عرض وقفات أسرار بلاغية

  • ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴿٨٥﴾    [مريم   آية:٨٥]
  • ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴿٧٣﴾    [الزمر   آية:٧٣]
قال تعالي في سورة مريم : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] . وقال في سورة الزمر : { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] . سؤال : لماذا قال في آية مريم : ( نحشر ) , وقال في آية الزمر : ( وسيق ) فاستعمل الحشر في مريم , والسوق في الزمر مع أن الكلام في الموضعين علي المتقين ؟ الجواب : إن معني ( حشر ) جمع . والحشر الجمع , قال تعالي : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ } [ النمل : 17 ] أي : جمع . لقد قال في آية مريم : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً } والوفد لا بد أن يكتمل أفراده , فهم يجمعون قبل أن يذهب بهم إلي الرحمن لتكريمهم . وقال في آية الزمر : { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] أي : جماعات , فهم لم يكتملوا بعد , حتي إذا اكتملوا جمعوا , وذهب بهم إلي الرحمن وفدا , فناسب كل تعبير موضعه . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 80)
  • ﴿لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾    [مريم   آية:٩٤]
قال تعالي في سورة مريم : { لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } [ مريم : 94 ] . سؤال : ما الفرق بين العد والاحصاء ؟ الجواب : العد ضم الأعداد بعضها إلي بعض . و ( عدهم ) أي : عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم .أما ( الاحصاء ) فهو العد والحفظ والاحاطة . وأحصي الشئ أحاط به . وأحصاهم عدهم وحفظهم وحصرهم وأحاط بهم , بحيث لا يخرج أحد من حيطة علمه . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 81)
  • ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴿٩٧﴾    [طه   آية:٩٧]
قال تعالي : { إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً } [ طه : 97 ] . سؤال : لماذا قال : ( ظلت ) بلام واحدة مع أن الأصل أن يقال : ( ظللت ) كما يقال : ( مددت ) و ( فررت ) , قال تعالي : { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ } [ الشعراء : 21 ] . الجواب : هذه لغة لبعض العرب , ويقيسون ما كان نحوه في كل مضاعف العين واللام , نحو أحسست فيقولون ( أحست ) ولا يكون ذلك إلا إذا سكن آخر الفعل . وقد حذفت ههنا تخفيفا . وقد ذكرنا في كتابنا ( بلاغة الكلمة في التعبير القرآني ) في باب الذكر والحذف أن القرآن قد يحذف من الفعل ؛ للدلالة علي أن الحدث أقل مما لم يحذف منه , وأن زمنه أقصر , أو يحذف في مقام الايجاز والاختصار . وذلك نحو : ( تتنزل ) و ( تنزل ) و ( تتوفاهم ) و ( توفاهم ), وغيرها . وههنا حذف من الفعل مناسبة لقصر المدة التي ظل عليه عاكفا فيها . وذلك أن السامري عكف علي عبادة العجل حين ذهاب موسي إلي مناجاة ربه وعودته أربعون ليلة , كما قيل , وأن فتنتهم كانت في العشر الأواخر , فعبادة العجل كانت عشرة أيام . فلما كان العكوف عليه قليلا , حذف من الفعل مناسبة لقصر المدة . ونحو هذا قوله تعالي في سورة الواقعة : { لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [65] إِنَّا لَمُغْرَمُونَ [66] بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [67]} [ الواقعة : 65 – 67 ] . فقال : ( فظلتم ) والأصل ( فظللتم ) فحذف اللام الأولي , كما في الآية السابقة . ومعني : ( تفكهون ) أي : تقولون ذلك , ولا شك أن القول لا يظل مستمرا علي الدوام . قد يكون الحزن مستمرا مدة طويلة , ولكن القول لا يستمر . فالحذف من الفعل مناسب لقصر الحدث , وهو شأن كثير من التعبيرات في نحو هذا . والله أعلم . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 82)
  • ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٤٦﴾    [الأنبياء   آية:٤٦]
