عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٦٧﴾    [التوبة   آية:٦٧]
  • ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٧١﴾    [التوبة   آية:٧١]
س/ لِم بدأ في سورة التوبة بقوله تعالى "والمنافقون والمنافقات" قبل "والمؤمنون والمؤمنات"؟ أليس يقتضي تقديم المؤمنون لشرفهم؟ ‏قال تعالى في المنافقين "بعضهم من بعض"، وقال في المؤمنين أولياء بعض فما السبب؟ ج/ أولا فيما يتعلق بالابتداء بالمنافقين فلأن سياق الكلام أصالةً في بيان أحوال نفاقهم، بل كل مساق سورة التوبة جاء في فضحهم وكشف أحوالهم، والله أعلم. ‏وأما لماذا قال في المنافقين {بعضهم من بعض} وفي المؤمنين: {بعضهم أولياء بعض} فيظهر أن ذلك لأمرين: ‏الأول: ما أشار إليه الزجاج من أن قوله في المنافقين: {بعضهم من بعض} متصل بقوله قبل ذلك: {يحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم} [التوبة: ٥٦] أي ليسوا من المؤمنين، ولكن بعضهم من بعض، أي متشابهون في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف. ‏الثاني: عبر في جانب المؤمنين والمؤمنات بأنهم أولياء بعض للإشارة إلى أن اللحمة الجامعة بينهم هي ولاية الإسلام، فهم فيها على السواء ليس واحد منهم مقلدا للآخر ولا تابعا له على غير بصيرة لما في معنى الولاية من الإشعار بالإخلاص والتناصر بخلاف المنافقين. فالموالاة تقتضي المعاونة والنُصرة والمصارحة. أما المنافق لا يُظهر من نفسه مناصرة للمنافقين الآخرين أمام الملأ؛ لأن المنافق جبان خوّاف وإلا لما كان منافقاً، بخلاف الكافر المظهر لكفره فهو مصرّح بذلك ويقرّ على نفسه بأنه كافر. ولذلك جاءت الآيات في بداية سورة البقرة وفي النساء وفي العنكبوت تخبر عن المنافقين بأنهم لا تكون بينهم مناصرة ظاهرة، ويتخلى بعضهم عن بعض حين يرون موازين القوة تتجه ضدهم فيقولون إنا مع المؤمنين، فلا تستقيم مع المنافقين موالاة، ولذلك لم يأت في القرآن {بعضهم أولياء بعض} للمنافقين، ولكن وردت مع الكافرين والمؤمنين بأنهم يوالي بعضهم بعضاً (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) الكافر يوالي الكافر ويصرح بذلك وهو أهون شراً من المنافق، ولذلك قال تعالى عن المنافقون بأنهم {في الدرك الأسفل من النار} لعظيم ضررهم، وجمعهم بين الكفر والكذب، والله أعلم.