مسألة: قوله تعالى: كلما أضاء لهم مشوا فيه (1) ، ثم قال: (ذهب الله بنورهم) ولم يقل بضيائهم مع ما فيه من بديع المطابقة؟
جوابه: أن الضياء أبلغ من النور ولا يلزم من ذهابه ذهاب النور، بخلاف عكسه فذهاب النور أبلغ في نفى ذلك. ــــ ˮكتاب: كشف المعاني / لابن جماعة“ ☍... |
آية (١٧) : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ) * لو قال أذهب الله نورهم كأنها تعني أذهبت هذا الشيء أمر النور أن يذهب فاستجاب وذهب لكن قد يعود، أما (ذهب الله بنورهم) كأن الله تعالى اصطحب نورهم بعيداً عنهم ولا أحد يملك أن يعيده كما تقول عن خبر لا يعرفه إلا شخص واحد وقد مات فتقول ذهب فلان بالخبر إذا لم يعد لك أمل في معرفته وهذا فيه تيئيس للرسول (صلى الله عليه وسلم) من المنافقين لأن الجهد معهم ضائع ولم يبق لهم مطمع في عودة النور الذي افتقدوه..
* لم يقل ذهب الله بضوئهم مع أنهم أوقدوا النار ليحصلوا على الضوء.. الضوء أقوى من النور ولا يأتي إلا من إشعاع ذاتي، فلو قال الحق تبارك وتعالى ذهب الله بضوئهم لاحتمل المعنى أنه أبقى لهم النور.. ولكن (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) معناها أنه لم يبق لهم ضوءا ولا نورا، فكأن قلوبهم يملؤها الظلام، ولذلك قال بعدها (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ) لنعلم أنه لا يوجد في قلوبهم أي نور ولا ضوء إيماني بسبب انصرافهم عن نور الله.
* لم يقل سبحانه وتركهم في ظلام بل قال: (فِي ظُلُمَاتٍ) أي أنها ظلمات متراكمة مركبة لا يستطيعون الخروج منها أبدا، لأنهم طلبوا الدنيا ولم يطلبوا الآخرة.. وعندما جاءهم نور الإيمان انصرفوا عنه فصرف الله قلوبهم..وهكذا في قلب كل منافق ظلمات متعددة.. ظلمة الحقد على المؤمنين وظلمة الكراهية لهم.. وظلمة تمني هزيمة الإيمان .. كل هذه ظلمات.
* قال (فِي ظُلُمَاتٍ) لو كان نهاراً لكانوا مشوا، وفي القرآن لم ترد كلمة الظلمات مفردة أبداً بخلاف النور ورد مفرداً.
* (لاَّ يُبْصِرُونَ ) إذا امتنع النور امتنع البصر أي أن العين لا تبصر بذاتها ولكنها تبصر بانعكاس النورعلى الأشياء ثم انعكاسه على العين ولذلك فأنت لا تبصر الأشياء في الظلام، وهذه معجزة قرآنية اكتشفها العلم بعد نزول القرآن. ــــ ˮمختصر لمسات بيانية“ ☍... |
*ما دلالة المثل في قوله تعالى (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) البقرة) لماذا ذهب بنورهم وليس بنارهم؟ وما الفرق بين ذهب به وأذهب؟ هذه الآية الكريمة من مجموعة آيات تكلمت عن المنافقين ومعلوم أن المنافقين إنما سُمّوا بهذه التسمية لأن ظاهرهم مع المسلمين وباطنهم في حقيقة الأمر أنهم مع الكفار حتى قيل أن الكفار خير منهم لأن الكافر صريح يقول هو كافر لكن المنافق يقول لك هو مؤمن مسلم ولكنه يهدم ويخرّب من داخل المجتمع المسلم. فضرب الله عز وجل لهم هذا المثل فوجود النار في الصحراء عند العرب مثال معروف على الظهور والإنكشاف وهداية الضالّ: الآية تتحدث عن شخص أوقد هذه النار ولما أوقدها وتعالى لهيبها أضاءت ما حوله، هذه الإضاءة تمتد إلى مسافات بعيدة معناه أن هؤلاء عاشوا في هذا الضوء واستضاءوا واستناروا به - ونحن نقول أن هذا المثل يمكن أن يحمل أن الرسول هو مثل الموقِد لهذه النار الهادية - فلما جاءوا من حولها ورأوا هذا النور وتذوقوا حلاوة ايمان طمسوا هم على قلوبهم ولم يستفيدوا منه و نلاحظ (كمثل الذي استوقد ناراً ) هنا فرد، (فلما أضاءت ما حوله) هو حوله أناس، فالعربي لا يعيش وحده، فلما يوقد النار قبيلته حوله فهم أيضاً يستضيؤون بهذه النار وكذلك الأغراب البعداء يهتدون لهذه النار. (فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) هم عاشوا في ضوء ولو لحقبة يسيرة، إطلعوا على الإسلام بخلاف الكافر الذي كان يضع إصبعيه في أذنيه ويقول لا أسمع. (فلما أضاءت) بسبب أن هؤلاء لم يستفيدوا من هذا النور قال ذهب الله بنورهم. والفرق بين النور والضوء أن النور لا يكون فيه حرارة أما الضوء ففيه حرارة ومرتبط بالنار والإنسان يمكن أن تأتيه حرارة الضوء فالنار المضيئة إذا خفتت وخمدت يبقى الجمر مخلفات النار وهو بصيص يُرى من مسافات بعيدة. فلما يقول تعالى (ذهب الله بنورهم) يعني أصغر الأمور التي فيها هداية زالت عنهم. لو قال في غير القرآن ذهب الله بضوئهم تعني يمكن أنه ذهب الضوء لكن بقيت الجمرات لكن يريد القرآن أن يبين أن هؤلاء بعد أن أغلقوا قلوبهم (ذهب الله بنورهم فهم لا يبصرون) لا يبصرون شيئاً حتى الجمر الصغير ما بقي عندهم. ــــ ˮحسام النعيمي“ ☍... |
ما الفارق بين أذهب نورهم وذهب بنورهم؟ أذهبت هذا الشيء أي جعلته يذهب أذهبته فذهب، أنت فعلت وهو أيضاً إستجاب للفعل. فلو قال أذهب الله نورهم كأنها تعني أمر النور أن يذهب فاستجاب وذهب،لكن هذا الذي ذهب قد يعود. أما صورة (ذهب الله بنورهم) كأن الله تعالى اصطحب نورهم بعيداً عنهم وما اصطحبه الله عز وجل لا أحد يملك أن يعيده. هذا نوع من تيئيس الرسول من المنافقين لأن الجهد معهم ضائع وهذه خصوصية للرسول ولا يقول الإنسان أن هذا الشخص لا نفع من ورائه فلا داعي لوعظه وتذكيره. لكن خص الرسول بهذا الأمر أن هؤلاء المنافقين انتهى أمرهم. ــــ ˮحسام النعيمي“ ☍... |
ونلاحظ هنا دقة التعبير القرآني.. في قوله تعالى: ( ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ) ولم يقل ذهب الله بضوئهم.. مع أنهم أوقدوا النار ليحصلوا على الضوء.. ما هو الفرق بين الضوء والنور؟.. إذا قرأنا قول الحق سبحانه وتعالى:{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَالْقَمَرَ نُوراً }[يونس: 5] نجد أن الضوء أقوى من النور.. والضوء لا يأتي إلا من إشعاع ذاتي.. فالشمس ذاتية الإضاءة.. ولكن القمر يستقبل الضوء ويعكس النور.. وقبل أن تشرق الشمس تجد في الكون نورا.. ولكن الضوء يأتي بعد شروق الشمس.. فلو أن الحق تبارك وتعالى قال ذهب الله بضوئهم.. لكان المعنى أنه سبحانه ذهب بما يعكس النور.. ولكنه أبقى لهم النور.. ولكن قوله تعالى: ( ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ).. معناها أنه لم يبق لهم ضوءا ولا نورا.. فكأن قلوبهم يملؤها الظلام.. ولذلك قال الله بعدها؛ ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ).. لنعلم أنه لا يوجد في قلوبهم أي نور ولا ضوء إيماني.. كل هذا حدث بظلمهم هم وانصرافهم عن نور الله. ونلاحظ هنا أن الحق سبحانه وتعالى.. لم يقل وتركهم في ظلام.. بل قال: " في ظلمات ".. أي أنها ظلمات متراكمة.. ظلمات مركبة لا يستطيعون الخروج منها أبدا.. من أين جاءت هذه الظلمات؟.. جاءت لأنهم طلبوا الدنيا ولم يطلبوا الآخرة.. وعندما جاءهم نور الإيمان انصرفوا عنه فصرف الله قلوبهم.. وهكذا في قلب كل منافق ظلمات متعددة.. ظلمة الحقد على المؤمنين وظلمة الكراهية لهم.. وظلمة تمني هزيمة الإيمان.. وظلمة تمني أن يصيبهم سوء وشر.. وظلمة التمزق والألم من الجهد الذي يبذله للتظاهر بالإيمان وفي قلوبهم الكفر.. كل هذه ظلمات.. يقول الحق سبحانه وتعالى: ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ).. نفى النور عنهم.. والنور لا علاقة له بالسمع ولا بالشم ولا باللمس.. ولكنه قانون البصر.. وانظر إلى دقة التعبير القرآني.. إذا امتنع النور امتنع البصر.. أي أن العين لا تبصر بذاتها.. ولكنها تبصر بانعكاس النورعلى الأشياء ثم انعكاسه على العين..فكأن الذي يجعل العين تبصر هو الضوء أو النور.. فإذا ضاع النور ضاع الإبصار..ولذلك فأنت لا تبصر الأشياء في الظلام..وهذه معجزة قرآنية اكتشفهاالعلم بعد نزول القرآن. ــــ ˮمحمد متولي الشعراوي“ ☍... |
*ما سبب استخدام المفرد والجمع في قوله تعالى في سورة البقرة (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ {17})؟ 1. من الممكن ضرب المثل للجماعة بالمفرد كما في قوله تعالى (لا تكونوا كالتي نقضت غزلها...تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم(92)النحل). 2. (الذي) تستعمل للفريق وليس للواحد فالمقصود بالذي في الآية ليس الشخص إنما هي تدل على الفريق ويقال عادة الفريق الذي فعل كذا ولا يقال (الفريق الذين). 3. يمكن الإخبار عن الفريق بالمفرد والجمع (فريقان يختصمون) 4. الذي نفسها يمكن أن تستعمل للمفرد والجمع. كما جاء في الشعر العربي: وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد ــــ ˮفاضل السامرائي“ ☍... |
