب عليه عُمرهُ كُلُّهُ! ودُيُون، ويَستمرّ فِي أَزَمَاتٍ نَفسِيَّة بِسَبَب المُطَالَبَات؛ وفي النِّهاية يُصرَف على المرأة وعلى بيتِها!! الأب لَن يَستَفِيد شيء من المهر؛ لَكِن أَينَ العُقُول؟! يعني خلّ هذهِ الدُّيُون تأتِي بالتَّدرِيج للنَّفقة عليهم وتَنحَلّ المُشكِلَة! أمَّا أن يُلزَم الشَّابّ دُفعة واحِدَة ويَستَدِين مائة ألف... طيِّب متى يُسدِّد؟! أو يَبقَى بِدُونِ زَوَاج!! وتَبقَى البِنت بِدُونِ زَوَاج!! فالمَسأَلَة لا بُدَّ فيها من النَّظَر الجَادّ! ((قَالَ: ما أَجِد، قال: فالتَمِس ولو خاتماً من حديد)) يعني ما فيهِ أقلّ من هذا! خاتم من حديد، ولا من فِضَّة بعد! حديد! ((فَالتَمَس فَلَم يَجِد شَيئًا)).
  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٨٣﴾    [البقرة   آية:١٨٣]
ما هى أعظم فوائد الصيام؟ والتَّقوى من أعظم فوائد الصِّيام ، كما في قولِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّتقُون} [البقرة:183] هذه العِلَّة والحِكمة من مشرُوعيَّة الصِّيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّتقُون} [البقرة:183] فهو جُنَّة يقِي العبد مما يكره في الدُّنيا والآخرة.
  • ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿٢٣﴾    [الإسراء   آية:٢٣]
ما هي الأسباب المعينة على بر الوالدين؟ حق الوالدين أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وحق رسوله -عليه الصلاة والسلام، ومن الأسباب المعينة على برهما معرفة النصوص التي جاءت في تعظيم هذا الحق وأنه بعد حق الله -جل وعلا-، وأيضًا معرفة النصوص التي جاءت في التحذير من العقوق وأن قطيعة الرحم أمرها عظيم وشأنها خطير، فإذا كانت هذه صفتها بين الأقارب فكيف بمن هو أقرب الناس إليك وهما والداك؟ فلا شك أن عقوق الوالدين جاءت فيه نصوص كثيرة تحذر منه وتنفر وتتوعد من من اتصف به، فإذا تصورنا هذه النصوص واستحضرناها سواء كانت الآمرة ببر الوالدين أو النصوص التي جاءت في التحذير من عقوقهما لا شك أن المسلم إن كان له قلب فإنه سوف يرعوي وينزجر ويزدجر، وإن كانت الشهوات والشبهات والران الذي غطى على القلوب قد تطغى على الإنسان، هذه الأمور مجتمعة إضافة إلى نفسه وشيطانه تعينه حتى يقدِّم بعض الحقوق على حقوق الوالدين كحقوق الزوجة أو حقوق الأصدقاء وما أشبه ذلك، لكن على المسلم أن يقدِّم ما قدمه الله -جل وعلا-، ومع الأسف أنه قد يوجد عند بعض الطلاب أو بعض الشباب الذين ظاهرهم الاستقامة من يصعب عليه أن يلبي طلب والدته بأن يوصلها إلى مكان ما، فيصعب عليه ويتذرع بأنه مشغول وأنه مرتبط ولو بدرسٍ أو بأمر خير، ولكن إذا دعاه أحد أصدقائه لرحلة أو لنزهة أو ما أشبه ذلك فإنه يخف لذلك ويبادر بالاستجابة، فلا شك أن هذا خلل في التصور، وأنه لا بد من معالجة هذا الأمر، وأن الإنسان لا يكون دينه كاملاً حتى يكون هواه تبعًا لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيقدِّم ما قدمه الله ورسوله، ويؤخر ما أخره الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-.
  • ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴿٣﴾    [الطلاق   آية:٣]
ما حكم الاهتمام الزائد بالادخار للمستقبل من الأموال والمعايش؟ وهل هذا ينافي التوكل؟ ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يدَّخِر قوت سنة لأهله من مال خيبر [البخاري: 5357]، ومع ذلك يمر الهلال والثاني والثالث ولم توقَد في بيته نار، فمع كونه يدَّخِر من الحنطة ومن التمر لا يعني أنه يتوسع في أنواع الأطعمة واللباس، فعيشه -عليه الصلاة والسلام- معروف، كما ذكرنا في الحديث الذي فيه أنه يمر الهلال والثاني والثالث، ثلاثة أهلة في شهرين لم يوقد في بيته نار [البخاري: 6459] وهو أكرم الخلق على الله، فالادخار لما يكفي لمدة سنة لا مانع منه، وهذا لا ينافي التوكل؛ لثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- جاء عنه: «ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا، تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا شيئًا أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا» عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه [البخاري: 6444]، -عليه الصلاة والسلام- {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣]، والله المستعان.
  • ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴿٢٢﴾    [محمد   آية:٢٢]
الذي يكون سببًا في القطيعة بين الأقارب بماذا تنصحونه وفقكم الله؟ قطيعة الرحم من عظائم الأمور ومن كبائر الذنوب، وورد فيها نصوص كثيرة في الكتاب والسنة منها قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: ٢٢-٢٣]، وجاء في السنة نصوص كثيرة بهذا الصدد، فلا شك أن قاطع الرحم قد ارتكب إثمًا وجرمًا عظيمًا، والذي يكون سببًا في هذه القطيعة لا شك أنه مشارك له في الإثم، وإثمه عظيم جدًا، فالمباشر عليه إثمه ووزره، والمتسبب شريك له في ذلك، فعلى الطرفين أن يتوبا إلى الله -جل وعلا-، وأن يسعيا في إصلاح ما أفسداه من القالة بين هؤلاء الأقارب حتى حصلت القطيعة، ثم بعد ذلك يواصلون هذه الصلة.
  • ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴿١﴾    [التكاثر   آية:١]
يتشاغل الناس في أمور كثيرة وينسون أنهم خلقوا لعبادة الله -جل وعلا-، ويتكاثرون بالأموال ويتباهون بها مما يزيد تشوف الفقير وتطلعه إليها فتذهب نفسه حسرات، سؤالي: هل من علاج يقي الفقير التحسر ويحمي منْ منَّ الله عليه ورزقه؟ التشاغل والتلهي بأمور الدنيا ونسيان الهدف الذي خلق الإنس والجن من أجله وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا- جاء التنبيه عليه بقوله -سبحانه وتعالى-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: ١] يعني شغلكم التكاثر في الأموال وفي متع الدنيا ألهاهم وشغلهم عما خلقوا له {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 2]؛ لأن المقابر تذكر بالموت، وإذا تذكر الإنسان الموت أقبل على ربه وخفف من لهثه وراء دنياه، ولذا جاء الأمر بالإكثار من ذكر الموت الذي هو هاذم اللذات. لا شك أن التشاغل بأمور الدنيا يشغل عن العبادة عن عبادة الله -جل وعلا-؛ لأن الدنيا ضرة بالنسبة للآخرة، والأصل في العاقل أن ينشغل بما خلق له، ومع ذلك لا ينسى أن يبحث عما يقيم به هذا الهدف، ولذا جاء التنبيه بقوله -جل وعلا-: {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: ٧٧]، يعني الذي تستطيع به إقامة هذا الهدف. وأما بالنسبة للفقير الذي يتشوف ويتطلع، وإذا نظر إلى هذا الغني وتلذذه واستمتاعه بهذه الدنيا وهو لا يستطيع ذلك فلا شك أن نفسه تتقطع وتتحسر، فعلاج هذا الفقير بحديث: «إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه» [البخاري: 6490]، فأُمِرْنا أن ننظر إلى من هو أسفل منا في أمور الدنيا؛ لأنه أحرى ألا نزدري نعمة الله علينا كما جاء في الحديث «فإنه أجدر أن لا يزدري نعمة الله عليه» [الترمذي: 1780]، ولكن إذا نظر في أمور الدين فإنه لا يجوز له أن ينظر إلى من هو أسفل منه، بل ينظر إلى من هو أعلى منه؛ ليزداد مما يقربه إلى الله -جل وعلا-.
  • ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿١٤٣﴾    [البقرة   آية:١٤٣]
كيف لي أن أميِّز بين الزهد والانقطاع للعبادة من جانب، والغلو والتشدد من جانب آخر؟ الزهد جاء الحث عليه وهو شرعي، والانصراف والتجافي عن الدنيا والإقبال على الآخره أيضًا شرعي، وهو ديدنه -عليه الصلاة والسلام- وديدن صحابته الكرام وتابعيهم بإحسان، ولا يعني هذا تعطيل الدنيا وإبطال ما طلبه الله من عمارة الأرض ونسيان النصيب من الدنيا، والله -جل وعلا- يقول: {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: ٧٧]؛ لأن المسلم بصدد تحقيق الهدف الذي خُلق من أجله وهو العبودية لله -جل وعلا-، لكن هو يحتاج من الدنيا ما يعينه على تحقيق هذا الهدف، ولذلك ذكّر به خشية أن يستغرق فينسى ما يعينه على تحقيق الهدف من أمر نصيبه من الدنيا، وعلى كل حال الانقطاع للعبادة والزهد هذا أمر مطلوب، وهو ديدن الصحابة –رضي الله عنهم- وشأنهم، وكثيرٌ من أهل العلم انقطعوا لذلك وتفرغوا له، ومع ذلك لم يجلسوا عالة يتكففون الناس؛ لأن هذا ذم جاء النهي عنه في الحديث الصحيح في حديث سعد –رضي الله عنه- [البخاري: 1295]، فإذا جمع بين تحقيق الهدف الذي خلق من أجله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، وركّز على هذا وكان هو همه، ثم بعد ذلك سعى إلى ما يحقق به هذا الهدف من أمر الدنيا فإن هذا هو الكمال، لكن بعض الناس ينصرف إلى العبادة وينقطع ويتكل على المخلوق، فتجده يسأل الناس، هذا مذموم شرعًا، وكذلك العكس، إذا انهمك في أمور دنياه ونسي ما خلق من أجله وفرط فيه، وهذا أيضًا مذموم، فالتوازن هو المطلوب، وأما الغلو والتشدد في الدين الذي لا يدل له دليل، وهو المقابل للتفريط؛ لأن من الأمة من هو مفَرِّط يضيّع بعض الواجبات ويرتكب بعض المحظورات، ومنهم من هو على عكس ذلك مبالغ ومفْرِط، وكلاهما مذموم، والمطلوب هو التوسط الذي هو منهجه -عليه الصلاة والسلام- ومنهج صحابته الكرام، وهو صفة هذه الأمة {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]، والله أعلم.
  • ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾    [الأحزاب   آية:٥٦]
دائمًا أستمع إلى إذاعة القرآن الكريم، وإلى إذاعة نداء الإسلام، وفي معظم الوقت أكون شبه نائم، فأسمع ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فأصلي عليه دون أن أحرك شفتي، فهل هذا يجوز ويكفي؟ من سمع ذكر اسمه -عليه الصلاة والسلام- فإنه يصلي عليه، والبخيل كما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «الذي من ذكرت عنده فلم يصلِّ علي» [الترمذي: 3546]، والصلاة لا تتم إلا بالكلام الذي يلزم منه تحريك اللسان والشفتين، وكثير من الناس إذا أوى إلى فراشه يفتح إما إذاعة أو مسجلًا أو ما أشبه ذلك يستمع إما محاضرة أو برنامجًا ينتفع به من علم أو قرآن؛ ليستغل الوقت، ثم قد يغشاه النوم وينسى هذا المسجل أو ذلك المذياع، فعلى الإنسان أن يهتم بهذا الأمر، ولا يترك القرآن يُقرأ ويُتلى ولا يستمع إليه أحد، فإن هذا من امتهانه، لكن إذا غشاه النوم من غير قصد ولا اختيار وقصْدُه أن ينتفع بالقرآن قبل أن ينام فهو مأجور على ذلك، وأجر الاستماع معروف. وأما الصيغة في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فهي امتثال قول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]، يقول: (اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد) أو (صلى الله عليه وسلم)، إذا زاد في الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- الآل –رضي الله عنهم- لما لهم من حق على الأمة فهم وصيته -عليه الصلاة والسلام- فحسن، وإن زاد الصحابة –رضي الله عنهم- لما لهم من حق أيضًا في تبليغ الدين وحمله إلى من جاء بعدهم وبذلك تتم الصيغة الكاملة، صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويجزئ فيها (صلى الله عليه وسلم)، وإذا زاد (وعلى آله وصحبه) كان ذلك أكمل؛ لما لهم من حق.
إظهار النتائج من 1141 إلى 1150 من إجمالي 8502 نتيجة.