عرض وقفة احكام وآداب

  • ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣١﴾    [النور   آية:٣١]
وحيثُ كان من النَّهيِ اجتَنِبهُ وإن زَلَلتَ؛ تُب مِنهُ، واستَغفِر مع النَّدَمِ ((...فإذا نَهَيتُكُم عن شيءٍ فاجتَنِبُوهُ))، وحيثُ كان من النَّهيِ اجتَنِبهُ يعني من غير مَثنَوِيَّة، أمَّا الأمر ((فإذا أمرتكم بأمر فاءتُوا منه ما استطعتم)) وإن زَلَلتَ وَقَعتَ في محظُور وتَرَكتَ مَأمُور؛ تُب منهُ، بَادِر بالتَّوبة، التَّوبة واجِبَة بشرُوطها {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [(31) سورة النــور] تُب مِنهُ، واستَغفِر مع النَّدَمِ، أَلزِم لِسَانَكَ الاستِغفَار، مع النَّدَم مِن فِعلِ هذهِ المُخالفة سَواءً كانت في تَركِ مأمُور أو فِعلِ مَحظُور، وَأَوقِف النَّفس عند الأمرِ هل فَعَلَت، يعني مُحاسبة، مُراقبة، إذا أَوَيتَ إلى فِراشك، انظُر ماذا فَعَلت، وماذا تَرَكت، مَا فَعَلتَ من طَاعة؛ فاحمَد الله -جلَّ وعلا- على أن وَفَّقَكَ عليها، ومَا فَعَلتَ من مُخالفة سواءً كانت في كلامٍ أو قول، أو تقصير في فعل تُب إلى الله بادر حاسب نفسك قبل أن تُحاسب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [(18) سورة الحشر] ما قدَّمت ليوم العرض على الله -جلَّ وعلا-، وإن زَلَلتَ؛ تُب مِنهُ، واستَغفِر مع النَّدَمِ. وَأَوقِف النَّفس عند الأمرِ هل فَعَلَت والنَّهيِ هَل نَزَعَت عَن مُوجب النَّقَمِ! يعني حاسِب النَّفس هل فعلت المأمُور وتَرَكَت المحظور؛ لكن واقِعُنا! يُثقِلُ علينا المُحاسبة... لماذا؟! لأنَّ تَصَرُّفاتنا في يومنا وفي ليلتنا كثيرة! والمُخالفات كثيرة، والله يعفو ويسامح، فإذا أرادَ أن يُحاسب... كيف يُحاسب؟! لا يُحِيط بما قال! فضلًا عَمَّا فعل! أقوالُهُ لا يستطيع أن يُحيط بها، كلامُهُ كثير، تَجِد الإنسان ثرثار! في أي مجلس يَتَصَدَّر ويتكلم بِحقّ وباطل ومُباح ومحظُور وفي غيبة ونميمة وقد يقول كلمة حق، ثُمَّ بعد ذلك يُردِفُهُ... كلام كثير! يعني ما يُمكن إلاَّ إنك تجِيب لك مُسجِّل يصحبك ليلك ونهارك! فإذا أويت إلى فِراشِك تسمع هذا المسجِّل! فتكون مُدَّة التَّسجيل أكثر من وقت النُّوم! هذا واقع كثير من المُسلمين، هذا الذِّي يُثقِل المُراقبة! لكن عند سلف هذه الأُمَّة الذِّينَ يُراقِبُون ((أن تعبُدَ الله كأنَّكَ تراهُ)) هذهِ منزلَة المُراقبة؛ لأنَّ أقوالَهُم قليلة، وخُلطَتُهُم يسيرة، وأَضَرُّ شيءٍ على الإنسان الخُلطَة، هي التِّي تَجُرُّ لها الأقوال والكلام؛ لأنَّهُ لا يُمكن أن يُخالط النَّاس ويسكت! لكن لو انزَوى في بيتِهِ أو في مَسجِدِهِ أو في مَكتَبَتِهِ، وجَلَس يقرأ القرآن، ويذكر الله -جلَّ وعلا-، ويَنظُر في كتب العلم، وإذا نَشِط صَلَّى لهُ ركعتين وما أشبه ذلك؛ هذا مُرَاقَبَتُهُ ومُحاسَبَتُهُ سَهلَة؛ لأنَّ الكلمات