عرض وقفة التدبر

  • ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴿٤١﴾    [يوسف   آية:٤١]
{قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان} من رحمة الله بالناس إخفاءه سبحانه أمور الغيب عن الناس حتى يحيوا مطمئنين فإذا جاءهم بلاء مقدر جاء معه لطف ورحمة ورباط على القلب حتى تمر شدة البلاء ويقل حره . ولكن فى قصة يوسف كانت أخبار الغيب تصل لبعض الأفراد رغما عنهم من خلال الرؤى التى تثبت فى ذاكرتهم وتدفعهم لمعرفة تأويلها . كان منهم هذا الفتى الذى رأى نفسه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه فتوجه ليوسف عليه السلام يستفتيه . وجاءت الإجابة بنبأ مزعج ولكن هذا ما قدره الله ومن يدري لعله كان خيرا خاصا له . فربما آمن بالله قبل موته فنفعه ذلك . فإن القرآن لم يحكي شيئا أخر من قصته . و فى الحديث الشريف أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ علَى المِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وذَكَرَ أنَّ بيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قالَ: مَن أحَبَّ أنْ يَسْأَلَ عن شيءٍ فَلْيَسْأَلْ عنْه، فَوَاللَّهِ لاتَسْأَلُونِي عن شيءٍ إلَّا أخْبَرْتُكُمْ به ما دُمْتُ في مَقَامِي هذا، قالَ أنَسٌ: فأكْثَرَ النَّاسُ البُكَاءَ، وأَكْثَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَقُولَ: سَلُونِي، فَقالَ أنَسٌ: فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقالَ: أيْنَ مَدْخَلِي يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: النَّارُ، فَقَامَ عبد اللَّهِ بنُ حُذَافَةَ فَقالَ: مَن أبِي يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أبُوكَ حُذَافَةُ، قالَ: ثُمَّ أكْثَرَ أنْ يَقُولَ: سَلُونِي سَلُونِي، فَبَرَكَ عُمَرُ علَى رُكْبَتَيْهِ فَقالَ: رَضِينَا باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلَامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَسولًا، قالَ: فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ قالَ عُمَرُ ذلكَ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ والنَّارُ آنِفًا، في عُرْضِ هذا الحَائِطِ، وأَنَا أُصَلِّي، فَلَمْ أرَ كَاليَومِ في الخَيْرِ والشَّرِّ. الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري فأحيانا يستعجل الإنسان معرفة الغيب ولو برؤيا وهو لا يدري فقد يكون شرا له . فمن الخير للإنسان أن يتعلق بالله ويفوض الأمر إليه يرجو رحمته وينتظر فضله وعفوه ومغفرته وإحسانه ويكل إليه سبحانه أمر الغيب كله و يقول كما قال موسى عليه السلام.. كلا إن معي ربي سيهدين . فإن فى إخفاء الغيب باب للإجتهاد فى الأخذ بالأسباب والتضرع والدعاء والتقرب الي الله سبحانه لدفع الشر وتيسير الأمر . فاللهم أرزقنا حسن الظن بك وصدق التوكل عليك واقدر لنا الخير حيث كان ثم رضنا به .