*سورة البقرة ورد فيها مثالين للمنافقين فهل يمكن توضيحهما؟ المثال الأول (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18)). أولاً نلاحظ شبّه حال الجمع بالمفرد (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً) وهذا جائز أن تشبه حالة جمع بالمفرد (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا (92) النحل) لا تكونوا جمع والتي مفرد، (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا (5) الجمعة) هذا يجوز تشبيه هؤلاء بحالة، أنتم مثلكم كمثل كذا. استوقد معناها أوقد أو طلبوا الإيقاد طلبوا النار فأوقدوها والنار للإضاءة والانتفاع، الإضاءة فرط الإنارة، مضيء أكثر من منير، الإضاءة أشد الضياء من النور لكن هو فرط الإنارة والنور أعم يبدأ من صغير وينتهي إلى حالات لا نعلمها، الضياء حالة من حالات النور، فرط الإنارة، حالة من حالاته. النور يصير ضياءاً ثم هنالك أموراً أخرى لا نعلمها، النور مبدؤه قليل بعد الفجر نور ثم يكون أعلى فأعلى هذا كله نور وضوء الشمس هو من النور فرط الإنارة، يبدأ في الفجر نور ويعلو حتى الظهيرة كله نور لكن فرط الإنارة هو الضياء حالة من حالات النور وهناك حالات أخرى لا نعلمها من النور عندما قال تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (35) النور) ربما يقصد البدايات وهنالك أشياء لا نعلمها. في وصف أهل الجنة قال (بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ (54) الرحمن) قالوا هذه البطائن والظهائر قالوا هو من النور الجامد. هذه حالات نحن لا نعلمها، نحن نعلم مبدأ النور ونعلم فرط النور بالإضاءة ثم هنالك أموراً لا نعلمها ولهذا وضحها ربنا بمثل (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) قرّبها إلى الأذهان حتى نستوعبها أما بالعقل لا نتصور. نحن نعرف حالات من حالاتها أما النور مطلق ولذلك ربنا قال (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أولاً النور عام والضياء حالة من حالاته، هناك أمور نعلمها وأمور لا نعلمها، هنالك نور البصر ونور البصيرة. فإذن النور هو مبدأ والإضاءة فرط الإنارة. عندما قال تعالى (فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ) لم يقل ذهب الله بضوئهم، ربنا شبه المنافقين كالذي استوقد ناراً ورجع تعالى للمنافقين ذهب الله بنورهم ولم يقل بضوئهم لأنه لو قال ذهب الله بضوئهم لاحتمل أن يبقى نور لأن الضياء فرط الإنارة كان يبقى نور فأراد أن يجتثّ المعنى كله فلما قال (ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ) إذن لا يبقى نور ولا ضياء وإنما ظلمة. ثم قال (فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ) ما قال ما حولها، (مَا حَوْلَهُ) يعني حول المستوقد. ثم قال (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) جمع الظلمة لتعدد أسبابها وهي في القرآن حيث وردت مجموعة. ثم قال (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) والأبكم الذي يولد أخرس. ولم يقل صم وبكم وعمي لأن صم وبكم وعمي محتمل أن يكون هناك جماعة بكم وهنالك جماعة صم وهنالك جماعة عمي لو قلت هؤلاء فقهاء وكُتّاب يعني محتمل أن يكون فيهم فقهاء ويحتمل أن يكون فيهم كُتّاب لكن لو قلت هؤلاء فقهاء كُتّاب شعراء يعني هم جمعوا الصفات كلها، هذا فقيه كاتب شاعر يجمع الصفات، لكن لو قلت هؤلاء فقهاء وكتاب وشعراء فيها احتمالين إحتمال أن يكونوا جمعوا واحتمال أن يكون قسم فقهاء وقسم كتاب وقسم شعراء. صم بكم عمي هذا تعبير قطعي جمعوا كل هذه الأوصاف يعني كل واحد فيهم أبكم وأصم وأعمى. (فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) تركهم متحيرين لا يرجعون إلى المكان الذي بدأوا منه والأعمى لا يبصر والأبكم لا يسأل والأصم لا يسمع كيف يرجع؟ فقدوا أشكال التواصل. الأعمى لا يبصر والأصم لا يسمع والأبكم لا يسأل ولا ينطق كيف يرجعون؟ يقولون لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه لأنه قال (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى (16) البقرة)، لا يرجعون عن الضلالة بعد أن اشتروها. والمثال الآخر قوله تعالى (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) البقرة) هذا هو المثال الآخر. الصيّب هو المطر، المطر الشديد الإنصباب (من صاب يصوب) مطر شديد الإنصباب وليس مجرد مطر. إذن هذا هو الصيّب. هو ذكر قال (فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) الظاهر أنها ظلمات كثيرة لأنه جمع ظلمات جمع ظلمة السُحمة (سُحمة يقال في ظلام أسحم شديد الظلمة) وتطبيقه للسماء وظلمة الليل. هو نفسه مظلم كونه طبّق السماء فليس فيها مكان للضياء ظلمة ثانية والظلمة الثالثة ظلمة الليل، ظلمة الليل لأنه قال (كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ) لو كان نهاراً لكانوا مشوا. وفيه رعد وبرق إذن هذه هي الظلمات وفي القرآن لم ترد كلمة الظلمات مفردة أبداً بخلاف النور ورد مفرداً. إذن الصيّب مطر شديد الإنصباب ينحدر، فيه هذه الظلمات فقال (فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) ليس فقط ظلمات. ــــ ˮفاضل السامرائي“ ☍... |
* هل هذا الترتيب (فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) مقصود في حد ذاته؟ هذا الترتيب مقصود بذاته ولذلك نلاحظ حتى في آخرها قال (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) فالسمع مقابل الرعد والأبصار مقابل البرق نفس الترتيب وذلك لأن الخوف من الرعد أشد من البرق لأن أقواماً أهلكوا بالصيحة (الصيحة الصوت الشديد) (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ (73) الحجر). ــــ ˮمختصر لمسات بيانية“ ☍... |
* هل يمكن أن يكون تقديم السمع لأن سرعة الصوت أكبر من سرعة الضوء؟ لا، الضوء أسبق من الصوت، هناك مقام عقوبة ومقام خوف، في مقام الخوف الرعد أشد. القرآن يراعي دلالة الكلمات في السياق ولا يرص الكلمات بعضها بجانب بعض. إذن هو ظلمات ورعد وبرق. إذن مطر شديد الإنصباب وظلمات وليس ظلمة ورعد وبرق. قال (يجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) الأصابع والمقصود هو الأنامل لأن الإصبع لا يمكن أن يدخل في الأذن وهذا مجاز مرسل حيث أطلق الكُلّ وأراد الجزء وهذا لشدة الخوف، كأنما يجعلون أصابعهم لو استطاعوا أن يُدخلوها كلها في آذانهم لفعلوا من شدة الخوف وما هم فيه. الصواعق هي رعد شديد مع نار محرقة وقد يصحبها جرم حديد ليس مجرد رعد وليست صاعقة وإنما صواعق (يجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ). إذن هو رعد شديد مع نار محرقة قد يكون معها حجر أو جرم. ولاحظ من فرط الدهشة أنهم يسدون الآذان من الصواعق وسد الآذان ينفع من الصواعق؟ ينفع من الرعد لكن لا ينفع مع الصاعقة لكن لفرط دهشتهم لا يعلمون ماذا يفعلون إذن هم يتخبطون، وصواعق جمع صاعقة لاحظ المبالغات الموجودة في الآية صواعق وظلمات وصيّب وليس مجرد مطر. (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ) (كلما) تفيد التكرار إذن لم تكن مرة واحدة. (كلما) في اللغة عموماً تفيد التكرار وجيء بها لأنهم حريصون على المشي لكي يصلون (كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ) كلما أضاء لهم البرق مشوا فيه وإذا أظلم ولم يقل إن أظلم للتحقق ولو قال إن أظلم يكون أقل، (إذا) للمتحقق الوقوع وللكثير الوقوع أما (إن) فهي قد تكون للافتراضات وقد لا يقع أصلاً. ثم قال (مَّشَوْاْ) ولم يقل سعوا لأن السعي هو المشي السريع أما المشي ففيه بطء إشارة إلى ضعف قواهم لا يستطيعون مع الخوف والدهشة لا يعلمون كيف يفعلون. (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) لذهب بسمعهم مع قصف الرعد يعني جعلهم صماً، وأبصارهم مع البرق، لماذا لم يفعل إذن؟ كان يمكن أن يذهب بسمعهم مع قصف الرعد وأن يذهب بأبصارهم مع ومض البرق، لا، هو أراد أن يستمر الخوف لأنه لو ذهب السمع لم يسمعوا ولو ذهب البصر لم يبصروا فأصبحوا بمعزل، هو أراد أن يبقوا هكذا حتى يستمر الخوف. وقدم السمع لأن الخوف معه أشد. هذا عذاب مضاعف وفيه مبالغات (الصيب مبالغة لأنه مطر شديد وظلمات وليس ظلمة ورعد وبرق وأصابعهم وليس أناملهم وصواعق وليست صاعقة ثم ذكر يخطف أبصارهم ثم قال (كلما) الدالة على التكرار وقال مشوا ولم يقل سعوا وقال إذا أظلم ولم يقل إن أظلم وقال لو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم لم يرد أن يذهب بها حتى يبقى الخوف وهذه كلها مبالغات. ــــ ˮمختصر لمسات بيانية“ ☍... |