التِّي تَكَلَّم بها مع النَّاس يسيرة ومَعدُودَة، ووقت الفراغ عندَهُ بعد شَغلِ عُمُرِهِ وأَنفَاسِهِ في طاعةِ الله، وقت فَرَاغُهُ يسير؛ لكن ماذا عَمَّن وَقتُهُ كُلُّهُ يَجُوبُ الأسواق يَمِيناً وشِمَالاً، واجتماعات، ومحافل، وما أدري ويش.. يعني هذا لا شَكَّ أنَّ المُراقبة عِندَهُ صعبة، يعني كمن يأتِي إلى مُؤَسَّسَةٍ كُبرَى مُتَعَدِّدَةِ المَنَاشِط والفُرُوع، ثُمَّ يقول: والله أنا مُحاسب لهذهِ الشَّركة، كيف تحاسب من هذه الشركة؟! لكن شخص عندَهُ مَحَلّ، ويَبِيع مِنهُ أشياء يسيرة يعرف وش باع وش اشترى وكذا... يستطيع أن يستخرج خُلاصة يومِيَّة بنفِسِهِ ما يحتاج إلى مُحاسِبِين، واللهُ المُستَعَان. والنَّهيِ هَل نَزَعَت عَن مُوجب النَّقَمِ! فإن زَكَت؛ فاحمَد المَولَى مُطَهِّرَها ......................... الذِّي طَهَّرَها وزَكَّاها هو الله -جَلَّ وعَلَا-، وهُو المُنعِم المُتَفَضِّل أوَّلًا وآخِرًا، وهو أهلُ الحَمد، وأهلُ الشُّكر. ................................ ونِعمَةُ اللهِ بالشُّكرَانِ فاستَدِمِ {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [(7) سورة إبراهيم] ونِعمَةُ اللهِ بالشُّكرَانِ؛ فاستَدِمِ. وإن عَصَت فاعصِها واعلَم عَدَاوَتَها .................................. يعني النَّفس إن عَصَت أو حَاولَت ورَاوَدَت الوُقُوع في مَعصِيَة؛ فاعصِها، واعلَم عَدَاوَتَها – نعم – النَّفس عَدُوّ للإنسان، نفسُهُ التِّي بينَ جَنبَيه عَدُوَّةٌ لهُ ، تَدعُوهُ إلى ما لا يُرضِي الله -جَلَّ وعلا-. وخَالِف النَّفسَ والشَّيطان؛ واعصِهِما وإن هُما مَحَضَاكَ النُّصحَ؛ فاتَّهِمِ يعني هذا البيت حقّ، وإن كانَ في القصيدة فيها باطل كثير – نعم –... وخَالِف النَّفسَ والشَّيطان؛ واعصِهِما وإن هُما مَحَضَاكَ النُّصحَ؛ فاتَّهِمِ هذا كلام صحيح ومقبُول، والقَصِيدة فيها كما هو معلُوم فيها الشِّرك – نسأل الله العافية – أعنِي البُردة. وإن عَصَت فاعصِها واعلَم عَدَاوَتَها وحَذِّرَنها........................ حَذِّر النَّفس، وكُن باستمرار مُجاهِداً لهذِهِ النَّفس. ................................... وحَذِّرَنها وُرُودَ المَورِدَ الوَخِمِ {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [(71) سورة مريم] الوُرُود مَضمُون؛ لكن الصُّدُور من هذا الموعود هُو المَشكُوك فيهِ، وحَذِّرَنها وُرُودَ المَورِدَ الوَخِمِ.. وانظر مَخازِي المُسِيئينَ التي أُخَذُوا بِها وحَاذِر ذُنوبًا مِن عِقابِهِمِ يعني هُم عُذِّبُوا، واستَحَقُّوا العذاب مِنَ الأُمَم السَّابقة واللَّاحِقة والمُعَاصِرَة؛ إنَّما عُذِّبُوا بِذُنُوبِهِم، بِما كَسَبَت أيدِيهِم، ولا تَفعَل مِثل ما فَعَلُوا؛ لِئَلَّا تَكُون نَتِيجَتِك مثل نَتِيجَتِهِم، والسُّنَن الإلَهِيَّة لا تَتَغَيَّر، ولا تَتَبَدَّل.