قال تعالي في سورة الأنبياء : { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الانبياء : 46 ] . سؤال : لماذا قال : ( مستهم ) ولم يقل : ( أصابتهم ) ؟ الجواب : أراد ربنا أن يبين تأثير العذاب علي المذكورين , وانه إذا مسهم منه أقل القليل نادوا بالويل , واعترفوا بظلمهم , فكيف إذا اصابهم منه الكثير ؟ فقال : { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ } والمس دون النفوذ , ويكفي في تحقيقه اتصال ما . وقال : ( نفحة ) والنفح فيه معني القلة والنزارة , فإن أصله هبوب رائحة الشئ . ونفحه أعطاه يسيرا . وفي ( لسان العرب ) : " النفحة دفعة الريح طيبة كامن أو خبيئة " . وقال : ( نفحة ) ببناء المرة أي : نفحة واحدة . فإذا مستهم نادوا بالويل , فكيف إذا أصابهم العذاب , أعاذنا الله منه ؟ جاء في ( روح المعاني ) : " وفي ( مستهم نفحة ) ثلاث مبالغات , كما قال الزمخشري ... ذكر المس , وهو دون النفوذ , ويكفي في تحققه اتصال ما , وما في النفح من معني النزارة .... وبناء المرة , وهي لأقل ما ينطلق عليه الاسم " . وجاء في ( التفسير الكبير ) للرازي : " والمعني : ولئن مسهم شئ قليل من عذاب الله كالرائحة من الشئ دون جسمه ؛ لتنادوا بالويل واعترفوا علي أنفسهم بالظلم " . وفي الآية مبالغات وتوكيدات عديدة منها : 1- اللام الموطئة للقسم في ( لئن ) . 2- المس وهو ما دون النفوذ كما ذكرنا . 3- النفح وهو النزر اليسير , وهبوب رائحة الشئ . 4- بناء المرة في ( نفحة ) . 5- وقال : ( من عذاب ) للدلالة علي التبعيض , أي : بعض منه , ولم يقل : ( نفحة عذاب ) . 6- وقال : { مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ } ولم يقل : ( من عذاب الله ) ؛ ليبين أنه إنما أرسله ربه وأنذرهم بالوحي الذي أوحاه إليه , فقد قال قبل هذه الآية : { قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ } [ الانبياء : 45 ] . والرب فيه معني التربية والتوجيه والارشاد , ومن مقتضياته التحذير والانذار , فلئن مستهم نفحة من عذاب المربي الأعظم ؛ ليرتدعوا ويحذروا ؛ لنادوا بالويل , فكيف إذا أصابهم عذاب الله ؟! والرب يعاقب ويؤدب , قال تعالي : { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ [13] إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [ الفجر : 13 – 14 ] . 7- وقال : ( ليقولن ) وهو جواب القسم . 8- وقال : ( ليقولن ) بنون التوكيد الثقيلة , ولم يقل : ( ليقولن ) بالنون الخفيفة , كما في قوله : { لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ } [ العلق : 15 ] . ونون التوكيد الثقيلة اكثر توكيدا من الخفيفة . 9- وقال : ( يا ويلنا ) وهو دعاء بالويل والهلاك , أي : أصابهم الهلاك . 10- الاعتراف بالظلم : { إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } . 11- توكيد الاعتراف ب ( إن ) ( إنا ) . 12- جاء بالظلم بالصيغة الاسمية الدالة علي الثبوت , أي: إنهم كانوا متصفين بالظلم علي وجه الثبوت . هذا إن مستهم نفحة من العذاب , فكيف إذا أصابهم العذاب ؟! فهذا ادل علي شدة العذاب . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 83)
  • ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٧٠﴾    [الفرقان   آية:٧٠]
  • ﴿وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴿٧١﴾    [الفرقان   آية:٧١]
قال تعالي في سورة الفرقان : { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [70] وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً [71]} [ الفرقان : 70 – 71 ] . سؤال : لماذا ختم الآية الأولي بقوله : { وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } . وختم الآية الثانية بقوله : { فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً } ؟ الجواب : لما قال في الآية الأولي : { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } ناسب ذلك قوله : { وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ؛ لأن الذي يفعل ذلك إنما هو الغفور الرحيم . وأما الآية الأخري فهي في صفة التائب , وليست في الكلام علي الله , فناسب ذلك قوله : { فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً } . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 86)
  • ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٨﴾    [النمل   آية:١٨]