* ألا يمكن أن يقال (ولو أظلم عليهم قاموا)؟ وما الفرق بين لو وإذا؟ لا، أصلاً (لو) قد تكون حرف امتناع لامتناع لو زارني لأكرمته، لو أظلم عليهم قاموا. * إذن لا نقف عند الأدوات هكذا يقول إذا، يقول لو، إذا فيها تحقق الوقوع و (لو) قد يكون امتناع لامتناع وقد لا يحدث الفعل أصلاً؟ (وإذا أظلم عليهم قاموا) يعني وقفوا لم يتحركوا وهذا عذاب أيضاً. ــــ ˮمختصر لمسات بيانية“ ☍... |
سورة البقرة الآية 17 الجزء الأول ــــ ˮخالد السبت“ ☍... |
سورة البقرة الآية 17 الجزء الثالث ــــ ˮخالد السبت“ ☍... |
سرة البقرة الآية 17 الجزء الثاني ــــ ˮخالد السبت“ ☍... |
أمثال القرآن : ــــ ˮعبدالرحمن بن معاضة الشهري“ ☍... |
مثلهم كمثل الذي استوقد نارً ــــ ˮمحمد صالح المنجد“ ☍... |
قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُون (17)صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُون (18)}[البقرة:17]. في هاتين الآيتين عدة وقفات: الوقفة الأولى: قال ابن كيسان:(({اسْتَوْقَدَ}بمعني (أوقد)، وقد يجوز أن يكون استوقدها من غيره، أي: طلبها من غيره)). والصحيح أن الهمزة والسين والتاء في قوله:{اسْتَوْقَدَ} تدل على الطلب، وهي ههنا توحي وتشعر بما تكبده موقد النار من مشقة ونصب في سبيل إشعالها، وتنبئ عن تعاظم تلهفه على ذلك؛ لتنير النار له غياهب الظلمة المدلهمة، وتقشع من طريقه الحيرة والوحشة، فحين يفقدها الموقد يفقد عزيزاً، وفقد المتعوب عليه أشد وأقسى على القلب من فقد ما نيل بيسر وسهولة، ودون نصب ولا كبد، ألا ترى إلى قوله تعال: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُون (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُون(64) لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُون(65)}[الواقعة:63-65]، فقال:{لَجَعَلْنَاهُ } مؤكداً باللام مع الزرع؛ لأن فقده فقد متعوب عليه ، ثم قال:{ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُون (68)أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُون (69) لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُون(70)}[الواقعة:68-70]، فقال مع الماء:{ جَعَلْنَاهُ } غير مؤكد؛ لأن فقده فقد غير متعوب عليه. وحين يقرأ قارئ هاتين الآيتين – أعني آيتي سورة البقرة-بتدبر وتمعن يتصور مدى ظلمة الليل البهيم، الذي يبدو كما قال تأبط شراً: وليلٍ بهيمٍ كلما قلت غوّرت كواكبه عادت فما تتزيلُ به الركب إما أومض البرق يمّموا وإن لم يلح فالقوم بالسير جُهل وترتسم في مخيلته صورة مستوقد النار، وهو يلهث بغية جمع الحطب، وهو بلا شك حاطب ليل لا يفرق بين رطب ويابس، وجاءت محصلته بعد جهد جهيد حطباً رطباً، بطئ الاشتعال، كثير الدخان، لا ينفك باغي النار من مثله ينفخ في ناره، كنافخ الكير يشرق بدخانه، وحيث كان مضطراً إليها، غير مستغنٍ عنها، لم يمل، ولم يكل، حتى شب أوارها، وملأ ضوءُها الآفاق، ولكن فجأة ذهب النور، فيا لخيبة التعب، فهو كصاحب الجنة المحترقة:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا}[الكهف:42]، وهكذا كانت لفظة{اسْتَوْقَدَ } أبلغ في هذا الموضع من (أوقد) بما دلت عليه الهمزة والسين والتاء من طلبٍ ومشقةٍ. الوقفة الثانية: في قوله:{فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ } عبر عن مكان الإضاءة بقوله:{مَا حَوْلَهُ }حيث كان الضوء لما حوله مجاوراً له ، وليس منبعثاً منه ، ولا مضيئاً له،(( ولو اتّصل ضوءها به، ولابسه، لم يذهب ،ولكنه كان ضوء مجاورةٍ ، لا ملابسةٍ ومخالطةٍ، وكان الضوء عارضاً ، والظلمة أصليةً، فرجع الضوء إلى معدنه ،وبقيت الظلمة في معدنها، فرجع كلٌ منهما إلى أصله اللائق به حجة من الله قائمة، وحكمةً بالغة تعرف بها إلى أولي الألباب من عباده)). الوقفة الثالثة:قوله{ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ }: فيه نكتتان بليغتان: * إحداهما: أنه تعالى عبّر عن انقطاع النور عنهم بذهاب الله به، ولم يقل: (انقطع نورهم)، بل عبّر عن ذلك بما يتضمن انقطاع النور وذهابه بعد ذهاب مسببه به، وهو المولى – عز وجل- ، فانقطعت عنهم معية الله تعالى، فذهاب الله بذلك النور هو انقطاع المعية التي خص بها أولياءه، فقطعها بينه وبين المنافقين، فلم يبق – أي الله- عندهم بعد ذهاب نورهم ، ولا معهم فليس لهم نصيب من قوله:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}[التوبة:40]، ولا من : {قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين}[الشعراء:62]. وقال ابن القيم – عليه رحمة الله-: ((ولم يقل: (أذهب الله نورهم)؛ لأن الذهاب بالشيء هو استصحاب له ومضي به، وفي ذلك نوع احتياز للمذهوب به، وإمساكٌ له عن الرجوع إلى حالته، والعود إلى مكانه، وليس كذلك الإذهاب للشيء؛ لزوال معني الاحتياز، وهذا كلامٌ دقيقٌ يحتاج إلى زيادة تأمل، وإنعام نظرٍ، فافهمه)). * والنكتة الأخرى: أن الله تعالى قال:{بِنُورِهِمْ } ولم يقل (بنارهم)، فيكون ذلك اتساقاً مع أول الآية {اسْتَوْقَدَ نَاراً }، ولا : (بضوئهم) توافقاً مع قوله:{فَلَمَّا أَضَاءتْ } ؛ وسبب ذلك – والله أعلم – أن النار تشتمل على ثلاثة أشياء، هي: الضوء ، والنور، والحرارة، فالضوء زيادة في النور، فذهابه لا يعني ذهاب أصله، وهو النور ، لأن النور إشراقٌ وضياءٌ، لكن الذهاب بالنور ذهابٌ بالضياء؛ ((لأن الضوء هو زيادة في النور، فلو قال: (ذهب الله بضوئهم) لأوهم الذهاب بالزيادة فقط دون الأصل ، فلما كان النور أصل الضوء كان الذهاب به ذهابا بالشيء وزيادته، وأيضاً فإنه أبلغ في النفي عنهم، وأنهم من أهل الظلمات الذين لا نور لهم ، وأيضا فإن الله تعالى سمى كتابه نورا، ورسوله نورا ، ودينه نورا ، ومن أسمائه النور، والصلاة نور ، فذهابه – سبحانه- بنورهم ذهابٌ بهذا كله )). والحرارة والإحراق والأذى مما تشتمل عليه النار، وبقاؤها مرادٌ هنا؛ لأن من أوجه الشبه بين المنافقين ومستوقدي النار ذهاب ما ينفعهم من البهاء والإشراق، وبقاء ما يضرهم من الاصطلاء بحرارتها وإحراقها، ولذلك لم يقل: (بنارهم)؛ لأن الله تعالى شبه (( أعداءه المنافقين بقوم أوقدوا ناراً لتضيء لهم ، وينتفعوا بها ، فلما أضاءت لهم النار ، فأبصروا في ضوئها ما ينفعهم وما يضرهم ، وأبصروا الطريق بعد أن كانوا حيارى تائهين، فهم كقوم سفر ضلوا عن الطريق، فأوقدوا النار ، تضيء لهم الطريق، فلما أضاءت لهم ، فأبصروا وعرفوا طفئت عنهم تلك الأنوار، وبقوا في الظلمات لا يبصرون )) ، فالمنافقون اكتسبوا نوراً ظاهرياً بما عرفوا من الحق؛ بمخالطتهم المؤمنين، وصلاتهم معهم، وصيامهم معهم ، وسماعهم القرآن ، لكن ذلك النور ذهب بعد أن تلطخت قلوبهم بوحل النفاق ودنسه، فبقيت في قلوبهم حرارة الكفر والنفاق والشكوك والشبهات، تحرقها، وتغلي كالمرجل فيها، وكذلك ستكون حالهم في الآخرة حيث يرزقون نوراً ظاهرياً، فإذا وقفوا على الصراط ، وكانوا أحوج ما يكونون إليه، أُطفئت أنوارهم ، وبقوا في الظلمة على الجسر حتى تخطفهم كلاليب النار. وهناك وجه شبه آخر بين المنافق ومستوقد النار، هو أن المستوقد حين أوقدها كان في ليلة مظلمة، بمفازة موحشة، فاستضاء بها ما حوله، واتقى ما يخاف،وأمن، فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره، فبقي مظلماً خائفاً متحيراً، وكذلك المنافق إذا أظهر كلمة الإيمان استنار بها، واعتز بعزها، وأمن على نفسه وماله وولده، فإذا مات عاد إلى الخوف، وبقي في العذاب والنقمة. الوقفة الرابعة:قوله:{وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} جمع المولى عزّ وجلّ (الظلمة) في مقابل إفراد (النور)؛ لأن الحق واحد،((وهو صراط الله المستقيم الذي لا صراط يوصل إليه سواء، وهو عبادة الله وحده لا شريك له بما شرعه على لسان رسوله # ، لا بالأهواء والبدع وطرق الخارجين عما بعث الله به رسوله# من الهدى ودين الحقّ، بخلاف طرق الباطل فإنها متعددة متشعبة .....)). ــــ ˮصالح العايد“ ☍... |
