لقد كان المسلمون يجتهـدون في الدعــاء،
وما يسمع لهم صـوت، إن كان إلا همسـا
بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول:
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
، وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا رضي فعله
فقال: ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾
﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾:
"أخفى قوم عملهم عن الناس فأخفى الله ﴿ﷻ﴾ له لهم ما لم تر عين ولم يخطر على قلب بشر".
﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾:
رمضان ضيف خفيف، عطاياه عظيمة وهداياه ثمينة. فيا فائز (زد) ويا خاسر (شد). قال الحسن البصري رحمه الله: "إن الله تبارك وتعالى جعل رمضان مضمارًا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلّف آخرون فخابوا..".
﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ﴾:
لم أرَ أشقى بماله من البخيل! لأنه في الدنيا مهتمٌ بجمعه، وفي الآخرة محاسبٌ على منعه، غير آمن في الدنيا من همه، ولا ناج في الآخرة من إثمه، عيشه في الدنيا عيش الفقراء، وحسابه في الآخرة حساب الأغنياء.