قال تعالي في سورة مريم : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] .
وقال في سورة الزمر : { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] .
سؤال : لماذا قال في آية مريم : ( نحشر ) , وقال في آية الزمر : ( وسيق ) فاستعمل الحشر في مريم , والسوق في الزمر مع أن الكلام في الموضعين علي المتقين ؟
الجواب : إن معني ( حشر ) جمع . والحشر الجمع , قال تعالي : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ } [ النمل : 17 ] أي : جمع .
لقد قال في آية مريم : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً } والوفد لا بد أن يكتمل أفراده , فهم يجمعون قبل أن يذهب بهم إلي الرحمن لتكريمهم . وقال في آية الزمر : { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] أي : جماعات , فهم لم يكتملوا بعد , حتي إذا اكتملوا جمعوا , وذهب بهم إلي الرحمن وفدا , فناسب كل تعبير موضعه .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 80)
قال تعالي في سورة مريم : { لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } [ مريم : 94 ] .
سؤال : ما الفرق بين العد والاحصاء ؟
الجواب : العد ضم الأعداد بعضها إلي بعض . و ( عدهم ) أي : عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم .أما ( الاحصاء ) فهو العد والحفظ والاحاطة . وأحصي الشئ أحاط به . وأحصاهم عدهم وحفظهم وحصرهم وأحاط بهم , بحيث لا يخرج أحد من حيطة علمه .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 81)
قال تعالي : { إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً } [ طه : 97 ] .
سؤال : لماذا قال : ( ظلت ) بلام واحدة مع أن الأصل أن يقال : ( ظللت ) كما يقال : ( مددت ) و ( فررت ) , قال تعالي : { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ } [ الشعراء : 21 ] .
الجواب : هذه لغة لبعض العرب , ويقيسون ما كان نحوه في كل مضاعف العين واللام , نحو أحسست فيقولون ( أحست ) ولا يكون ذلك إلا إذا سكن آخر الفعل . وقد حذفت ههنا تخفيفا .
وقد ذكرنا في كتابنا ( بلاغة الكلمة في التعبير القرآني ) في باب الذكر والحذف أن القرآن قد يحذف من الفعل ؛ للدلالة علي أن الحدث أقل مما لم يحذف منه , وأن زمنه أقصر , أو يحذف في مقام الايجاز والاختصار . وذلك نحو : ( تتنزل ) و ( تنزل ) و ( تتوفاهم ) و ( توفاهم ), وغيرها .
وههنا حذف من الفعل مناسبة لقصر المدة التي ظل عليه عاكفا فيها . وذلك أن السامري عكف علي عبادة العجل حين ذهاب موسي إلي مناجاة ربه وعودته أربعون ليلة , كما قيل , وأن فتنتهم كانت في العشر الأواخر , فعبادة العجل كانت عشرة أيام . فلما كان العكوف
عليه قليلا , حذف من الفعل مناسبة لقصر المدة .
ونحو هذا قوله تعالي في سورة الواقعة : { لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [65] إِنَّا لَمُغْرَمُونَ [66] بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [67]} [ الواقعة : 65 – 67 ] . فقال : ( فظلتم ) والأصل ( فظللتم ) فحذف اللام الأولي , كما في الآية السابقة . ومعني :
( تفكهون ) أي : تقولون ذلك , ولا شك أن القول لا يظل مستمرا علي الدوام . قد يكون الحزن مستمرا مدة طويلة , ولكن القول لا يستمر . فالحذف من الفعل مناسب لقصر الحدث , وهو شأن كثير من التعبيرات في نحو هذا . والله أعلم .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 82)
قال تعالي في سورة الأنبياء : { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الانبياء : 46 ] .
سؤال : لماذا قال : ( مستهم ) ولم يقل : ( أصابتهم ) ؟
الجواب : أراد ربنا أن يبين تأثير العذاب علي المذكورين , وانه إذا مسهم منه أقل القليل نادوا بالويل , واعترفوا بظلمهم , فكيف إذا اصابهم منه الكثير ؟ فقال : { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ } والمس دون النفوذ , ويكفي في تحقيقه اتصال ما .
وقال : ( نفحة ) والنفح فيه معني القلة والنزارة , فإن أصله هبوب رائحة الشئ . ونفحه أعطاه يسيرا . وفي ( لسان العرب ) : " النفحة دفعة الريح طيبة كامن أو خبيئة " . وقال : ( نفحة ) ببناء المرة أي : نفحة واحدة . فإذا مستهم نادوا بالويل , فكيف إذا أصابهم العذاب , أعاذنا الله منه ؟
جاء في ( روح المعاني ) : " وفي ( مستهم نفحة ) ثلاث مبالغات , كما قال الزمخشري ... ذكر المس , وهو دون النفوذ , ويكفي في تحققه اتصال ما , وما في النفح من معني النزارة .... وبناء المرة , وهي لأقل ما ينطلق عليه الاسم " .
