يُعتبر الشيخ محمد الطاهر بن عاشور صاحب أسرع خُطبة جمعة في تاريخ الإسلام، حيثُ صعد على منبر جامع الزيتونة في إحدى خطب الجمعة في الخطبة الأولى نظر إلى المصلين و قال: "نساء شكون إلي في لسواق" فلم يتكلم المصلون، ثم قالها مرة ثانية: "نساء شكون إلي في لسواق" فلم يتكلم المصلون، فجلس الشيخ ثم قام وقال: "لا خير في صلاتكم و نساءكم عرايا" ثم قال أقم الصلاة يا إمام.
وإنما قال إبراهيم: (من ذريتي) ولم يقل: (وذريتي)؛ لأنه يعلم أن حكمة الله لم تجر بأن يكون جميع نسل الإنسان ممن يصلحون لأن يُقتدى بهم، فلم يسأل ما هو مستحيل عادة؛ لأن سؤال ذلك ليس من آداب الدعاء.
عبر بالانتقاص دون التعبير بالإعدام والإفناء؛ لأن للأجساد درجات من الاضمحلال تدخل تحت معنى النقص، فقد يفنى بعض أجزاء الجسد ويبقى بعضه، وقد يأتي الفناء على عامة أجزائه، وقد صح أن عجب الذنب لا يفنى، فكان فناء الأجساد نقصًا لا انعدامًا.
ولم يقل: إن شانئك أبتر، بل أبرز الضمير (هو) لإفادة الحصر، فكأنه لا مقطوع ولا مذموم سواه. وإذا كان شانئه - صلى الله عليه وسلم - داخلًا في الآية دخولًا أوليًّا، فإن شانئَ سنته والداعين إليها له من ذلك نصيب بقدر بُغضِه وكرهه.
لما كانت الصلاةُ والنحر أكثر العبادات التي يصرفها المشركون لأوثانهم، خُصَّتا بالذكر في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وأبرز مقصودهما وغايتهما: (لِرَبِّكَ)، ولذا لم يقل: فصلِّ وانحر؛ ليستقر المعنى وهو: فصل لربك، وانحر لربك، وحده لا شريك له، مراغمًا المشركين الذين جعلوا صلاتهم ونحرهم لغير الله.
جعل الأمر بالتقوى وصيةً جامعةً للراجعين من الحج؛ أن يراقبوا تقوى الله في سائر أحوالهم وأماكنهم، ولا يجعلون تقواه خاصةً بمدة الحج، كما كانت تفعله الجاهلية.
(فمن عفي له من أخيه شيء) إطلاق وصف الأخ على المماثل في الإسلام أصل جاء به القرآن، وجعل به التوافق في العقيدة كالتوافق في نسب الإخوة بل أشد، وحقًا فإن التوافق في الدين رابطة نفسانية، والتوافق في النسب رابطة جسدية، والروح أشرف من الجسد!