عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾    [البقرة   آية:٢٦]
س: تقول السائلة: ما تفسير قول الحق تبارك وتعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ؟ ج: على ظاهر الآية: إن الله لا يستحيي، الحياء الذي يوصف به الرب جل وعلا كما في الحديث: إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ، فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا،- أَوْ قَالَ: خَائِبَتَيْنِ- والحديث الآخر أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَا، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ َ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الآخَرُ فَاسَْتحْيَا فَاسْتَحْيَا الله مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ متفق عليه، فالمعنى أنه يوصف ربنا بالحياء على الوجه الذي يليق به ، مما ليس من جنس حيائنا، حياء الله يليق به، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، مثل ما نصفه بأنه يضحك ويغضب ويرضى ويرحم، ويحب ويكره، كل ذلك على وجه يليق به سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّ الله يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا : فيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشِْركُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةََ الْمَالِ يَضْحَكُ اللَّهُ إلَِى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. كِلاَهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلى أحاديث أخرى، فالمقصود أن الله جل وعلا موصوف بالصفات التي أخبر بها عن نفسه، أو أخبر بها رسوله عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الصحيحة، لكن على الوجه اللائق بالله، نُمرُّها كما جاءت كما قال أهل السنة والجماعة، نُمِرُّهَا كما جاءت مع الإيمان بها واعتقاد أنها حق، وأنها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، كما قال عزَّ وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقوله سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ قال مالك بن أنس – رحمه الله- إمام دار الهجرة في زمانه في القرن الثاني وهكذا قال سفيان الثوري ، وابن تيمية ، وإسحاق ابن راهويه وأشباههم قالوا في آيات الصفات وأحاديثها: أمِرّوها كما جاءت، أمرّوها بلا كيف، يعني أمرّوها واعتقدوا معناها، وأنه حق لائق بالله، لا يشابه في ذلك خلقه، فهكذا الحياء: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا وفي آية الأحزاب: وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ، هو سبحانه لا يستحيي أن يضرب الأمثال بالبعوضة، وبالعنكبوت أو بالذباب كما وقع في سورة الحج ضرب مثلاً بالذباب، كل هذا حقّ لبيان الحق، وإيضاح الحق لعباده سبحانه وتعالى، وليس في هذا حياء، وكذلك رسله وأنبياؤه وأهل العلم، لا يستحيون أن يوضِّحوا للناس الحق بالأمثال، وإن كانت الأمثال بأشياء حقيرة من الدواب، فربّنا يوصف بالحياء ويقال: إنه حيي كريم، ويقال إنه لا يستحيي من كذا وكذا، على وجه لائق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، ولا يماثلهم بل هو موصوف بصفات الكمال على الوجه اللائق بالله ولا يعلم كيفيتها إلا هو، فهو يضحك ولا نعلم كيف يضحك، الله هو الذي يعلم هذا سبحانه وتعالى، لكن نعلم أنه ضحك ليس مثلنا، بل هو ضحك كامل، يليق بالله، لا يشابه ضحك المخلوقين، كذلك يرضى ونعلم أنه يرضى ولكن ليس كرضانا، نعلم أنه يرحم، ليس كرحمتنا، نعلم أنه يغضب وليس كغضبنا، نعلم أنه سميع ليس كأسماعنا، بصير ليس كأبصارنا وليس كإبصارنا وسمعنا، كل هذا يليق بالله وهكذا بقية الصفات كلها تليق بربنا، لا يشابه فيها خلقه بوجه من الوجوه، خلافًا لأهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن شاركهم في بعض ذلك، كالأشاعرة وما أشبه ذلك، الواجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يسير على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى منهج أئمة السنة، أهل السنة والجماعة، وذلك بالإيمان بأسماء الله وصفاته وإمرارها كما جاءت ، واعتقادها أنها حق وأنها لائقة بالله وأنه سبحانه ليس له مثيل ولا شبيه ولا نظير وأنه أعلم بصفاته وكيفيتها من خلقه سبحانه وتعالى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فنُمِرُّهَا كما جاءت ونقول: إنها حق، لكن من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكذيب ولا تمثيل، بل نقول كما قال السلف الصالح، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .