عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٧٤﴾    [الأنعام   آية:٧٤]
آية (74): * إذا كان آزرُ أبو إبراهيم كافراً وعابداً للأصنام.. فكيف تصح سلسلة النسب الشريف؟ (الشيخ محمد متولي الشعراوي ) نقول إنه لوأن القرآن قال { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ } وسكت لكان المعنى أن المخاطب هو أبو إبراهيم.. ولكن قول الله: { لأَبِيهِ آزَرَ }.. جاءت لحكمة. لأنه ساعة يذكر اسم الأب يكون ليس الأب ولكن العم.. فأنت إذا دخلت منزلا وقابلك أحد الأطفال تقول له هل أبوك موجود ولا تقول أبوك فلان لأنه معروف بحيث لن يخطئ الطفل فيه.. ولكن إذا كنت تقصد العم فإنك تسأل الطفل هل أبوك فلان موجود؟ فأنت في هذه الحالة تقصد العم ولا تقصد الأب.. لأن العم في منزلة الأب خصوصا إذا كان الأب متوفيا. إذن قول الحق سبحانه وتعالى: { لأَبِيهِ آزَرَ } بذكر الاسم فمعناه لعمه آزر.. فإذا قال إنسان هل هناك دليل على ذلك؟ نقول نعم هناك دليل من القرآن في هذه الآية الكريمة: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـاهَكَ وَإِلَـاهَ آبَائِكَ }.. والآباء جمع أب، ثم حدد الله تبارك وتعالى الآباء، إبراهيم وهو الجد يطلق عليه أب.. وإسماعيل وهو العم يطلق عليه أب واسحق وهو أبو يعقوب وجاء إسماعيل قبل اسحق. إذن ففي هذه الآية جمع أب من ثلاثة هم إبراهيم وإسماعيل واسحق.. ويعقوب الذي حضره الموت وهو ابن اسحق، ولكن أولاد يعقوب لما خاطبوا أباهم قالوا آبائك ثم جاءوا بأسمائهم بالتحديد.. وهم إبراهيم الجد وإسماعيل العم واسحق أبو يعقوب وأطلقوا عليهم جميعا لقب الأب. . فكأن إسماعيل أطلق عليه الأب وهو العم وإبراهيم أطلق عليه الأب وهو الجد واسحق أطلق عليه الأب وهو الأب.. فإذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أشرف الناس حسباً ولا فخر " يقول بعض الناس كيف ذلك ووالد إبراهيم كان غير مسلم.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنا سيد ولد آدم " فإذا قال أحدهم كيف هذا وأبو إبراهيم عليه السلام كان مشركا عابدا للأصنام.. نقول له لم يكن آزر أبا لإبراهيم وإنما كان عمه، ولذلك قال القرآن الكريم ( لأَبِيهِ آزَرَ ) وجاء بالاسم يريد به الأبوة غير الحقيقية.. فأبوة إبراهيم وأبوة اسحق معلومة لأولاد يعقوب.. ولكن إسماعيل كان مقيما في مكة بعيدا عنهم، فلماذا جاء اسمه بين إبراهيم واسحق؟ نقول جاء بالترتيب الزمني لأن إسماعيل أكبر من اسحق بأربعة عشر عاما.. وكونه وصف الثلاثة بأنهم آباء.. إشارة لنا من الله سبحانه وتعالى أن لفظ الأب يطلق على العم.. والله تبارك وتعالى يريدنا أن نتنبه لمعنى كلمة آزر.. ويريد أن يلفتنا أيضا إلى أن تعدد البلاغ عن الله لا يعني تعدد الآلهة.. لذلك قال سبحانه: ( إِلَـاهاً وَاحِداً )..