قال تعالي في سورة النمل : { يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } [ النمل : 18 ] . سؤال : ذكر أنه جمع في هذه الآية أوجها بلاغية متعددة , فما هي ؟ الجواب : ذكر أنه في هذه الآية أحد عشر جنسا من الكلام : نادت , وكنت , ونبهت , وسمت , وأمرت , وقضت , وحذرت , وخصت , وعمت , وأشارت , وأعذرت . فالنداء : ( يا ) , والكناية : ( أي ) , والتنبيه : ( ها ) , والتسمية : ( النمل ) , والأمر : ( ادخلوا ) , والقصص : ( مساكنكم ) , والتحذير : ( لا يحطمنكم ) , والتخصيص ( سليمان ) , والتعميم : ( جنوده ) , والاشارة : ( وهم ) , والعذر : ( لا يشعرون ) . فائدة خمسة حقوق : حق الله , وحق رسوله , وحقها , وحق رعيتها , وحق جنود سليمان . فحق الله أنها استرعيت علي النمل , فقامت بحقهم . وحق سليمان أنها نبهته علي النمل . وحقها إسقاطها حق الله علي الجنود في نصحهم . وحق الجنود بنصحها لهم ؛ ليدخلوا مساكنهم . وحق الجنود إعلامها إياهم وجميع الخلق أن من استرعاه رعية , فوجب عليه حفظها والذب عنها , وهو داخل في الخبر المشهور : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " . وفيها غير ما ذكر أيضا , فهي نهت وبالغت وأكدت ونفت . فالنهي قوله ( لا يحطمنكم ) , والمبالغة أنها أسندت النهي إلي سليمان , والمقصود الجنود , أي : لا تدعوا سليمان يحطمكم , والتوكيد بالنون الثقيلة , والنفي : ( لا يشعرون ) . وهناك غير ذلك أيضا . فقد نادت بقولها : ( يا أيها النمل ) وليس بـ ( يا نمل ) , فجاء بـ ( أيها ) بـ ( أي ) و ( ها ) للتنبيه ؛ لئلا يفوت شئ من كلامها , وليسمع من كان منشغلا , وذلك لأهمية تحذيرها . وجاء بـ ( يا ) لنداء البعيد . ولم يحذف حرف النداء ؛ ليصل صوتها ونداؤها إلي من كان بعيدا عنها , ولئلا يفوت المهم إذا حذف حرف النداء . وقدمت النداء علي قولها : ( ادخلوا مساكنكم ) ؛ لئلا يفوت الأهم من الكلام , وهم منشغلون منهمكون في العمل غير متوقعين , أو عالمين بما يحدث . وقالت : ( ادخلوا ) بخطاب العقلاء الذي دلت عليه واو الجماعة , ولم تقل : ( ادخلن ) أو ( ادخلي ) . وقالت : ( مساكنكم ) أي : ليستقر كل واحد في مسكنه , وبالاضافة إلي ضمير العقلاء . وذكرت ( سليمان ) باسمه العلم ؛ إشارة إلي أنها عارفة به , ولم تذكر صفته أي الملك . وذكرت الجنود وأضافتهم إلي سليمان , ولم تقل : ( والجنود ) . وقالت : ( وهم لا يشعرون ) فنفت عنهم الشعور , وفيها ادب الحديث . جاء في ( روح المعاني ) : ”وأيا ما كان , ففي تقييد الحطم بعدم الشعور بمكانهم , المشعر بانه لو شعروا بذلك لم يحطموا , ما يشعر بغاية ادب النملة مع سليمان – عليه السلام – وجنوده " . وذكر في الحطم إعجاز علمي , والله اعلم . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 88)
  • ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٥٠﴾    [الأحزاب   آية:٥٠]
قال تعالي في سورة الاحزاب : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } [ الاحزاب : 50 ] سؤال : لماذا قال سبحانه : { وَبَنَاتِ عَمِّكَ } بإفراد العم , مع أن له أعماما , وليس عما واحدا , وجمع العمات والخالات ؟ الجواب : مما ذكر في ذلك أن من أعمامه العباس وحمزه , وهما أخواه من الرضاع لا تحل له بناتهما , وأبو طالب ابنته ام هانئ لم تكن مهاجرة , وقد قال سبحانه : { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } , وبقية الأعمام بناتهم متزوجات . وذكروا له أكثر من خالة , منهن قريعة بنت وهب الزهرية , وفاختة بنت عمرو الزهرية , خالة النبي – صلي الله عليه وسلم – وهالة بنت وهب . وذكروا له عدة عمات , وعدة بنات لهن . وله خال واحد هو عبد يغوث بن وهب . فأفرد العم لذلك . وذكرت أسباب أخري للافراد . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 94)
  • ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٦٥﴾    [يس   آية:٦٥]
  • ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٠﴾    [فصلت   آية:٢٠]
