عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥١﴾    [المائدة   آية:٥١]
  • ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ﴿٥٨﴾    [المائدة   آية:٥٨]
س/ سمعت من يفسر آية ﴿٥١﴾ من سورة المائدة بأنها مرتبطة بآية (٥٨) أي أن الله لا يأمرنا بعدم اتخاذ أولياء من اليهود والنصارى بشكل مطلق، إنما فقط من يتخذون ديننا هزوا منهم .. أرجو التوضيح وبيان ما إن كان هذا الربط مخالفا لقواعد التفسير! ج/ نعم الآيتين (٥١)، و(٥٨) جاءت في سياق واحد مرتبط وهو النهي عن موالاة الكفار عمومًا يهودًا ونصارى ومشركين، إلا أن تخصيص النهي بمن اتخذ ديننا هزوًا ولعبًا فقط فغير صحيح، بل النهي عام عن موالاة كل كافر ولاية المودة والنصرة سواء اتخذ ديننا هزوًا ولعبًا أم لا؛ لأن مناط النهي عن الموالاة هو مجرد الاختلاف في الدين، قال العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره: "السبب الداعي لعدم الموالاة .. هو اختلاف الدين والنفرة الناشئة عن تكذيبهم رسالة محمد (ﷺ). فالنصارى وإن لم تجيء منهم يومئذ أذاة مثل اليهود [يعني وقت نزول الآية] فيوشك أن تجيء منهم إذا وجد داعيها". واعلم أن ذكر اتخاذ الدين هزوًا ولعبًا في الآية (٥٨) إنما جاء تأكيدًا لدواعي النهي عن موالاتهم، وإن لم يقع هذا من بعضهم، قال ابن عاشور رحمه الله تعالى في الآية (٥٨): "استئناف هو تأكيد لبعض مضمون الكلام الذي قبله، فإن قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء﴾ [المائدة: ٥١] تحذير من موالاة أهل الكتاب ليظهر تميز المسلمين. وهذه الآية [يعني ٥٨] تحذير من موالاة اليهود والمشركين الذين بالمدينة، ولا مدخل للنصارى فيها، إذ لم يكن في المدينة نصارى فيهزءوا بالدين". وبهذا يتبين أن التفسير الذي سمعته تفسير خاطئ مخالف لقواعد التفسير من تخصيص العموم بلا مخصص معتبر. والله تعالى أعلم.