عرض وقفات أسرار بلاغية

  • ﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴿٤١﴾    [الأنعام   آية:٤١]
قوله {لعلهم يتضرعون} في هذه السورة وفي الأعراف {يضرعون} بالإدغام لأن ههنا وافق ما بعده وهو قوله {جاءهم بأسنا تضرعوا} ومستقبل تضرعوا يتضرعون لا غير.
  • ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴿٤٦﴾    [الأنعام   آية:٤٦]
قوله {انظر كيف نصرف الآيات} مكرر لأن التقدير انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون عنها فلا تعرض عنهم بل تكررها لهم لعلهم يفقهون.
  • ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿٩٧﴾    [النساء   آية:٩٧]
مسألة: قوله تعالى هنا: (ثم مأواهم جهنم) بثم. وفى غيره: ((ومأواهم جهنم)) بالواو؟ . جوابه: لما تقدم قوله تعالى: تقلبهم فى البلاد و (متاع قليل) والمراد في الدنيا، وجهنم إنما هي في الآخرة، فناسب: (ثم التي للتراخي. وأية الوعد: عطف جهنم على (سوء الحساب) وهما جميعا في الآخرة، فناسب العطف بالواو.
  • ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﴿٤٧﴾    [الأنعام   آية:٤٧]
قوله {أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة} ثم قال {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة} وليس لهما ثالث وقال فيما بينهما {قل أرأيتم} وكذلك في غيرها وليس لهذه الجملة في العربية نظير لأنه جمع بين علامتي خطاب وهما التاء والكاف والتاء اسم بالإجماع والكاف حرف عند البصريين يفيد الخطاب فحسب والجمع بينهما يدل على أن ذلك تنبيه على شيء ما عليه من مزيد وهو ذكر الاستئصال بالهلاك , وليس فيما سواهما ما يدل على ذلك فاكتفى بخطاب واحد والعلم عند الله ..
  • ﴿قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴿٥٠﴾    [الأنعام   آية:٥٠]
قوله {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك} فكرر لكم وقال في هود {ولا أقول إني ملك} فلم يكرر لكم لأن في هود تقدم {إني لكم نذير} وعقبه {وما نرى لكم} وبعده {أن أنصح لكم} فلما تكرر لكم في القصة أربع مرات اكتفى بذلك.
  • ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴿١٠٥﴾    [النساء   آية:١٠٥]
قوله عز وجل {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} وفي هذه أيضا {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس} الفرق بين أنزلنا إليك الكتاب وأنزلنا عليك قد سبق في البقرة ونزيده وضوحا أن كل موضع خاطب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله {إنا أنزلنا إليك} ففيه تكليف وإذا خاطبه بقوله {أنا أنزلنا عليك} ففيه تخفيف واعتبر بما في هذه السورة فالذي في أول السورة {إليك} فكلفه الإخلاص في العبادة والذي في آخرها {عليك} فختم الآية بقوله {وما أنت عليهم بوكيل} أي لست بمسئول عنهم فخفف عنه ذلك
  • ﴿قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴿٥٠﴾    [الأنعام   آية:٥٠]
قوله {ولا أقول إني ملك} وفي الأنعام {ولا أقول لكم إني ملك} لأن في الأنعام آخر الكلام فيه جاء بالخطاب وختم به وليس في هذه السورة آخر الكلام بل آخره {تزدري أعينكم} فبدأ بالخطاب وختم به في السورتين.
  • ﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٥١﴾    [الأنعام   آية:٥١]
قوله {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله} في هذه السورة وفي يونس {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله} لأن أكثر ما جاء في القرآن من لفظي الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر على النفع لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا ثم طمعا في ثوابه ثانيا يقويه قوله {يدعون ربهم خوفا وطمعا} وحيث تقدم النفع على الضر وهي في الأنعام {ينفعنا ولا يضرنا} وآخر في يونس {ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء {ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} والفرقان {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} وفي الشعراء {ينفعونكم أو يضرون} أما في هذه السورة فقد تقدمه {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل} فقدم الهداية على الضلالة وبعد ذلك {لاستكثرت من الخير وما مسني السوء} فقدم الخير على السوء فلذلك قدم النفع على الضر وفي الرعد {طوعا وكرها} فقدم الطوع وفي سبأ {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} فقدم البسط وفي يونس قدم الضر على الأصل ولموافقة ما قبلها {ما لا يضرهم ولا ينفعهم} وفيها {وإذا مس الإنسان الضر} فيكون في الآية ثلاث مرات وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا. أما سورة الأنعام ففيها {ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} ثم وصلها بقوله {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} وفي يونس تقدمه قوله {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين} ثم قال {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء تقدم قول الكفار لإبراهيم في المجادلة {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} وفي الفرقان تقدمه قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} وعد نعما جمة في الآيات ثم قال {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} فتأمل فإنه برهان القرآن.
  • ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴿١٠٧﴾    [النساء   آية:١٠٧]
مسألة: قوله تعالى في آية الربا (والله لا يحب كل كفار أثيم) . وفى الآية الأولى من النساء: من كان مختالا فخورا. وكذلل في الحديد. وفى الثانية:(من كان خوانا أثيما) . ما فائدة العدول عن قوله: "يبغض "، إلى قوله " لا يحب " مع أنه لا يلزم من نفى المحبة: البغض؟ . وما فائدة تخصيص كل آية بما ذكر فيها؟ . جوابه: أن البغض: صفة مكروهة للنفوس، فلم يحسن نسبته إلى الله تعالى لفظا. وأيضا: فلأن حال العبد مع الله تعالى إما طاعته أو عدمها. فإذا انتفت محبته لنفى طاعته تعين ضدها، فعبر بما هو أحسن لفظا. وأما كفار أثيم: فإنها نزلت في ثقيف وقريش لما أصروا على الربا، وعارضوا حكم الله تعالى بقولهم: (إنما البيع مثل الربا) ، فهم كفار بالدين، آثمون بتعاطي الربا، والإصرار عليه. وأما آية النساء الأولى: فجاءت بعد قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) ، وبعد قوله: (وبالوالدين إحسانا) . والعبادة هي التذلل للمعبود والتواضع له، وكذلك الإحسان إلى الوالدين يقتضي التواضع لهما، وذلك ينافي الاختيال والعجب والتفاخر، ويؤيده قوله سبحانه: (وبذي القربى) الآية. وكذلك جاء في لقمان بعد قوله تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا، وفى الحديد بعد قوله تعالى: (وتفاخر بينكم) وأما آية النساء الثانية: فنزلت في طعمة بن أبيرق لما سرق درع قتادة بن النعمان رضى الله عنه وحلف عليه، ورمى به اليهود، ثم ارتد ولحق بمكة، فناسب: (خوانا) . وأيضا: فلتقدم قوله تعالى: (عن الذين يختانون أنفسهم)
  • ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴿٥٧﴾    [الأنعام   آية:٥٧]
مسألة: قوله تعالى: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) وقال في الأنعام: (قل إني على بينة من ربي) ، والشك لا يجوز عليه؟ . جوابه: أن المراد غيره ممن يجوز عليه الشك وكذلك كل موضع يشبه ذلك في القرآن تقديره فإن كنت أيها الإنسان، ولذلك قال: (إليك) ولم يقل عليك، وقد تقدم في البقرة معناهما.
إظهار النتائج من 151 إلى 160 من إجمالي 11693 نتيجة.