عرض وقفة التساؤلات
- ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿٢﴾ ﴾ [الروم آية:٢]
- ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿٣﴾ ﴾ [الروم آية:٣]
- ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿٤﴾ ﴾ [الروم آية:٤]
س/ (غُلبت الروم ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون)
ما هي اسم المعركتين المقصودة بالآيات؟
ج/ سورة الروم مكية، ونزول سورة الروم كان بمكة سنة إحدى عشرة قبل الهجرة تقريبا.
(غُلبت الروم) أي : هُزمت الروم من الفرس، وكان ذلك في أوائل النبوة، والرسول صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وقعت معركة بين فارس والروم، وكانت نتيجتها أن انتصر الفرس على الروم.
والظاهر أن هذا الغلب الذي ذكر في هذه الآية هو انهزام الروم في الحرب التي جرت بينهم وبين الفرس سنة (615) مسيحية،
وذلك أن خسرو بن هرمز ملك الفرس غزا الروم في بلاد الشام وفلسطين، وهي من البلاد الواقعة تحت حكم هرقل قيصر الروم، "فوكاس".
بدأت الحرب عام 602 مسيحية
وفي عام 608 مسيحية وصلت جيوش الفرس إلى القسطنطنية.
وفي عام 610 مسيحية استولى هرقل على عرش الروم .
وفي عام 613 مسيحية وصلت جيوش هرقل إلى دمشق وحصلت المعركة الفاصلة عند مدينة درعا (أذرعات)،
وفي العام التالي 614 مسيحية سقطت القدس بيد القائد الفارسي شهربراز.
ثم تقدم إلى مصر فاحتل الاسكندرية سنة 619 وأكمل احتلال مصر عام 621.
ولم يبق للروم إلا اليونان وجزائر البحر المتوسط (قبرص وصقلية) وشريط ساحلي في شمال إفريقيا (قرطاجة).
قال ابن كثير
"نزلت هذه الآيات حين غلب سابور ملك الفرس على بلاد الشام وما والاها من بلاد الجزيرة وأقاصي بلاد الروم، واضطر هرقل مَلك الروم حتى ألجأه إلى القسطنطينية، وحاصره فيها مدة طويلة، ثم عادت الدولة لهرقل".
قال ابن عاشور : " وإسناد الفعل إلى المجهول ، لأن الغرض هو الحديث على المغلوب لا على الغالب ، ولأنه قد عرف أن الذين غلبوا الروم هم الفرس" .
(في أدنى الأرض) أ : أن الهزيمة وقعت في (أدنى) أي أقرب الأرض إلى الجزيرة العربية ، وكانت الهزيمة العظيمة على الروم في هذه المعركة في شمال الجزيرة العربية مع أطراف الشام المحادة بلاد العرب بين بصرى وأذرعات .
وذلك هو المراد في هذه الآية بأدنى الأرض أي أدنى بلاد الروم إلى بلاد العرب .
(وهم) أي الروم .
(من بعد غلبهم) أي هزيمتهم.
(سيغلبون) أي : سينتصرون على الفرس الذين غلبوهم.
4. (في بضع سنين) أ : أن ذلك الانتصار سيتحقق في بضع سنوات .
والبِضع : "كناية عن عدد قليل لا يتجاوز العشرة
ففي عام 622 م (يعني السنة الأولى للهجرة)، أعاد هرقل تنظيم جيشه.
و تحالف مع الخزر الترك،
واستولى على أذربيجان سنة 624
وكانت معركة بدر وقتها.
ثم انتصر هرقل انتصاراً ساحقاً على الفرس في نينوى عام 627.
وبعدها بأربعة أشهر حصل صلح الحديبية عام 628 وكذلك عقد الفرس صلحاً مع الروم وانسحبوا من الشام ومصر.
ثم تحالف هرقل مع الأحباش عام 629 وانتصر على الفرس وصار قريباً من عاصمتهم المدائن.
ثم مشى قيصر حافياً إلى القدس حاملاً ما يسمى بالصليب المقدس بآخر سنة 629 وأول 630.
وهي سنة لقائه أبا سفيان (رضي الله عنه) لما وصلته رسالة نبينا المصطفى ﷺ
وبعدها دخل المسلمون إلى مكة فاتحين.
(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) وسبب فرح المؤمنين بانتصار الروم على الفرس:
١-أن الروم كانوا أهل كتاب، والفرس كانوا أهل وثنية ، فالروم أقرب إلى المسلمين من الفرس من هذه الناحية .
وهذا الفرح هو في مقابلة فرح مشركي قريش حين انتصر الفرس على الروم أولاً لهذا السبب.
٢-أن انتصار الروم هو انتصار للنبي ﷺ لأنه دليل على صدق نبوته، إذ أخبر عن شيء مستقبل ، ووقع كما أخبر به ، فقد انتصر الروم على الفرس بعد أقل من عشر سنوات.
٣-قيل : إن سبب فرح المؤمنين إنما كان بانتصارهم هم على مشركي قريش ، الذي وافق انتصار الروم على الفرس ، إما في يوم بدر ، وإما في يوم الحديبية ، وهو ما اختاره ابن القيم في الفروسية .
وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز":
"والنصر الذي يَفْرَحُ به الْمُؤْمِنُونَ:
يحتمل أن يشار فيه إلى نصر الروم على الفرس .. ويحتمل أن يشار فيه إلى نصر يخص المؤمنين على عدوهم، وهذا أيضا غيب ، أخبر به ، وأخرجه للوجود ، إما يوم بدر ، وإما يوم بيعة الرضوان، ويحتمل أن يشار به إلى فرح المسلمين بنصر الله إياهم: في أن صدق ما قال نبيهم ، من أن الروم ستغلب فارس ، فإن هذا ضرب من النصر عظيم".