عرض وقفة التساؤلات
- ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بَالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴿٦١﴾ ﴾ [البقرة آية:٦١]
- ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴿٤٩﴾ ﴾ [البقرة آية:٤٩]
س/ في سورة البقرة في قوله تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ۗ)
هل لهذا المقطع علاقة بما ورد قبله من قولهم (لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض…)
هل كتبت الذلة على بني إسرائيل والغضب لأنهم اختاروا الزرع على دخول الأرض المقدسة؟
هل يمكن الربط بين الآية وبين الحديث الذي فيه (ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ)؟
ج/ نعم لذلك علاقة كما في ظاهر الآيات، قال الطاهر الن عاشور: "﴿وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ والمَسْكَنَةُ وباءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ عَطْفٌ عَلى الجُمَلِ المُتَقَدِّمَةِ بِالواوِ وبِدُونِ إعادَةِ إذْ، فَأمّا عَطْفُهُ فَلِأنَّ هاتِهِ الجُمْلَةَ لَها مَزِيدُ الِارْتِباطِ بِالجُمَلِ قَبْلَها إذْ كانَتْ في مَعْنى النَّتِيجَةِ والأثَرِ لِمَدْلُولِ الجُمَلِ قَبْلَها مِن قَوْلِهِ ﴿وإذْ نَجَّيْناكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [البقرة: ٤٩] فَإنَّ مَضْمُونَ تِلْكَ الجُمَلِ ذِكْرُ ما مَنَّ اللَّهُ تَعالى بِهِ عَلَيْهِمْ مِن نِعْمَةِ تَحْرِيرِهِمْ مِنَ اسْتِعْبادِ القِبْطِ إيّاهم وسَوْقِهِمْ إلى الأرْضِ الَّتِي وعَدَهم فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ نِعْمَتَيِ التَّحْرِيرِ والتَّمْكِينِ في الأرْضِ وهو جَعْلُ الشَّجاعَةِ طَوْعَ يَدِهِمْ لَوْ فَعَلُوا، فَلَمْ يُقَدِّرُوا قَدْرَ ذَلِكَ وتَمَنَّوُا العَوْدَ إلى المَعِيشَةِ في مِصْرَ إذْ قالُوا ﴿لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ﴾ كَما فَصَّلْناهُ لَكم هُنالِكَ مِمّا حَكَتْهُ التَّوْراةُ وتَقاعَسُوا عَنْ دُخُولِ القَرْيَةِ وجَبُنُوا عَنْ لِقاءِ العَدُوِّ كَما أشارَتْ لَهُ الآيَةُ الماضِيَةُ وفَصَّلَتْهُ آيَةُ المائِدَةِ، فَلا جَرَمَ إذْ لَمْ يَشْكُرُوا النِّعْمَةَ ولَمْ يُقَدِّرُوها أنْ تُنْتَزَعَ مِنهم ويُسْلَبُوها ويُعَوَّضُوا عَنْها بِضِدِّها وهو الذِّلَّةُ المُقابِلَةُ لِلشَّجاعَةِ؛ إذْ لَمْ يَثِقُوا بِنَصْرِ اللَّهِ إيّاهم والمَسْكَنَةُ وهي العُبُودِيَّةُ فَتَكُونُ الآيَةُ مَسُوقَةً مَساقَ المُجازاةِ لِلْكَلامِ السّابِقِ فَهَذا وجْهُ العَطْفِ".
وأما الربط بين الآية والحديث فيمكن ذلك حيث اجتمعا في معنى عام وهو أن الركون إلى الدنيا عمومًا موجب للذل والهوان عياذًا بالله تعالى.
والله أعلم.