*(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) البقرة) – (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) البقرة) ما الفرق بين المثالين؟ قال تعالى (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا (18) البقرة) وفي آية أخرى (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) البقرة) الأول مثل المنافقين (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)) هذا عن الذي أمام ومعك ينافقك يجاملك ويفعل هذا الأمر مع كل الناس لا تعرف له حقيقة له وجهان، تعِب قلق يحاول إرضاء الجميع هذا الإنسان هو الذي يفسد الحياة ورب العالمين ضرب له مثل في غاية الدقة، قال مثل الذي استوقد ناراً هو ليس عنده هو في ظلام وإنما طلب من الآخرين أن يضيؤا له نوراً ففعلوا أعطوه ضوءاً أعطوه نوراً صار عنده شيء من الرؤية الواضحة (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)) في قمة الإضاءة وهو في غاية السعادة وفي غاية النور ويظن أنه فعل الصواب وأنه هو الأفضل والأحسن على حين غرة ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون. برغم كل هذا الذي جرى له لا يعود إلى الحق أو النور الذي كان عليه. مثل المنافقين ابو الوجهين أمامك بلسان وخلفك بلسان يضمر الكفر ويظهر الإيمان، يضمر العداوة ويظهر لك المحبة وهذا أو هذه شريحة عريضة في الدنيا من ساسة وتجار وجيران وأقارب، هذه قضية من قوانين هذه الدنيا ليس كل من يبتسم بوجهك حبيباً قد يبتسم بوجهك وقلبه يتقطع عليك غيظاً وفي الظاهر هو ناصح ويبطن لك الشر ويحقد عليك هذا موجود وهناك الصادقون. رب العالمين شبه هذا المنافق كالذي كان في ظلمة ثم طلب شيء من النور استوقد ناراً فجاءته النار وأبصر وعرف أين الحق وأين الباطل وأين موقعه فكان المفروض أن يرجع عن هذا الغي الذي هو فيه لكن رب العالمين لا أدري لماذا لم ييسر له هذه الرجعة قال (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) ما قال أذهب الله نورهم لأن معناها أن الله بقي معهم، لا لرداءتهم ولسوئهم أخذ الله النور وذهب عنهم وتركهم في هذه الظلمات يتخبطون ليس لهم من معين لا من خالق ولا من مخلوق. (صم بكم عمي فهم لا يرجعون) لا يسمع ولا يرى ولا ينطق لأنه في ظلمة تائهة. التاريخ مليء بهذه الأمثال عاد وثمود وإلخ. والأمثال في القرآن نوعين (ضرب الله مثلاً) و (كذلك نصرف الآيات) ضرب المثل عام كوني ينطبق على كل الأمم، تصريف الأمثال موضعي المسلمين مثل الإنجليز مثل الأميركان مثل يعني قواعد كونية ثابتة لكن مفصلة على بيئات محلية مثل ضرب العملة وتصريف العملة، ضرب العملة العملة الرئيسية كالدولار واليورو هذه عملة تتعامل بهذا العالم هذا يسمى ضرب العملة جزئياتها تصريف العملة يعني أنت تتعامل بها داخلياً. رب العالمين سبحانه وتعالى يضرب لنا مثلاً في كل الحالات نضرب مثلاً الإتحاد السوفياتي الذي كان شيوعياً يقولون ما في الله ما في خالق والإنسان يموت وتنتهي حياته كلام معروف وساد ما يقارب القرن والإتحاد السوفياني ليقيم علاقات مع العالم كان يتعامل مع المسلمين بوجه ومع اليهود بوجه ومع النصارى بوجه كل من يتعتمل معه يحاول أن يتقولب معه حتى يرضيه ولذلك عاش في قلق مستمر دائم لا تعرف ما هو لونه إلى أن الله رب العالمين ذهب بنورهم. ما معنى ذهب بنورهم؟ أي فعلوا شيئاً مثلهم كمثل استوقد ناراً فعلاً جاءتهم أفكار يعملون دولة قوية كبيرة عندها من القوة والمنعة سببت التوازن في العالم بين الشرق والغرب لم تعد تستطيع أن تظلم العالم ظلماً هائلاً كما هو الآن هناك قوة كبيرة استفردت بالعالم ومزقت دولاً ودماعات وأصابت الناس بكارثة مالية، لما كان الإتحاد السوفياتي لم يكن هذا موجوداً كان هناك توازت قوى إذن هم حققوا شيئاً (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)) لما أضاءت ما حوله استعمل القتل قتل جمهوريات وناس واستعملوا الإبادة فذهب الله بنورهم أخذه الله وذهب عنهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون عن غيهم ولهذا برغم ما أصاب الإتحاد السوفياتي من إنهيار بقي الناس شيوعيين في كوبا وفي بعض الدول مثل الصين صم بكم عمي مع أن هذه النظرية أصبحت ساقطة بكل المقاييس ومع هذا فإن بعض الدول والرجال والساسة والقادة ما زالت تتبنى هذا الفكر وهذه من معجزات القرآن الكريم أن صور هذه الحالة تصويراً هائلاً، هذا المنافق الذي يأتيك بوجه وخلفك بوجه ثاني. الوثني اذي يكرهك ظاهراً وباطناً قال (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) البقرة) واحد يعبد الصنم والآخر يعبد شخصاً والآخر يعبد شيخاً والآخر يعبد قبراً هذا عطّل عقله بالكامل لا يفكر في كل قضايا الكون إلا عن طريق هذا الذي يعبده هذا الكاهن أو هذا الشيخ أو هذا المرجع هو الذي يفكر نيابة عنه هذا أسلم عقله له من أجل هذا كان بلا عقل هذا لا يرجع. إذن هكذا هو الأمر إن هذا الصنف من البشر الذي ينافق في كلامه ويخفي غير ما يبطن وينقض العهد (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (100) البقرة) لا يلتزم بشيء هذا هو الذي يفسد الحياة (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (41) الروم) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (120) آل عمران) ولو شيء قليل و(وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا (120) آل عمران) وهذه لما يسود العالم السياسية بالغرائز والأهواء والرغبات وليس بالقوانين، العالم الآن قوانين والأمم المتحدة موجودة ولكنها معطلة وكانت في يوم من الأيام الناس يحتكمون إليها والآن يحتكمون إلى الغرائز والرغبات كل واحد عنده قوة يفعل ما يشاء يكذب على شعبه وعلى الدول والأمم ويدمر ويكسر ويدعي دعوات ويفسد الحياة ويفشل كل شيء ويقف العالم على حافة الهاوية ولا يستطيع أحد أن يقول لا وهذا هو الفرق بين الحالتين ضرب الله مثلاً لكل حالة بمثل دقيق لو تأملنا فيه شارحين لاستغرق ذلك ساعات تتأمل في الايتين (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) هؤلاء لا يرجعون يبقى منافقاً مع فشله الذريع والثاني (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً) تأمل في الآيتين ترى هذا الفرق بين من استوقد ناراً وبين الذي ينعق فرق هائل من حيث طبيعة هذا الإنسان عن هذا الإنسان ونسبة ضرره على العالم. ما المقصود بـ(ينعق)؟ الحيوان يتبع بالغريزة عندما ينعق له الراعي يمشي خلف الراعي لا يملك أي خيار الذي يقوله الراعي هو وراءه. هناك ناس ممن يعبدون أشخاصاً وأحجاراً أو إماماً أسقط عقله بالكامل وكل شيء يقوله له هذا المرجع يقول نعم وحينئذ هذا أصبح حيواناً ليس له تفكير وإنما ألغى عقله ويفكر بعقل هذا الذي يعبده وإلا واحد عبقري شخصية مهمة يعبد صنماً؟! يعبد حجراً؟! أين عقله؟! طبعاً هو تنازل عن عقله قال له هذا إلهك. ــــ ˮأحمد الكبيسي“ ☍... |
( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) ( صم بكم عمي ) كيف هؤلاء ( يرجعون ) ! ، ( وتركهم في ظلمات ) كيف ( يرجعون ) ! ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) ( صم بكم عمي ) كيف هؤلاء ( يعقلون ) ! الذي ينعق كيف ( يعقلون ) ! أصحاب الآية الثانية أشد حالا من الأولى . ــــ ˮمن لطائف القرآن / صالح التركي“ ☍... |
ما الفرق بين الآيات ( فهم لا يرجعون ) و ( فهم لا يعقلون ) من سورة البقرة؟ سورة البقرة اية 17 ــــ ˮدريد ابراهيم الموصلي“ ☍... |
* لِمَ قال تعالى ذهب الله بنورهم؟ إنه يعني مضى به واستصحبه وهذا يدلك أنه لم يبق لهم مطمع في عودة النور الذي افتقدوه كما تقول عن خبر لا يعرفه إلا شخص واحد وقد مات فتقول ذهب فلان بالخبر إذا لم يعد لك أمل في معرفته. ــــ ˮبرنامج ورتل القران ترتيلا“ ☍... |
الأمثال في القرآن الكريم سورة البقرة أية 17 ــــ ˮمنصور الصقعوب“ ☍... |
برنامج لمسات بيانية سورة البقرة أية 16 ــــ ˮفاضل السامرائي“ ☍... |
الأمثال في القران الكريم ضرب المثل في كشف حال المنافقين سورة البقرة آية 17 ــــ ˮعبدالله الشثري“ ☍... |
الله اكبر .. ــــ ˮبدون مصدر“ ☍... |