• ﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا ﴾ [الأنعام :٧١]
• ما وجه تقديم النفع على الضر في مواضع، وتأخيره في مواضع أخرى ؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن دفع الضر، أهمّ من جلب النفع، فلما تقدم ذِكْر نفي الملك والقدرة عنهم؛ كان تقديم ذكر دفع الضر، وانتفاء القدرة عليه أهمّ، ولما كان سياق غير ذلك في العبادة والدعاء، والمقصود بهما غالباً طلب النفع وجلبه؛ كان تقديم النفع أهم ".
• ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام :٩٤] مع ﴿ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الكهف :٤٨]
• ما وجه زيادة قوله : ﴿ فُرَادَى ﴾ بموضع الأنعام ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن ذلك مراعى فيه في آية الأنعام ما أعقبت به من قوله : ﴿ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾ أي : ما أعطيناكم في الدنيا مما شغلكم عن آخرتكم، ثم قال : ﴿ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ﴾ أي : منفردين عما كنتم تؤمِّلون من أندادكم ومعبوداتكم من دونه سبحانه، فراعى هذا المعقَّب به في آية الأنعام ما قيل فيها : ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى ﴾، وأما آية الكهف، فقبلها قوله تعالى : ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف :٤٧] ثم قال : ﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ مجرَّدين عن كل متعلق، ولم يقع هنا ذكر ولا إشارة إلى ما عبد من دون الله؛ فلهذا لم يقع هنا ﴿ فُرَادَى ﴾ ".
• ﴿ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ﴾ [الأنعام :٩٥]
• ما وجه التعبير بقوله : ﴿ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ ﴾ في موضع الأنعام، وفي غيره بقوله : ﴿ يُخْرِجُ ﴾ ؟
• قال ابن جماعة : لــ " أن ﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ﴾ مناسب في المعنى لـــ ﴿ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى ﴾ عن الخارج عنهما، فجيء بالياء كالشرح له، ثم عطف ﴿ وَمُخْرِجُ ﴾ على ﴿ فَالِقُ ﴾ ؛ لأن عطف الاسمية على الاسمية، أنسب وأفصح، ولما فيه من المقابلة للجملة المتقدمة، وسائر المواضع بالياء؛ لأن الجملة قبلها فعلية، فعطف عليها بفعلية ".
• ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام :٩٧] مع ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام :٩٨] و ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام :٩٩]
• ما الذي أوجب في اختيار الكلام، أن يقال في الأولى : ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ وفي الثانية : ﴿ يَفْقَهُونَ ﴾ وفي الثالثة : ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ ؟
• قال الإسكافي : " إن قوله تعالى : ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ جاء بعد آيات نَبّهت على معرفة الله تعالى، وهو أشرف معلوم، ولا لفظ من ألفاظ يعلمون ويعقلون ويفقهون ويشعرون، إلا ولفظة يعلمون أعلى منه، وأما قوله : ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾ فجاء بعد أن أخبر عن ابتدائه الإنسان، وإنشائه إياه إلى مرحلة وصوله إلى إحدى الدراين، فتلك الأحوال لا يفهمها إلا من يفطن لها، ويستدل بمشاهدها على مغيبها : أنّ بعد الموت بعثاً، وحشرا،ً وثواباً، وعقاباً، وهذا مما يفطن له، فـيفقهون أولى به، وأما قوله : ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ فجاء بعد ما عَدّ نِعمه على خلقه، وما وسعه من رزقه من الحَب الـمُعَد للأقوات، ومن ضروب الأشجار، وصنوف الثمار، وكان هذا مستدعياً للإيمان، المشتمل على شكر نعمته، والقيام بما فرض من طاعته ".
• ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ﴾ [الأنعام :١٠٢] مع ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [غافر :٦٢]
• ما وجه تأخير قوله : ﴿ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ بموضع الأنعام، ثم تقديمه بموضع غافر ؟
• قال ابن جماعة : " لما تقدم هنا : ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ﴾ [الأنعام :١٠٠] فناسب تقديم كلمة التوحيد، النافية للشرك رداً عليهم، ثم ذكر الخلق، ولما تقدم في المؤمن كونه خالقاً، بقوله تعالى : ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [غافر :٥٧] ناسب تقديم كلمة الخلق، ثم كلمة التوحيد ".
• ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام :١١٢] مع ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام :١٣٧]
• ما وجه التعبير بقوله : ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ ﴾ في الموضع الأول، وبقوله : ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ في الموضع الثاني ؟
• قال الإسكافي : " إن الأولى قبلها : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ أي : كالأنبياء قبلك من قبل العدو من الإنس والجن، ولو شاء من رباك، وربك، وقام بمصالحك؛ لألجأهم إلى موافقتك، وترك مخالفتك،كان من يقوم بتربيتك؛ يحجزهم عن مضرّتك، وأن يظفروا بمرادهم من عداوتك، فقد تضمن قوله : ﴿ رَبُّكَ ﴾ هذا المعنى.
وقوله في الآية الأخرى : ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ﴾ بعد قوله تعالى : ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ﴾ [الأنعام :١٣٦] فأخبر أنهم أقاموا لله الذي يحق إفراده بالعبادة شركاء، ولو شاء الله، أي : ولو شاء من نعمته عليهم نعمة توجب التألّه أن لا يعبدوا سواه، ما تمكنوا من فعله، فهذا موضع لم يلقَ به إلا الاسم الذي يفيد معنى فيه حجة عليهم دون غيره من الأسماء، فأفاد كل اسم من الاسمين في مكانه، ما لم يكن ليستفاد بغيره ".
• ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام :١٢٢] مع ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [يونس :١٢]
• ما وجه تعقيب موضع الأنعام، بقوله : ﴿ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ، وموضع يونس، بقوله : ﴿ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ؟
• قال الإسكافي : لــ " أن يقال : إن الأول قبله : ﴿ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ﴾، والمراد بالميت هاهنا : الكافر، والنور : الإيمان، وحياته به، ومن في الظلمات : من استمر به الكفر، ولم يتنقل عنه، فكان ذكر الكافرين بعده أولى.
أما المكان الثاني، فإن القبلة : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ﴾ [يونس :٧] فهذه صفة كفار، نعّموا أبدانهم، ودنّسوا أديانهم، واقتصروا على عمارة الحياة الدنيا، واطمأنوا بها، ولم يتّبعوا لطلب الأخرى، وهم المسرفون، الذين قال الله تعالى فيهم : ﴿ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ [غافر :٤٣]؛ لأنهم غلوا في الدنيا، وتعجل نعيمها، وتجاوزها الحد في عمارتها، والإعراض عما هو أهم لهم منها ".