عرض وقفة التدبر

  • ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٢١٦﴾    [البقرة   آية:٢١٦]
﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لا تَعۡلَمُونَ﴾ قال الحارث المحاسبي : لو أن مصلحة النفس ومنفعتها كانت فيما تهوى أو تشتهي، لـ كان الناس كلهم صالحين.. ‏لكن جّعل صلاحها فيما تكره، وفسادها فيما تحب وتشتهي.. وفي تفسير مفاتيح الغيب للرازي : مَعْنى الآيَةِ أنَّهُ رُبَّما كانَ الشَّيْءُ شاقًّا عَلَيْكم في الحالِ، وهو سَبَبٌ لِلْمَنافِعِ الجَلِيلَةِ في المُسْتَقْبَلِ وبِالضِّدِّ، ولِأجْلِهِ حَسُنَ شُرْبُ الدَّواءِ المُرِّ في الحالِ؛ لِتَوَقُّعِ حُصُولِ الصِّحَّةِ في المُسْتَقْبَلِ، وحَسُنَ تَحَمُّلُ الأخْطارِ في الأسْفارِ لِتَوَقُّعِ حُصُولِ الرِّبْحِ في المُسْتَقْبَلِ، وحَسُنَ تَحَمُّلُ المَشاقِّ في طَلَبِ العِلْمِ لِلْفَوْزِ بِالسَّعادَةِ العَظِيمَةِ في الدُّنْيا وفي العُقْبى، وهَهُنا كَذَلِكَ؛ وذَلِكَ لِأنَّ تَرْكَ الجِهادِ وإنْ كانَ يُفِيدُ في الحالِ صَوْنَ النَّفْسِ عَنْ خَطَرِ القَتْلِ، وصَوْنَ المالِ عَنِ الإنْفاقِ، ولَكِنْ فِيهِ أنْواعٌ مِنَ المَضارِّ، مِنها: أنَّ العَدُوَّ إذا عَلِمَ مَيْلَكم إلى الدَّعَةِ والسُّكُونِ قَصَدَ بِلادَكم وحاوَلَ قَتْلَكم؛ فَإمّا أنْ يَأْخُذَكم ويَسْتَبِيحَ دِماءَكم وأمْوالَكم، وإمّا أنْ تَحْتاجُوا إلى قِتالِهِمْ مِن غَيْرِ إعْدادِ آلَةٍ وسِلاحٍ، وهَذا يَكُونُ كَتَرْكِ مُداواةِ المَرَضِ في أوَّلِ ظُهُورِهِ بِسَبَبِ نُفْرَةِ النَّفْسِ عَنْ تَحَمُّلِ مَرارَةِ الدَّواءِ، ثُمَّ في آخِرِ الأمْرِ يَصِيرُ المَرْءُ مُضْطَرًّا إلى تَحَمُّلِ أضْعافِ تِلْكَ النُّفْرَةِ والمَشَقَّةِ، والحاصِلُ أنَّ القِتالَ سَبَبٌ لِحُصُولِ الأمْنِ، وذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ الِانْتِفاعِ بِسَلامَةِ الوَقْتِ، ومِنها وِجْدانُ الغَنِيمَةِ، ومِنها السُّرُورُ العَظِيمُ بِالِاسْتِيلاءِ عَلى الأعْداءِ.