عرض وقفات أسرار بلاغية

  • ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴿١١﴾    [فصلت   آية:١١]
*ما الفرق بين هذه الكلمات؟ كُرهاً وكَرهاً: كُرهاً بضم الكاف هو العمل مع المشقة أما كَرهاً بفتح الكاف فتفيد العمل بالإجبار من آخر. (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصلت). طوعاً وطائعاً: طوعاً تعني تلقائياً من النفس وطائعاً تعني طائعاً لإرادة الله سبحانه وتعالى.
  • ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴿١٥﴾    [طه   آية:١٥]
* (وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر) (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (59) غافر) (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (7) الحج) (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا (15) طه) (وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا (21) الكهف) متى نقول آتية ولآتية ومتى يذكر لا ريب فيها ومتى لا يذكرها؟(د.فاضل السامرائي) هو يجمع آتية ولا ريب فيها إذا كان الكلام على الساعة يعني إذا كان السياق في ذكر الساعة تحديداً. في سورة الحج (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (7)) وتبدأ السورة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)) ثم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ (5) الحج) فقال (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (7)) الكلام عن الساعة ويستمر في الكلام والسياق الذي ترد فيه الآية عن الساعة. إذا كان السياق في ذكر الساعة يقول (لا ريب فيها). في غافر قال (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59)) ثم يستمر ويقول (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ (47) غافر) فإذن الكلام في الساعة. يبقى ذكر اللام لأن قسماً قال لماذا ذكر اللام؟ لا يصح في آية الحج أن يذكر اللام، لا يصح أن يقول وأن الساعة لآتية لأن (أنّ) مفتوحة الهمزة، اللام لا تقع في خبر المفتوحة الهمزة مطلقاً، لا يجوز أصلاً. هو عندما يقول (أَنّ الساعة) لا يمكن أن يقول لآتية أبداً ، لا تصح، وبعد ذاتِ الكَسْرِ تصحبُ الخَبَر لامُ ابتداءٍ لغةً لا يصح، هناك فرق كبير بين إنّ وأنّ. أنّ وما دخلت عليه مفرد ليس لها معنى، بينما إنّ وما بعدها جملة. (أن محمداً حاضرٌ) ليس لها معنى لا بد أن يكون معها ضميم، هذه في حكم المفرد، مصدر، لا بد أن يكون معها شيء مثل يسرني أن محمد حاضر، أما (إن محمداً حاضر) جملة تامة. * هل هناك فرق دلالي بين إن الساعة وأن الساعة؟ طبعاً. (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (7) الحج) هذا معطوف على ما قبلها (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ (6) الحج) دخل عليها حرف جر. بينما (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59) غافر ) جملة مستقلة وحتى توكيدها أكثر فتختلف. أما إذا قال (آتية) هو لا يخاطب الرسل بقولهم (لا ريب فيها) أبداً. عندما يخاطب الرسول لا يقول لا ريب فيها أي رسول كان. لا يحتاج الرسول إلى نفي الريب. في الحجر قال (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر) أكّد باللام لأن السياق، هو كان يتكلم عن أصحاب الحجر فذكر عذابهم في الدنيا وسيأتيهم العذاب في الآخرة مؤكَّد. يقول (آتية) بدون توكيد عندما لا يقتضي الكلام. في طه قال تعالى (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) طه) كلام موسى ثم قال (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه) لا يزال الآن في طور الرسالة، هناك في طور التبليغ والذكر ومن باب التصبير للرسول (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) الحجر). تلك فيها تبليغ وضيق صدر وهذه ليس فيها شيء لا يحتاج إلى توكيد. * إذن وقت الكلام عند الله سبحانه وتعالى أولويات للحديث وأسس معينة يود أن يظهرها للخلق تتبدل من خلال هذه الكلمات! لا شك. * يعني ليس على غرار آي القرآن كله تكون (إن الساعة لآتية) أن الناس تنكر الساعة تنكر البعث والنشور؟ السامع المخاطَب في أي سياق هو؟ وفي أي مقام؟ هذه أسباب النزول. يسألون فيجيب، (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (219) البقرة)، أجاب عن أسئلتهم ، أسباب النزول تنفعنا نفعاً كبيراً جداً في معرفة الاختيار في المقام والسياق وما إلى ذلك. في الكهف، لاحظ في أي مقام؟ هذا ليس في خطاب أي رسول من الرسل ولا في مقام ذكر الساعة وإنما في أصحاب الكهف (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا (21) الكهف) ليس هناك داعي ليقول آتية، هو أقام الدليل على نومهم ثلاثمائة سنة. (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) ما هو وعد الله حق؟ أن تأتي الساعة، ذكرها. إذن حسب السياق وحسب المقام. *(إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه) المعروف أن كاد من أفعال المقاربة التي تفيد قرب وقوع الخبر فما دلالة استخدام أكاد أخفيها بدل أكاد أظهرها بما أنها مخفاة فعلاً؟(د.فاضل السامرائى) للهلم أخفي بمعنى خفي أو ظهر أو غاب، ستره وكتمه وأظهره. فإذن إذا كان بهذا المعنى تستقيم وانتفى السؤال. إذن أكاد أخفيها يعني أكاد أظهرها أكاد أسترها أكاد أكتمها ، أكاد أخفيها بمعنى الستر يعني لا أُخبِر بها لولا اللطف بعباده وإنما يكتمها ولا يقول ستأتي الساعة وإنما إرادة ربنا أن يلطف بعباده فحذّرهم منها لشدة خفائه. (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ) هي آتية لا محالة أكاد أخفيها أبالغ في إخفائها رحمة من الله بعباده وحتى قالوا أكاد أخفيها من نفسي وهي تفيد قرب حدوث الحدث لكنه لم يقع، لماذا لم يقع؟ أكاد أخفيها يعني أظهرها لأنه ذكر من علاماتها ما يوضح وقوعها فكأنه لم يسترها ولو قرأنا ما ذكره تعالى من علامات وما ذكره الرسول  العلامات يقول (اقتربت) إذن هو أظهرها ولم يخفيها وإنما فقط أخفى وقتها لكن ما ذكر من العلامات وما سيأتي من العلامات بحيث تقول هذه من علامات الساعة، يعني ظهور النار في أرض الحجاز هذه من علامات الساعة، يكثر الهرج في آخر الزمان (الهرْج هو القتل)، ذكر من علامات الساعة ما يوضحها بحيث تقول هذه من علامات الساعة ثم ستأتي أمور أخرى مثل رفع البيت وانحسار الفرات عن جبل من ذهب فتقول هذه من علانات الساعة وتقطع أنها من علامات الساعة، إذن هو لم يخفها لكن أكاد أخفيها لا يعلم موعدها أحد.
  • ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿١٢﴾    [فصلت   آية:١٢]
*ما دلالة استعمال المثنى والجمع في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت)؟ قال تعالى في سورة فصلت (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)) نلاحظ أن كلمة جعل تلحق بكلمة خلق. الآيات تتحدث عن خلق الأرض وخلق السموات وتقدّم أولاً خلق الأرض لأن عندنا في اللغة كلمة السماء هي كل ما علاك والمسألة نسبية يعني لا يمكن أن يكون شيء اسمه السماء إلا أن يكون تحته شيء هو سماء له، لا يمكن أن يكون هناك علو من غير أرض. تخلق الأرض تكون أرضاً حتى يكون لها علو، ومن غير أرض فالكون مفتوح لا يمكن أن تقول فيه سماء لا يوجد شيء فوق شيء لكن لما خُلِقت الأرض صار هناك علو وصار هناك سماء. وقد يسمى المطر سماء في اللغة كما قيل: ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال أصابته السماء. (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) الدخان هو تقريب لذهن العربي، الدخان هو غاز مرئي يراه الإنسان لأن الهواء غاز لا يُرى فكأنما القرآن يريد أن يبين للعربي أن هذا الخلق كان قبله خلق وهو هذا الدخان في العلو فوق الأرض، في السماء فوق الأرض هناك غاز مكثف موجود من هذا خلق الله تعالى السموات. لكن كيف هي السماء؟ ما طبيعتها؟ الله أعلم. وُجِدت السماء بأي كيفية؟ ما مادتها؟ من أي شيء تتكون؟ الذي نعلمه نحن من خلال القرآن الكريم (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) هذه النجوم التي نراها التي هي ملايين السنوات الضوئيةهي تحت السماء الدنيا وفوقها الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة وملك الرحمن لا حدود له. وفي كل سماء أوحى أمرها وفي كل سماء هناك شيء وفي المعراج شاهد الرسول  السموات السبع ووجد في كل سماء أحد الأنبياء. (فقضاهن سبع سموات) لما خلق السموات والأرض كان هناك نداء من الله سبحانه وتعالى لهذين المخلوقين السموات والأرض يعلنان طاعتهما لله سبحانه وتعالى، يقرّان بالطاعة والإلتزام (إئتيا طوعاً أو كرها) خاطب تعالى الإثنين السموات والأرض على أنهما كيانان وهي غير عاقلة. كان يمكن أن يقول إئتين لغير العاقل لكن لو قلنا هذا كأنه سيضفي عليهن صفة الإستقلال ولكن القرآن أراد أن يجمع السموات والأرض فقال (إئتيا طوعاً أو كرهاً) بمعنى أعلنا خضوعكما لله تعالى بم نظّم فيكما. كيف خوطبتا وكيف قالتا؟ هذا يدخل في مسألة التأويل والإيمان بهذه المساحة. من حيث اللغة معلوم أنهما قالتا لكن كيف قالتا؟ هذا مم إستأثر الله تعالى بعلمه ولا يخوض فيه إلا من ابتغى الفتنة (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به). من حيث اللغة مفهوم لكن كيف تكلمت السموات والأرض هذا مما إستأثر الله تعالى بعلمه. قال (أتينا طائعين) لم يقل طائعتين من الذي مطلوب منه الطاعة العاقل أو المجنون؟ العاقل طبعاً ولو قال طائعتين مثلاً معناه يرسّخ غير العاقل فيها (مؤنث غير حقيقي فهو غير عاقل) إئتيا تقال للعاقل ولغير العاقل: رجل وامرأة، امرأتان، رجلان تقول إئتيا. لكن لو قال (طائعتين) كأنما يرسخان فكرة غير العاقل وهما خوطبتا بالعقل (إئتيا طوعاً أو كرهاً). (قالتا أتينا طائعين) لجمع المذكر السالم لأنه للعاقل. السماء والأرض مادتان أصلاً فيصنفها العربي من غير العاقل فلو قال طائعات يكون جمعاً لغير العاقل لأنهما غير عاقل لكن جمع المذكر السالم خاص بالعقلاء فقط والطاعة تستدعي العقل فماذا تستفيد أن يطيعك غير العاقل؟ إذن الطاعة من العاقل. هذه الصورة نجدها في سورة الشعراء (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)) لم يقل خاضعة لأن الخضوع لله عز وجل يقتضي خضوع العاقل. ولم يقل خاضعات لأنها غير عاقل لذا قال خاضعين. قليل اللغة يقول كيف تقول خاعين مع أن أعناق جمع عنق وهي مؤنث كيف يقول خاضعين؟ لأنه يقتضي أن الخضوع لله عز وجل يكون بعقل (العنق مؤنث ولم يقل الأعناق خاضعة مع أنها فصيحة) وإنما قال خاضعين ولذلك بعض المفسرين ممن يتهيب من هذه السورة هنا يقولون أنه يعني بالأعناق كبراء القوم لكن إن كان هذا صحيحاً فكيف نقول عن كبراء القوم (فظلّت)؟ لكن هذه لغة القرآن (خاضعين) لأن الخضوع لله عز وجل يكون بعقل ولا فائدة من خضوع غير العاقل. القرآن خاطب أمة فصيحة ونحن مأمورون الآن أن نتعلم لغة هذه الأمة الفصيحة حتى نفهم كيف خوطبوا؟ هو أمر سهل على العربي صاحب الوشائج والقُربى أن يحمل سيفه ويقاتل أباه وأخاه أو أن الأسهل أن يصنع مثل هذا الكلام؟ لكنهم كانوا يدركون هذا الكلام ولذلك بعضهم يضعون أصابعهم في آذانهم لا يريد أن يُسلم حتى لا يقال أنه اتبع محمداً وترك دين آبائه وأجداده. فهِم العرب القرآن واللغة وإلا لكانوا اعترضوا أنه ليس من لغتهم لكنهم خضعوا وخنعوا. حتى ندرك حالنا وحالهم ننظر إلى إيطاليا مثلاً أو فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية في الوقت الذي كان يتنزل فيه القرآن كان هؤلاء يتكلمون لغة واحدة وهي اللاتينية ويمضي الزمن إلى زماننا كانت هناك لغة واحدة والآن لا يفهم الفرنسي اللاتينية ولا الإيطالي يفهمها وكان سيكون حالنا هكذا ونحن ما بقي عندنا من إدراك اللغة العربية هو بسبب كتاب الله الذي تنزل علينا وإلا لكان المصري يتكلم مثل الفرنسي والعراقي يتكلم مثل الإيطالي ولا يفهم المصري عن العراقي ولا العكس. لذا ينبغي أن نعود للغتنا حتى نعيش في تلك الأجواء. لكن نأخذ عنواناً عاماً أن أي قراءة آخذها حسب قراءتي اليسيرة أعرف أن العيب في تعلمي أنا هذا هو المبدأ لأن العرب فهموها ولم يعترضوا. (إئتيا) مثنى لأنه قال (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ) السماء أي العلو. فهذا العلو الذي تقسّم خاطبه أولاً بوصفه هذا العلو ومعه الأرض قال (إئتيا). ويستقيم حتى مع التعدد أن السموات جعلها كياناً واحداً والأرض كياناً واحداً فخاطبهما على أنهما كيانين (إئتيا طوعاً أو كرهاً) ثم التفت مرة أخرى فقال: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) النداء للسماء وهي دخان واحدة وللأرض واحدة وبعد ذلك قضاهن، بعد أن نادى وأتيا طائعين ومهّد لذكر السبع سموات. كان يمكن أن يقول فقضى ولكن أراد أن يمهّد لذكر العدد فقال (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ). (وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا). يبقى الأعداد: في يومين، في أربعة أيام، هذه فيها نوع من الإشارة أن الله سبحانه وتعالى قادر أن يقول للشيء كن فيكون. ونلاحظ الأيام فيها تداخل: أيام خلق السموات وأيام خلق الأرض صار هناك تداخل في ما جعل فيهن. إذا كان بيوم الأرض فتخيل دورة الأرض حول نفسها لو نظرت إليها من علو وجدتها تدور بسرعة هائلة فائقة فالزمن نسبي فيمكن أن تكون هذه الدورات التي ست دورات حول نفسها تكون نسبية كرمش العين ومع ذلك هي وقت والله تعالى يعلمنا أن الأمور لا تسير إلا بجهد وزمن. بعض العامّة يستعملها فيقول لا تعجل عليّ فالله تعالى خلق الأرض في ستة أيام. هذا نوع من التعليم والتربية لمن يقرأ كتاب الله عز وجل والله سبحانه وتعالى لم يكن بحاجة لوقت وإنما يقول للشيء كُن فيكون وقبل أن ترتبط النون بالكاف والله تعالى أعلم والأيام هي أيام نسبية أيضاً. خلق تعالى الأرض أولاً ثم خلق السماء ثم قال (قال لها وللأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً) لم يقل (لهما) لأن كل واحدة تختلف في كيانها عن الثانية فأُريد أن يُعطى لكل واحدة كيانها الخاص. ولما كان الحديث عن السماء (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) لأن العبارة تتحدث عن السماء ولو قال (لهما) فيه نوع من الإيجاز المُخِلّ لكنه تكلم عن السماء (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) إبتعد الكلام عن الأرض (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10)) ابتعدت كلمة الأرض فقال (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) ذكر الأرض التي سبق الكلام عليها وإلا يكون هناك إيجاز مُخِلّ.
  • ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴿١٧﴾    [طه   آية:١٧]
(وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي (18)) لِمَ ابتدأ تعالى سؤال موسى عمّا يحمل بيده مع أن حمله للعصا واضح بداهية وهو لا يحتاج إلى سؤال؟. كان هذا الاستفهام لشد انتباه موسى عليه السلام. لأن مشاهِد الخوارق تسارع بالنفس بادئ ذي بدء إلى تأويلها وتدخل عليها الشك في إمكان اختفاء واستتار الأمر العادي بساتر خفي فلذلك ابتدأه بالسؤال عما بيده ليوقن بأنه ممسك بعصاه حتى إذا ما انقلبت حيّة لم يشك في أن تلك الحيّة هي التي كانت عصاه. (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)) إن السؤال عن العصا بـ (ما) الاستفهامية كان يتطلب تحديد ماهية ما يحمل وحسب. فيقول مثلاً (هذه عصا) فلِمَ أطنب موسى وعدّد منافعها؟ لقد توسع الجواب تلذذاً بالخطاب؟ فالمرء إن تكلم مع شخص ذي بال تمنى لو طال حديثه معه، فكيف بمن خاطب وتكلم مع خالق الخلق سبحانه وتعالى؟
  • ﴿إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ﴿١٤﴾    [فصلت   آية:١٤]
*ما دلالة استخدام كلمة ربنا في السؤال والله في الجواب وكلمة أنزل في السؤال في الآية (إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14) فصلت)؟ الفرق بين الله والرب معروف: الله لفظ الجلالة إسم العلم مشتق من الإله كما يقال والرب هو المربي والموجه والمرشد لكن سبب الإختيار في الآية (لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء ربنا دعوة الخلق وهدايتهم لأنزل ملائكة لأن الرسل دعوهم إلى عبادة الله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) قالوا (لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء هداية الخلق ودعوتهم كان أنزل ملائكة والرب هو الهادي والموجه والمرشد لذلك أنسب أن يقول ربنا ولذلك كثيراً ما يقترن الرب بالهداية (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (161) الأنعام) (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء) كثيراً ما يقترن بالهداية، الله سبحانه وتعالى كل شيء بيده (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) القصص) لو شاء ربنا دعوة الخلق وهدايتهم فالمناسب مع الهداية الرب لأنه الهادي والمرشد والمربي، العبادة أقرب شيء لله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) والرب تستعمل لغير الله وهي غير خاصة بالله فنقول مثلاً رب البيت، حتى في سورة يوسف (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ (23) يوسف) (اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ (42) يوسف) لأن الرب هو القيم والمرشد والموجه فأنسب مع إنزال الملائكة وجعونة الخلق وهدايتهم كلمة الرب.
  • ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ﴿١٦﴾    [فصلت   آية:١٦]
*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟ كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة فصّلت (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ {16}). أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة الجاثية (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {5}). وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
  • ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴿١٧﴾    [طه   آية:١٧]
*ما نوع السؤال في قوله تعالى (وما تلك بيمينك يا موسى)؟(د.حسام النعيمى) الله تعالى يسأل عباده وهو أعلم بهم وفي الحديث القدسي يسأل الله تعالى ملائكته كيف تركتم عبادي؟ وهو أعلم بهم ويسأل قبضتم ولد عبدي؟ وهو أعلم ولكن هذا السؤال هو تقرير أو يقرره الله تعالى لهؤلاء عموماً وعندما سأل موسى  (وما تلك بيمينك يا موسى) أراد أن يتثبت موسى أن ما في يده عصا حتى اذا انقلبت الى حية تسعى يشعر بقوة المعجزة وعظمها ولذا ولّى موسى مدبراً ولم يعقّب بعد ان انقلبت عصاه حية تسعى. فالسؤال هو لتثبيت ما بيده لكن موسى أراد أن يتقرب الى الله تعالى بكثرة الكلام المفيد وهذه فرصة ليتكلم مع ربه فلم يكن جوابه (عصا) وإنما قال (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) وأراد أن يطيل الكلام خوفاً من أن يكون ما حصل معه امتحاناً له وهذا هو الغرض من السؤال والله تعالى يسأل عباده عما هو أعلم به كما سأل عيسى عليه السلام (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) والهدف هو تقرير الأمر وتثبيته.
  • ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ﴿١٨﴾    [طه   آية:١٨]
*ماالفرق بين دلالة كلمة (منسأته )في آية سورة سبأ و(عصاى )فى سورة طه؟ (د.فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة سبأ (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ {14})، والمنسأة هي العصى. نسأ في اللغة لها دلالتين نسأ البعير إذا جرّه وساقه والمنسأة هي عصى عظيمة تُزجر بها الإبل لتسوقها ونسأ بمعنى أخّر الشيء (النسيء)أى التأخير. فلماذا اذن استعمل كلمة منسأة ولم يستعمل كلمة عصى؟في قصة سليملن هذه العصى كانت تسوق الجنّ إلى العمل مع أن سليمان كان ميتاً إلى أن سقطت العصى وسقط سليمان فكما أن الراعي يسوق الإبل لتسير فهذه المنسأة كانت تسوق الجنّ. والمنسأة كأنها مدّت حكم سليمان فهي أخّرت حكمه إلى أن سقط. فاستعمالها في قصة سليمان أفاد المعنيين واستعمالها من الجهتين اللغويتين في غاية البيان من جهة السوق ومن جهة التأخير. أما في قصة موسى فاستعمل كلمة العصى (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى {18}) ليهشّ بها على غنمه وبها رحمة بالحيوان وعكس الأولى ولا يناسب استخدام كلمة منسأة.
  • ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿١٨﴾    [فصلت   آية:١٨]
*لماذا فى كل القرآن يتقدم الإيمان على التقوى؟ أولاً إسلام عام ثم إيمان عام ثم إيمان خاص، بعد الخاص التقوى (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ يونس) من هم؟ (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿63﴾ يونس) الإيمان غير التقوى (وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا ﴿103﴾ البقرة) شوف اثنين انتقل من مسلم قولي إلى إيمان عام إلى إيمان خاص إلى تقوى (وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿278﴾ البقرة). إذا هكذا قلنا الإسلام القولي ثم الإيمان العام ثم الإيمان الخاص الذي ممدوح ثم التقوى. نحن قلنا الإيمان الخاص المتبع للسنة يعني هذا دخل الإسلام في قلبه ويحاول أن يطبقه تطبيقاً كاملاً في النوافل وكل شيء، يترقى يصبح متقياً، المتقي هذا يتعامل مع القرآن بعد أن خدم في الإيمان الخاص بالسُنّة الآن ترقى إلى القرآن (الم ﴿1﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ البقرة) من حيث أن هذا الكتاب كما الله قال (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴿28﴾ فاطر) فرق بين أن يقرأ شيئاً وبين أن يتعلم فيه كما قال أخونا من رأس الخيمة، هذا يبحث في علومه هذا من المتقين وبالتالي هذا يقود من أجل ذلك دائماً في القرآن الكريم ماذا يقول؟ مثلاً (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿57﴾ يوسف) (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿18﴾ فصلت) وهكذا كل القرآن المتقي جاء بعد الإيمان الخاص بدأ يأخذ من منهل عظيم من كتاب الله عز وجل أي صار من أهل العلم والفهم في هذا الكتاب وأنتم تعرفون أن العلم والفهم في هذا الدين أفضل من أي عبادة أخرى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴿18﴾ آل عمران) (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) لا يجب أن تكون عالماً (من تعلّم كلمة أو كلمتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً إلا أدخله الله الجنة). حينئذٍ بعد هذا، بعد المتقين الذين هم شريحة من المؤمنين إيمان خاص تطلع شريحة متقون يأتي الإسلام الأخير الإسلام الذي هو الإسلام المطلق العملي صفة الخلق المجتبون الأخيار هؤلاء طبعاً تفاصيلهم موجودة. لكن باختصار ما رأيك لو أن رجلاً يحب امرأة دخل فيها في عشق كقيس وليلى بالله عليكم لو أن ليلى طلبت من قيس أن يقتل نفسه هل يتردد؟ أن يلقي بنفسه من شاهق يتردد؟ هل يمكن لقيس أن يعتب على ليلى؟ هل يمكن لقيس أن يرى عيباً في ليلى؟ لو أن ليلى قطعت قيس إرباً إرباً أيشكو منها قيس؟ هذا الإسلام النهائي عندما يقول عروة وعروة طبعاً ابتلي ابتلاءً قال له (وعزتك وجلالك لو قطعتني إرباً إرباً إرباً ما شكوت منك) من شدة إسلامه وتسليمه لله، الآخر قال (وعزتك وجلالك لو وضعتني في النار ما شكوت منك) هذا التسليم المطلق، هذا الرضا العالي وفعلاً هذا فقط مجموعة والأنبياء كلهم طبعاً ولهذا كل الأنبياء استسلموا لهذا . أما الإخلاص يا أخوان ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم؟ لما معاذ ذهب إلى اليمن قال يا رسول الله أوصني فقال له: أخلص لله يكفك العمل القليل. ركعتان بإخلاص تساوي مليون ركعة فيها بعض فخر أو بعض اعتزاز .
  • ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٠﴾    [فصلت   آية:٢٠]
*ما دلالة استخدام (ما) او حذفها في قوله تعالى (حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم) وقوله (حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها)؟ قال تعالى في سورة فصلت (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {20}‏) وهذا من غرائب الأمور أن يشهد السمع والبصر والجلود على الناس ولذا اقتضى استخدام (ما) للتوكيد)، أما في سورة الزمر فقد جاءت الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ {71}) وهنا الأمر عادي إذا جاءوا فُتحت الأبواب..
إظهار النتائج من 4981 إلى 4990 من إجمالي 11693 نتيجة.