عرض وقفة التساؤلات
س/ قال تعالى في سورة الذاريات: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ ما معنى (حق) في هذه الآية؟ هل المقصود الزكاة مع أن السورة مكية؟
ج/ الأقرب - والله أعلم - أن (الحق) هنا هو ما يشرع ويستحب إخراجه من المال غير الزكاة، لأن سياق الآية في المستحبات، وهي في أثناء ذكر صفات المحسنين: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ • آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ • كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ • وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ • وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٥-١٩].
وقد فسّر ابن عباس الحق هنا بقوله: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ﴾، قال: سوى الزّكاة؛ يَصِلُ بها رَحِمًا، أو يَقْري بها ضيفًا، أو يُعين بها محرومًا. ومن المعلوم أن في المال حقا سوى الزكاة، كأنواع النفقة الواجبة التي ذكرها ابن عباس.
ومن حملها من المفسرين على الزكاة، فلأن الزكاة فرضت ابتداء في مكة، ولم يأت تفصيلها إلا في المدينة. فالأمر في ذلك كما قال ابن العربي في تفسير قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}: (وتحقيقه في نكتة بديعة؛ وهي أن القول في أنها مكية أو مدنية يطول. فهبكم أنها مكية؛ إن الله أوجب الزكاة بها إيجابا مجملا فتعين فرض اعتقادها، ووقف العمل بها على بيان الجنس والقدر والوقت، فلم تكن بمكة حتى تمهد الإسلام بالمدينة؛ فوقع البيان، فتعين الامتثال، وهذا لا يفقهه إلا العلماء بالأصول). انتهى. والله أعلم.