وجاء في ( التفسير الكبير ) للرازي : " والمعني : ولئن مسهم شئ قليل من عذاب الله كالرائحة من الشئ دون جسمه ؛ لتنادوا بالويل واعترفوا علي أنفسهم بالظلم " .
وفي الآية مبالغات وتوكيدات عديدة منها :
1- اللام الموطئة للقسم في ( لئن ) .
2- المس وهو ما دون النفوذ كما ذكرنا .
3- النفح وهو النزر اليسير , وهبوب رائحة الشئ .
4- بناء المرة في ( نفحة ) .
5- وقال : ( من عذاب ) للدلالة علي التبعيض , أي : بعض منه , ولم يقل : ( نفحة عذاب ) .
6- وقال : { مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ } ولم يقل : ( من عذاب الله ) ؛ ليبين أنه إنما أرسله ربه وأنذرهم بالوحي الذي أوحاه إليه , فقد قال قبل هذه الآية : { قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ } [ الانبياء : 45 ] .
والرب فيه معني التربية والتوجيه والارشاد , ومن مقتضياته التحذير والانذار , فلئن مستهم نفحة من عذاب المربي الأعظم ؛ ليرتدعوا ويحذروا ؛ لنادوا بالويل , فكيف إذا أصابهم عذاب الله ؟! والرب يعاقب ويؤدب , قال تعالي : { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ [13] إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [ الفجر : 13 – 14 ] .
7- وقال : ( ليقولن ) وهو جواب القسم .
8- وقال : ( ليقولن ) بنون التوكيد الثقيلة , ولم يقل : ( ليقولن ) بالنون الخفيفة , كما في قوله : { لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ } [ العلق : 15 ] . ونون التوكيد الثقيلة اكثر توكيدا من الخفيفة .
9- وقال : ( يا ويلنا ) وهو دعاء بالويل والهلاك , أي : أصابهم الهلاك .
10- الاعتراف بالظلم : { إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } .
11- توكيد الاعتراف ب ( إن ) ( إنا ) .
12- جاء بالظلم بالصيغة الاسمية الدالة علي الثبوت , أي: إنهم كانوا متصفين بالظلم علي وجه الثبوت . هذا إن مستهم نفحة من العذاب , فكيف إذا أصابهم العذاب ؟! فهذا ادل علي شدة العذاب .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 83)
قال تعالي في سورة النمل : { يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } [ النمل : 18 ] .
سؤال : ذكر أنه جمع في هذه الآية أوجها بلاغية متعددة , فما هي ؟
الجواب : ذكر أنه في هذه الآية أحد عشر جنسا من الكلام : نادت , وكنت , ونبهت , وسمت , وأمرت , وقضت , وحذرت , وخصت , وعمت , وأشارت , وأعذرت .
فالنداء : ( يا ) , والكناية : ( أي ) , والتنبيه : ( ها ) , والتسمية : ( النمل ) , والأمر : ( ادخلوا ) , والقصص : ( مساكنكم ) , والتحذير : ( لا يحطمنكم ) , والتخصيص ( سليمان ) , والتعميم : ( جنوده ) , والاشارة : ( وهم ) , والعذر : ( لا يشعرون ) .
فائدة خمسة حقوق : حق الله , وحق رسوله , وحقها , وحق رعيتها , وحق جنود سليمان .
فحق الله أنها استرعيت علي النمل , فقامت بحقهم .
وحق سليمان أنها نبهته علي النمل .
وحقها إسقاطها حق الله علي الجنود في نصحهم .
وحق الجنود بنصحها لهم ؛ ليدخلوا مساكنهم .
وحق الجنود إعلامها إياهم وجميع الخلق أن من استرعاه رعية , فوجب عليه حفظها والذب عنها , وهو داخل في الخبر المشهور : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " . وفيها غير ما ذكر أيضا , فهي نهت وبالغت وأكدت ونفت .
فالنهي قوله ( لا يحطمنكم ) , والمبالغة أنها أسندت النهي إلي سليمان , والمقصود الجنود , أي : لا تدعوا سليمان يحطمكم , والتوكيد بالنون الثقيلة , والنفي : ( لا يشعرون ) .
وهناك غير ذلك أيضا .
فقد نادت بقولها : ( يا أيها النمل ) وليس بـ ( يا نمل ) , فجاء بـ ( أيها ) بـ ( أي ) و ( ها ) للتنبيه ؛ لئلا يفوت شئ من كلامها , وليسمع من كان منشغلا , وذلك لأهمية تحذيرها .
