عرض وقفة التساؤلات
- ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٧٩﴾ ﴾ [القصص آية:٧٩]
- ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٢﴾ ﴾ [القصص آية:٨٢]
- ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿٨٣﴾ ﴾ [القصص آية:٨٣]
س/ ﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ ما وجه المحذور كونهم تمنوا مثلما لقارون إذ أنّ هذا ليس بحسد، ولكن أهل العلم أنكروا عليهم إنكار شديدا حتى قالوا لهم (ويلكم). كما أن قولتهم أوجبت خوفهم وقالوا (لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا)!
ج/ المحذور في تمني هؤلاء يظهر فيما يلي:
- أولًا: أنهم ابتداءً يريدون الحياة الدنيا (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا....) ومجرد إرادة الحياة الدنيا دون الآخرة هو ما جاء سياق الآيات للتحذير منه حيث لم يقل سبحانه قال الناس أو قال المؤمنون وإنما نص بقوله: (يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) وجاء في آخر القصة (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) ففيه إشارة إلى أن الإرادة وتوجه القلب لها عميق الأثر في صلاح العبد وفساده ولذا جاء تقرير هذا المعنى في أكثر من موطن في القرآن أن من أعظم أسباب الكفر والنفاق هو استحباب الدنيا على الآخرة.
- وبذلك يتبين الأمر الثاني: وهو أن مجرد التمني لا محذور فيه فكل إنسان جُبل على حب المال وزُيِّن له بل إذا تمنى بذلك المال إنفاقه في سبل الخير كان مأجورا على إرادته كما دلت على ذلك النصوص. وإنما المحذور هو أن ينبهر بذلك حتى يكون هو منتهى إرادته وأن يرى ذلك هو الحظ العظيم الذي لا حظ وراءه كما قالوا (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) وهذا أصل عظيم من أصول فساد القلب إذا تمكن من قلب العبد استحب الدنيا على الآخرة وقدم الفاني على الباقي وهذا هو ما توجه إليه إنكار الذين أوتوا العلم..