عرض وقفات أسرار بلاغية

  • ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٨٤﴾    [البقرة   آية:٢٨٤]
نهايات سورة البقرة (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿284﴾ البقرة) تبدوا أولاً وتخفوا ثانياً هذه في البقرة، وفي آية أخرى يقول (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴿29﴾ آل عمران) إذاً مرة بدأ بما تخفيه أنت في صدرك أو تبديه في الثانية بدأ بما تبديه أولاً ثم تخفيه فلماذا قدّم؟ لماذا مرة قال أهم شيء عندك الذي تخفيه ومرة أهم شيء عندك الذي تبديه؟ فمرة بدأ بتخفيه وهو مهم مرة بدأ بتبديه فهو مهم إذاً لماذا هناك الإخفاء أخطر وهنا الإبداء أخطر؟. الذي حصل ما يلي كما تعرفون أولاً رب العالمين تكلم مرة عن المحاسبة ومرة عن العلم لما يقول (يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) يعني بالشر الشر عادة يُخفى ولا يُظهر فرب العالمين يخاطب الذين يخفون الشر ويفعلونه كثيراً قال رب العالمين أعلم وأكرم وأشد إحاطة بالعلم منكم بما تخفونه في صدوركم. فأنت عندما تفعل منكراً تبديه ومنكراً تُخفيه فرب العالمين عز وجل يعرف ما تبديه ويعرف ما تُخفيه. من أجل هذا لماذا قدم ما تبديه (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ)؟ هذا عن الشر ترتكبون الذنوب قدّم إن تبدوا من حيث أن إبداء الذنب أخطر بكثير جداً من إخفائه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ارتكب من هذه القاذورات) يعني الذنوب الحدود (شيئاً فاستتر) لا أحد يعرف وأخفاها (فهو بستر الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفى عنه ومن أبدأ صفحته أقمنا عليه الحد) لماذا؟ لأنه يفسد الجماعة هذا الذي يجاهر بشرب الخمر بالزنا بالقمار علناً وأمام الناس وتخرج في الشارع هذا تحدي للنظام للمجتمع ولستره ولكرامته ولواجهة الجماعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي الذي ينبغي أن يكون مجتمعهم نظيفاً فكونك أنت تتحداهم بهذا الشكل، ماذا لو مشى أحد الناس عارياً في الشارع؟ أو مشت امرأة عارية؟ يا أخي لا بد أن تستتر الستر في هذه الحالة هذا ضرورة فرب العالمين بالمسيئين قال يحاسبكم فكلمة يحاسبكم يعني الآن أنتم ترتكبون ذنوباً، أيهم أخطر الذنب الخفي أو الذنب الظاهر؟ الذنب الظاهر في تحدي للجماعة وللمجتمع وللشعب وللحكومة وللقوانين والنظام والآداب يعني كلام طريف يعني خدش الآداب العامة، هذا بالإضافة إلى الذنب فيه وقاحة وفيه مجاهرة (ومن أبدى صفحته أقمنا) (لعن الله المجاهرين الذي يرتكب ذنباً في الليل وقد ستره الله يصبح فيحدِّث به) يقول فعلت بالأمس كذا وكذا والله شربت خمراً وفعلنا كذا وفلان شيء هذا ملعون. فرب العالمين لما بدأ قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) بدأ بأنه كيف أنت تبدي الذنوب؟! أنت استتر لعل الله يغفر لك هذا بالذنوب. أما بالأعمال لا قال (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ ) من حيث أن المفروض أن الأعمال الحسنة مفروض يعني يقول (تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله) (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴿271﴾ البقرة) الإخفاء أبعد عن الرياء والسمعة وفيها إخلاص لله عز وجل. من أجل هذا رب العالمين يبدأ بالأهم من حيث أنه بالذنوب الإبداء مصيبة وهو الخطأ والخطورة في الذنب. أما في الإنفاق الإصرار بالعطاء أفضل والإبداء غير مرغوب فيه (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴿274﴾ البقرة) قدّم السر. إذاً المطلوب في الذنوب أن لا تبدي فالإبداء جريمة ثانية يعني جريمة مغلّظة ولهذا قدمها (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ) في الإنفاق قال (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) أولاً عرفنا الفرق بين تبدوا وتخفوا. لكن لماذا مرة قال قلوبكم مرة قال صدوركم؟ هناك (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ) هنا (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) مكان آخر إن تخفوا ما في قلوبكم. هذه مقصودة النفس مكمن الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴿14﴾ آل عمران) الشهوة والهوى هذا من النفس وخالِف النفس والشيطان واعصهما فلما يقول في أنفسكم يعني من باب الشهوة. لما قال (فِي صُدُورِكُمْ) الهواجس والعواطف والأحاسيس من وساوس وعواطف مختلفة من كرهٍ وحبٌ وحقد وبغضاء وانكسار وحزن وألم الخ حينئذٍ لما يقول كما في الآية (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴿49﴾ العنكبوت) (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿19﴾ غافر) هكذا كل هذه السيئات الخطيرة التي نحاسب عليها يوم القيامة والتي مكمنها الصدور من فخرٍ ورياء وطمع وجشع وحبٍ وكرهٍ وما شاكل ذلك ما فيها من سوء هذا يرجع إلى الصدور لأن الصدر هو مكان القلب وفي القرآن الكريم هذا موجود. إن تخفوا ما نفوسكم من الشهوات أو ما في صدوركم من الوساوس وعلى هذا النحو وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴿50﴾ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ﴿51﴾ الإسراء) (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ ﴿80﴾ غافر) وهكذا كما قال عن الشيطان (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿5﴾ الناس) (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴿16﴾ ق) إذاً كل نوع من أنواع الجرائم القلبية هذه لها قسم من الصدور وقسم من النفوس وقسم من القلوب. هكذا هو الفرق بين قوله تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) وبين (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) في الخير أن عليك أن تُخفي ولا تُبدي في الخير عليك أن تكون قدوة ولاحظ الفرق في الآية الأولى قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) إذاً قضية إجرام أما هنا قضية إنفاق عمل صالح فقال يعلمه الله (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) وهكذا الآيات بعضها يكمل بعض من حيث كل كلمة في الآية هي التي توجّه هذا التغيير في التقديم والتأخير أو زيادة حرف أو نقصانه أو زيادة حركة أو نقصانها عليك أن تقرأ ما حول الآية لكي تعرف ماذا أراد الله بهذا وفي قوله (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴿5﴾ الأحزاب) هذه النية فالنية في القلب معنى هنا على النيات لاحظ هنا أن للنفس وظيفة وللصدر وظيفة وللقلب وظيفة. والآن ثبت علمياً وهذا من إعجاز القرآن ثبت علمياً أن الدماغ له ارتباط بالقلب فالقلب ليس فقط مجرد آلة تضخ الدم بل ثبت علمياً الآن أن القلب ليس فقط مجرد آلة تضخ الدم وإنما هناك ربط في العمل بين الدماغ وبين القلب من حيث أن عمل الدماغ مرتبط بعمل القلب من حيث أن كلٌ منهما يرسل للآخر إشارات ولهذا رب العالمين قال (تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ما قال تعمدت أدمغتكم. هذا لأول مرة في التاريخ يثبت الآن أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم وإنما فيها من عمل الدماغ شيء فلهذا الله قال (تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ). فى إجابة أخرى للدكتور الكبيسى : يعني الآيتين (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) و (إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ (29) آل عمران) الذي في النفس نفسك وشهوات ووساوس هذا حديث نفسك أما صدوركم لا، مؤامرات وجرائم وإلحاد وكفر ونفاق وأنت مصايب وخيانة وتآمر مع العدو وارتداد شيء مصائب فهذه النفس يقول العلماء الأكارم يقولون عقوبته الهمّ كلنا فينا وساوس يعني واحد شاف له واحدة حلوة وفكر فيها واحد كان يسكر سابقاً وتاب ويقول الله ما أحلى تلك الأيام التي كنا نسكر فيها! ولهذا الإسلام حرّم استعمال أواني الخمر بعد ما حرّم الخمرة طيب يا أخي بعضها كاسات حلوة وجميلة صحيح كنا نشرب فيها الخمر لكن الآن تبنا نشرب فيها شاي قال لك لا إكسرها لا أحد يترك في بيته هذه الأواني لماذا؟ أنت بعد سنة أو سنتين من تركك للخمر ترى هذه الأواني وتقول الله كيف كانت ايام حلوة عندما كنا نسهر ولما كنا نسكر لا لا وحينئذٍ يقول عن هذا يبتلى بالهمّ. وساوس النفس رب العالمين يعاقبك عليها في الدنيا بالهمّ لكن التي في الصدور لا هذه مصائب. نحن قلنا سابقاً الشيطان يا جماعة مجرم كبير مجرم دولي ارهابي هائل هو ليس عمله أن يجعلك تنظر إلى امرأة أو تشرب خمر هو لا ينزل نفسه إلى هذا المستوى فهذا كفيل بها نفسك الأمارة بالسوء لا، يقول لك اكفر اشرك خون تعاون اقتل هذا شغل الشيطان هذا في الصدور كقوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) الناس). نعود إلى ما كنا عليه في قوله تعالى (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) تبدوا وتخفوا وبعدين في أنفسكم أو صدوركم وشرحناه باختصار أنفسكم الشهوات وهذه الشهوات كما تعرفون ما لم تنفذها فأنت غير محاسب عليها لكن إذا كنت هذه المشاعر الشهواتية والخواطر تتخيل لما كنت تسكر أو تزني أو فلانة أو علانة وقد تفرض نفسها عليك هذه الخيالات إذا أنت طردتها عن نفسك فلست محاسباً عليها (تجاوز الله لأمتي عن ما حدثت بها نفسها ما لم تفعله) وطبعاً تعرفون أنتم درجات الشعور أول مرة العلم الإدراك يعني أنا أرى سيارة جميلة أدرك أن هذه سيارة جميلة هذا إدراك ثم أحبها هذا يسمونه وجدان ثم تتمنى أن تحصل عليها أنت لست لديك مال فتفكر بسرقتها فهذا يسمى الهمّ ثم الشروع ثم رحت عليها إلى أن أخذتها فهذا يسمى الإدراك ثم الوجدان كأن ترى امرأة وأدركت أنها جميلة بعدين قلبك اشتهاها هذا وجدان ثم يفكر كيف يحصل عليها بأي طريقة كانتهذا النزوع إلى أن يصل إلى الشروع ويفعلها. فكل واحدة لها حكم أنت في كل شيء في سيارة في جريمة في قتل كل هذه إذا في النهاية عند مرحلة النزوع والشروع إذا لم تفعلها تغفر كلها كشخص فكر بواحدة واشتهاها وذهب إلى بيتها فلم يجدها هذا انتهى فهذا ما دام لم يفعل الفعل تغفر له كل الحركات التي قبلها (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) النساء) كل المقدمات مغفورة ما عدا الجرائم الجنسية أما ما عداها سرقة قتل خيانة صار عندك إدراك ووجدان وشروع ونزوع ثم ذهبت ثم قلت لا ما أفعل هذا كلها مغفورة لكن القضايا الجنسية كلها محسوبة عليك يعني أنت أول نظرة محاسب عليها أدركت أن هذه جميلة محاسب عليها اشتهيتها محاسب عليها صار عندك شروع محاسب عليها مديت يدك هذا نزوع أنت الآن دخلت في جريمة كبيرة فقضايا الجنس النظرة الأولى والنظرة الثانية هذه التفصيلات تعرفونها جيداً. من أجل هذا في نفوسكم هذه القضايا أما في صدوركم الجرائم التآمرات الخيانات والعالم مليء بمثل هذه الأمور هذا شيء وهذا شيء وكل واحدة لها حكمها وإن تخفوا أو تبدوا، تبدوا أو تخفوا ومرة قال إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه، تبدوه هذا قضايا العداء والتآمر هذا واضح أنت في حزب في جماعة تتآمر وتقتل طائفياً وفئوياً أمام الناس بأن هذا مشرك وهذا قاتل وهذا خائن وتقتل في العالم والباقي لا مخفية تبدأ بالخفاء. *ما دلالة تقديم وتأخير (يغفر) في قوله تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) البقرة)وقوله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) المائدة) رب العالمين قال (سبقت رحمتي غضبي) هذا شيء معروف، وفي كل القرآن عندما تأتي على المغفرة والعذاب يقول يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء يقدّم المغفرة على العذاب ما من موضوع في القرآن الكريم رب العالمين تكلم عن عباده الصالحين والطالحين إلا قال (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴿284﴾ البقرة)، في آل عمران (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿129﴾ آل عمران)، وفي المائدة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴿18﴾ المائدة) موضع واحد فقط خالف هذا النسق العظيم من تقديم المغفرة أملاً واستبشاراً ورحمة تطبيقاً لقوله تعالى (سبقت رحمتي غضبي) ورحمة الله واسعة (ليرحمنّ الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها إبليس)، موقع واحد قال وهو في المائدة في سورة المائدة فقط تكلم عن هذا. الفرق أنه فى آية المائدة فقط التعذيب فيها مقدّم؟ ما هو نسق الآيات التي قبلها؟ رب العالمين أرحم لعباده من آبائهم وأمهاتهم تكلّم رب العالمين عن جرائم خطيرة بشعة إذا استشرت في أي مجتمع تُنهيه، تُلقي الخوف والرعب وعدم الاستقرار كما هو في بعض بلدان العالم العربي الآن كالعراق والصومال وما لف لفهما. تكلم رب العالمين عن جريمتين عظيمتين الأولى قطع الطريق الحرابة ﴿33﴾ المائدة) وهو قطع الطريق سواء كان بالداخل أو بالخارج ما دام صار قتل. الثاني وراءها مباشرة السارق (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿38﴾ المائدة).
  • ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٨٤﴾    [البقرة   آية:٢٨٤]
وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ (284) البقرة) ما دلالة (يحاسبكم)؟ المحاسبة مشتقة من الحسبان وهو العدّ ويحاسبكم أي يعدّه عليكم ثم أطلق هذا اللفظ على ما ينجم عن العدّ والإحصاء وهو المؤاخذة والمجازاة فحساب الله تعالى هو إحصاء لأعمالك وأفعالك ثم مجازاتك على ذلك.
  • ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾    [البقرة   آية:٢٨٥]
*ما الفرق بين البناء للمعلوم والبناء للمجهول فى (أنزلناه) و (أنزل إليه)؟ المعروف في النحو واللغة أن المُسنَد إليه هو المتحدَّث عنه والمُسنَد هو المتحدث به عنه. من المسنَد إليه الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر وما أصله مبتدأ وخبر، من المسنَد إليه بالذات الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ. إذا أراد الحديث عن نائب الفاعل بنى الفعل للمجهول وإذا أراد الحديث عن الفاعل ذكره. عموم الكلام ماذا يريد المتكلم؟ هل الكلام عن الفاعل أو عن نائب الفاعل؟. في سورة هود، الحديث عن الكتاب وتعظيمه لا على من أحكم وفصّل أي الله سبحانه وتعالى (أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) وليس الكلام عن الحكيم الخبير وإنما هذا فقط ذكره لتعظيم الكتاب، مثلها ما ورد في الأعراف (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)) (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) إذن الكلام عن الكتاب والكلام عن الكتاب يبدأ بالسورة (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) فإذا كان الكلام على الفاعل ذكر الفاعل وإذا كان الكلام عن نائب الفاعل ذكره. مثال (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان) يتكلم عن الله، ذكر الكتاب في (أَنزَلَهُ) لكن الكلام عن الفاعل عن المنزِل لا عن المنزَل (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان). (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ (285) البقرة) بماذا يؤمن؟ بالكتاب. (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2) الزمر) (إِنَّا أَنزَلْنَا) الكلام عن الله وليس عن الكتاب. فإذن هناك إذا كان الكلام عن نائب الفاعل يبنيه للمجهول. أليس هناك فرق بين (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)؟ (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الكلام عن الكتاب لكن يذكر من المنزِل فيما بعد لتعظيم الكتاب ليس للكلام عن الفاعل وإنما لتعظيم الكتاب، (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من أنزله؟ الله، إذن (أنزل إليك من ربك) هذا استكمال لتعظيم الكتاب. إذن البناء للمجهول له أغراض؟. طبعاً له أغراض، عن ماذا تريد أن تتحدث؟ هذا من البلاغة والبيان يركز على ما يريد التحدث عنه. حتى إذا ورد الفاعل فهو لغرض ما يتعلق بالكتاب يعني بنائب الفاعل أيضاً وليس بالفاعل لكن بما يأتي بالغرض في هذا السياق حسب الحاجة وحسب ما يريد المتحدث أن يتحدث عنه. * في قوله تعالى (لا نفرّقُ بين أحد من رسله)(لا) هي النافية لا تجزم ولا تؤثر على الفعل إنما نفي فقط للفعل الذي يليها. *قال تعالى (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) فما الفرق بين المغفرة والغفران فى القرآن الكريم؟ كلمة غفران لم ترد إلا في موطن واحد في قوله تعالى (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) في طلب المغفرة من الله تعالى. إذن كلمة غفران مخصصة بطلب المغفرة من الله تعالى، هذه دعاء أي نسألك المغفرة (غفرانك ربنا). إذن غفران تستعمل في طلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً. المغفرة لم تأت في طلب المغفرة أبداً وإنما جاءت في الإخبار وفي غير الطلب (وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً (268) البقرة) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ (6) الرعد). في طلب المغفرة فقط يستعمل كلمة غفران ومن جهة واحدة وهي المغفرة من الله عز وجل. لم تأت المغفرة في الطلب وقد تأتي من غير الله سبحانه وتعالى كما في قوله (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) البقرة) قد تأتي من العباد. إذن المغفرة ليست خاصة بالله سبحانه وتعالى ولها أكثر من جهة ولم يستعملها القرآن في طلب المغفرة. الغفران مختصة بطلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً.
  • ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾    [البقرة   آية:٢٨٦]
*ما الفرق بين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا) الطلاق، وبين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة؟ لو نظرنا في الآيتين سنجد السبب واضحاً. الآية الأولى كانت تتكلم على التكاليف عموماً (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) في التكاليف وفي أمور الحياة وفي العمل. إذا عمل خيراً يكون له وإذا عمل سوءاً يكون عليه وهذا في عموم التكاليف فقال الله عز وجل (لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت) فهو كسبٌ وإكتساب. لكن الآية الثانية (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)) الإيتاء هو الإعطاء. لما ننظر في سياق الآية الكلام على المال أي ما آتاها من مال فالكلام على الإنفاق ولما يكون الكلام على الإنفاق الإنسان ينفق. والكلام هو على المطلقات أي ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير أن ينفق ما ليس في وسعه بل لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها من حيث المال عندما يكون هناك إنفاق فبقدر ما عندك تُنفِق أي بمقدار ما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها). والتي في التكاليف للعلماء وقفة فيها: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) جمهور العلماء قالوا كما قال الرسول  "إذا أمرتكم بأمر فاتوا به ما استطعتم" أي بقدر طاقتكم . وقول آخر أن معناها إن جميع التكاليف هي في وسع البشر لأنه سبحانه و تعالى لم يكلّف البشر شيئاً لا يطيقونه هذا يحتاج إلى إستنباط أنه لم يكلفهم ما لا يطيقونه فإذا كانوا لا يطيقون يخفف عنهم. بهذا الشكل حنى نجمع بين الأمرين. (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) دلالة التنكير للأنفس هي للعموم والشمول أي جنس النفس أيُّ نفس لا يكلفها الله تعالى إلا وسعها، إلا ما تطيقه. الرسول  لما يقول "إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فانتهوا" في مسألة النهي نقطع فلما نُهينا عن الربا إنتهى الأمر لا نقول هذا ربا وهذا رُبيّ ربا خفيف هذا لا يجوز. وإذا أمرنا بأمر نأتي منه بقدر طاقتاتنا. أمرنا بالصيام فإذا كان الإنسان مريضاً يخفف عنه. الدلالة: القرآن هو تعبير فني مقصود كل لفظة وكل عبارة وردت فيه لعظة على حروفها وهو مقصود قصداً.
  • ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾    [البقرة   آية:٢٨٦]
*ما الفرق بين كسبت واكتسبت؟ اكتسب على وزن (إفتعل) وفيها تمهّل مثل اصبر واصطبر وجهد واجتهد. اصطبر هو صبر طويل شديد، صيغة افتعل فيها تمهّل ومدّة واجتهاد وإبطاء. قال تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ (286) البقرة) الإكتساب فيها تعمّل واجتهاد وليست اكتسب عامة أنها في الشر. الكسب يكون في الخير والشر لأن الكسب أسرع والاكتساب فيه تعمّل واجتهاد وكسب حتى يكتسب والسيئات تحتاج إلى مشقة أما الخير فقد يأتيك وأنت لا تعلم، يغتابك أحد وتكسب أنت خيراً وهو يكتسب شراً. *في سورة البقرة (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (286)) وفي الحاقة (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)) في الآية الأولى معناها النبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح أن المولى سبحانه وتعالى قال قد فعلت، قد فعلت. ولكن في سورة الحاقة ذكر الخاطئون معناها أن الذي أخطأ يأكل من غسلين؟ هذا سؤال لغوي. فرق بين الخاطئ، خطأ أخطأ مُخطئ هو لم يتعمّد الخطأ، خطأ يعني إرتكب الخطيئة هذا معنى خطأ وليس معناها أخطأ، الخاطئ من خطأ وخطأ معناها إرتكب الخطيئة وليس معناها أخطأ والمخطئ غير الخاطئ. المخطئ إرتكب الخطيئة. الخطء (إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا (31) الإسراء)، وذاك خطأ، فرق بين الخطأ والخِطء، بين الخاطئ والمخطئ، بين أخطأ وخطأ.
  • ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾    [البقرة   آية:٢٨٦]
* ما النسيان؟ وما الخطأ؟ أولاً فيه " أخْطَأ " وفيه " خَطِئَ " و " الخِطْء " لا يكون إلا إثما؛ لأنه تعمد ما لا ينبغي، فأنت تعلم قاعدة وتخطئ، والذي أخطأ قد لا يعرف القاعدة، فأنت تصوب له خطأه لأنه حاد عن الصواب. ومثال ذلك: عندما تتعلم في المدرسة أن الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب وفي وسط السنة يصححون لك القاعدة حتى تستقر في ذهنك، إنما في أيام الامتحان أيصحح لك المدرس أم يؤاخذك؟ إنه يؤاخذك؛ لأنك درست طوال السنة هذه القاعدة، إذن ففيه خَطِئ وفيه أخطأ، فأخطأ مرة تأتي عن غير قصد؛ لأنه لا توجد قاعدة أنا خالفتها، أو لم أعرف القاعدة وإنما نطقت خطأ؛ لأنهم لم يقولوا لي، أو قالوا لي مرة ولم أتذكر، أي لم تستقر المسألة كملكة في نفسي؛ لأن التلميذ يخطئ في الفاعل والمفعول مدة طويلة، وبعد ذلك ينضج وتصير اللغة ملكة في نفسه إن كان مواظبا على صيانتها.
  • وقفات سورة النبأ

    وقفات السورة: ٨١٧ وقفات اسم السورة: ٣٤ وقفات الآيات: ٧٨٣
*تناسب خواتيم المرسلات مع فواتح النبأ* نحن توقفنا عند سورتي المرسلات والنبأ، السورتين السابعة والسبعين والثامنة والسبعين. خاتمة سورة المرسلات في جزاء كلٍ من المؤمنين والمكذبين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41)) إلى أن يقول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ (46)) وبداية سورة النبأ (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)) والنبأ العظيم عند أغلب المفسرين هو يوم القيامة فارتبط ما قبلها بما بعدها لأنه تلك من أحوال القيامة وهذا التساؤل هو عن يوم القيامة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45)) ثم (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)) سيكون هناك ارتباط بالسورة التي قبلها. **هدف السورة** هي سورة مكيّة وسميّت النبأ لأن فيها الخبر الهام عن القيامة والبعث والنشور وتدور آياتها حول إثبات عقيدة البعث التي أنكرها المشركون. وقد أخبرت الآيات عن موضوع القيامة والبعث والجزاء وأقامت الدلائل على قدرة الله تعالى في الكون وأن القادر على خلق هذا الكون بما فيه قادر على إعادة خلق الإنسان بعد موته. وذكرت البعث وجهنم التي أعدت للكافرين وما فيها من أنواع العذاب المهين للكفار والمشركين وفي مقابل هذا جاء وصف ما أعده الله تعالى للمتقين وهذا أسلوب الترغيب والترهيب الذي كثيراً ما نجده في الآيات والسور. ثم ختمت السورة بالحديث عن أهوال يوم القيامة.
  • ﴿عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ ﴿٢﴾    [النبأ   آية:٢]
* ما الفرق بين النبأ والخبر؟(د.فاضل السامرائى) النبأ كما يقول أهل اللغة أهم من الخبر وأعظم منه وفيه فائدة مهمة (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) النمل) وفي القرآن النبأ أهم من الخبر (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) ص) (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) النبأ). والنبأ في اللغة هو الظهور وقد استعمل القرآن الكريم كلمة خبر مفردة في موطنين في قصة موسى  (قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) القصص) (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) النمل) وهناك فرق بين الخبر والنبأ العظيم. وفي أخبار الماضين والرسل استعمل القرآن نبأ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) التغابن) ((9) ابراهيم) ((71) يونس) ((120) هود).... والصيغة الفعلية للنبأ (أنبأ) أقوى أيضاً منها للخبر (أخبر) .والمُراد من هذا كله أن النبأ أعظم من الخبر.
  • ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴿٧﴾    [النبأ   آية:٧]
يقول تعالى (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) النبأ) والله تعالى يصف فرعون (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الفجر) وعلماء الآثار يقولون أن الذي هلك في اليم هو فرعون والذي بنى الأهرام فرعون آخر فهل الأوتاد هي الأهرام أم لها معنى آخر؟(د.حسام النعيمى) الدراسات الآثارية أو الأثرية أثبتت أن أحد الفراعنة أو المومياءات الموجودة الآن في مصر اكتشفت أنه مات غرقاً من تحليل بعض الأجزاء من جسمه ثبت عندهم أن هذا الفرعون ميّت وهو غريق فهذا تثبيت للحقيقة التي ذكرها القرآن الكريم (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً .. (92) يونس) نجّاه الله سبحانه وتعالى ببدنه ميّتاً فأخذه قومه وحنّطوه ودفنوه بطريقتهم واستُخرِج وهو الآن في متحف في مصر. هذا ليس هو الذي بنى الأهرامات وإنما بناها غيره. هذا الذي غرق هو فرعون موسى. والفرعون لقب لحُكّام مصر في زمن من الأزمان مثل القياصرة والأكاسرة. ما قال أحد أن الأوتاد هي الأهرامات بقدر إطلاعي. في كلام المفسرين (والجبال أوتاداً) لأن الوتِد (وتِد أفصح من وتَد) جزء منه في داخل الأرض أولاً ثم يكون مثبّتاً للخيمة. هذه الأسباب التي هي الجبال المشدودة بالخيمة تربط بالوتد فتكون خيمة ويكون العمود في وسطها. كيف شبّه الرسول  منزلة الصلاة قال: "الصلاة عمود الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين" لأنه يمكن أن تضع الأوتاد وتربط الأسباب التي هي الحبال لكن لا تضع العمود فلا تكون خيمة وإنما تكون بساطاً مربوطاً من جهات كثيرة فلا تؤويك من برد ولا من حر، فقد يكون الإنسان كريماً حسن التعامل منفقاً وخيّراً هذه مطلوبة لكنه إذا كان لا يصلي فهو من غير عمود فليس عنده بيت. والذي يضع العمود ولا يربط الأوتاد والحبال يصلي مثلاً ولكنه يشتم هذا ويلعن هذا ويعتدي على هذا، هذا ما ربط الأسباب أيضاً لا يكون بيتاً يكون عمود وحوله قماش فهذا لا يؤويك من شيء. فهذا تلازم الصورة في الحديث الشريف من الصور الرائعة. الجبال في دراسات طبيعة الأرض والعلماء يقولون أن تضاريس الأرض والجبال فيها هي التي تثبت اليابسة وإلا كانت تبقى زلازل وتطمرها المياه وهذا جاء موافقاً لكلام الله سبحانه وتعالى والذين يقولون ليسوا مسلمين كما أن الأوتاد تثبت أركان الخيمة الجبال تثبت اليابسة. (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (9) النبأ) كمهد الطفل ممهدة مجهزة معدّة (والجبال أوتاداً) ثبتناها حتى تبقى ممهدة جعلت هذه الجبال. أما عند فرعون فالأوتاد غير الجبال كما قال علماؤنا والأوتاد هنا أحد قولين: إما أنه أراد به كثرة الجُند الذين يثبّتون مُلكه. ورأي آخر قريب جداً من هذا أنه لكثرة جنده كانوا إذا غزوا يأخذون الخيم فكأنه هو ذو الأوتاد من كثرة خيمه بمعنى كثرة جنده، هل هناك مرجح لأحد القولين؟ (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11)) إذا أعدناها على الأوتاد فمعناها الحاشية وإذا أعدناها على كل ما سبق من أقوام يبقى الإحتمالان. (الذين طغوا) يحتمل أن يعود الضمير على الجميع. الآوتاد غير عاقل وكان يمكن أن يقول (التي) لكن استعمل (الذين) لأن المراد بهم العقلاء الذي ثبتوا حكم فرعون فأعادها عليهم بصيغة العاقل الأوتاد إما أعوانه الذين كانوا يثبتون ملكه ويكون الكلام مجازاً وإما أن يكون الأوتاد الحقيقية الخيم. (الجبال أوتاداً) تشبيه أي الجبال كالأوتاد، أوتاد للأرض شبهها في حمايتها للأرض بالأوتاد التي تحمي الخيمة.
  • وقفات سورة البقرة

    وقفات السورة: ١٣٢٨٧ وقفات اسم السورة: ٢٢٠ وقفات الآيات: ١٣٠٦٧
****تناسب افتتاح سورة البقرة مع خاتمتها**** في سورة البقرة تبدأ بقوله تعالى (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)) إذن هو ذكر المؤمنين يؤمنون بما أنزل إليهم وما أنزل من قبل ثم ذكر الذين كفروا وقال في آخر السورة (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)) هذا إيمان بالغيب، في مفتتح السورة قال (وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) وهنا قال (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ). ذكر الإيمان ومن يؤمن وكيفية الإيمان وأصنافه في مفتتح السورة ثم الذين كفروا وفي آخر السورة قال (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ) هذا غيب (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) مقابل (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) في مفتتح السورة، وهنا (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) إذن بما أنزل إليه وما أنزل من قبله. ثم قال (أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) وذكر في المفتتح الذين كفروا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) ثم ذكر في الخاتمة الدعاء (فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، هذا تناسب. *****تناسب خواتيم البقرة مع فواتح آل عمران***** البقرة من خواتيمها قوله تعالى (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) وفي بداية آل عمران (إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (5) آل عمران) لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في السموات وما في الأرض إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء كأنها جزء منها، إذن مرتبطة. (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء (6)) في آل عمران وقال في البقرة (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) ذكر ما يشاء في التصوير وذكر ما يشاء في الخاتمة، يصوركم في الأرحام كيف يشاء هذا في بداية الأمر والخِلقة يتصرف كيف يشاء ثم (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) يتصرف كيف يشاء في الخاتمة إذن تصرف في التصوير كيف يشاء وتصرّف في الخاتمة كما يشاء. آية البقرة تقول (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء) المفهوم من الآية أن الله يتصرف كما يشاء (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء) (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء) صارت المبتدأ والخاتمة بمشيئته سبحانه. في نهاية البقرة ذكر من آمن بالله والملائكة والكتب والرسل (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ (285)) وذكر في أول آل عمران الكتب (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3)) هذه كتب، والمنزَل عليهم هم الرسل إذن من آمن بهذه آمن بتلك فإذن ذكر الكتب وما في آخر البقرة وذكرها في أول آل عمران. ثم قال في خاتمة البقرة (أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) وفي بداية آل عمران (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4)) (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)) قال فانصرنا على القوم الكافرين ثم قال قل للذين كفروا ستغلوبن وكأنها استجابة لهم، استجاب لهم دعاءهم، كأنها استجابة. ثم ذكر (فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) ثم ذكر في أوائل آل عمران نصر المسلمين في معركة بدر (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا (13)) فكأنها استجابة للدعاء الذي دعوا به (فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، قل لهم وفعل، قل لهم موجهة للكفار، قال للرسول  قل لهم ستغلبون، هم قالوا فانصرنا على القوم الكافرين فقال تعالى قل لهم ستغلوبن وفعل إذن استجابة بالقول وبالفعل، إذن هي مترابطة. وقد يكون من الترابط (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ (7)) إلى أن يقول (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (7)) وقال في البقرة (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (286)) أنتم لا تعرفون المتشابه والراسخون في العلم يقولون آمنا به ولا يعلم تأويله إلا الله ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، هذا ليس من شأنكم ليس في طاقتكم معرفة المتشابه (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا) إذن ليس في طاقتكم أن تبحثوا هذا الأمر والله لا يكلفكم هذا الأمر (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (286)) في التفكير والقصد والفعل. ربما تتمة الآية (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) هذه في العمل وتلك في آل عمران في الاعتقاد والتفسير. حتى في التكليف أو عدم التكليف بالاعتقاد، وسعها أي شيء ليس في وسعك لا تفكر فيه، إذن صار ترابط من حيث العمل ومن حيث الاعتقاد والتفسير والتأويل الذي ليس في وسعك لا يكلفك ربك به، إذن صار هناك ترابط في أكثر من نقطة.
إظهار النتائج من 5491 إلى 5500 من إجمالي 12316 نتيجة.