| ١٧١ |
من رسائل التزكية الواردة في سورة (الفاتحة):
• ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾:
- البدء بالبسملة في جميع الأعمال تيمناً وتبركاً باسم الله وطلبا لعونه.
- البسملة تعلمنا أنه لا قدرة للعبد على فعل شيء، ولا توفيق له في حياته إلا بإذن الله ورحمته.
الوقفة كاملة
|
| ١٧٢ |
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾
الله تعالى رزق الآباء بأبنائهم، والأبناء بآبائهم.
في سياق الفقر قدم (الآباء) ضماناً لحياتهم وهذا في الأنعام.
في سياق الغنى قدم (الأبناء) رحمةً بهم وهذا في الإسراء.
الوقفة كاملة
|
| ١٧٣ |
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا﴾
(الحياة الدنيا) في سياق الحرص على المال (قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً) والحريص على المال حريص على البقاء في الدنيا.
(الدنيا) في سياق الجهاد، والداخل للجهاد مظنة أن يفقد حياته.
الوقفة كاملة
|
| ١٧٤ |
﴿أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا﴾
﴿أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ﴾
قدم {من قبلك} في الروم لأن:
١- السياق عن الحقب الزمنية الغابرة التي مضت.
٢- السمة التعبيرية في الروم قدمت الجار والمجرور كثيرًا؛ ألا ترى: {وإن كانوا من قبل أن...}.
السياق في الرعد عن الرسل وعن بشريتهم وحياتهم، لذا قدم {رسلاً}.
الوقفة كاملة
|
| ١٧٥ |
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ﴾
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا﴾
السياق في (غافر): عن الرسل وعن بشريتهم وحياتهم وكثرتهم ، لذا قدم {رُسُلًا}.
السياق في (الروم):
١- عن الحقب الزمنية الغابرة التي مضت؛ لذا قدم: {مِن قَبْلِكَ}.
٢- والسمة التعبيرية في الروم قدمت الجار والمجرور كثيراً؛ ألا ترى: {وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن}.
الوقفة كاملة
|
| ١٧٦ |
● سورة الإنسان مكيّة النزول ، من سور المفصل .
• سميت بهذا الاسم لورود اسم الإنسان في مطلعها .
• تتحدث عن الإنسان قبل أن يكون شيئا مذكوراً ، وتتعرض لسير حياته وتقلبات في هذه الدنيا .
• ومن ثم نهايته إلى حياته الحقيقية في الآخرة ، وتتعرض لنعيم الآخرة بصورة مذهلة مشوقة !
● وجاء في فضل السورة ما ورد في الصحيحين أن النبي ﷺ كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: ﴿ آلم* تَنزيل .. ﴾ السجدة ، في الركعة الأولى وفِي الثانية ﴿ هَل أَتى عَلَى الإِنسانِ حينٌ مِنَ الدَّهرِ ...﴾ الإنسان .
الوقفة كاملة
|
| ١٧٧ |
قيمة أي كتاب تظهر من خلال ما يحقق من نفع ويتركه من أثر، ومن أعظم ما وصف الله تعالى به كتابه أنه «كتاب مبارك بمعنى كثير البركات خيره دائم، ومنفعته متصلة في الدنيا والبرزخ والآخرة، وعلومه متنوعه، وهداياته غير متناهية، وثواب تعلمه أو تعليمه عظيم، من تمسك به حلت عليه من بركاته ما به تتحقق له سعادة الدنيا والآخرة؛ ولذا نص الله تعالى على ما يتحقق باتباعه من الخير، قال تعالى: وَهَذَا كِتَبُ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [الأنعام: ١٥٥]، فمن بركته أنه يؤلّف القلوب ويشفيها، ويزكي النفوس ويصلحها، مرشد للحق، هادم للباطل، طارد للشياطين، محقق للعدل والرحمة، رافع للذكر، لا ينكر ذلك إلا مكابر، قال تعالى: ﴿وَهَذَا ذِكْرُ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) [الأنبياء : ٥٠] ، عمت بركته فشمل جميع ما احتوته الكتب السابقة وزاد عليها، قال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْتَهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [الأنعام: ٩٢].
فمن عرف بركة هذا الكتاب في أصله ومصدره، ومعانيه وعلومه، أدرك كذلك عظمة بركته على من يتلوه لنفسه أو في بيته، أو يستمع إليه ويتدبره، ويتعلمه ويعلمه، ويقوم بخدمته، قال تعالى: كِتَب أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ مُبَرَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) [ ص: ٢٩]، فهو كتاب كثير خيره على من صحبه واتبعه وعمل به، ووهب حياته لخدمته، فما اشتغل به عبد في الحياة عن إيمان وصدق إلا كانت عاقبته حسنة، وسيرته شريفة، وحياته طيبة كريمة، ونفسه منشرحة، والبركات تفيض عليه في كل جوانب حياته بل في كل يوم يجد زيادة ونماء، ومن جرب بصدق عرف، وكيف لا تكون حياته كذلك ؟! وهو ينعم بهذه الصحبة الربانية المباركة، بل بقراءة سورة واحدة تحل البركات، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا
تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ».
