عرض وقفة التدبر

  • ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿٧﴾    [الفاتحة   آية:٧]
وقد يسأل بعضنا عن إضافة الصراط هنا إلى المنعم عليه، ولم يكتف بقوله: الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ؟ قال ابن القيم في الجواب عن ذلك: لما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه، مريدًا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة، والنفوس مجبولة على وحشة التفرد، وعلى الأنس بالرفيق، نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق، وأنهم هم (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) ٦٩ (النساء)، فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له، وهم الذين أنعم الله عليهم؛ ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له، فإنهم هم الأقلون قدرًا، وإن كانوا الأكثرين عددًا، كما قال بعض السلف: «عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين».