عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾    [البقرة   آية:٢٨٦]
*تأملات قرآنية آخر البقرة* ✿•┈┈┈┈•✿ هذه الدعوات ﴿ لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أخْطَأْنا﴾ ﴿ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إصْرًا كَما حَمَلْتَهُ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِنا﴾ ﴿ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ﴾ ما الفائِدَةُ في هَذِهِ الجَمْعِيَّةِ وقْتَ الدُّعاءِ ؟ الجَوابُ: المَقْصُودُ مِنهُ بَيانُ أنَّ قَبُولَ الدُّعاءِ عِنْدَ الِاجْتِماعِ أكْمَلُ وذَلِكَ لِأنَّ لِلْهِمَمِ تَأْثِيراتٍ فَإذا اجْتَمَعَتِ الأرْواحُ والدَّواعِي عَلى شَيْءٍ واحِدٍ كانَ حُصُولُهُ أكْمَلَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واعْفُ عَنّا واغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا أنْتَ مَوْلانا فانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ . اعْلَمْ أنَّ تِلْكَ الأنْواعَ الثَّلاثَةَ مِنَ الأدْعِيَةِ المتقدمة كانَ المَطْلُوبُ فِيها التَّرْكَ وكانَتْ مَقْرُونَةً بِلَفْظِ (رَبَّنا) وأمّا هَذا الدُّعاءُ الرّابِعُ، فَقَدْ حُذِفَ مِنهُ لَفْظُ (رَبَّنا) وظاهِرُهُ يَدُلُّ عَلى طَلَبِ لِمَ لَمْ يُذْكَرْ هاهُنا لَفْظُ ”رَبَّنا“ ؟ الجَوابُ: النِّداءُ إنَّما يُحْتاجُ إلَيْهِ عِنْدَ البُعْدِ، أمّا عِنْدَ القُرْبِ فَلا؛ وإنَّما حُذِفَ النِّداءُ إشْعارًا بِأنَّ العَبْدَ إذا واظَبَ عَلى التَّضَرُّعِ نالَ القُرْبَ مِنَ اللَّهِ تَعالى وهَذا سِرٌّ عَظِيمٌ يَطَّلِعُ مِنهُ عَلى أسْرارٍ أُخَرَ.