الوقفة كاملة
|
| ١٧٨ |
من أعظم خصائص هذا الكتاب المجيد؛ عموم رسالته وشمولها للإنس والجن على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم، وتنوع بلدانهم، وقرونهم، لا كما يريد أن يصوره بعض أعداء الملة فيجعلونه للعرب خاصة، فهو نزل بلسان عربي مبين، وكان هداه للعالمين إلى يوم الدين، قال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان: ١]، ومن هنا كان خطابه موجها للإنسانية كلها، قال تعالى: ﴿يَتَأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة : ۲۱]، وقال تعالى: ﴿هُدَى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَتِ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: ١٨٥].
هو كتاب يحكي تاريخ الإنسانية من خلق آدم عليه السلام، وهبوطه للأرض إلى آخر رسول أرسل للناس ويبين للإنسانية أصلها الواحد الذي ترجع إليه، ويهدم فوارق الشعوبية والقبلية وغيرها ليؤسسها على قواعد متينة، ويهديها طريقاً مستقيماً في الحياة، قال تعالى: ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات : ١٣].
وهو كتاب واحد خاطب الله تعالى به الثقلين الجن والإنس على امتداد الزمان والمكان، فالله هو رب العالمين والقرآن تنزيل رب العالمين الذي هو وحده يعلم ما يصلح العالمين، لا يتقيد هدیه بزمان ولا مكان، ولا جنس ولا لون، يهدي الأنام إلى أصح العقائد وأفضل القيم والأخلاق وأهدى الأحكام التي بها تستقيم حياتهم، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْءَانُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس : ٣٧] ، وقال تعالى : تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ [السجدة: ٢]، وقال تعالى: ﴿أُولَبِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَيَهُدَتْهُمُ اقْتَدِةٌ قُل لَّا أَسْتَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ) [الأنعام: ٩٠] ، فمن فهم هذا المعنى عَرَفَ عظمة هذا الكتاب ودين الإسلام، وعمل لخدمة رسالة جعلها الله تعالى للعالمين،
حتى تنعم برحمته ونوره و هداه.
الوقفة كاملة
|
| ١٧٩ |
● { ذلك الفوز الكبير }
{ ذلك الفوز العظيم }
{ وذلك الفوز المبين }
• الفوز: الظفر بالخير، مع حصول السلامة ، قاله الراغب الأصفهاني
• الفوز المبين: في سياق من يصرف عن صاحبه عذاب جهنم ، ويفوز برحمة الله
{ من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه }
• الفوز الكبير: جاء في سياق من ابتلوا في دينهم وافتتنوا فحسب .
• وأعظم هذا الفوز كله هو الفوز العظيم : وهو الذي ليس بعده فوز
الذي جاء في سياق { مساكن طيبة } { في جنات عدن } { ورضوان من الله } { تجارة تنجيكم }...
فاستحق أن يكون أعظم فوز.
الوقفة كاملة
|
| ١٨٠ |
فجمع بين الكتابين الكتاب السابق لأعمالهم قبل وجودهم والكتاب المقارن لأعمالهم فأخبر أنه يحييهم بعد ما أماتهم للبعث ويجازيهم بأعمالهم ونبه بكتابته لها على ذلك قال ﴿نكتب ما قدموا﴾ من خير أو شر فعلوه في حياتهم وآثارهم ما سنوا من سنة خير أو شر فاقتدي بهم فيها بعد موتهم.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: "آثارهم ما أثروا من خير أو شر" كقوله: ﴿يُنَبَّأُ الإنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وأخَّرَ﴾
فإن قلت قد استفيد هذا من قوله ﴿قدموا﴾ فما أفاد قوله: ﴿آثارَهُمْ﴾ على قوله؟
قلت أفاد فائدة جليلة وهو أنه سبحانه يكتب ما عملوه وما تولد من أعمالهم، فيكون المتولد عنها كأنهم عملوه في الخير والشر وهو أثر أعمالهم، فآثارهم هي آثار أعمالهم المتولدة عنها. قال عمر بن الخطاب: "لو كان الله سبحانه تاركا لابن آدم شيئا لترك ما عفت عليه الرياح من أثر"
وقال مسروق: "ما خطا رجل خطوة إلا كتبت له حسنة أو سيئة"
والمقصود أن قوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْناهُ في إمامٍ مُبِينٍ﴾ وهو اللوح المحفوظ وهو أم الكتاب وهو الذكر الذي كتب فيه كل شيء يتضمن كتابة أعمال العباد قبل أن يعملوها.
والإحصاء في الكتاب يتضمن علمه بها وحفظها لها والإحاطة بعددها وإثباتها فيه.
الوقفة كاملة
|