قال تعالي في سورة يس : { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [ يس : 65 ] . وقال في سورة فصلت : { حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ فصلت : 20 ] . سؤال : لماذا ختم آية يس~ بالكسب , فقال : { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } . وختم آية فصلت بالعمل , فقال : { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ؟ الجواب : ذكر الكسب في آية يس~ لما ذكر الأيدي والأرجل , وهما آلتا الكسب , ولذلك كثيرا ما يقترن الكسب بالايدي , قال تعالي : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } [ الروم : 41 ] . وقال : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ } [ المائدة : 38 ] . وقال : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [ الشوري : 30 ] . وقال { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [1] مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } [ المسد : 1 – 2 ] . وذكر العمل في فصلت لذكر السمع والابصار والجلود , وهي تشهد العمل . فناسب كل تعبير مكانه الذي هو أنسب به . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 96)
  • ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٧٠﴾    [الزمر   آية:٧٠]
قال تعالي في سورة الزمر : { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } [ الزمر : 70 ] . سؤال : لماذا قال أولا : ( ما عملت ) ثم قال : ( بما يفعلون ) فذكر العمل أولا , ثم ذكر الفعل بعد ذلك ؟ ولماذا أخبر بالفعل الماضي أولا , فقال : ( ما علمت ) ثم أخبر بالمضارع بعد ذلك , فقال : ( بما يفعلون ) ؟ الجواب : الفعل أعم من العمل , فإن العمل يكون بقصد , وأما الفعل فيكون بقصد أو بغير قصد , ويصدر عن العاقل وغيره , من الانسان والحيوان والجماد . وقد بدأت الآية بالعمل وختمت بالفعل ؛ ليدل علي أنه سبحانه يعلم العمل والفعل كليهما , ما فعل بقصد أو بغير قصد , وسواء كان عن علم , أم بدون علم . أما الإخبار بالماضي في قوله : ( بما عملت ) ؛ فلأن ذلك جري في ذكر أحوال الآخرة , قال تعالي : { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [69] وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } [ الزمر : 69 – 70 ] . وأما الإخبار بالمضارع بعد في قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ؛ فلأنه تقدم السياق في الكلام علي الدنيا لذكر ما يحدث في الآخرة , وذلك قوله تعالي : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [67] وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ } [ الزمر : 67 – 68 ] .فالتفت في قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } إ إلي السياق في الدنيا , فذكر علمه بما يفعلون . وإذا كان قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } إخبارا عن ماض , فيكون من باب حكاية الحال , كقوله تعالي : { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ } [ البقرة : 91 ] . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 98)
  • ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٠﴾    [فصلت   آية:٢٠]
  • ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢١﴾    [فصلت   آية:٢١]
قال تعالي في سورة فصلت : { حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [20] وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } [ فصلت : 20 -21 ] . سؤال : لماذا خص هؤلاء سؤال الجلود , مع أن السمع والبصر شهدا عليهم أيضا ؟ الجواب : إن الجلود هي التي تذوق العذاب وينالها منه القسط الأكبر , كما قال تعالي : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ } [ النساء : 56 ] . فاستغربوا أن تشهد الجلود مع أنها هي التي سينالها العذاب فسألوها لذلك . جاء في ( روح المعاني ) : " قيل : إن ما تشهد به من الزني أعظم جناية وقبحا من جلب الخزي والعقوبة , ومما تشهد به من السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها ... أو لأنها هي مدركة العذاب بالقوة المودعة فيها كما يشعر به قوله تعالي : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ } " . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 99)
إظهار النتائج من 7861 إلى 7870 من إجمالي 11693 نتيجة.