وجاء بـ ( يا ) لنداء البعيد . ولم يحذف حرف النداء ؛ ليصل صوتها ونداؤها إلي من كان بعيدا عنها , ولئلا يفوت المهم إذا حذف حرف النداء . وقدمت النداء علي قولها : ( ادخلوا مساكنكم ) ؛ لئلا يفوت الأهم من الكلام , وهم منشغلون منهمكون في العمل غير متوقعين , أو عالمين بما يحدث .
وقالت : ( ادخلوا ) بخطاب العقلاء الذي دلت عليه واو الجماعة , ولم تقل : ( ادخلن ) أو ( ادخلي ) . وقالت : ( مساكنكم ) أي : ليستقر كل واحد في مسكنه , وبالاضافة إلي ضمير العقلاء . وذكرت ( سليمان ) باسمه العلم ؛ إشارة إلي أنها عارفة به , ولم تذكر صفته أي الملك . وذكرت الجنود وأضافتهم إلي سليمان , ولم تقل : ( والجنود ) .
وقالت : ( وهم لا يشعرون ) فنفت عنهم الشعور , وفيها ادب الحديث . جاء في ( روح المعاني ) : ”وأيا ما كان , ففي تقييد الحطم بعدم الشعور بمكانهم , المشعر بانه لو شعروا بذلك لم يحطموا , ما يشعر بغاية ادب النملة مع سليمان – عليه السلام – وجنوده " . وذكر في الحطم إعجاز علمي , والله اعلم .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 88)
قال تعالي في سورة الاحزاب : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } [ الاحزاب : 50 ]
سؤال : لماذا قال سبحانه : { وَبَنَاتِ عَمِّكَ } بإفراد العم , مع أن له أعماما , وليس عما واحدا , وجمع العمات والخالات ؟
الجواب : مما ذكر في ذلك أن من أعمامه العباس وحمزه , وهما أخواه من الرضاع لا تحل له بناتهما , وأبو طالب ابنته ام هانئ لم تكن مهاجرة , وقد قال سبحانه : { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } , وبقية الأعمام بناتهم متزوجات .
وذكروا له أكثر من خالة , منهن قريعة بنت وهب الزهرية , وفاختة بنت عمرو الزهرية , خالة النبي – صلي الله عليه وسلم – وهالة بنت وهب . وذكروا له عدة عمات , وعدة بنات لهن . وله خال واحد هو عبد يغوث بن وهب .
فأفرد العم لذلك . وذكرت أسباب أخري للافراد .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 94)
قال تعالي في سورة الزمر : { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } [ الزمر : 70 ] .
سؤال : لماذا قال أولا : ( ما عملت ) ثم قال : ( بما يفعلون ) فذكر العمل أولا , ثم ذكر الفعل بعد ذلك ؟
ولماذا أخبر بالفعل الماضي أولا , فقال : ( ما علمت ) ثم أخبر بالمضارع بعد ذلك , فقال : ( بما يفعلون ) ؟
الجواب : الفعل أعم من العمل , فإن العمل يكون بقصد , وأما الفعل فيكون بقصد أو بغير قصد , ويصدر عن العاقل وغيره , من الانسان والحيوان والجماد . وقد بدأت الآية بالعمل وختمت بالفعل ؛ ليدل علي أنه سبحانه يعلم العمل والفعل كليهما , ما فعل بقصد أو بغير قصد , وسواء كان عن علم , أم بدون علم .
أما الإخبار بالماضي في قوله : ( بما عملت ) ؛ فلأن ذلك جري في ذكر أحوال الآخرة , قال تعالي : { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [69] وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } [ الزمر : 69 – 70 ] .
وأما الإخبار بالمضارع بعد في قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ؛ فلأنه تقدم السياق في الكلام علي الدنيا لذكر ما يحدث في الآخرة , وذلك قوله تعالي : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [67] وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ } [ الزمر : 67 – 68 ] .فالتفت في قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } إ
إلي السياق في الدنيا , فذكر علمه بما يفعلون .
وإذا كان قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } إخبارا عن ماض , فيكون من باب حكاية الحال , كقوله تعالي : { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ } [ البقرة : 91 ] .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 98)
قال تعالي في سورة فصلت : { حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [20] وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } [ فصلت : 20 -21 ] .
سؤال : لماذا خص هؤلاء سؤال الجلود , مع أن السمع والبصر شهدا عليهم أيضا ؟
الجواب : إن الجلود هي التي تذوق العذاب وينالها منه القسط الأكبر , كما قال تعالي : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ } [ النساء : 56 ] . فاستغربوا أن تشهد الجلود مع أنها هي التي سينالها العذاب فسألوها لذلك .
جاء في ( روح المعاني ) : " قيل : إن ما تشهد به من الزني أعظم جناية وقبحا من جلب الخزي والعقوبة , ومما تشهد به من السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها ... أو لأنها هي مدركة العذاب بالقوة المودعة فيها كما يشعر به قوله تعالي : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ } " .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 99)